الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المملكة المغربية و مسلسلات الاستنبات السياسي

بودريس درهمان

2013 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بداخل المملكة المغربية، منذ تقريبا سنة 1975 و التلويح بمسلسلات الاستنبات السياسي تتوالى بدون أن تتوقف. و لماذا بالضبط سنة 1975؟ سنة 1975 لأنها هي السنة الاولى لبداية المسلسل الديمقراطي، و كلمة مسلسل تعني حلقات من التطور الديمقراطي الطبيعي المتواصل و المرتبط، و ليس التطور الديمقراطي المفتعل كما يريد أصحاب مسلسلات الاستنبات.
لقد اخترت استعمال مصطلح الاستنبات greffageأو implantation للتعبير عن ظاهرة واضحة للعيان و كان من الممكن ان اختار مصطلح الاستنساخ كما فعلت سابقا للتعبير عن ظاهرة اخرى مشابهة ترتبت عن استنساخ ديبلوماسي حصل ولا يزال حاصلا بين الولايات المتحدة الأمريكية و الجمهورية الفرنسية ابتدأ مع عهدي الرئيسين جورج بوش الابن في الولايات المتحدة الامريكية و نيكولا ساركوزي في الجمهورية الفرنسية(انظر بهذا الصدد مقالنا المعنون" الاستنساخ الدبلوماسي الفرنسي/ الأمريكي") و لكنه بما ان الامر ليس بيولوجي، فمن الافضل استعمال الاستنبات بدل الاستنساخ لأن الاستنساخ هو بيولوجي في حين الاستنبات هو على شكل غرس يحدث في بعض الاماكن الغير مخصصة لذلك أو فقط تلقيم لأغصان في ما بينها.
اللجوء الى التلويح بعملية الاستنبات السياسي يحصل أثناء المراحل الصعبة التي تمر منها المملكة المغربية حيث تم لأول مرة مباشرة بعد صيف 1981 و تم في المرة الثانية مع ربيع سنة 2013. و قد تكون كل هذه العمليات الاستنباتية نصائح لخبراء دوليين أجانب أو خلاصات متسرعة لسياسيين مغاربة يريدون التحرك خارج المسلسل الديمقراطي المتوافق حوله ما بين معظم المكونات السياسية الممثلة في البرلمان.
العملية الاستنباتية الاولى هي العملية التي كانت تخص استنبات التجربة الالمانية بداخل الحقل السياسي الوطني و التي من بين نتائجها تقسيم النظام التربوي الوطني الى ستة عشرة اكاديمية؛ و عملية الاستنبات الثانية هي التلويح بخلق كنفدرالية ما بين المملكة المغربية و جبهة البوليساريو. و لكي تتحقق هذه "الكنفدرالية" ترى بعض المنابر الاعلامية المروجة لهذه الفكرة ضرورة حصول الاعتراف المتبادل ما بين المملكة المغربية المسجلة في الامانة العامة للأمم المتحدة و جبهة البوليساريو التي لازالت لم تستطع حتى التخلص من الهيمنة الجزائرية فما عساها تفعل مع تمثيليتها لكل الصحراويين العرب منهم و الامازيغ و هي الجبهة العربية القحة...
المسمى "كنفدرالية" بالشكل الذي تم الترويج له من طرف بعض وسائل الاعلام هو "ادماج" لمكونات هي ليست من نفس الطبيعة، و كان من الممكن لهذا الادماج أن يحصل بين مكونات من نفس الطبيعة كأن يحصل مثلا بين المملكة المغربية و الجمهورية الاسلامية الموريتانية، اما أن يحصل بين المملكة المغربية و كيان ليست لديه اوراق اعتماد بالأمانة العامة لهيأة الامم المتحدة، فهذا في نظري عملية من عمليات التعديل الجيني للموروثات الجينية للدول.
لكل دولة موروثاتها الجينية التي تتوافق و كيفية ظهورها اثناء مراحل الولادة الأولى و تتوافق مع كيفية تحولها الديمغرافي و الديمقراطي عبر مسلسل التطور و التقدم الذي يخصها. هذه الموروثات تتطور وفق نموها الطبيعي و ليس وفق نموها الاصطناعي كما تسعى الى ذلك نظريات الاستنبات السياسي. يمكن التأكد من هذه العملية عبر استقراء تاريخ ولادة بعض الدول أثناء تحديد طبيعة الموروثات. لقد سبق و ان وضحت في مقالة سابقة بان النظام السياسي الاسباني مثلا هو "نظام فدرالي تحت الطلب"، بمعنى نظام فدرالي غير مكتمل البنيان(انظر بهذا الصدد مقالنا المعنون "فدرالية تحت الطلب"). و سبق كذلك أن وضحت في مقال سابق بأن النظام السياسي الفرنسي هو "ملكية رئاسية" لأن نفس الاختصاصات التي يضطلع بها الرئيس الفرنسي المحددة في الدستور الفرنسي ليوم 4 أكتوبر 1958 من الفصل 11 الى الفصل 19، هي نفسها الاختصاصات التي يضطلع بها رئيس الدولة في المملكة المغربية الذي هو الملك (انظر بهذا الصدد مقالنا المعنون: "ميشيل دوبري و الملكية الرئاسية في فرنسا"). الرئيس الفرنسي هو رئيس الدولة الفرنسية و القائد الاعلى لقواتها المسلحة. الرئيس الفرنسي هو من يقوم بتسمية الوزراء و يترأس مجلسهم. الرئيس الفرنسي يمكنه التوجه مباشرة الى الشعب لاستفتائه. الفصل 16 من الدستور يعطيه كامل الصلاحيات لقيادة البلاد اثناء الازمات الكبرى. الرئيس الفرنسي لديه كامل الصلاحيات لحل المجلس الوطني الفرنسي.
الموروثات الجينية التشريعية تتحدد في الدستور و تتحول وفق قانون الموروثات الجينيةLe code génétique. لقد سبق كذلك أن وضحت في مقال سابق طبيعة النظام السياسي الصيني القائم على عقيدة "الحكم الذاتي الاقليمي القومي، و هذه العقيدة من نوع الحكم الذاتي لا تتفق معها الفلسفة السياسية للاتحاد الاوروبي المحددة في ميثاق الحكم الذاتي المحلي الذي دخل حيز التنفيذ يوم الفاتح من شتنبر 1988.( انظر بهذا الصدد مقالينا المعنونين:"الحكم الذاتي الاقليمي القومي الصيني" و " الحكم الذاتي...الخيار الاوروبي بالقانون"). يبقى السؤال المطروح الموجه الى مروجي فكرة الكنفدرالية ما بين المملكة المغربية و جبهة البوليساريو هو كيف أمكنهم التفكير في هذا النظام الكنفدرالي و الموروثات الجينية لكل الدساتير المساغة بداخل المملكة المغربية لا تسمح بذلك، لا البنيات الادارية القائمة تسمح بذلك و لا التقسيم الجهوي يسمح بذلك و لا طبيعة جبهة البوليساريو تسمح بذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام