الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بسم الله كفرا (3)

وليد فاروق

2013 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يا له من شيء عجيب... معظم شيوخ الإسلام الذين يدعون أنهم هم حملة القرآن، نادراً ما يتحدثون بالقرآن..

إنه القرآن.. ذلك الكتاب الذي يُفترض أن المسلمون يعيشون من أجله، ويعتبرونه الوثيقة الإرشادية الأهم في حياتهم كما يقولون.

من سخرية القدر المريرة أن معظم المسلمون أنفسهم قد أسقطوا من حياتهم تعاليم هذا الكتاب.. والسبب للأسف هم رجال الدين أنفسهم.

لماذا ابتعد رجال الدين تحديداً في الحديث المستفيض عن القرآن وبدلا من هذا نراهم يتحدثون بتفصيل شديد عن حياة الصحابة في عهد الرسول والأئمة والتابعين.. مع أن الرسول نفسه كان خلقه وحياته فقط.. القرآن.

لماذا أدخلونا في تشابكات وتفرعات لا تنتهي عن حياة السابقين ونسوا أن يتحدثوا عن أصل الرسالة التي بدونها تتحول الحياة إلى ضياع وتفاهة وعبثية،.. تماما كما يحدث الآن!!

أين ذهب مضمون هذا الكتاب المقدس الذي تتباهون بحمله لكنكم لا تذكرون منه شيئاً للأسف؟...

أصبح القرآن بسببكم محصوراً في بضع آيات تبرزونها فقط عند دفاعكم عن أشياء محددة في أذهانكم.. هذه الأشياء لا تتعدى بالطبع آيات الحدود والتكفير والطاعة التي أيضا تسيئون فهمها وعرضها وتستخدموها كي تعزز من وضعكم وتمكينكم في الأرض باعتبار أنكم حملة الإسلام المعتمدين من الله فقط.

كتاب القرآن يحوي أكثر من ستة الآلاف أية.. فأين ذهبتم بمعظمها؟. لماذا أضعتمونا بين أحاديث وأقوال وأفعال بشر، وتناسيتم كلمات رب العباد والأنبياء والبشر؟

ليتكم تركتمونا على حالنا.. ليتكم لم تملئوا عقولنا بقشور فارغة حتى نسينا أصل كل شيء، فأصبحنا كغثاء السيل.. مليارات البشر يعيشون على الأرض لكن ليس لهم أي قيمة حقيقية.

لقد فرغتم الدين من المضمون، ومضمونه ليس بحشو مجلداتكم ولا فقهكم ولا تزين كلماتكم، لكن ربما كان مضمونه يتلخص في جملة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. رحمة العالمين التي تشمل جميع طوائف البشر والطيور والدواب وحتى الجمادات بل وعالم الجان أيضا.. لكنكم لم ترحموا حتى رفقائكم في نفس الدين والوطن.

كانت الرحمة أصل الرسالة، بدونها ليس هناك جدوى من عبادة أي إله أو إتباع أي دين.. فماذا يسوى الدين إن انتزعت منه الرحمات التي للأسف لم تعلّموها لنا بل ووضعتم مكانها غلّ وحقد وكراهية تآكلنا نحن أولا قبل أن تدمر كل شيء في طريقها...

القرآن يحوي الحقائق المجردة، والتي يستطيع الإنسان بسهولة أن يدركها، لكنكم بنيتم أسواراً عالية حول هذا الكتاب ووضعتم بينه وبين الناس حاجزاً كبيراً وأوهمتم الأتباع بأن كلام الله صعب المفهوم ويتطلب سنوات طوال في دراسة فقهه وتفاسيره وقراءة العديد من الكتب حتى تتمكن من الفهم الصحيح.. وعجزونا من التبحّر فيه كي نظل نستقي المعلومات منهم فقط.. مع أن الحقيقة ويا للعجب.. أن منزّل الكتاب نفسه يقول فيه " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر" ؟؟!

لقد خوفونا من قراءة القرآن بمفردنا كي يظلوا هم المتحكمون فيه .. وفينا..

من اخترع تلك الطبقية في الدين؟ ومن جعل طبقة رجال الدين دائما متميزون عن باقي العامة؟ مع أنه ويا للعجب .. كان كل الأنبياء بشر عاديون، لهم دورهم الفعال في بناء المجتمع بسواعدهم وأعمالهم العادية التي يأكلون منها ويجلبون منها رزقهم.. كلهم كانوا يأكلون من عمل أيديهم فلم يأخذ أحد منهم من رسالته مهنة يكتسب منها أو يميز نفسه عن غيره من الناس بالعلم أو الوحي...

يجب أولا أن تزول تلك الحواجز التي وضعوها حول أعيننا وعقولنا...

يجب تحطيم هذا السراب الذي جعلونا نحيا بداخله.. فربما نتبيّن لمحة من ذلك العالم الأخر .. الذي أخفوه عنا طيلة هذه القرون...

ودمتم
وليد فاروق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah