الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضيحه في بيت فريال (22)

جاسم البغدادي

2013 / 4 / 15
الادب والفن


فضيحه في بيت فريال


(22)


ازدحمت الزوابع الرعديه في رأسي , وخسفت كل الاقمار الورديه التي كانت تدور في فلك الرؤيه التي راح وهجها يذبل تحت ثقل الجبهه ,الشلل يرخي عيناي , ما عدت قادرا على تركيز الرؤيه ... قاومت الاضطراب العاصف الذي غدا يبعثر اعماقي كالدوامه ..سيطرت على ما تبقى لي من فتات وعي وقلت لها :
- فريال ..لا تقولي ذلك ..اني..
كان صوتي مخذولا بين الحشرجه والخنوع ..قاطعتني بسرعه
- لا تكمل , اعرف ما تريد قوله , لكن لا جدوى , يبدو اننا نحلم , نسخر من انفسنا
اخذت تسحق وجهها بعصبيه وهي تتمتم :
- يألهي ! انه شئ فضيع ,
صرخ كياني كله من هذه الكلمات , ومن جديـّتها وعصبيتها , تمنيت لو انها قلبت هذا الامر الى مزحه , ووصف نفسها انها مومس لم يكن الا حرشه , مزحه ثقيله , لن يتجاوز ذلك , اني واثق ,لكني اريد ان اسمع ذلك منها , اريد ان تغلق هذا الملف المهلك , ونعود لما كنا عليه ..يا ألهي ..اني استرحمها ان تكف عن هذا الاستبداد باتخاذ قرار النهايه الان ..قلت لها متوسلا :
- فريال اسكتي ارجوك , لماذا تقولين ذلك انا مرتعب الان
بدت كأنها لا تسمعني ..ما زالت تفرك بأناملها جبهتها وحاجبيها المقطبين , حاولت ان اهدئها , مددت يدي لازيح كفها عن وجهها لكنها دفعت يدي بقوه وهي تقول :
-لا تلمسني , لاتلمسني ارجوك
يالهي , عدنا للتوتر , اتمضي حياتنا هكذا , الا يوجد خلاص من التوتر الا بالخلاص من الحياه نفسها , اللعنه , انا لا افهم شيئا مما يجري , لماذا انقلب كل شئ من قمه السعاده الى غور النكد ..
مرت لحظات وهي على هذه الحاله ثم سكنت يدها , طرحتها جانبا زفرت بعمق وبقيت ساهمه ..شعرت انا ببعض الراحه , سرعان ما راحت تتحدث يصوت منخفض كأنها تحدث نفسها , كانت عيناها متسمرتين على السقف قالت :
- لا , لا استطيع , لا استطيع ان اكتم اكثر , لا فائده من الكتمان , احتاج ان ابوح بكل شئ , اريد ان انفجر , اعترف , ما دام الاعتراف ينجيني من خطيئه تناسلت معي في الارحام , رحم يسلم الخطيئه لرحم .. هه ..تماما مثل سباق البريد , استلم واركض , اركض وسلم ..
ثم راحت تمزج البكاء بالضحك وتردد :
- انا من برج الاسد , ملعونه المرأه من برج الاسد , متهومه بما ليس فيها , مومس وان لم تزني قط , ههه, لكن الشريفه شريفه , ولو زنيت الف مره , كلنا بغايا وموامس , خلقنا للخطيئه , ولا غير الخطيئه , موامس في غابات الاسود التي لا تفهم انها هي الاخرى مولوده من رحم خطيئه ...اللعنه
ادارت وجهها الى الجانب الاخر , سرعان ما حركت جسدها الى هناك ايضا ..انكشف اعلى ضهرها امامي ,هزني بياضه , ونعومته ,وصفاءه , تمنيت لو كنت املك لماظه شعريه لوصفه ,تلك الرقعه المتواريه لكنها تختزل تاريخ الشروق السرمدي , تلك الرقعه المضيئه ابدا فلا تنالها تقلبات الفصول ودوران الكواكب ومماحكه الارض اليوميه للشمس..لم اعد قادرا على استيعاب كلامها , كان اشبه بالهذيان , لم اتعود ذلك منها , فريال الان غير فريال التي عرفتها ..هي من اخرجني من قاروره الجبن والتردد الذي كان يغيـّب عني كل حروف اللغه حين اهم بالكلام ...ليست هذه فريال التحدي ولا القوه والحزم ..هذه امرأه كسيره , تثير الشفقه ..لا اريدها هكذا ..لا احبها هكذا ..استجمعت رجفات كياني رحت ازمّها على الشفتين والفم كي انطق ..حالتها اخرستني تماما , شلـّت لساني عني انتقاء القول المناسب .. لا اعرف ماذا اقول لانني ببساطه لا افهم شيئا مما تقوله هي ...قلت بمسكنه متواضعه حد القرف :
- فريال ..اتركي هذا الكلام الان , حاولي النوم , الصبح...
وبزفره اشبه بالنزف , وفرار الروح من الم الاحتضار قالت:
- دعك عني , الصبح امضي وحدك لحياتك , انسى , لن تستطيع المداومه , صعب جدا , انت مثلهم , تفكر في كل شئ وتسأل عن كل شئ (راحت تشير بكفها امام وجهها وتتحدث بتشنج) ..لانكم يجب ان تعرفوا كل شئ , لانكم يجب ان تفهوا كل شئ ,لانكم يجب ان تحكموا على كل شئ .. لان عقلكم (ضربت على جانب وجهها) يقول لكم لا تسيروا في الظلمه دون ان تشعلوا قداحه , خوفا من السقوط في الحفره ..الحفره التي سقطت بها (البهيمه) قبلكم ...امكم المومس الزانيه المرجومه ...اللعنه عليكم ..(ثم ادارت نفسها نحوي بعنف , عيناها ارعبتني جدا , كانت حمراء متسمّره ..حاده النظر..وقالت بغضب :
- اسمعني ..لم تتعلق بي اكثر مما تعلقت انا بك ...لكن لا نخدع انفسنا اكثر ..لن تتغير انت ولن اتغير انا ...لا طريق لنا سويه الا للجحيم ..قد لا اكون انا مثل ما يقال عني لكني اقبل بكل تلك الشائعات , اتمتع بها , اتلذذ وان كنت ترغب بالمزيد منها فسأعطيك اكثر ..هل تتحمل ذلك قل لي ؟ ..
لم انبس بشئ كنت مذهولا لاغير .. انظر لها ببلاهه لكن بحنق ..لماذا تفعل ذلك ؟ لماذا تتحدث بهذا الكلام الان ..؟؟ لا افهم شيئا ..بقيت ساكتا , تابعت هي :
- أرأيت ..الم اقل لك لن تستطيع المداومه معي
ثم ادرات جسدها واستقرت على ظهرها ..وراحت تتحدث مع نفسها وتشير بكفيها جانبا :
- يـُذهبكم ويأتي بخلق جديد ...يزني بأمكم ويرميكم في الشارع ويبحث عن ام اخرى يزني بها ليأتي ابناء آخرون (ثم راحت ترسم دائره في الهواء باصابعها ) وهكذا ..وهكذا ..وهكذا ..اما نحن (ابناء الزنا ) فنظل نبحث عن ابينا الضال ..وامنا المومس ...(ثم راحت تطبق بكفيها كأنها تصفق دون صوت وتغني ) طلق مرته وعاف اطفاله , بالكراده الشرقيه , (مليانه حراميه) ...انا , نوال , ام نضال ..اللعنه عليه وعلينا ..وعلى من خلقــ.....
قلت لها بفزع :
- فريال , لا تكفري , حرام
صدرت منها قهقهه بكائيه تجرها بصعوبه من اخاديد عبرات ساخنه وراحت تضرب كفها على جبهتها ....
- يا الهي يقول لي حرام , كفر ..ولا يتذكر ما كنا فيه قبل ساعه ...يشك اني مومس , وانا الان امارس المومسه معه ..
شهيق عميق جدا ثم قالت :
- نام الان , نام ..تعبت من الحديث ..لا طاقه لي به ولا بغيره ...
ثم ادارت جسدها للجهه الاخرى ولم تتكلم بعد ...

بقيت منطرحا على ظهري انظر للسماء البعيده المتواريه خلف سقف الغرفه المحبوس داخلها مع مشاعري المتمرده بصمت , السماء التي لاتشعر بي ولا بحاجتي لها الان , السماء التي لم ولن اتخيل يوما انها ستمد يدها لي من خلال الجدران كيد تمتد من خلال الموج لغريق يبحث عن قشه الخلاص , السماء على اتساعها ليس فيها قشه الخلاص , اين انا ؟, بدأ العرق يتصبب مني لقساوه ما كنت اسمعه ..من انا ؟ ..لماذا انا هنا ؟ العرق يزداد .. اشعر بسخونه تلتهم رأسي واطرافي , صداع , صداع قاتل مقبل علي ..قاطره من آلام الرأس تتجه نحوي ..رباه ان اهذي ..لكن لا ...سأقاوم ..كل ما سمعته سيمحى صباحا ..كلام الليل يمحوه النهار ..هكذا يقولون ..كلام ليل لا اكثر ....اذا كانت القضيه قضيه خراف عطشى .. والكلاء المقدس محترق لغضبه الرب فلتـُطمر كل العـُقد السرمديه ..وليرحم الرب عطش الخراف وضراعه الارانب وفزاعه الفئران من شرر اللهب... النعاس يثقل علي ..لقد اجهدت نفسي بما فيه الكفايه اليوم ..اريد ان استرخي قليلا ..شئ من الاغفاءه يريحني ..فريال ربما نامت الان .. ربما مازالت تركض نحو انفتاح الجرح الذي يطل كالحمره المشرقيه هناك بعيدا في الطرف الاخر من البحر يصبغه بلون الارجوان ..وطيور النورس تنام ساكنه وهي تجلس على امواجهه تهدهدها الريح الذليله امام قدسيه المشهد وجماليه الابداع الرباني ...الرباني ..يا رب ..شئ من النوم , أغمضت عيناي ....لكن كان هناك من يتربص بي في دهاليز الغمض احس به يتحين غمضه الوعي الذي راح يقاوم النوم حذرا مما بعده ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة