الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد و الإئتلاف الوطني يخشيان حكومة كاملة الصلاحيات

علي الأمين السويد

2013 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ولد الإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة بعد مخاض لم يستمر طويلاً على كل حال، و يمكن القول أنه ولد على عجل ليسد ابواباً كانت مواربة تهدد مسار الثورة السورية، منها باب الحوار مع النظام، و باب اسقاط النظام بكافة رموزه و أشكاله، و باب تشكيل حكومة مؤقتة تقود عملية إسقاط النظام، و ربما تستمر كحكومة انتقالية في مرحلة ما بعد سقوط النظام.
و بدون الولوج في التفاصيل أو في حقيقة ما حدث بالنسبة للحوار مع النظام حيث صار الائتلاف يرسل مبادرات متنوعة بعدد ما ارسل الارهابي بشار الاسد صواريخ سكود الى مختلف مناطق الوطن، أو بالنسبة لاسقاط النظام من ساسه الى راسه فقد استجدت لهجة فيها نوع من اللين بإتجاه الاكتفاء برأس بشار، و برؤوس بعض الجرذان من حوله على استحياء، و لم يبق غير تشكيل الحكومة التي يبدو أن حملها مستحيل بسب عدم وجود الرحم المناسب لهكذا حمل فما ستكون حال الولادة؟
فليس سراً القول أن تشكيل الحكومة السورية المنتظرة بات رهين إرادتان قويتان إحداها دولية، و الأخرى إئتلافية.
أما الإرادة الدولية فتتمحور حول "حجة" عدم مناسبة الظرف لإتخاذ هذه الخطوة حسب وجهة نظر اللاعبين الدوليين الأساسيين الذين يترجمون قناعاتهم بالاحجام عن صبّ الدعم المالي في خزينة الإئتلاف مباشرة.
ولكن المشكلة ليست هنا، فالمطلوب من الحكومة شعبياً و ثورياً أن تكون خياراً سوريا وطنيا صرفاً.... وهذه هي المشكلة الحقيقية.
أما المعيق الثاني الائتلافي فهنالك أيضاً سببان يمنعانه من تشكيل الحكومة:
السبب الاول يتعلق بإرتباط بعض الأعضاء، و هم قلة، بالدول الأجنبية الداعمة لعدم تشكيل الحكومة، فهم غير قادرون على اتخاذ قرار وطني لأنهم مسلوبين من هذه الارادة بفعل موافقتهم و الرضوخ لما يحقق مصالحهم الذاتية التي ينتظرون قطافها فيما بعد بمساعدة تلك الدول، وهذا السبب لا يحتاج الى مزيد من الشرح.
غير أن السبب الثاني هو الذي يشكل الحجر الزاوية في هذه القضية، فحتى لو وافقت دول العالم قاطبة على تشكيل حكومة منفى، فلن تخرج هذه الحكومة بسهولة بسبب استحالة اتفاق أعضاء الإئتلاف على انتاجها. لماذا؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال التعمق في السبب الثاني الذي يتعلق بعدم قدرة الإئتلاف ـ أو عدم وجود النية لتشكيل الحكومة ، نجد أنه يتفرع الى شقين هامين، الاول تنظيمي و الآخر تكتيكي
فالشق التنظيمي ملخصه أنه و الى هذه اللحظة لا يوجد نظام حاكم للعلاقة بين الإئتلاف و الحكومة، أو خطة نظام مستقلية، أو حتى مسودة قوانين تحدد دور الإئتلاف في مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة، و قد مضت أربعة أشهر من "الشط و المط" عقب تشكيل الإئتلاف دون أن يتم الاتفاق على شكل العلاقة بين الحكومة، و الأنكى من ذلك أنه لا يوجد حتى أدنى تصور لشكل تلك العلاقة عند أي عضو من أعضاء الإئتلاف الــ 71 ، بالرغم من أنه، اي الإئتلاف، نجح في في تحديد صفات رئيس الحكومة المنتظر و أعضاء تلك الحكومة بشق الأنفس.
هذا بالاضافة الى رغبة بعض مكونات الإئتلاف و كثير من أعضاءه بشغل مناصب في الحكومة المؤقتة بأي شكل من الأشكال، ولا أدلَّ على ذلك مما حدث في اجتماعات الهيئة العامة في استنبول في العشرين من شهر كانون الثاني 2013 حين طرحت مسألة تعديل النظام الداخلي بحيث يسمح بتوزير أعضاء الإئتلاف فوقفت القوى الثورية ضد هذا التعديل مستندة الى قوتها على الأرض، وإلى الاتفاق بين الأطراف الذي تم اساساً حين ولد الإئتلاف.
لذا فلن يكون من المجدي اعادة الكرّة بمحاولة إعادة طرح تعديل النظام الداخلي، وسيتم البحث عن طرق أخرى التفافية ـ أو ملتوية إن صح التعبيرـ من أجل ضمان عدم خروج "الحمّص" من أيدي أصحاب المولد. و الدليل على هذه النيات المرتقبة هو اصرار المجلس الوطني على ترشيح أعضاء في الإئتلاف لمنصب رئيس الحكومة خلال العام الحالي 2013 والذي بدا جلياً من ترشيح السادة المحترمين جدا عبد العزيز المسلط، و برهان غليون الذي اعتذر التزاماً منه بعدم مخالفة ماتم الاتفاق عليه في النظام الداخلي للإئتلاف ظاهرياً على الأقل.
غير أن المشكلة التنظيمية تعتبر القاعدة الأساسية للشق التكتيكي الذي يمنع الإئتلاف من تشكيل حكومة بصلاحيات مطلقة و التي تتلخص فيما يلي:
الحكومة تعني سلطة حقيقية، و قرارات فورية، و تحركات آنية، و شرعية محلية و دولية و قدرة كاملة على البت في الامور أمام دول العالم. فرئيس الحكومة سيتصرف وفق برنامج و خطة يراها، هو و ليس غيره، مناسبة وقد يغير اسلوبه بين الحين والآخر حسب مصلحة تحقيق هدفه، و لا يمكن له أن يعود الى الإئتلاف في كل شاردة وواردة لكي يناقش قضية توصَّل اليها مع رئيس هذه الدولة أو تلك ليرفضها "س" و ليقبلها "ع" ونعود الى المربع الأول و كأنك يا أبو زيد ما غزيت. و كذلك الامر فيما يخص الوزراء، و خصوصا وزير الخارجية و وزير الدفاع اللذان عليهما أن ينفذا سياسات رئيس الحكومة، بإسلوبهما هما وليس بأسلوب أحد غيرهما، بحيث يكون اتخاذ القرار لحظي و غير مكلف لا زمنيا ولا ماديا و الاهم من هذا و ذاك غير مكلف بشرياً.
إن أقل من تلك الصلاحيات لرئيس الحكومة و وزارءه سيجعل من الحكومة عبارة عن جسم سقيم لا حول له ولا قوة، و حتى أقل من تلك الصلاحيات سيكون أيضاً خيار تشكيل الحكومة لا معنى له، فإما أن تكون حكومة كاملة الصلاحيات أو لا تكون.
ومن الواضح تماماً أن الإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية لن يقبل بأن يعطي الثقة لحكومة كاملة الصلاحيات لأنها ببساطة تلغيه من الوجود، و للمفارقة ، فشأن الإئتلاف في رفض حكومة كاملة الصلاحيات يماثل تماما رفض بشار الاسد لإقامة حكومة كاملة الصلاحيات لانها ستلغيه من الوجود أيضاً.
ماهو الحل؟
لا يبدو أن هذه المشكلة ستحل على الاطلاق وسيتأخر تشكيل الحكومة المؤقتة الى الحد الذي سيدعو الدول الداعمة ربما لإعادة طبخ الإئتلاف مرة أخرى، و تقديمه بطريقة تشبع تلك الدول أكثر مما تسد رمق الشعب السوري، و بطريقة تثبت غياب المسؤولية عند البعض.
المطلوب من الإئتلاف أن يدرس جيداً حاجة الثورة السورية لتشكيل حكومة مؤقتة، و أن يحقق لها أقصى امكانات الحياة، و أن يدعمها و يؤثرها على نفسه حتى و لو كان به خصاصة ( خصاصة حب السلطة) حتى ولو كان في تشكيل الحكومة فناءه. أو أن يتحول الى برلمان سوري توافقي يعتبر مرجعية تشريعية للحكومة المنتظرة.
فإن تبين انتفاء الحاجة الوطنية الصرفة لإتخاذ تلك الخطوة ، فليقم الإئتلاف بالدور الذي يراه مناسبا و فاعلاً في قيادة الثورة، لا أن يتبنى مواقفاً اساسها الحفاظ على وجوده على شاشات الفضائيات بينما يتنقل الشعب السوري بين شاشات الأكفان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة