الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضراب 8 مارس بتونس: غير مشروع بالمغرب؟

عبد الله لفناتسة

2013 / 3 / 16
الحركة العمالية والنقابية



شهدت تونس، يوم 8 فبراير 2013، إضرابا عاما وطنيا شاركت فيه مختلف مكونات الشعب، على إثر جريمة اغتيال الشهيد شكري بلعيد من طرف العصابات الظلامية. وقد حظي هذا الإضراب بتغطية واسعة من طرف وسائل الإعلام المغربية، بما فيها الرسمية، ودعم مطلق من طرف الحركة التقدمية المغربية وتعاطف كبير من الجماهير الشعبية.
وكان مثيرا للانتباه أن مشروعية إضراب التونسيين لم توضع محل شك أو تساؤل بالمغرب على ضوء مشروع قانون الإضراب الذي تستعد حكومة بن كيران لتمريره قبل رحيلها. فماذا لو دعي لنفس الإضراب العام بالمغرب بعدما يكون مشروع القانون قد طبق؟
1. قبل حتى اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل، كانت الجبهة الشعبية قد دعت (يوم 6 فبراير) إلى الإضراب العام بكامل التراب التونسي للرد على اغتيال شكري بلعيد الناطق الرسمي باسمها. ومعلوم أن الجبهة الشعبية مكونة من مجموعة أحزاب يسارية، وهذا سبب كافي لاعتبار هذا الإضراب غير قانوني وممنوع في المغرب في حالة تبني مشروع القانون المطروح، الذي لا يسمح لغير النقابات باتخاذ قرار الإضراب (المادة 17)، ويعرض المخالفين لعقوبة قد تصل في أقصاها إلى السجن سنة واحدة وغرامة 3 ملايين سنتيم. وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
2. صحيح أن الاتحاد العام التونسي للشغل تبنى في اليوم الموالي (7 فبراير) قرار الإضراب العام وأضفى عليه "شرعية" نقابية قد تجعله منسجما مع مشروع القانون المغربي. إلا أن حالة الغضب التي عمت الشارع التونسي بعد اغتيال شكري بلعيد، والمظاهرات التي انفجرت في ربوع تونس، والهجومات الشعبية على مقرات الحزب الحاكم، كانت تنبئ بحدوث "أزمة وطنية حادة"، تعطي لرئيس الحكومة - بالمغرب- مبررا كافيا لمنع أو وقف الإضراب طبقا للمادة 39 من مشروع القانون المذكور.
3. يعرف الإضراب - في مشروع قانوننا المغربي- بكونه "توقف جماعي واتفاقي عن الشغل من أجل الدفاع عن مطالب مهنية"، والحال أن إضراب التونسيين لم يقتصر على التوقف عن الشغل، بل امتد إلى أنشطة أخرى تمارسها فئات الشعب من طلبة وتلاميذ وتجار وباعة متجولين وفنانين ورياضيين إلى غيرها من الأنشطة التي يصعب تصنيفها في خانة الشغل. ومن جهة أخرى فإن إضراب 8 فبراير لا علاقة له "بالإضراب المهني"، بل يمثل صرخة شعبية في وجه الإرهاب الظلامي واحتجاجا على اغتيال مناضل تقدمي من وزن شكري بلعيد المعروف بجرئته في التحليل وسلميته في الدفاع عن أفكاره. أي أن إضراب 8 فبراير سياسي بامتياز وهو بذلك يخالف ما تنص عليه المادة 2 من مشروع القانون المذكور مادام لا يرمي إلى "تحقيق مطالب مهنية أو الدفاع عنها"، وبالتالي فقد يطاله المنع بالمغرب (المادة 16).
4. حين أعلنت القوى السياسية التقدمية والعمالية التونسية عن الإضراب العام فإنها لم تجر مفاوضات مع الدولة أو اية جهة أخرى، حول مطالب معينة ولم تطالب بذلك أصلا، لسبب بسيط، كونها لا تهدف إلى تحقيق مطالب مهنية أو مادية معينة، بل تعبر عن موقف سياسي مفاده أن الإرهاب الظلامي لن يمر وأن التجربة الايرانية السوداء لن تتكرر في تونس مادامت القوى التقدمية متيقظة ومستعدة للدفاع عن أهداف الثورة. غياب مفاوضات مسبقة تجعل إضراب 8 فبراير بتونس مخلا بما تنص عليه المادة 9 من المشروع المذكور التي تنص صراحة بأنه "لا يمكن اللجوء إلى الإضراب إلا بعد إجراء المفاوضات بشأن القضايا الخلافية" أي انها تشترط وجود طرف مفاوض وتستبعد الإضراب التضامني والسياسي عموما.
شروط أخرى يفرضها المشرع المغربي (مهلة الإخطار، تشكيل لجنة الإضراب، ...) تجعل الإضراب العام الذي خاضته الجماهير الشعبية بتونس غير مشروع بالمغرب، وخصوصا إذا واكبته نفس المظاهرات والاعتصامات التي واكبت مراسيم دفن جثمان الشهيد شكري بلعيد.
ومن هنا يصبح إسقاط مشروع قانون الإضراب الذي طبخته الحكومة والباطرونا المغربيتين في غيبة الطبقة العاملة، واجب على القوى العمالية والديمقراطية المغربية باعتبار حق الإضراب مكسب شعبي تاريخي تحقق قبل الاستقلال السياسي للمغرب، لكنه أصبح اليوم مستهدفا من طرف الرأسمالية المتوحشة ووكلائها المحليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإسرائيليون يتعاملون مع الشهيد -زاهدي- أنه أحد أركان غرفة ا


.. لماذا يلوّح اتحاد الشغل في تونس بالإضراب العام في جبنيانة وا




.. الشركات الأميركية العاملة في الصين تشكو عرقلة المنافسة


.. الشركات الأميركية العاملة في الصين تشكو عرقلة المنافسة




.. صباح العربية | أرقام ستصدمك عن استقالة الموظفين حول العالم