الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلتزام بالقيم الديمقراطية جيد لكن الإزدواجية في المعايير الديمقراطية ليست جيدة مرتان!

قاسم محمد علي

2013 / 4 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد إجتماع المكتبين السياسيين للحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني وبعد ان توصلا الى تفاهم بشأن إعادة إنتخاب أو إعادة ترشيح السيد مسعود البارزاني لرئاسة الإقليم لولاية ثالثة، عقد القياديان السيد ملا بختيار، مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للإتحاد الوطني الكوردستاني، والسيد فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني مؤتمراً صحفياً مشتركاً يوم الأحد المصادف ل 7 نيسان، وصرح السيد ملا بختيار، "لا الحزب الديمقراطي الكوردستاني لديه مرشح بديل عن الأستاذ جلال الطالباني لرئاسة العراق ولا نحن في الإتحاد الوطني الكوردستاني لدينا مرشح بديل عن السيد مسعود البارزاني لرئاسة الإقليم". هذا التصريح يعني ضمنياً، نحن ليس لدينا مرشح بديل عن السيد مسعود البارزاني لرئاسة الإقليم طالما ليس للحزب الديمقراطي الكوردستاني مرشح بديل عن الأستاذ جلال الطالباني لرئاسة العراق. هذا الإتفاق يشبه الى حد بعيد "زواج البدائل" (زواج الگصة اب گصة بالعراقية العامية، او ژن به ژن بالكوردي، من العادات والتقاليد الإجتماعية البائدة والمتخلفة)، لأنه متى ما اقدم احد الطرفين على فسخ العقد إذا ما إقتضت المصالح الحزبية الضيقة، سوف يفسخ الطرف الثاني أوتوماتيكياً العقد من جانبه حفاظاً على مصالحه الحزبية من دون مراعاة المصالح العليا.

إن هذا التصريح وتفاهم الحزبين حول موضوع إعادة ترشيح السيد مسعود البارزاني لرئاسة الإقليم لولاية ثالثة أو تجديد ولايته، يعتبر مخالفة قانونية وخرقاً صارخاً للقانون، لماذا؟
تنص المادة الأولى من قانون رقم (1) لعام 2005 من قانون رئاسة إقليم كوردستان والمعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2006 على مايلي، "يتم إنتخاب رئيس إقليم كوردستان بالإقتراع العام والسري المباشر لمدة أربع سنوات، ويجوز إنتخابه مرة ثانية، وتم إنتخابه أول مرة في 12 حزيران عام 2005 من قبل المجلس الوطني الكوردستاني". تم إنتخابه للولاية الثانية من قبل الشعب عام 2009 .
وبالتالي يعتبر إعادة ترشيح السيد مسعود البارزاني لرئاسة الإقليم لولاية ثالثة او تمديد ولايته مخالفة قانونية وتجاوز على القانون وضرب القانون عرض الحائط، بغض النظر عن الشخص وإمكانات الشخص وإنجازات الشخص أو إخفاقات الشخص، هذا إذا كانت هناك نية وعزيمة وإرادة وموافقة مبدئية لدى القيادة السياسية الكوردستانية وأحزابها الحاكمة على بناء الدولة على القانون والإلتزام بالقانون والخضوع للقانون وإعتبار القانون فوق الجميع وفوق كل الإعتبارات الحزبية والشخصية.

إن هذا التصريح وتفاهم الحزبين حول الموضوع يبين بشكل واضح وصريح القفز على القواعد الأساسية للديمقراطية، يبين التجاوز على القيم والمباديْ الأساسية للديمقراطية ويكشف البعد الديكتاتوري لطريقة تفكير قيادات هذه الأحزاب، وبالتالي يبين النهج الديكتاتوري والسلطة الفردية المترسخة داخل هذه الأحزاب. إن جميع الدساتير للدول الديمقراطية والمتحضرة في العالم وذات نظم الحكم الرئاسي تحدد ولاية الرئيس لدورتين رئاسيتين فقط، وذلك من اجل قطع الطريق امام الأشخاص لإحتكار السلطة ولمنع بناء النظم الديكتاتورية، هذا من رغم:
- إن موقع الرئيس في تلك البلدان المتحضرة خاضع لرقابة السلطة التشريعية (ان لم تكن سلطتين تشريعية) والسلطة القضائية بالإضافة الى رقابة منظمات المجتمع المدني ورقابة الإعلام.
- تتخذ القرارات في تلك الدول المتحضرة من قبل مؤسسات الدولة وليس من قبل الرئيس.
- هناك توازن في توزيع الصلاحيات بين السلطات ومؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، لمنع حصر الصلاحيات والقرارات عند مؤسسة معينة على حساب المؤسسات الأخرى.

أما عندنا فإن السيد رئيس الإقليم هو القانون والمرجعية السياسية وهو فعلياً أعلى سلطة في إقليم كوردستان وإن الپرلمان يعمل بإمرة سيادته وتحول الى مؤسسة تنفيذية لتحقيق توصيات رئيس الإقليم. هو وحده الذي يضع الأجندات السياسية ويحدد طبيعة العلاقة السياسية بين إقليم كوردستان والمركز. هو وحده الذي يتخذ القرارات السياسية ذات العلاقة بمصير ومستقبل الشعب الكوردي (في مسألة حق تقرير المصير، حول مشاركة أو إنسحاب الكورد في الحكومة والعملية السياسية في العراق).
إن السيد رئيس إقليم كوردستان يمتلك كل هذه الصلاحيات الواسعة واللامحدودة ويتخذ كل تلك القرارات من دون رقابة، حيث لا توجد مؤسسة أو سلطة أعلى من سلطة سيادته. الأسلوب الفردي والحزبي في إدارة الحكم هو شكل نظام السياسي في إقليم كوردستان، وبالتالي إعادة إنتخاب او إعادة ترشيح السيد رئيس الإقليم لولاية ثالثة، رغم إنها مخالفة قانونية، إنما تعتبر من الناحية المبدئية ترسيخ لنظام الحكم الفردي والديكتاتوري وبناء نظام حكم الحزب الواحد والقائد الواحد في إقليم كوردستان على غرار الأنظمة السياسية الشمولية والديكتاتورية التي سقطت او في طريقها الى السقوط في المنطقة بل وفي العالم أجمع. إحتلال موقع رئاسة الإقليم من قبل نفس الشخص لثلاث دورات متتالية يشكل خطراً حقيقياً على النظام السياسي وعلى المباديْ الأساسية للديمقراطية ويهدد بناء دعائم الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة الحضارية في إقليم كوردستان على أسس متينة، مع كل تقديرنا وإحترامنا الى السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان، وإن هذا الموضوع ليس مسألة شخصية وغير موجه ضد أحد أو ضد جهة سياسية معينة وبعيدة عن الشخصنة.

من يدعي بضرورة تمديد ولاية أو إعادة ترشيح رئيس الإقليم لولاية ثالثة، بذريعة حساسية المرحلة التي يمر بها إقليم كوردستان، او لغيرها من هذه الأعذار والمبررات المصطنعة، إنما يضع نفسه في معسكر الديكتاتورية، أمثال حكام المنطقة السابقين أو الماضين في السقوط كصدام حسين في العراق وحسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا وزين العابدين بن علي في تونس وعلي عبدالله صالح في اليمن وبشار الأسد في سوريا ونوري المالكي في العراق وحكام الخليج. هؤلاء كلهم كانوا يتصورون، والباقون منهم يدعون لحد الآن، إنهم القائد الأوحد والشخص الوحيد المناسب لإتخاذ القرارات الصائبة في قيادة الدولة ومواجهة ما يسمونها بالتحديات والمخططات الإستعمارية.
بناء دولة المؤسسات وإتخاذ القرارات من قبل مؤسسات الدولة وتوزيع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة الديمقراطية لا يعتمد على الأشخاص، وكل شخص يحتل موقع الرئاسة أو المسؤولية في الدولة ليس رسولاً سماوياً مقدساً أو إلهاً خالداً بحيث يعتبر من المحرمات المساس به أو بموقعه.

أيها القادة والمسؤولون الكرام أبطال الديمقراطية المزيفة وأصحاب التصريحات الوردية على شاشات التلفزة، بالأمس وقفتم ضد إعادة ترشيح السيد نوري المالكي لرئاسة وزراء العراق لولاية ثالثة وصوتت كتلة التحالف الكوردستاني، بإمرة قيادتها السياسية، داخل مجلس النواب العراقي لصالح قرار تحديد ولاية رئيس مجلس الوزراء لدورتين فقط، واليوم تطالبون بتمديد ولاية رئيس إقليم كوردستان لثلاث دورات أو إعادة ترشيحه لولاية ثالثة، وربما بعد اربع سنوات تكون المطالبة التمديد أو الترشيح لأربع دورات بذريعة حساسية المرحلة آنذاك أيضاً. الإلتزام بالقيم والمباديْ الديمقراطية والعمل بالأسس الديمقراطية شيْ جيد، لكن الكيل بمكيالين والإزدواجية في المعايير الديمقراطية ليست جيدة مرتان!

إن الطبيعة السيكولوجية لأي شخص ومسؤول تأقلم مع واقع الحكم الفردي وإتخاذ القرارات الفردية داخل حزبه او اي شخص كان القائد الأوحد ومن دون منافس داخل حزبه وتنظيمه وكان يعتبر من الإلحاد والمحرمات توجيه الإنتقاد اليه مدة ثلاثين الى أربعين عاماً، ولم يتعود على سماع الصوت المعارض والرأي الآخر، ترسخ بالضرورة الصفات الديكتاتورية في ذاته وفي عقليته وتصبح جزءاً ملازماً لشخصيته وبالتالي لايمكن أن يكون ديمقراطياً ويقبل بالممارسة الحقيقية للديمقراطية في إدارة الحكم أو على أقل تقدير يحاول أن ينسجم مع متطلبات العصر والقيم الديمقراطية والتي هي في الأساس تربية وثقافة وممارسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية