الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الجنس و الإنجاب بالنضال الفلسطيني

سونيا ابراهيم

2013 / 3 / 12
العلاقات الجنسية والاسرية


الجنس و الزواج في مخيمات غزة

هناك صلة روحانية في العلاقة بين الرجل و المرأة، مختلفة كلياً عن الزواج بمفهومه التقليدي، الذي يراه غالبية الرجال في المجتمع الفلسطيني، و أخص هنا مخيمات اللاجئين، الذين يكثرون من انجاب الأطفال دون وجود أي تخطيط مسبق؛ حتى صارت الأونروا غير قادرة على أداء كافة مهماتها المتعلقة بتشغيل اللاجئين، و تعليمهم..الخ
في كثير من البلدان التي تعيش حروب، و انتفاضات على مدى سنوات طويلة من النضال، و الصراع على حقوقها مثل حق تقرير المصير، نجد أن الجانب الانساني قد اختلط بمعان معنوية، و جسدية مختلطة لحقيقة وجود الحياة، و هذا ما أعتقد أنه يمثل مشكلة أو معضلة في المجتمع الفلسطيني بشكل عام، و على وجه الخصوص نساء المخيمات، و التجمعات السكنية الضيقة اللواتي يجدن أنه بكثرة عدد مرات الانجاب؛ سيحصلن على فرص أفضل للحياة، و لكن هناك سؤالين أطرحهما لإدراك رواسب الموضوع من أساسياته: ما هي طبيعة علاقة الرجل بالمرأة اللذين يقرران الانجاب؟ و ما هو المستقبل لتلك الأعداد الكبيرة من الأطفال الجوعانين، الذين بالكاد يعرفون معنى الحياة تحت ظل هذا العنف الاسرائيلي، الذي طال من أعمار أجدادهم و آبائهم، و في ظل غياب الوعي، و النضج الاجتماعي لمسئوليات المجتمع المدني، و الحكومي على حد سواء؟

****

تترك الأم الآراء متضاربة حول حقها في اختيار الطريقة المناسبة لتربية الأطفال، و في ظل هذه العائلة الفلسطينية، التي لا يوجد فيها خالة أو عمة إلا وتبدي رأيها في كل ما يتعلق بأسرار الحياة الأسرية التي يعيشها المجتمع الفلسطيني؛ ماذا ستقرر المرأة الفلسطينية فيما يتعلق بجسدها، الذي هو جزء لا يقتص من الأرض التي يحصل عليها النزاع لمدة سنين طويلة؟

هل هناك أطفال أصحاء نفسياً، و جسدياً سيخرجون من رحمها بأعداد كبيرة، لأب اغتالته ظروف الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال الصهيوني، هذا الأب بسبب القهر وظلم الحياة لا يستطيع التمييز بين الاستمناء و الممارسة الجنسية على حد سواء؟

بطبيعة الأمر سيكون مخجلاً أن تتحداه امرأة بالمصارحة عن أرائه، أو عن طريقته الخاصة بالتعبير عن نفسه، طالما هو يرى أن الحق حصري على نفسه؟ و لكني أعتقد أن الموضوع هو ذو بعد أعمق من دور الرجل و المرأة في العلاقة الجنسية بينهما.. الموضوع ينصب حول قرارتك، و خياراتك في الحياة! و لكني ما يجعلني أشعر بالإندهاش هو الانفتاح الثقافي، الذي يتعلق ببعض الرجل الفلسطينين الذين سبق لهم العمل داخل أراضي الخط الأخضر، فيما يتعلق بالحياة الجنسية مع نساء اسرائيليات، معظمهن يهوديات من أصول عربية! التمييز الذي يمارسه معظم الرجال الفلسطينيون الذين كانوا يعملون داخل الأراضي المحتلة بين حديثهم عن الأمهات اليهوديات، و اختلاف طريقة تربيتهن- بعيداً عن السياسة- كان يشعرني بالحنق في كثير من الملاحظات، كنت أشعر أن الظلم، الذي أحاط بنا كفلسطينين و كفلسطينيات أنسانا معنى الحياة.. وللأسف حتى الباحثات عن الحياة سيجدن من الرجال المهمين و غير المهمين في المجتمع الفلسطيني من يهمش أدوراهن، و يقلل من تقدير أدوراهن في التضحية و العطاء!

****

في كثير من المرات وجدت أن الانفتاح، أو نظارة الخجل و التواضع لا يرتديها الرجل الفلسطيني إلا عبر عينين المجتمع.. و هذا ما نراه عند بعض الرجال الشرقيين، الذين يسافرون لدول غربية يحتاجون فيها البحث عن حقيقة الحياة، بعيداً عن المطالب الأساسية التي دفعتهم منذ البداية للسفر أو للهجرة!

****

العلاقة التي تجعل أبناء المجتمع العربي- بشكل عام- يربطون بين الجنس، و الزواج، و الانجاب تشكلت في واقع الدول العربية، بسبب أنظمة فكرية، و سياسية لا تحترم حرية الفرد، و لا حتى حقوق الأقليات التي تفضل مساراً مختلفاً في حياتها. في المخيمات الفلسطينية لا يتزوج معظم النساء/الرجال من شركاء/شريكات اختاروهم/ن عن قناعة، و حرية اخيتار؛ بل بسبب الظلم الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني- بشكل خاص- في المخيمات بسبب خصوصية قضيته الفلسطينية على مر أكثر من ستين عاماً، يصبح الزواج هو حلاً مقنعاً، و نوعية من المفاضلة الاجبارية، و ليست الاختيارية.. بدون الأخذ بعين الاعتبار نوعية الحياة، أو المستقبل الذي يبحث عنه الشباب و الشابات الفلسطينيات الذين يقبلون على الزواج، من أجل أبنائهم..

قد يعزي البعض السبب وراء هذه المشكلة في الدول العربية إلى غياب التعليم الجنسي، و إلى تابوهات المجتمع، التي ترى أن الفصل بين الجنسين هي الطريقة المثلى؛ لمنع حدوث ذلك التنوع الثقافي لدي الجنسين، و إن كان في حدود تربوية، و تعليمية تساعدهم على جعل حياتهم المستقبلية أكثر خصوصية و نجاحاً مما سبقهم من الآباء و الأجداد! هذا ما يجعل كبار السن، بعض المعلمين، المسئولين في دوائر العمل ينظرون لأي امرأة- ضعيفة الشخصية- على أنها ضحية مؤجلة و مرغوبة من أجل اشباع نزواته الجنسية، و المقاربة بين شطحاته الجنسية المتعنتة، و بين وجوده كرجل ذكوري محترم خاضع لظل تابوهات هذا المجتمع! و من هنا أيضاً ينبع لدينا بئراً من المشاكل الاجتماعية، و النفسانية، و الصحية التي تصيب المرأة و الطفل الفلسطينين، و تؤثرعلى مستقبلهم و هويتهم الجنسية.. و يدفعها الرجل الفلسطيني الذي يرفض التحرر من عباءة الماضي، من كبته الجنسي، و اتباعه لمقررات من التزمت الديني الذي يصيبه، و يصيب مناهجنا الدراسية، و رجال القانون بحالة من التشنج التي تصيبه بالإرهاق الفكري قبل مواجهة الحقيقة التي يتوجب عليه التعامل معها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمنيات بين التحديات والإنجازات المسيرة مستمرة


.. الحروب والكوارث الطبيعية تُعرض الأطفال للإصابة بالاكتئاب




.. الشهباء تكتسي ثوبها الأخضر بقدوم فصل الربيع


.. أقوال المرأة خالدة في ذاكرة التاريخ




.. أفولكي للنساء… ربع قرن من العمل على إدماج المرأة في التنمية