الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحليل الوظائفي لنص ( ليلة عاصفة )للكاتبة الفلسطينية الأستاذة عبير هلال

سالم وريوش الحميد

2013 / 4 / 11
الادب والفن



((مدخل ))
يعد منهج فلاديمير بروب في التحليل الوظائفي للحكاية هو امتداد وتطوير لمنهاج الشكلانين الروس الذين ابعدوا المعنى واهتموا بالشكل وقد قام بروب بوضع أسس منهجية لتحليل النصوص القصصية اعتمادا على هيكلية بناء وشكل النص باعتباره بنية مركبة ومعقدة ويمكن تجزئته وتفكيك عناصره على أساس وظائفي

ويعرف بروب الوظيفة هي
"الحدث الذي تقوم به شخصية ما من حيث دلالته في التطور العام للحكاية"
وقد اتخذت من نص الأستاذة عبير هلال كمثال تطبيقي لمنهج بروب النقد ي في التحليل الوظائفي ,,,
مقدمة
في كثير من الأحيان تمر علينا نصوص غارقة في الإيهام والإبهام وربما يصل النص إلى حد الاستخفاف بعقل المتلقي فيكتب القاص كتابات فيها تدليس وتورية لا يمكن تحليلها أو تفكيكها لأنها غارقة بالرمزية والغرابة الفكرية
والغرابة ( كمصطلح هو البعد عن أرض الواقع) ،
و هو بذلك أنما يحاول اقتفاء أثر المدارس الفنية والأدبية والفسلفية (الحداثية أو ما بعد الحداثية ) دون دراية أو معرفة منه بماهية هذه المدارس الفلسفية التي نشأت نتيجة التغيير الديناميكي للمجتمعات في كافة مناحي الحياة ، بما فيها التغير الفكري والأيدلوجي الحاصل بالرؤى والمفاهيم لتلك المجتمعات وما نشئ من صراعات وتجاذبات بين القوى المختلفة ، لذا تأتي مثل هذه النصوص مفتقدة للجمالية والمضمون ، ولست بالضد من استخدام هذه الرؤى في مجالات الأدب والفن والمعمار والاقتصاد لكن ضد استخدامها كمرآة خادعة للتورية تحاول تضليل المتلقي .
((القوة في البساطة ))
و على النقيض من ذلك قد نقع في ذات الخطأ من التقييم الغير دقيق عندما ننظر إلى النصوص الغير معقدة أو الغير مركبة أو ما نسميها بالنصوص البسيطة بأنها نصوص لا تستحق الدراسة ولا تستحق الاهتمام ، أنا أرى أن صعوبة بعض النصوص وأهميتها تكمن في بساطتها وعدم استخدامها .للغة مبطنة وتعمية مقصودة قد يكون الهدف منها إضاعة العيوب الظاهرة في لغة الخطاب والتصوير . وضد استخدامها لابتكارات جملية ولفظية وصورية لا تخدم النص .بل تضربه .
أن ما لمسته في نص الكاتبة الأستاذة عبير هلال ( موضوع الدراسة هذه ) هي هذه القوة الكامنة في النص البسيط
النص عبارة عن قطعة نثرية بسيطة التركيب عذبة الموسيقى تلامس شغاف القلب سردا ومضمونا ، لغتها شفافة وظفتها الكاتبة بشكل ذكي في نص غير معقد ،
ومضمون جيد وحكاية ممتعة هادفة ذات دلالات رمزية محدودة
فكرة النص
النص يحمل فكرة واضحة تتلخص في أن الأب ( بطل النص ) يمر في حالة خوف وقلق على ولديه الذين ذهبا في ليلة عاصفة دون أن يعرف عنهما شيئا ، وفي غمرة هذه التداعيات وقلقه المشروع تعود به ذاكرته إلى الوراء ليظهر لنا السبب الذي يكمن وراء مخاوفه على ولدية ،( وهي فوبيا ظلت ملازمة له منذ وفاة زوجه ) .. يتزوج الرجل من
أخت زوجته الراحلة لم يكن رغبة في الزواج ( لإرواء وإشباع غرائزه الجنسية والعاطفية ) بل لغرض إنساني آخر هو كي تخدم ولديه ولتعوضيهما الحنان الذي فقداه ..
ورغم ذا لم يمنحها قلبه لأنه ظل وفيا لذكرى زوجه .. وبعد صراع مع رغباتها تقرر الهرب لاستحالة العيش مع من لا يحبها ،ويمر النص بفترة زمنية مضمرة لكن التطور الدرامي للقصة يخبرنا أن السبب وراء غياب ولداه
هو محاولتهما لإرجاع زوجته إلى البيت من جديد بفعل خطة محكمة منها ومنهما تعود الغائبة بعد تداركها إنها كانت على خطأ لينتهي النص هكذا رغم أنها كانت غير واثقة من إنها ستتمكن من امتلاك قلبه لكنها قررت أنه يجب ألا تعيش سلبية القبول بالممكن
و أن تكون امرأة بلا إرادة بل يجب أن تكون امرأة فاعلة وقادرة على الوقوف بوجه التيار
((الخطاب القصصي للنص))
النص أقرب إلى الحكايات الشعبية لكنه من منظور معاصر ، لم يعرض تداعيات سيكولوجية أو سوسيولوجية معقدة بل أن العقدة النفسية كانت مجرد رهاب من العاصفة لأن البطل مر بتجربة قاسية
الرمز هنا يكمن في العاصفة والتي يمكن أن تكون لها دالة أخرى
وكون التحليل الشكلاني يأخذ شكل النص أو القالب الذي وضع فيه دون النظر إلى خلفيات القاص الفكرية وتبعيته وانتماءه أو ما للنص من معنى .. (بمعنى آخر موت الكاتب والابتعاد عن قصدية النص ) لذا سيكون تحليلي لرمزية النص خارج أطار منهج التحليل الوظائفي عند بروب وهذا أحد جوانب القصور في هذه المدرسة كونها تجعل النص مبتورا بلا انتماء ،
استخدمت الكاتبة طريقة سيميائية خاصة حددت به الأبعاد الإشهارية لنصها وجعلت لغة الخطاب فيه غير موجهة لفئة معينة من المثقفين أو القراء بل كان خطابا موجها للجميع لأنه خطاب يتمتع بقيمة معلوماتية تتفق والمدارك الحسية والفنية للمتلقي مهما تباينت ثقافته ومعارفه
النص عبارة عن لقطة داخلية قريبة من مكان الحدث وفي غرفة واحده عرضت كل مجريات الأحداث ومحاورها فيها (محور الرغبة ، محور الصراع ، محور الخوف ، والقلق ، الحب ) من خلال عدسة كاميرا دقيقة نقلت إلينا التفاصيل بأمانة ( إذ حولت النص من مفردات لغوية وجمل صورية إلى شريط سينمائي متخيل ) ، وقد أًُستكملت في عملية الاستذكار التي قام الأب بها على (طريقة الفلاش باك ) ثيمة النص ودلالاته الفكرية والرمزية والتأويلية وهو الركيزة الأساسية لهيكل النص التي اعتمدتها الكاتبة في عملية السرد
الافتقار بالنص
في النص أفكار متسلسلة تبدأ من حالة افتقار إلى حالة إصلاح لهذا الافتقار بعودة الأولاد والزوجة للبيت والتخلص من عقدة الخوف
ولو حددنا حالات الافتقار في النص لوجدناه تكمن في النقاط التالية
افتقار بمعرفة حالة الجو
(ذهبا سيرا على الأقدام ، ولم يكونا قد سمعا نشرة الأخبار لذلك اليوم. ))
، الرجل كبير السن ، لا يعرف كيفية استخدام الجوال
الزوجة الثانية تفتقر للحب
العناصر المتعدية
العاصفة والشجرة كانا رمزين للمعتدي فالشجرة تمثل الخضرة ومكامن العطاء لتكون هي والعاصفة عنصري شر قلب حياة البطل السعيدة إلى حياة مضطربة وقلقة
و لتشكل وظيفتهما بعد ذلك العقدة الرئيسية في النص
وحتى تعود الحياة إلى البيت يجب التخلص من هذه الواهمة يجب أن تكون العاصفة في تفكير البطل جزء من نتاج الطبيعة الذي قد لا يأتي بالشر فقط بل يمكن أن يكون جالبا للخير
العاصفة التي كانت سببا بوفاة الزوجة استخدمت الكاتبة وظيفة تفسيرية للتعريف بها
((هناك كره عنيف بينه وبينَ العاصفة ))
الشجرة كانت عاملا مساعد ا في هذه الوفاة
(( وجد زوجته ملقاة تحت الشجرة التي كانت تتأرجح عليها وتحبها كثيرا ))
عدم الاهتمام وقلة الخدمات في المستشفى بالزوجة وتركها الخروج منه دون رقابة ،
(( وفي منتصف الليل أيقظه رنين الهاتف: سيدي لم نجد زوجتك بجناحها في المسشفى.. ولا نعلم إن غادرته بهذا الطقس العاصف.. ))
الجهل وعدم الخبرة بأمور الولادة
(( اشعل الموقد وعملَ كل ما أخبرته به زوجته الحبيبة ، دلال. ))
الترتيب الزمني للأحداث
الزمن اللاحق توالي الأحداث ــــــــــــــــ الزمن السابق الرجوع إلى الماضي ــــــــــــ سابق السابق محاولة استرجاع للذكريات القديمة ـــــــــــــــــ الزمن اللاحق > نهاية الأحداث التحول من وضيفة القلق إلى وظيفة السعادة
المثال الوظيفي في النص
البحث عن الأولاد وحالة الاضطراب ،الزوجة حامل الرجل يقوم محل الدكتور بتوليده زوجه ، تنجب الزوجة توأمين ، الموت
الرجل يتزوج بطلب من عمه ، الزوجة الثانية تهرب ، ثم تعود
و كمحاولة لتعويض افتقاره البدني والسيكولوجي
يكون حبه لولديه حبا مفرطا
محاولة البقاء على أخلاصة لزوجته الراحلة
الاختبار الرئيسي واكتساب المعارف
تعتبر الفترة التي تزوج فيها الرجل هي فترة اختبار لعاطفته ولحبه لزوجته لاشتراطه أن يكون الزواج مقابل عدم منح قلبه لزوجته الثانية
ابتعاد الزوجة الثانية عنه هي حالة اختبار ترشيحي لذاتها ولاختبار الزوج هل سيشكل غيابها افتقادا لها

المنع
منع الرجل والدكتور الزوجة من الخروج من المستشفى - يجب عليك البقاء، وضعك لا يحتمل ..
نظرَ إليها زوجها بتوتر وقلق : اسمعي كلام الطبيب..
منع الزوجة الثانية ولديه من أخبار أبيهما بمكانها
((لقد وعداها الأ يخبرا والدهما والتزما بالوعد .. لا تعلم كيف استطاعا ولكنهما فهما رغبتها وربما خوفاً إن علم والدهما أن يحرمهما منها.. ))



الخرق
خروج الزوجة من المستشفى ( وظيفة خرق ) فقد كانت لا ترغب في الابتعاد عن زوجها وترتب على وظيفة الخرق هذه إن العاصفة كانت سببا في فقدانها حياتها ، إضافة إلى عوامل أخرى كانت مساعدة منها سقوط الشجرة

كل الشخوص في النص هم فاعلون لا يوجد أبطال مساعدون فلكل منهم وظيقة رئيسية إذا ما استثنينا الدكتور
المكافئة
نهاية القلق الذي عاشه الأب جراء الانتظار ، عودة الزوجة الثانية بعد اختبار ترشيحي ( وظيفة عودة )، التخلص من فوبيا العاصفة نهاية سعيدة للجميع
الاختبار الممجد
النهاية كانت الذروة التي وصل إليها النص إذ تم الرضا والقبول لأبطال النص جميعا
حصول قناعة من الأب بأن ولديه أصبحا رجلين
((يا الله أبناي أصبحا رجلين.. ))

انجاز المهمة التي قام بها الولدان
وصول الزوجة خفية
التقت عيناها بعينيه وهمست له : أنا أسيرة هذه الليلة العاصفة .. لم يكن ينبغي علي أن اكون موجة يحركها البحر كما يشاء
.
محاولة تأويل النص
إذا اعتبرنا أن الولدين هما السبب العرضي الذي كان وراء موت أمهما وجلب التعاسة لأبيهما فهما كانا السبب بعودة السعادة لهذا الأب ،
وإذا اعتبرنا أن العاصفة كانت السبب الرئيسي في موت الأم تجد أن هذه العاصفة كانت جزء من العلاج النفسي للأب للتخلص من مخاوفه
إذن وظيفة كل من الولدين والعاصفة وظيفتان مشتركتان

لذا تبرز القيمة الانجازية للنص في توظيف قوى الصراع مرة للخير ومرة للشر

هناك مثل باسفيكي يقول
الجبل لا يحتاج جبل لكن الإنسان يحتاج إنسان ))))

تعتبر وظيفة الإبلاغ والإفهام للنص أ والرسالة التي أرادت الكاتبة إيصالها هي
إن الإنسان مهما بالغ بعدم حاجته للآخر فأن ثمة قصور يعترض مسيرة حياته لأن الوظائف البيولوجية والسيكولوجية لكل من المرأة والرجل يتضافران مع بعض ليكونا بمجموعهما ديمومة الحياة وسر بقائها
مع التقدير لكاتبة النص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد