الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين مازوشية السلطة الوطنية الفلسطينية و سادية حماس - لا أحد يمثل القضية الفلسطينية -

سونيا ابراهيم

2013 / 2 / 19
سيرة ذاتية


حيث تربيت مع عائلتي في فلسطين في بيئة متناقضة ما كنت أستطيع كيف أحدد مواقفي .. بينما أمي و جارتنا تتناقشان ، و بينما
خالي و زوج خالتي يتحاوران ، و بينما والدي وابن عمتي يتساءلان ، لم أدرك معنى هذه الجملة : " أنه ليس جيد للغاية ، و لكنه يظل أفضل من .. إلخ ! "

كيف كنت سأفهم مغزى ما يقولونه . المشكلة لم تكن فقط بالطريقة التي شكل الفلسطينين هويتهم بها . أنت لا تعرف إذا كان يجب عليك أن تصدق قصص من نسج خيالهم ، أم أن تسأل من يجب أن يكون أعلم منهم .. و في الحقيقة الآخر " الأعلم بهم " هو ليس موجود إلا غيبيا أو أيدلوجياً . و وجدت أني لا أعلم ما هو الفرق بين الشعور بالتعاسة و الشعور بالأمان .. ما هو الحظ و ما هو سوء القدر .. ما هي الحكاية و ما هي أصل الحقيقة التي لم أرها بحياتي .. ما هو سر السعادة التي تشعر بها والدتي بعد أن توشي لوالدي حتى يأتي بعقاب جديد يطبقه علينا .. لم أكن أعلم حتى قبل أن يتوفى من هو القريب و من هو البعيد .. من هو الصديق و من هو العدو .. من هو الغريب و من هو الحبيب .. تكونت لدي خلفية بنوع من عدم الاهتمام بسبب هذه التناقضات .. تتكاثر و تتزايد أمامي فظاعات والدتي و طريقتها الغريبة في تفسير الأشياء ..لاحقاً أدركت أن والدتي مازوشية إلى أبعد الحدود ، و أنه بقدر استغرابي من الوجوه التي كنت أراها في داخل مجتمعي الصغير – مجتمع الطفلة المحرومة الخائفة على الدوام – فالمشكلة الأساسية كانت لدي مع وجود والدتي بالحياة .. أذكر أحد الحوادث الغريبة في المدرسة ، عندما طُُلب منا أن نؤدي أغنية ست الحبايب يا حبيبة ، و لم أكن أود أن أشعر حينها بالامتنان لوالدتي . و ظلت صورة المعلمات في المدرسة ، و هن يذرفن الدموع عند سماعهن لهذه الأغنية في المناسبات علامة شؤم بالنسبة لي ..

سُئلت في إحدى المرات في الدروس المدنية عن أهمية والدتي و قلت حينها : " أمي هي من تخبر والدي عما نحتاجه في المنزل . و هي أيضاً من تخبره أن يعاقبنا إذا أخطأنا ".. و كنت أود أن أضيف : " هي من تظل تصرخ بصوت عال كل مرة يزورنا فيها صديقاتها القليلات .. تصرخ من شدة الفرح و الانسجام . و لا أشعر بأنها طيبة إلى هذا الحد إلا قبل أن تطلب مني ألا أخرج من غرفتي ".. شعرت بأني بالغت قليلاً بعد أن طلبت منا المعلمة أن نقرأ ما كتبناه من ملاحظات .. شعرت بالاحراج .. و لكني لم أكن أود أن أكذب أو أعبر إلا عن القلق الذي تربيتُ عليه بسبب تنشئتي في بيت تتمتع فيه الأم بمازوشية مخيفة ، و الأب بسلطوية عميقة تجعل والدتي تصفه بالفرعون في حال تخاصما و هي تحلل معنى اسمه إلى معانٍ كثيرة من القسوة .. و كأنها فجأة بدأت تهتم باللغة العربية و جذورها !

****
في حالة تناقض كاملة يفضل أن يتعامل سكان الأراضي المحتلة في غزة بعد الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني مع قضيتهم و أولوياتهم ، أرى نساء منتقبات يخرجن في مسيرات انطلاقة حماس ، بينما شابات بعضهن ثوريات ، و الأخريات لا يتصفن بأي نوع من الحياء في مسيرة انطلاقة فتح ، و الحقيقة تقال بأن الشعب الفلسطيني معظمه يفضل أي شئ إلا أن تكون حماس و سلطتها التنفيذية هي الآمر الناهي بكل شئ .. بين فساد سلطة فلسطينية تطبيعية ، و بين حكومة دينية متشددة تفرض القمع و الاستغلال في ظل ظروف انسانية صعبة يعيشها الشعب الفلسطيني ، أصبح حلم كل شابة فلسطينية مثقفة في كل مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني مختصر على جواز سفر .. يخلصها من قسوة العائلة القبلية ، و من رفض المجتمع لكل شئ إلا المظاهر المخادعة ، و من غياب أصدقاء حقيقين تشعر بالأمان و الثقة تجاههم ..

****

أذكر أحد سائقين العمومي و هو يتحدث للركاب عن معاناته ؛ بسبب مشكلة التراخيص و التأمين :" مشكلة حكومة حماس ( بدهم ) ندفع لهم كل شئ ، و هم ( بيشحذو ) علينا ( برا ) البلد "! و أنا أرد بحماسة و سذاجة بنفس الوقت متجاهلة أن حكومة حماس لا تعترف بأي نقابات : " لماذا لا تخرج أنت و بقية السائقين للمطالبة بحقوقكم عند النقابة ؟ ألا ترى أن العالم العربي كله يثور من أجل الكرامة ؟" فيرد : " يا ريت ترجع حكومة السلطة الفلسطينية .. الشعب كلٌ منه يرجع إلى الوراء "..

إذا الخيار الوحيد لغالبية الشعب الفلسطيني من أتباع فتح ، خاصة بعد اتفاقية أوسلو التي نسفت القضية الفلسطينية ، هو أن نرجع للسلطة الوطنية الفلسطينية لا أن نبحث عن ركائز قضيتنا الفلسطينية أو أن نتعلم درساً من التاريخ بعد كل هذه المعاناة من الإحتلال الإسرائيلي ؟؟؟

****

كانت أحدى المناقشات التي تحدثتُ فيها مع زميلاتي قبيل حدوث الانقسام ، و سُئلت عن رأيي المتواضع بعد الردود المتضاربة لإنتخابات 2006، و بعد سنوات من التعليم القهري في مدارس القطاع أجبت بإختصار : معظم أتباع فتح سطحيين و وقحين ، أما أتباع حماس فهم متزمتين و ضيقين أفق إلى أبعد الحدود ..

****
في مرحلة التوجيهي شكرت القدر مائة مرة بأن العلامات النهائية هي وحدها التي تؤهلنا للانضمام للتخصص الجامعي المرغوب ، عندما وجهت لي معلمة التربية الدينية سؤالاً ، و بعد أن خيبتُ ظنها أدركتُ قدر المشكلة التي كدت أن أقع بها : من تفضلين فتح و لا حماس ؟
فرديت بسذاجة مطلقة : و لا فتح و لا حماس ! و شعرت بالاحراج و زميلتي - الفتحاوية - تضربني بلطف على ظهري لتهمس لي : هذه المعلمة حمساوية ! انتبهي على حالك !

****
سأخبركم قصة لا أعلم إذا كان يجب علي أن أبكي أم أن أضحك سخرية من شدة التناقض و الاستغراب . في العام الماضي تعرضت لإعتداء بالضرب من أحد أقارب العائلة ، و توجهت للشرطة لتقديم بلاغاً بعد أن وثقته بتقرير طبي ، و عندما ظننت أخيراً أن هذا الشخص المعتدي علي (الذي لم يضع حداً لجنونه أيٍ من أفراد عائلته الكرام ) ؛ سيجد من يضعه عند حده ، تفاجئت بأحد الأصدقاء المقربين من عائلة الشخص "المعتدي علي" ، و هو موظف لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ( و ميوله على حسب علمي ضد كل الدين السياسي و قادته و أتباعه ) يتصل بأحد معارفه ، الذي هو قائد كبير في الشرطة التنفيذية .. ليخرج االشخص الذي قدمت فيه بلاغاً من قسم الشرطة التنفيذية بدلاً من أن يوضع في الحبس لمدة أسبوعين ، و بدون دفع كفالة .. فقط بواسطة اتصال بسيط من أقارب العائلة الذكوريين لأحد اصدقائه المعروفين .. خرج و كأنه لم يفعل شيئاً .. بريئاً من كل التهم الموجهة ضده !! أما بالنسبة للجزء المضحك في هذه الذكرى المؤلمة هو أن رجال الشرطة عندما كانوا يأخذون مني البيانات ، و هم يسجلون البلاغ الذي قدمته ، وجدتهم يحذورنني ألا أتنازل عن البلاغ و ألا أغير رأيي ؛ كانوا يقولون باستهزاء و صبيانية : لن نتوقع منكِ أن تتنازلي عن البلاغ اذا ضغط عليكِ أقارب عائلتكِ من أجل الصلح !!

****

إذا ما كنت مشجعة لفتح ولا لحماس لن أشكل أي كارثة كما هي حال الكثير من أتباع السلطة الوطنية الفلسطينية ، الذين كانوا يخرجون بمسيرات و احتجاجات بعد تولي حكومة حماس سياسة القمع العلني ضد كل من يختلف ضدها .. ولكني بالتأكيد لن أجد أحداً يدافع عني أو يدافع عن حقوقي كمواطنة كما يدعي المسئولون .. كنت دائما أقول أنا تابعة لنفسي .. مشكلتنا في الأراضي المحتلة أنه لا يوجد لدينا قدوة نتبعها ..
..
" مشكلة القضية الفلسطينية فيمن يمثلها ، و ليس في جوهرها "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير