الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة وتبني الخِطاب الذُكوري

أنس القاضي

2013 / 3 / 18
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


المرأة وتبني الخِطاب الذُكوري

كنتُ أقرأ في مواقع مختلفة قبل البدا بالكتابة وتكسرتُ على رد أنثى في موضوع عن المرأة حين تصبح عدوة نفسها كان الرد بلغه بسيطة ولكن دامية تحدثت كيف انه بعد موت زوجها اغتصبت عمتها مجوهراتها وأثاث منزلها وزوجتها بالغصب على أخ المتوفي المتزوج أثنتين لتُحشر هي الثالثة على سريرة ،وكيف ردتها أمها بعد أن هربت إليها حتى أقصى الريف وكيف حُرمت من حقها وإرث زوجها وحتى من صورها معه ومن زيارة قبره توحش ذكوري مأدي وعاطفي مُطلق ولكن بصبغه أُنثوية .ماذا يعني أن تتبنى المرأة الخِطاب ألذكوري هل هو خشية من الحُرية ،عدم فهم ما الحُرية، التخلص من الحُرية أم عشق العبودية ..؟!

يرى ساتر أنَّ الحريّة تعني الوجود الإنساني وهذا الوجود يحتاج إلى أن نُدركه فنحتاج العقل لذالك ، وأنّ الشّرط الأوّل للعقل هو الحريّة فالعقل المسلوب لا يُمكنه أن يُدرك وجوده وهكذا يُلغي الإنسان ذاته وتلغي المرأة ذاتها وعلى هذا الأساس فامتلاكنا القدرة على القبول أو الرّفض ، يؤكّد امتلاكنا للعقل للوجود (للحريّة).
الحُرية التي يُفسرها أدونيس بأنها مجابهة العدم منفرداً تبدوا مُرعبة لمن أعتاد أن لا يملك الخيار إن العاشق للعبودية لا يتخلى عنها بسهوله فهو يُلقن القادم ويرى أنه ينجو من رعب القرار وتبعات الإرادة ويستسلم لما سيأتي مقنعاً بحجاب القدر..والحرية بفحواها الجدلي سعيٌ متواصلٌ نحو الهدم والبناء، فكما أن فرض الحجاب في المجتمعات الشرقية يتعارض مع الحرية فأيضاً فرض نزعه في أوربا يتعارض مع الحرية ،يجب أن تضل في حالة هدم وبناء متواصل لكل القيم التي تُستحدث والقيود التي تُبتكر لتضل حراً .
لا يُمكن للرجل أن يهب المرأة الحُرية فهي ذات خاصة ،يُمكن للمجتمع الذكوري فقط أن يبتكر دوائر من عادات ،تقاليد أعراف، ديانات، ويُوهم أن الدوران بداخلها حُرية بينما اختراق الإطار الخارجي لها والنفاذ منه يُصبح جرم،مخالفة ولذا فإنه يبتكر الجُرم ليُسقطه عليك ويملك الهيمنة والسيطرة عليك بهذا القيد فهو صانعة من قبل أن يُقترف .
العيب ، الحرام ، العورة ، نقصان العقل ، الخُلق من ضلع قاصر .إن هذه التابوهات الذُكورية التي تشكل دائرة وطوق للمرأة أكثر من تُسوق لها المرأة ذاتها إما انعكاس ثقافي سوا عن قناعة أو جهل بهذا الخِطاب أو الشعور بالعجز عن النفاذ منه فيكون التحرر الثقافي الرِهان الأقوى والأصدق والأجدر بأن يُحطم هذه الدوائر .

أليست المرأة هي نفسها التي تطلب من ابنها أن لا يتزوج مطلقة أو أرملة وهي من تُربي المتخلف والمستبد ليصبح ما هو عليه في الغد. إنها في هذه الحالة تعمق زرع هذا الجذر الاستبدادي ثقافياً كما يوجه الخِطاب ألذكوري بذوره الأولى في ثقافة الطفل وهي تتشكل لهذا تجد أن الأمثلة والجُمل الإنشائية في كتب الابتدائية التي يتلقنها النشء أروى تطبخ أروى تغسل الثياب أروى تكنس المنزل بينما الفتى خالد يعمل دوماً في الخارج ويساعد والدة في الحقل ويمارس سُلطته الأبوية من حينها فهو مرتبط بسلطة الأب أي إنتاجيته .
حين يحدث تطور حقيقي في الاقتصاد وينصهر الرجل والمرأة كشخص واحد في العملية الإنتاجية سيتيح للمرأة التحرر من هذه النظرات الاجتماعية عادة في جرائم العُنف الأُسري تخنع المرأة لما يُمارس عليها من عنف لأنها تخشى الطلاق وما يعنيه من تحمل الأعباء الاقتصادية بشكل منفرد وخاصة حين تكون المرأة غير متمكنة من العمل لأنها عاشت بمعزل عن العلم ووسائل الإنتاج بينما الأُخرى التي تدير اقتصاد العائلة بإنتاجيتها وتدبر هي الإنفاق تتقبلها العائلة(نواة المجتمع) وتعطيها الحُرية التامة في الفكر والتصرف مثلاً هي حين تخلع العباءات السوداء وتندمج في المجتمع بملابس يعتبرها "غير محتشمة" أو يدعوها "سافرة" هي لا تكون بذالك كسرت قيد حقيقي فليس هناك نص قانوني يمنعها من فعل هذا إنما تكون هي حطمت صنم حقيقي يُعلن سيادته في الفكر .
إن تحرير المرأة مرهون بتحرر ثقافي أولاً بإلغاء فكرة دونية المرأة على الصعيد الذاتي من المرأة نفسها والتحرر الاجتماعي مرهون بتحرر اقتصادي وهذا يعني تحقيق المساواة الاجتماعية وهذه لن تتحقق بدون تصفية الطبقات فالدولة الديمقراطية التي هدمت هذا البناء الهرمي للطبقات تنعكس على السياسة التي تلعب دورا رئيسي في تقدمية الحقوق المدنية والإنسانية للمرأة التي تكفل لها قانونياً هذه الحقوق التي أنتزعتها، بينما العكس تُقنن هذه السلوكيات التعسفية ضد المرأة وتصبع دينياً وتُشرع في الدول التي يحكمها عادة اليمين المتطرف.
وكما قال أيضاً أدونيس يستحيل تقدّم مجتمعٍ بوجود بضعة أشخاص متنوّرين، لأن المجتمع لا يمكن أن يتغيّر إذا لم تتغيّر المؤسسة، إذا لم تتغير بنية العائلة، وبنية السلطة أيضاً.
................
تذيل
سنصير شعباً حين ننسى ما تقولُ لنا القبيلة...، حين يُعْلي الفرد من شأن التفاصيل الصغيرةْ
يوميات"آثر الفراشة" محمود درويش 2008م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمنيات بين التحديات والإنجازات المسيرة مستمرة


.. الحروب والكوارث الطبيعية تُعرض الأطفال للإصابة بالاكتئاب




.. الشهباء تكتسي ثوبها الأخضر بقدوم فصل الربيع


.. أقوال المرأة خالدة في ذاكرة التاريخ




.. أفولكي للنساء… ربع قرن من العمل على إدماج المرأة في التنمية