الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة الى الرفيق حمة الهمامي

بيرم ناجي

2013 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية




رفيقي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية.

لقد تابعت و من بعيد ( اذ يتعذر علي الحضور) و باهتمام خطابك في قبة المنزه بمناسبة أربعينية الرفيق الشهيد شكري بلعيد و لم أكن أبحث في ما سيقع في ذلك الاجتماع الا عن شيء واحد : ماذا سنفعل بعد الأربعينية؟
لم أهتم بأي شيء آخر في "المهرجان"رغم حبي للموسيقى و الشعر وارتجافي لسماع النشيد الوطني التونسي و نشيد الأممية الذي لم اتمن ،وأنا اليساري ، سماعه في القبة اليوم تحديدا و استثنائيا لأن الجبهة الشعبية ليست جبهة اليسار التونسي ولأن الوقت لم يكن يتطلب حسب رأيي سوى النشيد الوطني التونسي فقط وحصريا لدعوة الحماة الى الذود عن الحمى.
لم أنتظر الا الرسالة التي ستصلني منك بوصفك الناطق الرسمي باسم جبهتي – الجبهة الشعبية- التي يشرفني الانتماء اليها و النشاط فيها لأن" قلبي ينبض الى اليسا"ر كما كان يقول الشاعر الفرنسي العظيم لوي آراغون.
لقد حيدت كل مشاعري وذوقي و حماستي تقريبا وجهزت عقلي الى التفاعل العقلاني "الصرف" مع الخطاب السياسي للجبهة لأن ما يقع في البلاد استثنائي في تاريخها خاصة بعد اغتيال شكري بلعيد صديقي الانساني - ولم أكن أقرب الأصدقاء اليه– ورفيقي اليساري- و لم أكن من الوطنيين الديمقراطيين بل كنت و لا زلت مستقلا .
ان اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد استثنائية ليس فقط منذ انطلاق الثورة بل كذلك منذ وصول النهضة الى الحكم وصولا الى عملية الاغتيال.
لقد أعدت سماع خطابك عدة مرات و خرجت بانطباع منشطر و مضطرب جدا .
لقد أسعدني خطابك عندما صرحت بالعزم على البدء في النقاش حول الحزب اليساري الموحد و قد كنت شخصيا قد كتبت في الموضوع مقالين هذه روابطهما عسى أن يساعدا على تحقيق الهدف المنشود.(1) و(2)

و لكن في المقابل شعرت بالاحباط من تصورك عن تحالفات الجبهة الشعبية.
لقد وصفت الوضع بنفسك يا رفيقي في الخطاب بحديثك عن "الفاشية "و" العنف الفاشستي" المستشري في البلاد وأنت كنت من أوائل اليساريين الذين يصفون الظلامية الاسلامية بالفاشية في تونس في كتابيك الشهيرين "ضد الظلامية" و"في اللائكية".
و مع انني لا اعتبر الاسلاميين المتطرفين فاشيين و لا اقطاعيين بل أعتبرهم حركة وطنية واستبدادية محافظة من نوع خاص كما وضحت ذلك في مقالات سابقة نشرتها في موقع "الحوار المتمدن" فانني أعتقد ان نقاط تشابه توجد بين التطرف الاسلامي و التطرف الفاشي و أن خطرهم على المجتمع التونسي قد يكون أخطر تاريخيا من الخطر الفاشي الذي أطبق على ألمانيا النازية مثلا لسببين على الأقل:
علاقات الاسلاميين المتطرفين بوكلاء خليجيين يعملون مناولين عند أطراف دولية مقابل وطنية و قومية النازية و الفاشية في ألمانيا وايطاليا مثلا.

الصفة ما قبل الرأسمالية لجوانب عديدة من مشروعهم المجتمعي المتقاطعة مع ما يشبه الرأسمالية التابعة المتوحشة في المستوى الاقتصادي "الصرف" مقابل الصفة الرأسمالية الامبريالية القومية الحديثة ،و لكن العرقية والعنصرية، للفاشية التي رغم اجرامها التاريخي أعطت لألمانيا دفعة اقتصادية رهيبة رغم تركيزها على التصنيع العسكري.

ليس هدفي الآن النقاش الفكري حول الفاشية اذ انني نشرت مؤخرا مقالا حول ضرورة " الجبهة الديمقراطية المتحدة ضد التطرف الاسلاموي" هذا رابطه (3) و لكنني أسألك يا رفيقي و أسأل من معك من قيادات في الجبهة:

هل يعقل ان تصفوا الاسلاميين المتطرفين بالفاشية ثم لا تذكرون في خطابكم من الطبقات و الشرائح الاجتماعية التي تتوجه اليها الجبهة الشعبية سوى الطبقات الشعبية من عمال و فلاحين و صغار و متوسطي الملاكين من الحرفيين والتجار و تنسون شرائح من البورجوازية و الملاكين العقاريين الكبارالذين - أنت استعملت في مقطع من خطابك العبارة العامية " يرغي" - يتذمرون من الفاشية هم أنفسهم؟

هل يعقل أن تصفوا الاسلاميين المتطرفين بالفاشية و لا تذكرون ان "اليمين الليبيرالي" يمكن ان يناضل ضد الفاشية هو الآخر و قد ناضل معه اليسارسياسيا بل وتحالف معه عسكريا في "الجبهة الوطنية المتحدة ضد الفاشية" و انه لا تكفي معه "التنسيقات الميدانية" حول نبذ العنف و مسائل الحريات فقط كما تكررون بل يمكن التنسيق الجبهوي السياسي الانتخابي معه انقاذا لمسار الانتقال الديمقراطي و تصديا لخطر ما تصفونه بالفاشية؟

يا رفيق حمة

كيف تشارك في تأسيس ائتلاف 18 أكتوبر مع "الفاشيين الاسلاميين" ضد "فاشية" بن علي و ترفض التحالف مع من تعتبره أنت و الجبهة الشعبية " اليمين الليبيرالي " - وليس الفاشي- في النضال ضد "الفاشية الظلامية"؟
هل تتحالف مع "الفاشية الاسلامية" ضد بن علي و لا تتحالف مع "اليمين الليبيرالي" غير الفاشي ضد الفاشية الاسلامية؟

كلمة أخيرة:

سيفرح الأغبياء من الاسلاميين المتطرفين بهذه الرسالة أيما فرح لأنهم سيعتقدون ان الفرقة بدأت تدب في صفوفنا نحن الديمقراطيين و قد يفرح بعض اليساريين و القوميين و الليبيراليين المتطرفين أيضا و لكن كل لأسبابه.

ان الجبهة الشعبية جبهة سياسية يوجد فيها مستقلون مثلي لا يمثلون الا أنفسهم و هي جبهة تؤسس لتونس ديمقراطية متنوعة حيث الاختلاف فيها ليس فقط نعمة و رحمة بل ضرورة حياة أو موت بالنسبة الى الشعب و الوطن.
لقد تعمدت – كما كنت أفعل دائما- ان تكون الرسالة مفتوحة و علنية حرصا مني على اظهار الاختلاف و قبوله عسى ذلك ان يدفع الاسلاميين و القوميين و الليبيراليين و اليساريين الى نقد أحزابهم و جبهاتهم علنا أيضا ان كانوا ليسوا "فاشيين" لأن تونس المقبلة لا تحتاج الى تنظييمات سياسية شبيهة بالتنظيمات العسكرية الحديثة أو بالطرق السرية القديمة.

أرجو ألا أفهم خطأ وأن لا يكون الكثيرون من الجبهة الشعبية و بقية الديمقراطيين في مثل حالتي من الانشطار و الارتباك.
كما أدعو من يكون كذلك أن يكون ايجابيا و بناءا اذا كان ينقد باحثا عن الخير للوطن و الشعب و ليس لتصفية حسابات سياسوية ضيقة هي أبعد ما تكون عما يريده الشعب التونسي من كل أبنائه الديمقراطيين مهما اختلفوا.

مع فائق الاحترام و التقدير... النقدي الايجابي .

الهوامش :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=338229 - 1

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=341134 - 2

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=349530 - 3








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهجوم الإيراني على إسرائيل.. هل يغير الشرق الأوسط؟| المسائي


.. وزارة الصحة في قطاع غزة تحصي 33797 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ال




.. سلطنة عمان.. غرق طلاب بسبب السيول يثير موجة من الغضب


.. مقتل شابين فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغر




.. أستراليا: صور من الاعتداء -الإرهابي- بسكين خلال قداس في كنيس