الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ الأخونة قبل أخونة التاريخ

شريف الغرينى

2013 / 3 / 19
المجتمع المدني


الأخونة ليست وليدة اليوم بل بدأت مبكرا مع حسن البنا وتجمدت فى عهد عبد الناصر تماما، ولكنها عادت بقوة لتزدهر فى عصر السادات بعد أن تم تدعيم الإخوان بحركات موازية من الوهابية التكفيرية التى تسمت فيما بعد بالحركة السلفية التى كانت فتواهم تصر باستماته على إطالة اللحية ولبس الجلباب القصير حتى يلقوا فى الأذهان أنهم مختلفين عن الإخوان ، منذ ذلك الحين بدأت الأخونة أو الوهبنة أو السلفنة فى العمل على قاعدة الهرم فعمدوا إلى نشر أفكارا شاذة ومتشددة ورافضة لكل الموجود على الساحة بينما التحالف الخفى والأجنحة الدعوية والسياسية والعسكرية تتعاظم وتتشابك وتنموا فى الداخل والخارج وتجد من يدعمها كراهية فى مصر وشعبها ، وكان لإهمال الساسة لقضية التثقيف وتعمدهم تغييب الوعى القومى المصرى بالغ الأثر فى نجاح الإخوان وحلفاؤهم فى فى الأنقضاض الفكرى على أعراف وتقاليد الشعب المصرى حتى أصبحت كل الرموز المدنية سواء كانت رموزا فنية أو فكرية أو تاريخية أو سياسية أو حتى علمية فى مرمى النقد والتفنيد الدينى لهدم التراكم الثقافى المصرى تمهيدا لتكفير المجتمع كله فيما بعد ..لن أنسى و أنا صغير كيف قال لى ولد فى مثل سنى: لقد كفر عبد الحليم حافظ لانه قال : قدر أحمق الخطا فى أحد أغانيه ، ولن أنسى خطب الشيخ كشك الذى جعل من منابرة مسارح للسخرية من المطربين والمطربات ولاعبوا الكرة والسياسيين والشخصيات العامة ، حتى أن شرائط الكاسيت التى كانت تحوى خطبه كانت تتداول على نطاق واسع خاصة فى البيئات الفقيرة، ولن أنسى ايضا مدرس التربية الدينية الذى لعننى أنا وأبى عندما قلت له ببراءة أن ابى لا يحب الإخوان ، و مع مرور الأيام وفى ظل المشاكل الإقتصادية والسياسية بدأت ثقافة التحريم و التكفير تنتقل من دعاة الإخوان والوهابية إلى الناس العادية، فبدأ الحجاب ثم النقاب ينتشرا كالنار فى الهشيم، ثم بدأ التوتر والتحفز بين المسلمين والأقباط يتصاعد ، وبدأت دعواهم تنال بالنقد والتحريم كل أنماط الحياة بعد أن طالعتنا فيما بعد فضائيات تدعمها جهات مازالت تذكر حملة إبراهيم باشا 1818 وكان هذا القائد الإبن الأكبر لمحمد على الذى مزق شملهم وقضى على افكارهم الشاذة ومذهبهم المنفر الذى بدأ ينتشر فى بلاد الحجاز انطلاقا من الدرعية عاصمة أل سعود الأولى، لقد كان كل من محمد على الرائد وابنه القائد روادا بحق لانهم لم يتوانيا فى القضاء على الحركة الوهابية فى مهدها لأنهم لم يكونا قصار النظر مثل السادات أو مبارك، وكانوا يعلمون خطورة مثل هذا الأفكار على العالم الإسلامى وعلى الشرق بالكامل لذلك كانا سابقين و كانا أحوط من أن ينتظرا حتى يتسرب خطرهم الداهم إلى مصر المحروسة ، ولكن للأسف أتت سبعينات القرن العشرين بالسادات الذى لم يكن موفقا فى حسابته، فأحيا خلاياهم النائمة فى مصر واستغل انتهازيتهم لخدمة أغراضه السياسية حتى قتلوه، أما مبارك فقد تعامل معهم على اساس أنهم ورقة سياسية فى الجيب ، يخيف بها الغرب حتى يضمن عدم انقلابهم على فاشيته خوفا من فاشية دينية تلوح دائما فى الأفق ، فكان يشد الحبل ويرخيه معهم وفقا لمقتضى الحاجة ومع ذلك كان يترك دولارات وريالات الوهابية تتسرب وتدعمهم فى الخفاء حتى صار وجودهم فى السنوات الأخيرة لحكم مبارك واقع واضح لا تخطئه العين ، يعلن عن نفسه من خلال فضائيات دينية تبث عبر النايل سات وغيره من الأقمار الصناعية! كل هذا وشعب مصر يعيش حالة الأخونة التى كانت تأكل ثقافتة وتضرب وحدته وتفت فى عضد وطنيته وقوميته يوما بعد يوم حتى صار بيننا من يؤمن على دعائهم على كل رموزنا الإجتماعية بالموت والهلاك فى صلوات الفجر والجمعة، وكلما مر الوقت كان الشعب يزداد كفرا بمصر و تاريخها وفى نفس الوقت يزداد إيمانا بهؤلاء المنحرفين ، وكانا يجدون فى الإعلام والصحافة ومنظمات حقوق الإنسان والنقابات من يبكى عليهم و من يدافع عنهم و من يضع حولهم هالات الطهر والنقاء وعباءات الإيمان وعلى رؤسهم اكاليل البطولة و الجهاد والمقاومة، إذا ما تم اعتقالهم ، ومع ذلك لم يسلم أحد لم يكن منتميا لهم تنظيميا فى هذا الوطن من الإتهام بالكفر أو الإدانة بمخالفة شريعة الله ، وعلى مدار ملايين الخطب فى المساجد والفضائيات كان الإخوان والسلفيين يزرعون فى الشعب فريضتهم الغائبة لتكون نواة للتمرد على النظام العام دون أن يقصدوا شخص بعينه ، فالتجارب اثبتت انهم ليسوا اعداء مبارك ولا ناصر ولا السادات ولا حتى الملك فاروق سليل أسرة محمد على ، بل هم أعداء للدولة المصرية بغض النظر عمن يحكمها ، لأن التاريخ أثبت أن موقفهم كان واحدا تجاه كل من حكموا مصر، و الغريب أن يصف الناس السادات بالدهاء والكياسة وهو من كان وراء إيقاظ خلاياهم النائمة ، عندما استعان بهم للتخلص من سيرة عبد الناصر التى كانت تقض مضجعه وتؤرق منامه ، واستكمالا لخطة طمس الحقائق وتشويه الزعيم ومناصروه، سمى نفسه الرئيس المؤمن وكان على هذه الجماعات الدور فى تكفير عبد الناصر ومن يؤمنون بفكره القومى حتى إذا فار التنور وأصبح السادات فى وضع رد الجميل؛ دخل فى مواجهة معهم وبدأ يطاله منهم ما طال الناصريين والقوميين واصبح السادات خائنا كافرا كغيره لأنه وضع يده فى يد إسرائيل ، لا أعرف كيف كان يفكر هذا الرجل عندما تحالف مع هذا التيار فى مطلع السبعينيات ولكن ما اذكره أنهم حاولوا أخونة الجيش، ونجحوا فى أن يقتلوا الشيخ الذهبى وزيرالأوقاف ومن بعده لفيف من رجال الشرطة والسياسة إيذانا بقتله فيما بعد عندما حاول تضييق الخناق عليهم ، واليوم بعد أن أسقط الإخوان نظام مبارك بدأو فى اسقاط الدولة المصرية بكل أعمدتها وهو ما يمكن وصفة بالحلقة الأخيرة فى الأخونة والتى سيتبعها التخلى عن الوهابيين والتخلص من كل أعضاء التيار الإسلامى المعضد لهم وذلك عندما تتحول مصر إلى دولة إخوانية كاملة المرافق ؛قضاء وشرطة وجيش ورجال أعمال وإقتصاد، ولن أتحدث عن التشريع أو البرلمان لأنهم بالفعل لديهم مؤسسة مكتب الإرشاد التى سيكون بديل غير منتخب عن أى مؤسسة رقابية أو تشريعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟