الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبادة الحاكم

ساطع راجي

2013 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


شاب في العشرينيات متخرج من كلية علمية ويجيد استخدام التقنيات، يمتلك حاسوبا متطورا وهاتفا بخدمات هائلة ويركب سيارة حديثة، سافر الى الخارج مرارا، يرتدي ملابس غربية ويشاهد الفضائيات، يتذكر بحسرة أيام صدام ويعتبرها "أيام عز وشموخ"، لا يمكن أن ألومه كثيرا على هذه العقلية المزيفة لأنه كان طفلا دون الخامسة عشر عندما سقط صدام، لكن هذه العقلية نتاج لعملية تزييف للذاكرة القريبة جدا، تورط بها شبان العراق، الذين لايريدون الانتباه الى ان معظم تفاصيل حياتهم كانت ممنوعة بموجب القانون وبعض هذه التفاصيل كان يمكن أن يعرضه للاعدام، سريعا ما سيرد على هذا الكلام بغياب الامن، طبعا شبان اليوم وبفعل عملية تضليل واسعة لايمكنهم الانتباه الى إن أمثالهم في زمن صدام كانوا لايتمتعون بالامن بسبب السيطرات التي لايجيد منتسبوها قراءة الهوية الشخصية، ولأن الحروب وسياسة العسكرة كانت تدفع بالشبان الى جبهات الموت بلا سبب، يعني لو بقي صدام لكان هذا الشاب في احدى الخنادق العسكرية النائية بلاماء ولا طعام ولاسكائر حتى "لف" بثياب قذرة ونائب ضابط متخلف عقليا يقوده الى اجتماع حزبي عن دولة من المحيط الى الخليج في أحلام القائد الذي يتناسى كثيرون ان غياب الامن اليوم هو بفعل تلاميذه المخلصين الذين ينتمون الان الى شتى الجماعات المتناحرة.
هذه الذاكرة المزيفة هي جزء من موروث عبادة الحاكم وهو موروث استولى عليه قادة العراق الجديد بشراهة وصار اتباع كل زعيم حزبي ينظرون الى زعيمهم كما ينظر اتباع صدام الى زعيمهم، والكل يهزج باسم قائده على انه "ضرورة" رغم تفاهته وتخلفه العقلي والانساني وركاكة منطقه ولغته وهذيانه المتواصل التي تذكرنا كلها بصدام بشكل يثير للحزن.
زمن صدام سيء، وهذا الزمن سيء، لكن الشعوب المتخلفة هي فقط من يتمنى عودة عقارب الساعة الى ما قبل عشر سنوات وهو أمر لايمكن حتى إعتباره حنينا مرضيا ليس لأننا في عصر القفزات التقنية والاقتصادية بل لأن المتخلف هو من يقترح على نفسه خيارين سيئين ويستسلم للاقتراح وكأنه القدر الوحيد، وحتى لو كنا مسلوبي الارادة وبلا حيلة فلا مبرر أن نجند أنفسنا للدفاع عن أحد الخيارين السيئين وأن نَقتل ونُقتل دفاعا عن خيار نعرف مسبقا انه سيئ.
الشعوب والجماعات التي تعبد حكامها أو زعمائها تحكم على نفسها بالضياع والموت، لأن عمرها هو عمر فرد واحد، ومصيرها مصير فرد واحد، إنه إتلاف أحمق للحياة والمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف