الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد اللطيف معزوز والاستهتار بقضايا المهاجرين المغاربة بهولندا ..

محمود بلحاج

2013 / 4 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في ظل الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلد/ هولندا خلال العقدين الأخيرين، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث انعكس هذا الوضع، بشكل مباشر، على الواقع اليومي للمواطنين ، سواء على المستوى المعيشي أو على المستويات الأخرى، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تنامي ثقافة الرفض والكراهية داخل المجتمع الهولندي، بالإضافة طبعا إلى ارتفاع البطالة والأجرام بشكل رهيب. كما هناك أيضا، مسألة أخرى، تتعلق بالعوامل التي ساهمت بشكل كبير جدا في تأزم الوضع الداخلي للبلد (= هولندا) ، وعلى مغاربة هولندا تحديدا، ويتعلق الأمر هنا بالعوامل الدولية التي ساهمت بشكل قوى في بروز ظاهرة التطرف الديني داخل المجتمع الهولندي، وخاصة التطرف الإسلامي، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر أحداث 11 ديسمبر، الحروب الامبريالية في العديد من الدول العربية والإسلامية ( العراق، الصومال، أفغانستان والبوسنة..) وغيرها من الأحداث والوقائع التي لا يتسع لنا المقام لتناولها جميعا. هذا بالإضافة طبعا إلى سياسية الاستلاب الفكري التي نهجها المخزن المغربي ضد الأمازيغية التي تعتبر من ابرز المكونات الهوياتية للمواطنين المغاربة بهولندا.
لقد كانت لهذه الأوضاع نتائج سلبية على المهاجرين بشكل عام ، والمهاجرين المغاربة بشكل خاص، حيث أدت إلى اتساع رقعت الاحتقان الاجتماعي داخل المجتمع الهولندي من جهة، و تنامي ظاهرة الكراهية والتطرف الديني من جهة ثانية، ومن ابرز سمات هذا الاحتقان:
تشديد إجراءات الهجرة والإقامة (التجمع العائلي، تجديد الإقامة، الجنسية ..) ؛
بروز اليمين المتطرف كقوة سياسية وتنظيمية على الساحة السياسية والاجتماعية والإعلامية بهولندا؛
اغتيال تيو فان خوخ سنة 2004 على يد مغربي متطرف ومحاكمة مجموعة هوفسطاط خروب ؛
مشاركة فاعلة للشباب الهولندي من أصل مغربي في الأعمال " الجهادية" على المستوي الدولي ( الشيشان، البوسنة، العراق، الصومال وسوريا..)
على ضوء المعطيات السالفة ، وبشكل عابر، نود في هذا المقال تقديم وجهة نظرنا الخاصة في الموضوع المذكور أعلاه؛ وهي وجهة نظر شخصية قابلة للنقاش والحوار، وبالتالي فإنها قابلة للرفض والقبول، تدعى لنفسها الكثير من الصواب والموضوعية لكنها لا تدعى امتلاكها للحقيقة المطلقة، ومن هنا فإننا سنحاول رصد مواقف الأطراف المغربية المعنية بالأمر، أو بعبارة أخرى سنحاول رصد منهجية وطريقة تعامل المخزن المغربي مع قضايا المهاجرين المغاربة بهولندا بشكل عام، وحول كيفية تعامله مع القرار الهولندي الأخير القاضي بتقليص التعويضات الاجتماعية للمغاربة المقيمين في بلدهم الأصلي (يتعلق الأمر هنا بالأرامل والأطفال) ، وبالتالي سوف لا نسعى إلى تقديم إجابات بقدر ما سنركز على تقديم ملاحظات وطرح أسئلة من اجل تنوير الرأي العام بحقيقة تعامل المخزن مع قضايا المواطنين المغاربة بالخارج عامة، ومغاربة هولندا على وجه الخصوص.
إذن ، على ضوء المستجدات التي تعيشها الهجرة المغربية على كافة المستويات( سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، تربويا وقانونيا..) ، وفي هولندا على وجه الخصوص، ومنها القرار الهولندي الأخير ، تحركت " الدبلوماسية" المغربية في شخص السيد عبد اللطيف معزوز ، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، لكنه بعد فوات الأوان ، وذلك من أجل تهدئة الوضع والأجواء العامة ولا شيء غير ذلك؛ وهي أجواء القلق والترقب بشكل عام، سواء تجاه القرار الهولندي عامة أو تجاه موقف الحكومة المغربية من القرار نفسه؛ وهو التحرك الذي أفصح لنا، مرة أخرى، على حقيقة تصور وتعامل الحكومة المغربية تجاه قضايا ومشاكل مغاربة هولندا. لكن قبل تناولنا لموقف الحكومة المغربية، لابد من الإشارة أولا أن الحكومة الهولندية أبلغت – رسميا- نظيرتها المغربية في شهر ابريل 2011، رغبتها في تعديل الاتفاقية الثنائية المبرمة بين البلدين سنة 1972 بخصوص الضمان الاجتماعي، وتوالت بعد ذلك الدعوات الهولندية للسلطات المغربية من اجل التفاوض بهدف تعديل الاتفاقية المذكورة سابقا إلى أن الحكومة المغربية لم تهتم نهائيا بالموضوع إلا بعد مرور الوقت؛ أي بعد أن دخل القرار الهولندي حيز التنفيذ مع بداية يناير الماضي. في سياق هذه الأجواء العامة عقد السيد عبد اللطيف معزوز خلال الشهر المنصرم ( أيام 23 و24 مارس 2013 ) عدة لقاءات " تواصلية " مع المواطنين المغاربة بهولندا( دين بوش، اوتريخيت وليدن) قصد تهدئة الأوضاع والأجواء التي نشبت بعد البدء الفعلي والعملي للقرار الهولندي . وعندما نقول هذا الكلام ، ونؤكد عليه، فإننا نعى جيدا طبيعة ونوعية السياسية التي تنهجها الحكومة المغربية تجاه مغاربة العالم عموما، وتجاه مغاربة هولندا خصوصا.
ومما هو جدير بأن ينبه إليه في هذا سياق هو أن هولندا اعتمدت خلال السنوات القليلة الماضية سياسة التقشف على أكثر من صعيد، حيث في هذا الإطار العام يندرج القرار الهولندي السالف الذكر بخصوص تخفيض التعويضات الاجتماعية للمغاربة المقيمين بالمغرب تمهيدا لوقفها بشكل نهائي مع مطلع السنة المقبلة ( 2014) ، فإذا كان هذا القرار مفهوما من الناحية الاقتصادية والسياسية فان الأمر يختلف من الناحية القانونية والأخلاقية، كما أن الموقف المغربي من القرار الهولندي السالف غير مفهوم أطلاقا ، حيث مازال الموقف المغربي يتراوح بين الارتجال و اللامبالاة . تتجسد قمة هذا الموقف ؛ أي الموقف المغربي من قضايا المهاجرين المغاربة عامة، ومن القرار الهولندي الأخير خاصة، في كون أن سياسة الرباط تجاه المهاجرين مازالت تتمحور - أساسا - حول العملة الصعبة أولا، وثانيا حول الاحتواء والتحكم، وبالتالي فالمهم بالنسبة للحكومة المغربية هو استمرار تدفق العملة الصعبة على خزانة بنك المغرب، ومن جهة أخرى التشبث بالنظام القائم.
ومن هنا يمكن القول أن الحكومة المغربية مازالت تنظر إلى الجالية المغربية بالخارج كبقرة حلوب فقط ولا تهمها وضعية المواطنين المغاربة بالخارج ، ومازالت في ذات الوقت تمارس ضدها جميع أشكال الإرهاب الفكري ( التخويف والترهيب ..) من اجل استمرار تدفق العملة الصعبة.

عبد اللطيف معزوز وتكريس الأزمة:

سوف لن نسترسل هنا، والآن ، في استعراض جوانب من الغباء السياسي المغربي تجاه قضايا الهجرة المغربية بهولندا، قبل أن نلقي نظرة سريعة وشاملة، على طبيعة اللقاءات " التواصلية" التي عقدها عبد اللطيف معزوز بهولندا خلال الأيام القليلة الماضية. فمن الناحية الشكلية نلاحظ، ونسجل، أن مجمل اللقاءات التي عقدها معزوز مع المواطنين المغاربة بهولندا كانت ارتجالية واستعراضية أكثر منها إستراتيجية، حيث لا ندري ما هي أهدافها وغاياتها ؟ فالمتتبع لتلك اللقاءات؛ أي اللقاءات التي نظمها السيد معزوز مع المواطنين المغاربة بهولندا، سيلاحظ أنها كانت تتمحور حول عدة مواضيع وقضايا هامشية وثانوية في الوقت الراهن، وذلك لطبيعة المرحلة التي يعيشها المواطنين المغاربة بهولندا الآن. ففي الوقت الذي تعيش فيه الجالية المغربية بهولندا مشاكل عويصة، وبالجملة، ومنها مشاكل البطالة، التطرف، الإجرام، الهدر المدرسي، العنصرية وغيرها من المشاكل التي تتطلب حلول سريعة وعاجلة، جاء السيد معزوز يحدثنا بنفس العقلية القديمة والجديدة، حيث سار يحدثنا عن فرص التنمية والاستثمار في البلد الأصلي/ المغرب، بل والأفدح من هذا أنه سار يحدثنا أيضا عن " ضرورة" التشبث بالمذهب الملكي وتدريس اللغة العربية. نشير في هذا السياق أن السيد معزوز ، ولا غيره من المسؤولين المغاربة، تحدث مثلا عن الاستثمار الذاتي للمغاربة داخل هولندا من أجل تقليص نسبة البطالة في صفوف المواطنين المغاربة بهولندا، وبالتالي العمل على تشجيع المغاربة ( رجال الأعمال المغاربة) على الانخراط في سوق العمل الهولندية، وبالتالي المساهمة في تحسين صورة ووضعية المغاربة بهولندا.
على أية حال، ففي الوقت الذي تعيش فيه الجالية، وبشكل عام، حالة من القلق والتوتر بعد القرار الهولندي المشار إليه سابقا، و بعد تأكدها من مشاركة عدد كبير من الشباب المغربي في الحرب الأهلية بسورية ، وهو الموضوع الذي اعتبره السيد الوزير " جديدا " هكذا !!، قلنا في سياق هذه الوضعية جاء السيد الوزير يحدثنا عن تدريس اللغة العربية لأبناء المهاجرين وبعض القضايا الإدارية العادية مثل تعشير السيارات والطلاق وغيرها من القضايا الإدارية. لا ندري أين كان السيد معزوز لما ذهب الشباب المغربي قبل سنوات للقتال في العراق، الصومال والشيشان ؟ ولا ندري أيضا أين كانت الحكومة المغربية، وممثلها السيد معزوز ، لما نقلت وسائل الإعلام الدولية بمختلف أنواعها خبر اغتيال تيو فان خوخ على يد هولندي من أصل مغربي؟
بناءا على ما سبق توضيحه نرى أن اللقاءات التي عقدها السيد عبد اللطيف معزوز لم تكن مبرمجة ضمن أجندة وإستراتيجية الحكومة المغربية تجاه قضايا الهجرة والمهاجرين، وإنما فرضتها التطورات التي اشرنا إليها سابقا. وبالتالي فأن التساؤل عن ماهية الأهداف المتوخاة من اللقاءات " التواصلية" التي عقدها السيد معزوز مع المواطنين المغاربة بهولندا تظل مشروعة ومنطقية في ظل الارتجال والاعتباط التي سادها . نظيف إلى ما سبق تناوله بصدد اللقاءات التي اشرنا إليها سابقا ، مسألة أخرى، تبدو لي في غاية الأهمية أيضا ؛ وهي أن جميع اللقاءات التي عقدها السيد معزوز مع المواطنين المغاربة بهولندا كانت مفتوحة في وجه الجميع حيث كانت الدعوة عامة ، لهذا فإنها تميزت – إجمالا - بأمرين، الأول هو الحضور المكثف لأعوان المخزن ( الوداديات وبعض تجار المخدرات ..) الذين لهم تاريخ اسود في تاريخ الهجرة المغربية بهولندا ، والثاني هو غياب جدول أعمال محدد من جهة، وغياب شبه مطلق للفعاليات الديمقراطية المغربية بهولندا من جهة ثانية( وهذا معطى آخر على ارتجالية واعتباطية اللقاءات السابقة الذكر) ، وهو الأمر الذي أدي في نهاية المطاف إلى سيادة وسيطرة القضايا الإدارية على معظم تلك اللقاءات الاستعراضية، كما تتبعناها في الإعلام وسمعناها أيضا من بعض المشاركين.
أما على مستوى المضمون فان اللقاءات التي نحن بصدد مناقشة مضامينها لم تضف أي شيء لواقع الهجرة المغربية بهولندا، وبالتالي فإنها لم تساهم في تقديرنا، ولو ب 1% ، في حل مشاكل المواطنين المغاربة بهولندا، بل بالعكس تماما ، حيث ساهمت في انتشار الإحباط والقلق في صفوف عدد هائل من المواطنين المغاربة بهولندا. ففي الوقت الذي يعيش فيه - معظم - مغاربة هولندا على حدثين بارزين ، أولهما هو القرار الهولندي القاضي بتخفيض التعويضات المالية لمجموعة من الأسر المغربية التي تقطن في بلدها الأصلي / المغرب، والثاني يتعلق بالتحاق عدد هائل من الشباب الهولندي من أصل مغربي " للجهاد" في سوريا، جاء السيد معزوز يحدثنا عن تدريس اللغة العربية كان جميع المشاكل التي يعيشها المواطنين المغاربة بهولندا نابعة من " عدم" معرفتهم للغة العربية، بل جاء يحدثنا أيضا عن فرص الاستثمار في البلد الأصلي، بل والأفدح من هذا هو أن الرجل ( = معزوز ) يحاول أيضا أن ينشر ثقافة الاستبداد والتبعية للنظام وبالتالي الولاء للنظام وليس للوطن ، وذلك من خلال حديثه أولا عن " ضرورة" توطيد المذهب الملكي ، وثانيا عبر تنظيمه لعيد العرش حيث انشاء لهذا العرض شبكة من " الكفاءات" ، وبالتالي فان الحكومة المغربية مازالت تنظر، وتتعامل، مع المواطنين المغاربة بالمنطق القديم؛ وهو منطق ا لرعايا وليس المواطنين، بمعنى آخر، مازالت تعتبر المواطنين المغاربة بهولندا مجرد رعايا وليس مواطنين لهم كاملة الحق في الاختيار والتفكير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي