الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سألتُ مُعلمي

سها السباعي

2013 / 3 / 4
الادب والفن




"روح جبران خليل جبران ترفرف على هذا النص، فسلامًا لها، سلامًا"

سألت مُعلمي حين قرأتُ لمن يصف كُتابًا مثل أناتول فرانس ويوسف السباعي وغيرهم بالتقليدية، عن معنى التقليدية! فأخبرني أن الأدب ليس منبر خطابة، وليس محراب وعظ، ولا يعني هذا معاداته لما اصطلح عليه كثيرٌ من الناس أنه من الفضائل، ولكن الأديب لا يكون أديبًا إلا إذا أوصل لقارئه ما يريد أن يخبره به من تحت غطاءٍ ومن وراء حجاب .

وأضاف معلمي أن الأديب لا بد أن يكون واعياً لما يكتب، ملمًّا بالاقتصاد والسياسة والعلوم. لقد مضى عهد الحكايات، ولم يعد الأديب مجرد راوٍ يكتب الحكاية بأسلوب جميل وتشبيهات بلاغية وفقط.. الأديب الآن عالمٌ، وفيلسوف، وكاتبٌ ماهر، ممسكٌ بلغته التي يكتب بها من أطرافها ومدركٌ لأعماقها في آن ..

وسألته: ماذا إذاً عن القارئ؟ فقال: القارئ إما أن تقف ذاكرته عند عينيه فكأنه لم يقرأ شيئًا بمجرد أن يرفعهما عن النص، وإما أن تصل إلى عقله فيتذكر الذي قرأه إلى حين، وإما أن تتعمق إلى وجدانه فيستقر فيه ما قرأ حتى تفارق الروح الجسد. والقارئ الفطن مثل قصاص الأثر، يبحث بين الأسطر وفي زوايا الحروف، ويخرج من النص بأكثر مما أراد الكاتب أن يقول، فهو بارع في التأويل، مجتهد في الاكتشاف، وبهذا تتضاعف متعته، وتتراكم خبراته، ويثرى فكره. ولا يجب أن ينزعج كاتبٌ من اختلاف قارئه مع ما كتب، ولا أن يتضايق قارئٌ من أن كاتبه قد ابتعد عن خطٍّ يهواه، فكما تُظهر المرايا المختلفة الشكلَ الواحد بأبعادٍ متباينة، كذلك تتعدد وتتباين صور الحقيقة بين العقول المختلفة. ربما كان للنسبية دخل في الأمر، ربما كان لزاوية الرؤية تأثير على مدى الإدراك، لكن المُسَلَّم به أن المطلق لا يصل إليه أحد، وأنه لا يقدر الكثيرون على التجريد. فالصورة التي تعجبنا هي التي تعلق في الذهن، والتفسير الذي يريحنا هو الذي نغلق عليه جفوننا وننام. وكل هذا يرجع للطبيعة البشرية، التي كان الأصل فيها الاختلاف. فيجب أن يستخدم القارئ عقله وتتعدد في رأسه التفاسير، يجب أن يخرج من قراءته بفكرةٍ لم يكن يدركها ومعلومةٍ لم يكن يعرفها، وإلا فقد أضاع وقته فيما لا يفيد، واستهلك طاقته في ما هو معلوم من الحكي بالضرورة....

ومس طيف الغائب روحي فسألتُ مُعلمي: أيجتمع انفصالٌ واتصال؟

فقال: نعم؛ الانفصال قد يكون في المكان وفي الزمان، والبعد في المسافات لا يكون إلا بين الماديات. أما اتصال الأرواح وإن انفصلت الأجساد فلا يقطعه إنسان، وهكذا يجتمعان.

وسألته أيضًا: ماذا تقول في الغضب؟

قال مُعلمي: الغضب نارٌ تحرق النفس وتكويها، وتقتطع منها أجزاءً تنقص من قدرتها على التفاعل مع الحياة في كل مرة تشب فيها النار حتى تنطفئ. وحتى إن خمدت تلك النار، فإنها تترك في تلك النفس ندوبًا وتشوهاتٍ تظل مرئيةً واضحةً إلا إذا اختار الإنسان التعامي عنها. فكيف نلوم على الغاضب، الذي ألقى نفسه وسريرته الهانئة إلى ذلك الوحش المشتعل، فإنه لم يفعل إلا لأن ما دفعه كان جحيمًا أشد استعارًا وأعظم لهبًا.

وسألته: وماذا ترى في الحزن؟

قال مُعلمي: الحزن قاتلٌ متسلسل، يختار ضحاياه ممن تنطبق عليهم رهافة المشاعر ورقة القلب ، ممن لا يزال في وجدانهم مكانٌ فارغٌ لملاحظة ما يجري حولهم - وإن لم يمسهم - فيتأثروا له. فما بالك لو جرى لهم ؟ يكون قاضيًا عليهم ولكن ببطء. يتسلل إلى أرواحهم فيخمدها شيئًا فشيئًا حتى يتوقفوا عن الملاحظة وعن التأثر، فلا يحزنهم شيء بعد، وإن حاول شيء من الفرح أو الانشغال أن يلهيهم عما هم فيه من خمود الروح وانكسارها، فإنها رفرفةٌ ضعيفة، لا تحملهم إلى أي مكان، ولا ترفعهم عن مرقدهم إلا همسة، فيما ندعوه: حلاوة الروح!

ثم قلتُ له: حدثني عن الفرح؟

قال مُعلمي: أما الفرح فكائنٌ نادر، عزيزُ المنال، خفيفُ الزيارة. لكنه إن حَلَّ ضيفًا، وَدَدْتَ لو استبدلته بأحدٍ من أهل الدار! فلَمْسَتُهُ نعيم، وكلمتُه أغاريد الجنة، وبحضوره تتمنى لو توقف الزمن. ما يُقرضك إياه من ضحكاتٍ تَربو ذاتيًّا وتتعاظم، فإن ردََدت له ما أعطاك، لم يأخذ إلا أصلها، وترك لك فوائدها المُرَكَّبة في صورة بسمات، ترتسم على شفتيك كلما تذكرْتَها حتى آخر العمر!

وسألت مُعلمي: وماذا ترى في الفقْد؟

فقال:الفقد هو الزوال، زوال ما تعلقت به النفس، وبما أنها تعلقت أي أنها اتصلت بما تعلقت به وأصبح منها وأصبحت منه، فإن فقدَتْه فكأنما اقتطع منها ، فزال منها جزء، فأصبحت ناقصةً بعد اكتمال، وواهنةً بعد جلدٍ واحتمال، فصعب عليها استئناف ما اعتادت عليه وقد زال منها ما اتصلت به. فالحزن على المفقود في معظمه حزن الفاقد على ذاته بعده، والخوف من الفقد هو جزع الفاقد على كيفية مواصلة حياته بدون ما فقد. وأحيانًا يمحو الاعتياد ألم الافتقاد، وأحيانًا يكون الفقد كالبتر، فيظل الفاقد في حالة عدم اتزان كمن فقد ساقه، أو يعجز عن رؤية نصف الدنيا كمن فقد عينه، أو تنسحب منه الحياة كمن فقد بعضًا من روحه. ولا يتساوى عند الافتقاد كون المفقود إنسانٌ أو جماد، وتُقاس مصيبة الفقد بمدى قرب المقفود من الفاقد . ومهما يكن من أمر، فالذكرى سلوى المحزون، والنسيان طبيب المكلوم.

وانتهى إلى هنا حديثي مع مُعلمي، إلى حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذه سها السباعي المحترمه
جان نصار ( 2013 / 3 / 4 - 20:46 )
مقال ادبي جميل ورائع واعترف اني قرأته اكثر من مره لانه بالفعل اعجبني وليس مجامله لقد احسست به وقد استفزني على العوده لكتابة ادب راقي بمستوى كتابتك التي لن ارقى اليها.لهذا انا اتجه الى المقال الساخر والمقال السياسي .المقال الادبي يعرني ويكشف ضعفي لا املك جرئتك.يا ايتها الكاتبه الرقيقه.
تحياتي لك ومودتي واشكرك


2 - الأستاذ جان نصار المحترم
سها السباعي ( 2013 / 3 / 4 - 21:33 )
بالنسبة لي، المقال الأدبي يروي الروح، وليس بديلا عن المقال الساخر، الذي يصفعنا لنفيق وتأتينا صفعته من حيث لا ندري، والمقال السياسي، الذي يغوص بنا في الشر الذي لا بد منه. ومقالكم عن رحلة باريس كان جميلا ورائقًا وكاشفًا. شكرًا جزيلاً لقراءتك.


3 - رائع ما قاله أستاذك عزيزتي سها السباعي
ليندا كبرييل ( 2013 / 3 / 4 - 22:45 )
كلام الأستاذ وجد صداه في نفسي، وكنت قد طالبت القارئ الذي عبّر عن ملله من طول المواد التي يقرؤها
راجية أن يعتذر(عن قِصر نفَسه وعدم قدرته على قراءة السطور وما بين السطور وما وراءها وما يراد أن يقال ولم يُقلْ بعد .فالمادة مؤلفة من بضعة آلاف من الكلمات، إن لم تثمر في نفس القارئ أضعافها وتضيف رؤية له، وإن لم تصادف قوة الفكرة ومتانتها المستقبِل الذي يفلسفها بطريقته وتستقرئه استقراء، فإن قارئ هذه المادة التي تستهلك قدرته على الصبر والتمعّن يصبح كمنْ يعمد إلى تجريف وانتزاع الطينة الثمينة التي تنتج الغذاء)

وبقدر ما أثر رأي الأستاذ عن الحزن والغضب في نفسي فإني سعدت جداً بنظرته للفرح ما يدل على تجربة عريضة وخبرة عميقة في الحياة

إن حَلَّ ضيفًا، وَدَدْتَ لو استبدلته بأحدٍ من أهل الدار! فلَمْسَتُهُ نعيم، وكلمتُه أغاريد الجنة، وبحضوره تتمنى لو توقف الزمن

وللأستاذ جان نصار المحترم أختار له من مقالك هذه العبارة

كما تُظهر المرايا المختلفة الشكلَ الواحد بأبعادٍ متباينة، كذلك تتعدد وتتباين صور الحقيقة بين العقول المختلفة

كله جميل ما دام الإنسان مفكر منتجا ويضع في هدفه خدمة الإنسان
تحياتي واحترامي


4 - أستاذي الذي تقمصت روحه
سها السباعي ( 2013 / 3 / 4 - 23:06 )
عزيزتي ليندا كبرييل

لي أستاذ بالفعل، ألهمني رأيه في الأدب والأديب، وأكملت أنا، كما ألهمني كتاب النبي لجبران، وحلقات إذاعية كنت أسمعها في صباي بعنوان -قال الفيلسوف-، أما المضمون؛ تأملات واستيهامات وتجارب .. سعيدة أن وجدت صدى في نفسك، كما أسعد بكلماتك دائمًا صديقتي.


5 - نقد إيجابي أي نزيه
نعيم إيليا ( 2013 / 3 / 5 - 11:35 )
((سألت مُعلمي عن معنى التقليدية))
ونحن القارئين، نسأل أنفسنا: كيف هذا النص؟ أهو ابتكاري أم تقليدي؟
وما هو المعيار؟
الحق أن هذا النص على الرغم من احتذائه على أساليب القدماء، يبتعد عن التقليد.
كيف؟
سؤال منطقي، وجوابه: إن اختيار فكرة الاحتذاء عن وعي وقصد، يعد ابتكاراً. مثل ذلك كمثل مصمم الأزياء، يتعمد تصميم زي جديد مستلهماً زياً من الماضي. ومعيار جدته ما فيه من شخصية الكاتبة المستقلة بفكرها وشعورها عمن استعارت طريقته.
((وأضاف معلمي أن الأديب لا بد أن يكون ملمًّا بالاقتصاد والسياسة والعلوم.))
لا، لا، لا، هذا كثير. قد يصح الرأي بالإضافة إلى الروائي، ولكنه لن يصح بالإضافة إلى الشاعر، والشاعر أديب أيضاً.
(( فالذكرى سلوى المحزون، والنسيان طبيب المكلوم))
أممم، ولكن... ألا ترين سيدتي المبدعة، أن التذكر نقيض النسيان!؟


6 - الأستاذ نعيم إيليا المحترم
ليندا كبرييل ( 2013 / 3 / 5 - 14:12 )
سيأتي يوم وتتراجع عن رأيك أستاذ نعيم

أضاف معلمي أن الأديب لا بد أن يكون ملمًّا بالاقتصاد والسياسة والعلوم.))
لا، لا، لا، هذا كثير. قد يصح الرأي بالإضافة إلى الروائي، ولكنه لن يصح بالإضافة إلى الشاعر، والشاعر أديب أيضاً

تحياتي إليك وإلى الأستاذة سها وراسم البسمة على وجوهنا الأستاذ جان.


7 - الشاعر أيضًا عالم واقتصادي وسياسي
سها السباعي ( 2013 / 3 / 5 - 16:22 )
الأستاذ نعيم إيليا المحترم
الشعر كأي لون من الأدب طريقة للتعبير عن ما تفيض به نفس الأديب وتأملاته وفهمه للواقع المحيط به وللحلم والأمل الذي يحياه. ماذا عن أحمد مطر مثلا، ألم يكن ملما بالسياسة بل خبيرًا فيها، ماذا عن نجيب سرور، بيرم التونسي؟ الجميع يكتب عن هموم وطنه وهمومه كمواطن فيه، وماهي هذه الهموم إلا سياساتها الخربة واقتصادها المتداعي الذي يجثم على أنفاس الناس. ليس مطلوبًا من الشاعر أن يصوغ نظرية اقتصادية في قصيدة بالطبع.
اسمح لي أن اتخذ من ذاتي المتواضعة التي لا ينبغي أن أذكرها بعد كل هؤلاء مثلاً، ولكن لي -نصًا- منشورا هنا في الحوار أسميته -نجمة ميتة-، ولن أقول قصيدة لأنني لا أعرف أصول كتابة الشعر ولا بحوره، ولا أريد أن أتخذ من جهلي هذا ذريعة فأحتسب نفسي من شعراء قصيدة النثر، أو الشعر الحر وسأقول أنها جمل رتبتها في مقاطع كما ارتأيت، وعلى الرغم من مرماي النفسي والاجتماعي من النص إلا أنني استخدمت في صياغته حقيقةعلمية مفادها أن ضوء النجوم . ليس إلا أشعة لنجوم ماتت منذ ملايين السنين فاعتبرته شاهدة قبر. استخدمت خبرة ما في التعبير عن رأي ما. تحياتي واحتراماتي لرأيك الكريم


8 - التذكر نقيض النسيان
سها السباعي ( 2013 / 3 / 5 - 16:28 )
تكملة الرد على الأستاذ نعيم إيليا المحترم
بالطبع التذكر نقيض النسيان، ولكن لتحقيق سعادتنا أيانا تكون ذاكرتنا انتقائية. هب أن لي عزيزًا فقدته، سيحلو لي أن أتذكر لحظاته الحلوة وأعماله وأقواله، مما يخفف ألم الفقد. وهب أن هذا التذكر صار عبئًا يمنع من مواصلة الحياة ويعيق الاستمتاع بها وعيشها كما يجب، فهنا لا بد من النسيان كي نستمر، كما يقولون:
To let go
فلا شيء مطلق ولا وصفة صالحة لكل المواقف.
شكرًا جزيلاً لك لاستنفارك طاقتي على الكتابة اليوم بأسئلتك المحفزة
تحياتي


9 - الأستاذة ليندا كبرييل المحترمة
سها السباعي ( 2013 / 3 / 5 - 16:32 )
تمنيت لو فصلت قصدك، وأبنتِ كيف سيترجع الأستاذ نعيم عن رأيه
تحياتي القلبية لك أيتها الصديقة العزيزة


10 - الشاعر أيضًا عالم واقتصادي وسياسي
سها السباعي ( 2013 / 3 / 5 - 16:42 )
الأستاذ نعيم إيليا المحترم
الشعر كأي لون من الأدب طريقة للتعبير عن ما تفيض به نفس الأديب وتأملاته وفهمه للواقع المحيط به وللحلم والأمل الذي يحياه. ماذا عن أحمد مطر مثلا، ألم يكن ملما بالسياسة بل خبيرًا فيها، ماذا عن نجيب سرور، بيرم التونسي؟ الجميع يكتب عن هموم وطنه وهمومه كمواطن فيه، وماهي هذه الهموم إلا سياساتها الخربة واقتصادها المتداعي الذي يجثم على أنفاس الناس. ليس مطلوبًا من الشاعر أن يصوغ نظرية اقتصادية في قصيدة بالطبع.
اسمح لي أن اتخذ من ذاتي المتواضعة التي لا ينبغي أن أذكرها بعد كل هؤلاء مثلاً، ولكن لي -نصًا- منشورا هنا في الحوار أسميته -نجمة ميتة-، ولن أقول قصيدة لأنني لا أعرف أصول كتابة الشعر ولا بحوره، و لن أدعي أنه من شعر النثر أو الشعر الحر وسأقول أنها جمل رتبتها في مقاطع كما ارتأيت، وعلى الرغم من مرماي النفسي والاجتماعي من النص إلا أنني استخدمت في صياغته حقيقةعلمية مفادها أن ضوء النجوم . ليس إلا أشعة لنجوم ماتت منذ ملايين استخدمت خبرة ما في التعبير عن رأي ما. تحياتي واحتراماتي لرأيك الكريم


11 - معاكسة1
نعيم إيليا ( 2013 / 3 / 5 - 18:53 )
وأعني بها الرأي المعاكس، وليس التحرش كما في اللهجة المصرية، وهل أجرؤ على التحرش وأنا أرى سيوف كاتبات الحوار المتمدن مجردة متحفزة لضرب أعناق المتحرشين؟
المعلم يقول: ((لا بد للأديب ...)) وهذا يعني أن قول الشعر منوط بالسياسة والاقتصاد والفلسفة والعلوم، وهذا خلف. ولو صح لما وجد أكثر الشعر الجاهلي، وشعر الغزل، وشعر المتصوفة.
قد يكون الأديب ذا انتماء سياسي، وقد يكون عالماً، وقد يكون فيلسوفاً ولكن انتماءه السياسي وعلمه وفلسفته، لن تكون شرطاً لموهبته ونبوغه.
طرفة لم يكن سياسياً، ولا... ومع ذلك فهو شاعر
عمر بن أبي ربيعة لم يكن عالماً، ولا... ومع ذلك فهو شاعر
جميل بثينة لم يكن فيلسوفاً، ولا... ومع ذلك فهو شاعر
بالنسبة للتذكر والنسيان، فإن الجمع بينهما في سياق واحد خطأ منطقي واضح.
كما أنني لا أستطيع أن أتخيل إنساناً فقد عزيزاً فإذا تذكره، سلا حزنه. أعلم هذا من تجربتي الخاصة.
تابعي من فضلك عزيزتي


12 - الإلمام وليس الامتهان
سها السباعي ( 2013 / 3 / 5 - 20:40 )
الأستاذ نعيم إيليا المحترم
وهنا أقصد الامتهان من اتخاذ المهنة وليس من المهانة، على وزن تعليقك يا أستاذي.
لا بد للأديب أن -يكون ملمًّا- مجرد إلمام بما يخدم نصه من حقائق وخبرات مختلفة، وليس مجرد الحكي. وهذا مجرد رأي.
ولكل يا أستاذي تجربته الخاصة فيما يتعلق بالفقد والتذكر والنسيان.
وفيما يبدو فإدراة الحوار تعترض على الكثير من تعليقاتنا اليوم فقد أزيل تعليقك الثاني.
تحياتي أستاذ نعيم


13 - المتناقضان في سياق واحد
سها السباعي ( 2013 / 3 / 5 - 20:48 )
الأستاذ نعيم إيليا المحترم
بالنسبة لذكر المتناقضين في سياق واحد ربما أوضحت مقصدي بشأنه في رؤيتي للفرح : -ما يُقرضك إياه من ضحكاتٍ تَربو ذاتيًّا وتتعاظم، فإن ردََدت له ما أعطاك، لم يأخذ إلا أصلها، وترك لك فوائدها المُرَكَّبة في صورة بسمات، ترتسم على شفتيك كلما تذكرْتَها حتى آخر العمر- ، المعنى هنا انقضاء الفرح وذهاب أسبابه، التي كانت قرضًا استرده ومضى، ولم يترك لنا سوى ذكرى نبتسم وتسلينا وتعزينا على الرغم من فقد مصدرها. ألا يموت الأب ويترك ابنا يكون ذكره ومصدر عزاء وسلوى لأهله؟ إلا يتفرق الأحبة وتبقى الصور والحكايات وأصداء الضحكات تمسد جراح الفراق وتشفع للإساءات؟ ثم إلا تكون الإساءات أحيانًا قاتلة فلا ينفع معها غير النسيان لتستمر الحياة؟ كل موقف يقدر بقدره وهذا ما قصدته.
تحياتي ومرحبا بالمزيد من الاشتباك بالآراء.


14 - الأستاذة سها السباعي المحترمة
ليندا كبرييل ( 2013 / 3 / 5 - 23:53 )
تفضلتِ في تعليقك13 بما قصدته أنا أيضاً

لا بد للأديب أن -يكون ملمًّا- مجرد إلمام بما يخدم نصه من حقائق وخبرات مختلفة،

هذا بالضبط ما أريد قوله للأستاذ نعيم
أستاذة سها
أنت استخدمت حقيقة علمية في نص : نجمة ميتة ، وكان لك مرمى نفسي اجتماعي منه، لكن ، وبمجرد أن دخل النص في ذهن آخر تحول إلى فهم جديد قد لا يكون الكتب قصده
هذه هي متعة الفن، نحن نقبل بتفاسير النقاد إلا أنه لنا تصوراتنا الخاصة أيضاً ، فأنا وجدت فيه يتحدث عنه وعنها الرجل والمرأة ، وأجد هذه الحقيقة العلمية تخدم فكرتي هذه
هذا ما أريد قوله للأستاذ نعيم
تحياتي


15 - اختلاف التلقي طبيعي بل مطلوب
سها السباعي ( 2013 / 3 / 6 - 05:01 )
الأستاذة ليندا كبرييل المحترمة

ما وجدتِه في نص -نجمة ميتة- هو ما قصدتُ ككاتبة أن أوصله -من وراء حجاب- وكما قلت لك في تعليقي على النص : -خدمتني حقيقة تأنيث النجمة وتذكير الشهاب-. وتلقيك وإن اختلف عن مرمى الكاتب هو ما قصدته أيضًا في نصي هنا : -والقارئ الفطن مثل قصاص الأثر، يبحث بين الأسطر وفي زوايا الحروف، ويخرج من النص بأكثر مما أراد الكاتب أن يقول، فهو بارع في التأويل، مجتهد في الاكتشاف، وبهذا تتضاعف متعته، وتتراكم خبراته، ويثرى فكره.- . سيان كان هذا التأويل مقصودًا توصل إليه القارئ بسبب اللغة والكلمات التي قد تحمل أكثر من معنى والتشبيهات التي قد تضم الكثير مما يقع تحت مظلتها الواسعة، أو كان التأويل عفويًاـ قابل لدى القارئ خبرة أو إحساسًا أو مشاهدة . في كل الأحوال فقد تحقق الثراء المطلوب.

تحياتي لكِ وللأستاذ نعيم


16 - استدراك
سها السباعي ( 2013 / 3 / 6 - 05:05 )
الأستاذة ليندا كبرييل المحترمة
اسمحي لي أن أستدرك كلمة (الظاهري) ، حيث قصدت (المرمى الظاهري للكاتب)
شكرًا جزيلاً لك


17 - يا سيدتيَّ المبجَّلتين
نعيم إيليا ( 2013 / 3 / 6 - 12:35 )
المسألة هنا واحدة من القضايا النقدية المعروفة لدى النقاد العرب القدامى
أنتما بلا شك تذكران الضجة التي أثارها هؤلاء حول أبي تمام عندما أغرق أبو تمام في الأخذ من ثقافة عصره العقلية
إن أكثر الناس فضلوا البحتري على أبي تمام ومعيارهم أن الشعر طبع وشعور. وأنا أميل إلى هذا الرأي
لماذا؟ لأن وظيفة الشعر الأولى هي ترجمة المشاعر والرؤى، ولأن الشعر أعذبه ما كان صادراً عن القلب لا عن العقل؛ فإن العقل جاف صارم موضوعه العلم والفلسفة و..
إن شاعراً يدبج قصيدة في النسبية مثلاً، هو ناظم وليس شاعراً. إن شاعراً يمدح ستالين ويعظمه هو سياسي يستخدم الشعر.
أما الاهتمام بقضايا الوطن، فليس سياسة، بل تعبيراً عن غريزة حب الوطن.
وربما قادتنا هذه القضية إلى مبدأ الالتزام الذي فرضته الواقعية الاشتراكية، وانتصر له سارتر
فهل أنتما مع فرض مبدأ الالتزام على الشعراء؟
إن استلهام الشاعر بعض الحقائق العلمية والأساطير والأفكار الفلسفية الرائجة في بيئته، حق لا ينكره عليه أحد، وفيه نفع له. ولكن لماذا ينبغي أن يكون الاستلهام بالفرض (لا بد) !؟
فماذا لو لم يلمّ شاعر ما بشيء من العلم والسياسة؟ هل ستطردانه من مملكة الشعر؟


18 - حاشا وكلا
سها السباعي ( 2013 / 3 / 6 - 20:27 )
الأستاذ نعيم إيليا المحترم

أعترف بخطئي يا أستاذي في استخدام كلمة -لابد- ، فليس الأمر من قبيل الفرض أبدًا ولن يكون. وليس لي - وأعتقد ان العزيزة ليندا توافقني - أن نطرد أحدًا من مملكة الشعر، فقد كان لنا سابقة رفض إلقاء الكتاب إلى الجحيم - ابتسامة- . ولست مع فرض أي التزام على الشعر بالطبع. فللشعر خصوصيته، وإلا لرفضت قصائد بودلير مثلاً التي هي أقرب لقصص قصيرة. للأديب أن يكتب ويقول وللقارئ أن يتلقى، كل ما قي الأمر أنني أفضل أن أخرج من قراءتي -كقارئة- للعمل الأدبي بفكرة أو معلومة أو رؤية تضيف لي، وقد تكون الإضافة عاطفة يبعثها الشاعر في النفس أيضًا. شكرًا لك.


19 - زوال ما تعلقت به النفس
خليل كلفت ( 2013 / 3 / 7 - 01:25 )
الفقد هو الزوال، زوال ما تعلقت به النفس، وبما أنها تعلقت أي أنها اتصلت بما تعلقت به وأصبح منها وأصبحت منه، فإن فقدَتْه فكأنما اقتطع منها ، فزال منها جزء، فأصبحت ناقصةً بعد اكتمال، وواهنةً بعد جلدٍ واحتمال، فصعب عليها استئناف ما اعتادت عليه وقد زال منها ما اتصلت به. فالحزن على المفقود في معظمه حزن الفاقد على ذاته بعده، والخوف من الفقد هو جزع الفاقد على كيفية مواصلة حياته بدون ما فقد. وأحيانًا يمحو الاعتياد ألم الافتقاد، وأحيانًا يكون الفقد كالبتر، فيظل الفاقد في حالة عدم اتزان كمن فقد ساقه، أو يعجز عن رؤية نصف الدنيا كمن فقد عينه، أو تنسحب منه الحياة كمن فقد بعضًا من روحه. ولا يتساوى عند الافتقاد كون المفقود إنسانٌ أو جماد، وتُقاس مصيبة الفقد بمدى قرب المقفود من الفاقد . ومهما يكن من أمر، فالذكرى سلوى المحزون، والنسيان طبيب المكلوم.


20 - الأستاذ خليل كلفت المحترم
ليندا كبرييل ( 2013 / 3 / 7 - 12:31 )
نحن فهمنا بعقولنا ما ردّ به المعلم على ما يراه في الفقد
ولعل اختيارك لترديد الفقرة يعبر عن الألم العميق الذي يجتاح قلوبكم الحزينة على فقدان ابنتكم الشابة المرحومة هند خليل كلفت .
الرحمة والسلام لروحها
إنكم تدركون الألم مضاعفة ، بالعقل وبالعاطفة والإحساس ، اسمح لي بمشاركة خارج موضوع الأستاذة السباعي طالبة لقلوبكم الحزينة الصبر والسلوان .
تفضل تقديري


21 - الأستاذ خليل كلفت المحترم
سها السباعي ( 2013 / 3 / 8 - 09:53 )
لاأدري هل أعتذر أن أثرت شجونك أم أرضى أن عكست كلماتي احساسك وعبرت عنه.
في كل الحوال ممتنة لقراءتك وتعليقك أشد الامتنان، ولا أجد في كلماتي ما لا يكون غير تكرار العزاء، لكنني سأكرر أمنياتي بأن تكون الذكريات السعيدة بلسمًا مداويًا لألم الفقد. ولأؤكد أنني أشرف بأن تكون في مقام الأستاذ الوالد ليكما تشرف بذلك أخريات كثيرات.
احتراماتي ومودتي لك، وشكري لزيزتي ليندا لمشاركتها النبيلة.

اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ