الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الديمقراطية ناظم أساسي لمسارب الثقافة
خالد ديمال
2013 / 4 / 14الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يقتضي الراهن الثقافي البحث في إشكال الخطاب الثقافي، وبموازاته مشروع المجتمع الديمقراطي باعتباره مرتبطا بموضوع الحداثة. هذه العلاقة في حد ذاتها تحتمل منحيين، المنحى السالب، بمعنى (الخطاب الثقافي السائد)، والآخر الإيجابي (الذي يهنا في مستوى التحليل)، وهو الجانب الذي يجعل المثقف، ومن موقعه، معنيا بالإنخراط في إنتاج الخطاب الثقافي المغاير، رغم ما يضعه هذا الموقف من ضبابية تشوب علاقة الثقافة بالسياسة.
إن وجود علاقة إيجابية يرتبط فيها الخطاب بمشروع المجتمع الديمقراطي يكشف وجود أنماط سياسية ترسخ الثابت كحركة سكونية اعتمادية (جامدة).
إذن، هي وظيفة صراعية ما دام النقيض / السائد يبحث عن التوطد الهيمني بوجود ينافي المنطق الإنساني في شموله، فما دام الخطاب الثقافي المغاير / البديل يحمل بذرة الإيجاب، فهو محمول نقدي في محتواه بحسب الوظيفة الصراعية التي يتضمنها. بل أكثر من ذلك أن هذا الخطاب الثقافي صدامي بطبعه لأنه يدخل في مواجهة مع أنماط التفكير السائدة، لكن إذا لم تتوفر له شروط الإنتشار، فإنه يتقزم، ويتحول إلى خطاب نخبوي ملتف حول نفسه أكثر منه خطابا جماهيريا. كما أن من ميزاته أنه خطاب فكري / فلسفي يبشر بالمجتمع الديمقراطي ويدعو له، وفي نفس الوقت ينظر له في صور مختلفة، وبلغة تأصيلية في غالب الأحيان.
الحداثة قوة عقلية منتجة
الحداثة تقتضي نقد التراث، كأداة إستراتيجية تتيح استيعاب روح العصر، بنسبية متفائلة ناظرة نحو التقدم بعيون مفتوحة، من خلال ممارسة التأثير الإيجابي على الحاضر، وفيه أيضا، بمعنى إعمال المنطق العقلاني المحض. لكن هذا لا ينعي القطع النهائي مع التراث، بل بتواصل نقدي يمكن من فهم الذات لتجاوز عوائقها الداخلية، والهدف هو القطع مع التخلف بعد استيعاب نواقصه.
للمثقف الحداثي دور أساسي، كمساهم في تطوير الثقافة، وتقويم أسس الإنطلاق فيها، لكن بعقلية الناقد، لا عقلية المحقق، كما هو حال المثقف التقليدي، بمعنى تحول المثقف إلى دور الوسيط من خلال ابتكار صيغ عقلية جديدة تفتح أبواب التواصل، وبالتالي التقدم. وهذه المماثلة التوسطية هي التي تسهم في خلق مجتمع مدني قوي. لذلك، فالدور الحقيقي المنوط بالمثقف هو خلق الأفكار الجديدة وابتكارها، وهي الميزة الوحيدة التي باستطاعتها توليد مساحات جديدة تنصهر فيها علاقات الناس، وتستنير العقول، وهنا تتجسد استقلالية المثقف، بما ينافي امتلاك الحقيقة المطلقة، لأن هذا الإدعاء ينفي عن المثقف صفة المرشد الموثوق باستنارات كشوفه العقلية إلى مجرد موال سيء يناشد السلطة، ويدعو للإستبداد ويمجده، بخلاف المثقف المنتج للأفكار –أي المفكر والفيلسوف- الذي يسترشد السياسي بفكره. وهذا يعني كيفية التعاطي مع الظواهر المستجدة في البنية الإجتماعية. لذلك، فجانب الكشف والخلق هو المنطق الواجب تبنيه لتسهيل الإنخراط في مستجدات الواقع.
ما يهمنا في موضوع الثقافة هي الأسئلة ببعدها العميق أكثر من النتائج، فما دامت الثقافة حركة مشخصة، ومعطى بديهيا، وفي غالب الأحيان إجابة افتراضية داخلة في إعادة إنتاج التركيبة الذهنية / الإجتماعية، فإن التعريج على ماهية الثقافة ينتهي بالبحث في الأهداف، كمستوى نظري حاضر بكثافة بما هو مجال لسد الحاجة الفكرية، وبالضبط فيما يتعلق بالتكوين، كفعل ضروري يسعى إلى التكامل في نسق معين، مستعد لقبول قوانين مغايرة، وكمسعى أنطولوجي تتفجر فيه حقيقة الثقافة باعتبارها سياقا فلسفيا فاصلا في التناقض، ليس بناء على حكم قيمة مطلق، ولكن بتفكير منطقي ممنهج ونسبي أيضا.
الثقافة عملية بناء منتظم
المقاربة الثقافية روزنامة مركبة تشمل المعرفة بسماتها المتنوعة، كملامح اجتماعية، راسمة للذاكرة، وبآليات ضبط معينة. وهو تخريج تترتب عنه استساغة كون الثقافة نظرية محكمة بتبعات اجتماعية. وبصيغة حصرية أكثر، الثقافة استغراق تأليفي نظري هدفه التنظيم، وبأسس منهجة، مقرونة بالتكوين، توضح حقيقة الثقافة كتحديد متخم بالتشيع الفكري (في تشكيلة اجتماعية معينة)، وهو أساس التملك المعرفي، في الماهية الثقافية كجوهر.
إذن، محمول الثقافة وظيفي بالأساس، لأنه يمس متحددا اجتماعيا (الإنسان)، ورفع الإلتباس هنا يعني تفكيك المداهمات الفكرية التي لا تخلو منها الثقافة، وهو ما يفيد عمليا، تطويع مفهوم الثقافة كشرط إجتماعي مفهومي، بصيغة النهوض على أسس سيرورية مناوءة للقبول بالأمر الواقع. هذه المناوئة لا تعني التطاول، ولكن الطبيعة الصراعية للثقافة هي التي تعبر، وبطريقة دينامية، عن مطلب التجاوز.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا