الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كب لا نصل للثورة المغدرة !

محمد زكريا السقال

2013 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



كتب تروتسكي كتابه الثورة المغدورة ، وهويشعر ان خيانة الطبقة العاملة جاءت ممن يدعون تمثيلها . وجه سهامه في وجههم عندما وجدهم انحرفوا عن طريق الثورة ، ومركزوا سلطتهم التي حولت المجتمع الى قطيع من الخدم للحزب ومكتبه السياسي وأمينه العام . وبغض النظر عن نبوءة تروتسكي ورجاحة عقله ، إلا ان عنوان الثورة المغدورة أصبح صفة ملازمة للكثير من الثورات التي بذلت فيها الدماء لتحقيق أهداف محددة ، وجاء من يحرف هذه الثورة عن أهدافها .
وقد تكون الثورة السورية نموذجا مهما لهذا العنوان ، فحجم التآمر والخيانات لثورة بحجم أحلام المواطنين السوريين ، يعتبر كارثة حقيقية ، يمكن ان تؤرخ لهزيمة العقل العربي .
يمكن مثلاً ملاحظة أن أحلام السوريين ليست بهذا الحجم الكبير بالنسبة لما تدعيه مجتمعات حقوق الإنسان ، فلا هي تريد اختراق العالم والوقوف بوجه شركاته العابرة للقارات ، ولاهي تخوض صراعاً على موارد الطاقة بالعالم ، كما انها لا تحمل برامج نووية وليس لديها تحكم بالطاقة ولا يمكنها ، كما لا تريد الإخلال بالتوازن العالمي المختل أصلا ، على الأقل ولنكن متواضعين مرحليا وبهذا الوقت ، حيث يعترضها طريقا طويلا من البناء والتنمية ،، كيما تتعافى وتصيغ قضايا مشاكلها وتحررها .
وقت أن المواطن السوري كان يشعر بالتهميش ، والذل وامتهان الكرامة وتحوله لرقم مهمته التصفيق لإنجازات القائد الملهم والفذ ، سليل الحسب والأصول الإلهية ، المورث والآمر الناهي ، انطلق هذا المواطن وراء حلمه الفردي باستعادة كرامته المهدورة وصار طموحاً جماعياً .
ببساطة ثار هذا الشعب ، كي يقول ، أنا مواطن سوري أريد وطنا يعبر عني واشترك ببنائه وأساهم بتطويره ، مواطن مثل كل البشر بهذا العالم الذي يدعي الحقوق والحريات ، لديه حقوق وواجبات وقانون وقضاء وعدالة ، قادر على التفكير والنقد والتعلم ايضا . ثورة مواطن لإستعادة المواطنة ، وتحقيق دولتها .
هذه الثورة على بساطة وعظمة مطالبها ، من الواضح انها تطلب المستحيل على ما يبدو، فلا شيء أغلى واعز من الحرية ولا قيمة تفوق الكرامة ، إلا ان هذه المطالبة ووجهت بالرصاص ، بالقتل ، بالسحق ، بقلع الأظافر ، والأعضاء الذكرية ، بالإغتصابات ، بالإعدامات ، جماعية وميدانية .
كما أنها ووجهت بالخذلان ، من كل مثقفي الثرثرة الايديولوجية، ومن السياسيين المحنطين وذوي العقول الجامدة ، الذين مازلوا يعيشون على موائد إعلام أنظمة الهزيمة ، ويجترون انتصارات ليست موجودة إلا في رؤوسهم الفارغة ، المبدعون في استلهام نظريات الثورات والمرددون لغياب المنظرين الثوريين وانتفاء صفة الثورة على ما يقوم به الشعب الثائر في سورية. هؤلاء طيف واسع من اليسار المهزوم الإستبدادي الذي فتك برفاقه قبل الآخرين ومن القومجيين ، سليلي أنظمة العسف والطغيان ، أصحاب الشعارات الجوفاء ، شعارات لا تعرف الواقع وكيف تتعامل معه اللهم سوى بالبطش والعسف . والأكثر خذلانا هم الإسلامويين ، هؤلاء الذين لا يعرفون من الإسلام إلا قشوره ، ولا يفقهون شيئا عن المجتمع ومتطلباته ، استفاقوا بعد سباتهم الطويل ولم يستطيعوا هضم مقولة دخول الدولة والقانون والدستور كخيمة تظلل الجميع وتحمي حقوقهم ومعتقداتهم ، وتخلق المفهوم الأساس للمواطنة التي لا تعتمد على اللون والجنس والعرق والمعتقد .
الفجيعة بالخذلان ، فجيعة تصل حد الإتهام والخيانة ، هي هذه المعارضة بكل تلويناتها وتشكيلاتها ، معارضة مازالت أمام هذا الدمار وتضحيات وآلام الشعب ، تجتر وتلوك أوهامها وتعيش تمزقها بصلافة وتخلف وسخف ، لا يختلف كثيرا عن عقل النظام واساليبه.
معارضة بشقيها لا تستطيع ان تجمع على أن المواطنين يريدون وطن ، وهذا الوطن يجب ان ينتزع من براثن نظام مجرم فاشي قاتل .
معارضة تدرك ان قدرها ان تختار شكل نضالها بناء على قواها وليس على مقاس قوى الآخر ، معارضة تعتمد مواطنيها وقدراتها الأساس وتعمل على تنظيم نضالهم ، وتجنيبهم المخاطر والمنزلقات ، والعمل على تأمين انتصارهم .
لهذا فكل الترهات التي تتبجح بها المعارضة ، وكل خوائها وتمزقها وعقدها أضر أشد الضرر بالثورة ، والأسوأ عقلها المريض ، من متبجحي السلمية المعلقة بالهواء والى من يدور منهم بفلك النظام ، الى الذين تمنطقوا السلاح وراحوا يمزقون الوطن ويحجون لعتبات الدول كي يتحسنوا عليهم بما يمزق وطنهم أكثر .
هذه هي الثورة التي يراد لها ان تكون مغدورة ،،، ثورة شعب يريد وطنا فأدخل التيه ونفق القتل والتدمير ، لا أعرف اذا كان هناك من فرصة لإستدراك الوطن والمواطن ، وهذا يحتاج لمهرة يجيدون العمليات الجراحية ليعملوا على القطع التام مع كل ما ساد الى الان . هذه ثورتنا يا جماعة لا تهزموها بتقاعسكم وبتصرفاتكم ، صفحة التاريخ مشرعة وسوف تسجل كل ما هو حاصل وسيحصل . هذه أمانة علينا كلنا ولكل اجيالنا القادمة . لا تحولوا ثورة شعبنا الى ثورة مغدورة ، هذه امانتكم امام شعبكم فلا تغدروا بها واجتمعوا على وطن سواء.

26/04/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل