الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع المرأة بين الخصوصية والكونية: -نحو تجاوز التوظيف الإيديولوجي لسلطة الشرع- (1/2)

خالد ديمال

2013 / 4 / 17
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


مشكل المرأة يبقى مضمارا واسعا للنقاش، في صيغته العامة، لأنه يتناول شاملا اجتماعيا، غير محصور فقط بما هو خاص (أي المرأة بحد ذاتها)، فرغم اختلاف الأدوار، وإن بشكل نسبي، عن الرجل، فالتخصيص بداية خاطئة، رغم كل محاولة للتجاوز. فالحيف والمعاناة يتركزان بهذا الأساس، أي لكونها امرأة، فالبرامج السياسية إلى حد الآن لم تستطع أن تفك أسر المساواة في الحقوق. فمناط الديمقراطية يبقى فضفاضا دون التعاطي الإيجابي مع مشروع التنمية، والذي يبقى معزولا دون التفكير في المرأة، ككائن إنساني، له من القدرات (الذهنية والجسمية) ما يمكنه من تحريك قاطرة التحديث بالموازاة مع الرجل.

المرأة بين الحداثة وإشكال المرجعية المحافظة

إن من الأسباب العميقة في ترسيخ حاجز التصنيف الجنساني (الفئوي)، هو غياب الديمقراطية كجوهر، الشيء الذي يؤخر التحرير الحقيقي للمرأة، بأشكال ومظاهر مختلفة، لا يسلم منها حتى الرجل. فخصم المرأة ليس أباها أو أخاها، إنما خصم المرأة هو المجتمع بقيمه وتقاليده، لأنها محكومة به في جميع الإتجاهات. فالواقع يقول بأن الديمقراطية بما هي وسيلة لإيصال الأفضل من الشعب لسدة الحكم، قد تساعد في خلق شروط الإقلاع الإقتصادي وتحديث بنيات المجتمع، لكن بشمولية اجتماعية لا تقصي جنسا على حساب آخر، في إطار من المساواة تجمع الرجل والمرأة، كليهما بتآلف تام. والسؤال يأتي هكذا، كيف يتحقق مجتمع المساواة في الحقوق والواجبات؟..
لقد وضعت العدالة طبيعة المساواة بين جميع البشر، مما يجعل المستعبدين (بكسر الباء) والمستعبدين (بفتح الباء)، بالضرورة والإلتزام يختفيان من الوجود، باعتبارهما حالين عارضين، لكن الواقع الجنساني، مع ذلك، يؤكد يوما بعد يوم، وجود المستعبدين والمستعبدين باستمرار، كأن ضرورة وجود الإستعباد هي الأصل، في حين يظل التساوي مجرد حلم تجري وراءه البشرية بلهفة دون أن تتمكن من إدراكه.
هذه المظاهر، على الرغم من أهميتها، فهي لا تفسر لماذا تعد الديمقراطية غائبة، لذلك، يتعين البحث في اتجاه تحديد الأسباب. إن إدماج سلطة سياسية في بعدين، بعد سياسي، يتمثل في الدمقرطة، (أي تقوية الجهاز التنفيذي، وبموازاته استقلال القرار السياسي)، وبعد قانوني (تشريعي)، يتمثل في التقنين على أساس الإجتهاد، بمعنى إعطاء الأولوية لدينامية تفعيل النص القانوني متمسكا بمكانزم التحديث (كقوة إقتراحية متطورة). فتأسيس دولة الحق والقانون، في هذه الحالة، يفترض الإجماع حول قضية المرأة، في بعدها المؤسساتي، بتعديل النص القانوني (في جوهر الدستور)، ولو تضمن مبدأ المساواة، في قراءة مبسطة، لكنه يبقى معزولا ومختلا، ما دام متجاهلا لأسس التفكير الديمقراطي المبني على تكافؤ الفرص، كنص /خطاب، وواقع ممارساتي، يعزل المسافة الفاصلة بين جنس وآخر تحت طائلة القيم.

سكونية البنية الإجتماعية تأبد إخضاع المرأة

في هذا السياق، يمكن القول، أن وضع تطلعات تنموية اعتمادا على جنس معين (الرجل)، دون آخر (المرأة)، بدعوى الحفاظ على الخصوصية المجتمعية، غير ممكن واقعيا، لأن الإنتقال من دولة يحكمها منطق التقليد، إلى دولة إستراتيجية متحفزة، يضمنها الميل تجاه ثقافة حديثة وعقلانية، ترفض الإقصاء، كحق من حقوق المواطنة، ومبدأ يعطي الفرد، ككائن حي، وكجسم منتج ومستهلك، كعقل وإرادة، وسائل الإستمرار في عالم تهيمن عليه صيرورة أخلاق معينة. من هنا تنبع أهمية التحليل، سكونية متحجرة، ملتفتة إلى الماضي.
إن المراهنة الوحيدة الممكنة في الخروج من الأزمة، هي تلك التي تقوم على السعي إلى تغيير الوضع السياسي والعقدي الوطني، من أجل إعادة تنظيم جديد للقوى والموارد المادية والمعنوية، تسمح بتعديل موازين القوى، لتجاوز الحاضر وتطويره، وبالتالي بناء المشروع المستقبلي / المساواتي المنشود. وهو ما يعني عملية التأصيل الثقافي لحقوق الإنسان، وإبراز أسسها الفلسفية الواحدة في المكونين العالمي والخصوصي، بالبحث عنها في المبادئ العامة، أي نقاط الإشتراك المجسدة لإنسانية الإنسان، بسمو ذاتي تتساوى فيه حقوق المرأة بحقوق الرجل. ويأتي التحويل المجتمعي على هذه الشاكلة، ضمن تصور بنيوي ضمني لفكرة السبب (سبب الدعوة للمساواة)، فالسبب لا يكمن في حادث بعينه، أو شيء ما، بل يكمن في ترتيب (ربما مثل زر الإضاءة) تؤدي إذا حركت إلى نتائج معينة، مما يقتضي تشريح الواقع المتخلف بكل تداعياته، والتعمق على هذا الأساس، في فهم الواقع بإشكالاته المعقدة.
إن شعار تحرير المرأة في ظل "مجتمع مستغل ومقموع وبمعزل عن تحرير المجتمع ككل" يؤدي حسب عبد الرحمان منيف إلى "افتعال معارك وهمية تستنزف الكثير، وبالتالي يؤخر التحرير الحقيقي للمرأة".. فالتخلف يعطل إمكانات الإبداع، وملكات العطاء، إذ ينمحي فيه أساس المساواة، لأن العطالة وهي تسمية تأخذ أوصافا عدة، إدراكية، ثقافية، وغيرها.. لا تقودها لأي مقياس حقيقي للفعل، وهذا أحد أهم الأسباب في استمرار استعبادها، وتحويلها إلى مخلوق للمتعة ولاستمرار النوع، وبالتالي لم يجر العرف في التعامل معها كإنسان، له حق الإختيار، ولا حق التمرد، من أجل تغيير هذه الصيغة، والتي تعني، داخل العائلة، تحول الرجل إلى بورجوازي، والمرأة إلى بروليتاريا.
على هذا الأساس، فالديمقراطية الحقة، لا تنشأ من فوق، بل تنبع من تحت، أي من الخلية المجتمعية الأولى، التي هي الأسرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المساوات مصطلح وليس قانون
جميل مزيري ( 2013 / 4 / 17 - 20:46 )
المساواة تعني تقاسم الادوار وخصخصتها والامتثال امام القانون والحياة بالتساوي.والمساواة لا تعني قيام المرأة بذات الاعمال التي يقومها الرجل ونحن الرجال لانستطيع ان نقررر ايهما احسن للمراة واذا اقرنا بما هو احسن لها فقط ظلمتها فلها ان تقرر ولكن في الاول علينا ان نساعدها لكي تكون حرة وناضجة ومستقلة و في افكارها...وباعتقادي ان سألت هذه السؤال لعدد من النساء فأنك سوف تجد اجوبة مختلفة كل حسب حريتها و ثقافتها وطبقتها الاجتماعية .ولهذا فيجب على المرأة ان تحصل على قدر كافي من الحرية والثقافة لكي تستطيع هي ان تقرر ما هو افضل لها. على المراه 1.تطلب حقها الطبيعي في الحياه كانسان مع مراعات الفرق بين المراه والرجل هي نصف المجتمع واي مجتمع لم تحترم نصفها سيكون فاشل عليها ان تكون بمشستوى المسوليه لا فقط تحفظ شعارات واقوال بل يجب عليها العمل.
,فالمرأة في مجتمعاتنا لازالت أسيرة الشعارات البراقة حول حقوقها وواجباتها وما إلى ذلك و ولكن لابد لها أن تتحرر من كل هذا وتتحول من طور القول إلى طور الفعل , ولا يمكن للمرأة ان تتقدم وتتحرر من كل سلبي ما لم تضع يدها في يد الرجل الذي يعاني مثلها من أزمات عدة ابتداءً

اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان