الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيانات الحرف العاري: فانك تُسمِعُ الموتى!!

زيد كثير الحمداني

2013 / 3 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا أدعي ان في العراق اليوم شكلا ديمقراطيا يشبه الشكل الديمقراطي النقي في أثينا القديمة حين كانت طائفة واسعة من الشعب -الذكورغير العبيد- تجتمع في الساحة العامة بصورة منتظمة لمناقشة شؤون البلاد السياسية والاقتصادية واتخاذ القرارات الهامة، ولا أدعي أيضا ان ذلك الشكل يضاهي الشكل الديمقراطي في الاتحاد السويسري الحالي والذي يمكن اعتباره الوريث الوحيد للنظام الديمقراطي الأثيني القديم والذي تتمكن فيه الجماهير السويسرية من رفض اي قانون أو استدعاء أي مسؤل حكومي او طرح أي مشروع من خلال ثلاث ممارسات سياسية مميزة: الاستفتاء، الاستدعاء، والمبادرة، ولا أحسب أن للسيد المالكي فكرا لاسلطويا -اناركيا- مشابها للفكر اللاسلطوي الذي عرف عن يسوع المسيح في تعامله داخل مجتمعه الرسولي مع تلامذته ومحبيه، الا ان في العراق اليوم ديمقراطية تمثيلية تسمح للشعب بانتخاب ممثليه في مجلس النواب او البرلمان في عملية انتخابية نزيهة الى حد بعيد. أقول نزيهة ولا اتحدث عن الفساد المستشري في مؤوسسات الدولة لان الفساد لا يعني ان العملية الديقراطية مجروحة، ففضائح الفساد موجودة -وان كانت محدودة- في أرقى واعرق الانظمة الديمقراطية في العالم -خذ الهند كمثل- فينغي التنبه الى تلك النقطة وعدم الخلط بين المفاهيم.
المهم، وفي سياق الانتخابات البرلمانية العراقية التي يتم الاستعداد لها على قدم وساق، اتابع وبصورة شبه يومية الحملة الضروس التي يشنها بعض معارضي النظام القائم في العراق على مرشحي الانتخابات البرلمانية القادمة في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، حيث تصور تلك الحملة المرشحين على انهم ثلة جاهلة و وصولية تتسلق على اكتاف المواطنين البسطاء بعبارات زائفة تخلط الدين بالسياسة، فتظهر احدى اللافتات التي تخص احدى المرشحات صورة زوجها المتوفي بدل عن صورتها لانها تتورع عن اظهار صورتها على الملأ، وتظهر لافتة اخرى عبارة كتب عليها: انتخبوا مرشحكم ابن الانبارالحاج الشيخ المهندس فلان ابن فلان، حيث قرن الناخب الجاهل المشيخة وفعل الحج مع علم الهندسة في عبارة مثيرة للجدل!
وبما ان الشئ بالشئ يذكر، تذكرت وأنا اقرأ تعليقات المناوئين للانتخابات البرلمانية العراقية الحالية العرس الانتخابي او بعبارة اصح الاستفتاء الرئاسي الذي جرى في العراق في العام الفين واثنين وتحديدا في يوم الخامس عشر من أكتوبر من ذلك العام. ايقظتني أمي في حوالي الساعة السابعة صباحا كي نكون أنا وهي وأبي أول المستفتين، لبسنا احسن ما لدينا من ثياب وخرجنا في رحلتنا المباركة تلك سيرا على الاقدام حيث كان هناك حضرا على سير المركبات، ولا ضير فرياضة المشي كانت وما زالت رياضتي المفضلة. كنا من اوائل الواصلين الى مركز الاستفتاء الذي استقبلنا المسؤولون فيه استقبالا فاترا بعض الشئ وكأنهم يقولون لنا: " ايها المتملقون ما زال هناك متسعا من الوقت كي تظهروا ولائكم لسيدكم الأجل". بعد أن تأكدت أمي المرعوبة من وضعي لعلامة صح المؤيدة لاعادة انتخاب الرئيس خرجنا من المركز وكانت علامات الرضا والراحة بادية على وجهها المنهك من آثار ليلة قلقة لم تستطع النوم فيها حتى مطلع الفجر.
في طريق عودتنا الى البيت صادفنا أم شاكر-بائعة القيمر في محلتنا- وهي عائدة من المركز ايضا وعلى وجهها ابتسامة عريضة استفزتني لسؤالها:
" ها ام شاكر شنو الاخبار؟!". سألتها
" تمام وليدي انتخبنا السيد الريس الله يحفظه آني وعمك الحجي".
" خاله ام شاكر.. عمي الحجي متوفي صارله سنه، شلون انتخب؟!!" سالتها مندهشا.
" والله الموظف انطاني ورقتين واحده الي والثانيه للحجي وكالي انتخبي انت وللمرحوم"
في المساء اعلنت اللجنة العليا للاستفتاء فوز الرئيس بنسبة 100 %، وبتلك النسبة المذهلة تفوق رئيسنا السابق على جميع رؤساء العالم صالحهم وطالحهم بل تفوق حتى على الله الذي لم يستطع الحصول على اكثر من نسبة 84% في الاحصائية التي اعلن عنها مؤخرا مركز بحوث ودراسات ديني في امريكا حول نسبة المؤمنين بوجود الله في العالم.
فلا تعجبوا كثيرا ايها السادة -المناوئين والمعارضين والكارهين للنظام العراقي الحالي- من الزلات والشطحات التي يقترفها بعض المرشحين الحاليين في الانتخابات البرلمانية فما كان يحدث في التجارب الانتخابية التي سبقت الغزو الامريكي للعراق في العام الفين وثلاثة افضع واخزى، وكان من الأولى ان تنتفض اقلامكم الباسلة وتثورعلى تلك الفضائع والمخازي لا ان تذهبوا -وانا أولكم- باقدام وجلة وقلوب فارغة واياد مرتجفة كي تضعوا اشارة صح في خانة كلمة نعم والتي كان الناظر الساكن في القطب الشمالي يستطيع قراءتها بسهولة ويسر لضخامتها وبروزها على ورقة الاستفتاء، ولا تعجبوا أيضا لو سمعتم اشاعة تحكي ان هناك مصحفا كانت تود حكومة البعث السابقة في العراق طباعته مع اجراء تغيير طفيف فيه حيث نسخ الرفاق الآية التي تقول: " فانك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين" الروم 52، بالآية التي تقول: "فانك تسمع الموتى وتسمع شعبك الدعاء اذا جاءوك منتخبين"... صدق رئيسنا المجيد!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداءات لتدخل دولي لحماية الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية | #


.. غارات إسرائيلية استهدفت بلدة إيعات في البقاع شرقي لبنان




.. عقوبات أوروبية منتظرة على إيران بعد الهجوم على إسرائيل.. وال


.. شاهد| لحظة الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرا




.. مسؤول أمريكي: الإسرائيليون يبحثون جميع الخيارات بما فيها الر