الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعهد العربي للدراسات الاشتراكية - دعوة للحوار الجاد-

محمد دوير

2013 / 3 / 15
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


تهدف هذه الورقة إلي الدعوة لإنشاء " المعهد العربي للدراسات الاشتراكية " كمؤسسة أهلية تعليمية تعمل علي تكوين كادر عربي من الشباب التقدمي يستطيع أن يقود الحركة الاشتراكية في العقود القادمة، بحيث تصل تلك العملية التعليمية الممنهجة في حدها الأدنى إلي الحفاظ علي التراث الحي للتجارب الاشتراكية والتقدمية والمنظور النظري للفكر الاشتراكي وتوحيد المفاهيم والتصورات وإبقائها ماثلة في عقل الأمة ومطروحة علي أجندة العقل العربي، بينما تستهدف في حدها الأقصى بناء استراتيجية عربية لإنقاذ الشعوب العربية من سطوة الرأسمالية المتوحشة وسيطرة العقلية الارتدادية والتمكن من تشييد معمار البديل الثالث علي الصعيدين النظري والعملي.
لقد بات الفكر الاشتراكي أكثر طلبا للدرس والتفكر و التحليل والتجديد من ذي قبل، ذلك لأن الانفلات الفكري والثقافي والإعلامي الذي بثته العولمة ومنتجاتها أحدث قدراً هائلاً من سيولة الأفكار وتداعي المعلومات، وفتح آفاقا غير مسبوقة دفعت المتعاملين مع عالم الأفكار إلي بذل الكثير من المحاولات لمناقشة وتحريك القواعد الأساسية للإيديولوجيات والفلسفات الكبرى والمذاهب والأنساق النظرية المتعددة دونما إدراك أو فهم أو تخصص في الاشتراطات الواجب توافرها في النقد والتحليل وإعادة تركيب القيم المعرفية المختلفة، وقد انعكس ذلك الانفلات الفكري والثقافي علي محاولات متعددة ومتنوعة للعبث بالجينات المكونة للنظرية الاشتراكية بدافع التجديد مما ينذر بمزيد من التشتت الفكري وغياب البوصلة الاسترشادية التي تصل بنا إلي بناء نظري متوافق مع متطلبات الاحتياج الإنساني، وقادر علي صياغة مشروع فكري وثقافي وسياسي. ومن هذا المنطلق جاءت الدعوة، ولكل دعوة أسبابها وأري أن من بين أهم أسباب الدعوة إلي ضرورة توحيد الرؤى والمفاهيم ما يلي:
ابتعاد الأحزاب التقدمية والاشتراكية العربية عن ما يسمي بالصناعات الثقيلة في التثقيف الحزبي وتراجع الإصدارات والدوريات والكتابات والأدبيات المهتمة بطرح القضايا النظرية والتحديات التي تواجه النظرية الاشتراكية في القرن الحالي وتقلص أعداد المهتمين بطرح رؤى مبتكرة ومبدعة في الفكر الاشتراكي، وخاصة من الشباب، بالإضافة إلي الخلل النظري المفزع الذي نشاهده علي مواقع الانترنت المختلفة. كل هذه الظواهر السلبية تدعو إلي الخوف من تلك العشوائية النظرية والجرأة المبالغ فيها في نحت المصطلحات وصياغة التصورات المتأثرة بالقيم الاستهلاكية الليبرالية، وطرح رؤى ومفاهيم غير مرتكزة علي أية مرجعية، وهذا الخطر الداهم ينذر بالكثير من الخوف علي وحدة الفكر التقدمي، وهو ما أدي بالفعل إلي تراجع نظري غير مسبوق تجاذبته الصراعات بين ما يسمي باليسار الليبرالي واليسار الأصولي أو التقليدي واليسار الديمقراطي أو غيرها من المسميات التي نواجهها اليوم والتي تعتمد علي صياغات توافقية بين رؤيتين إيديولوجيتين متباينتين ومتضادتين أحيانا، وهو إنتاج نظري لا يستند علي أسس تحليلية أو نقدية لتراثنا النظري ولم يأت إلينا من متخصصين في الفلسفة أو الاقتصاد أو علم الاجتماع أو من المفكرين والأكاديميين العرب سواء من عالمنا العربي أو من خارجه، بل جاء معظمها عن طريق شباب اليسار العربي المتأثرين بالاطروحات الغربية كالبنيوية والتفكيكية أو الحداثة وما بعدها، أو الواقعين تحت تأثير الهياكل الإعلامية المعولمة وهو أثر قد يؤدي بالتأكيد إلي حالة انفصام فكري لا شك في ذلك. نحن إذن أمام مشكلتين الأولي: تلك الأزمة النظرية التي تحتاج إلي تأصيل وتحليل وفروض وحلول واختبارات للحلول والفروض، بمعني آخر أزمة لا علمية التعامل مع الفكر الاشتراكي. والثانية: أزمة أو مشكلة التخصص، فهؤلاء المتخصصون قد تراجعوا أو تنازلوا عن منازلة الأزمة لاعتبارات مختلفة، مما ترك الساحة فارغة من بعدها الرؤيوي النظري التحليلي وسيطرة الجانب الانفعالي والعفوي في التعامل مع أدق وأصعب تساؤلات الفكري النظري الاشتراكي.
من هذا المنطلق كانت هناك ضرورة إلي تواجد مرجعية فكرية عربية ذات سمات اشتراكية لا تنتمي إلي مدرسة مذهبية محددة بقدر ما تهتم بإنشاء باحث عربي شاب يستوعب متغيرات الفكر وتنوع الاجتهادات ويمتلك الحد الأدنى من مبادئ الفكر وقواعد العمل. إنها مرجعية تعليمية قائمة علي الإبداع وتشجيع العقل الباحث، فهي تعليمة بهدف تحقيق النسقية وتحصيل العلم علي أيدي متخصصين وإعادة الاعتبار إلي هيراركية التعلم، وإبداعية بمعني تربية الكادر العربي علي التفكير بعقل جدلي ايجابي.
وبناء عليه يجب أن نطرح علي أنفسنا السؤال التالي: كيف يتم ذلك ؟ والحقيقة إنني لا أمتلك من إجابة هذا السؤال سوي بعض الاقتراحات التي تكشف عن طبيعة تصوري لهذا المعهد، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية.
1- المعهد العربي للدراسات الاشتراكية مؤسسة عربية تعليمية تقوم علي الدراسات الاشتراكية في الفلسفة والاقتصاد السياسي وعلم الاجتماع والتاريخ والأدب والفن ونظريات النقد وفلسفة اللغة وتطور المعرفة العلمية والفكر الديني.... الخ.
2- نظام التمويل بالمعهد أهلي، وقائم علي تبرعات الأفراد والهيئات والمنظمات العربية بالإضافة إلي رسوم تحصيلية رمزية من الطلاب ومساهمات الأحزاب التقدمية العربية.
3- لمجلس إدارة المعهد الحق في اخيتار أعضاء هيئة التدريس ومناهج وطرق التدريس سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة عبر الوسائط التكنولوجية " التعليم عن بعد "
4- تتكون هيئة التدريس من ثلاث فئات " الأكاديميون اليساريون العرب في الجامعات العربية أو الأجنبية – المفكرون والباحثون والمبدعون الاشتراكيون في عالمنا العربي – الخبرات العمالية والجماهيرية العربية "
5- طلاب المعهد من الزملاء والأصدقاء بالأحزاب التقدمية العربية أو من خارجها، في المرحلة العمرية من ( 20 – 40 سنة ) موزعة بنسب محددة بين الدول العربية، بما لا يزيد عدد الدفعة الواحدة عن مائة طالب.
6- نظام الدراسة بالمعهد أربع سنوات دراسية، تنقسم السنة الدراسية إلي فصلين دراسيين كل فصل دراسي مكون من خمس مواد. ولذلك فعلي الطالب دراسة منهج مكون من أربعين مادة في كافة التخصصات والمجالات النظرية والعملية طوال فترة دراسته بالمعهد.
7- يمنح المعهد شهادة معتمدة لتخريج باحث اشتراكي عربي، تكون هذه الشهادة شرطاً لتولي الكادر بعض المسؤوليات الحزبية، بالإضافة إلي أنها تؤهله للبحث العلمي المتقدم بعد ذلك.
في النهاية يبقي أن أشير إلي:
1- أهمية الاستفادة في تطوير الفكرة بالخبرات التربوية والتعليمية في هذا المجال، وخاصة في طبيعة المناهج، وتخفيض التكلفة، وضغط الميزانية حتى تسهل من تطبيق الفكرة، وانسب الطرق لادراة المعهد بطريقة متناسبة مع التنوع الفكري داخل منظومة الفكر الاشتراكي.
2- أن الجامعة الأهلية المصرية التي أنشئت في أوائل القرن الماضي كانت حلما يراود كل المصريين، ومن مشروعية الحلم وضرورته تأسست الجامعة بجهود كل مصري، ولست أبالغ في القول أن حاجتنا إلي جامعه اشتراكية عربية ولو متواضعة الإمكانيات لا تقل أهمية للاشتراكيين العرب، هذا إن أردنا أن نبقي علي الحلم الاشتراكي قويا شامخا في مواجهة قوي الظلم والظلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدكتور محمد دوير المحترم
جان نصار ( 2013 / 3 / 16 - 10:16 )
لقد كتبت تعليق لك على الدعوه للحوار وكان المفروض ان تكون تحت هذا المقال انما كما يقولون التفاحه وقعت في ساحتكم اي في مقالك السابق.اسف لاني مبجمعش.
مره اخرى اشكرك على مشاركتنا.
تحياتي ومودتي

اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.