الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ألبوم الذكريات

شهد أحمد الرفاعى

2013 / 4 / 28
الادب والفن


من ذكرياتى فى عيد السعف كما كان والدى يسميه ،،
لم أكن على وعى بأى شىء أبدا ً عندما كنت طفلة تخطو خطواتها الاولى فى دنيا البشر ، أتذكر والدى و هو يدخل علينا فى هذا اليوم محملا ً بالورود و أوراق خضراء لم أكن أعرف لها إسما ً سوى من والدى كان يقول لى هذه ورق نخل عشان السنة تكون خضرا علينا كلنا !!

كان يوما ً جميلا ً أتذكره الآن مع كل عيد زعف يمر بى و أظل أجتر ذكرياتى مع والدى ووالدتى رحمهما الله ، يمر بى شريط من الذكريات لا ينضب أبدا ً من المحبة المتبادلة بين جارنا عم بطرس ( هاجر منذ زمن بعيد إلى أستراليا ليعيش مع أولاده هناك )

كان هذا الرجل أول المتواجدين فى الذكرى السنوية لوفاة والدتى رحمها الله ، و كان طلبه المتكرر فى كل سنة هو تلاوة سورة مريم من القرآن الكريم ليسمعها ، و أتذكره و هو يكرر كلمة الله الله عيدها تانى يا عم الشيخ الجزء ده ،، حتى أننى خلته مسلما ً

كنت فى تلك الاثناء قد تخرجت من كلية الآداب و كانت والدتى رحلت عنى مع أختى إلى دار الحق و تركت دار الباطل ،

و كنت بالفعل فى حيرة من أمرى من عم بطرس ،، لكن والدى كان يبدل حيرتى هذه بالمزاح عندما ينادى عليه ليخبره حيرتى من أمره

فكان يقول لى الله محبة يا بنتى ، الله سلام ،، ومن منا لا يحب السلام والمحبة ؟

هل أنت ِ تكرهين المحبة والسلام ؟و كلام القرآن كله محبة و سلام و طمأنينة ،،

، عيسى عليه السلام بشر برسول من بعده أسمه أحمد ،، و محمد عليه الصلاة و السلام آمن بما أنزل على موسى و عيسى ،

و كان هذا أول درس لى فى المحبة و أنه ليس هناك مسلم و مسيحى بل هناك إنسان له عقيدته الخاصة به ، ولا دخل لأحد بها و لا به ، فهذا شأنه وحده مع الخالق ،

أعود لأحد الشعانين أو عيد الزعف ،، لقطة لا أنساها من مخيلتى أبدا ً عندما يجلس والدى ووالدتى يحاولون عمل جدائل من ورق الزعف هذا ، كنت صغيرة فى عهد الستينات و ما أدراك ما الستنينات !!

هدوء الشوارع و محبة الناس و أصوات الأطفال فى الشوارع كنت أسمعها فى هذا اليوم ، كنت أنظر إليهم من خلف قضبان نافذتى الحديدية فى حى منشية البكرى ، أشاهد القطار يأتى مسرعا ً فأفرح به و أصفق بكلتا يديي ،،

ثم تأتى والدتى لتنزلنى من على سور النافذة لتلبسنى تاج من سعف النخيل ( عرفت إسمه فيما بعد عندما صرت شابه فى ثانوى ) تلبسنى التاج و هى تبتسم و تقول الأميرة نجوى عبد البر إتفضلى ،،

كنت أضحك من قلبى و كان أخى الصغير يحبو بجوار أمى ، تتلمسه و هى تقول السنة الجاية تكون كبرت و نلبسك تاج المملكة ، تقولها ضاحكة ، ووالدى يحيطنى بأوراق السعف الخضراء ، و يعطى أخى الصغير حماراً من السعف أيضا ً جلس لساعات يجدله لكى يعطيه له

و أنا فى إستغراب طفولى ، ولا أفهم أى شىء إلا إننى أتذكر أننى كنت سعيدة جدا ً و كنت أحس نفسى ملكة فعلا ً ، و كنت أخرج إلى الأطفال أصدقائى فى خيلاء و أنا أرتدى هذا التاج لأغيظهم به ، فلم يكن أحدا ً منهم يرتدى مثله ، فقط كانوا يحملون أعوادا ً من سعف النخيل ، كنا أطفلا ً لا يميزنا شيئا ً عن بعضنا البعض ،

و لكن فيما بعد عرفت من والدى .. أن عيد (حد السعف) أو (أحد الشعانين) يمثل ذكرى دخول السيد المسيح إلى القدس راكبا على حمار، ويستحب الأقباط فيه عمل مسيرة للأطفال لتمثيل مشهد دخول القدس ويحمل الجميع جريد النخل والسعف وأغصان الزيتون للتعبير عن فرحتهم بدخول المسيح إلى مدينة القدس.

و عندما كبرت و صرت فى المرحلة الإعدادية أصبحت الطقوس تختلف شيئا ً فشيئا ً أصبحت ألحظ الترمس و الملانه و البصل الأخضر يبدأ التحضير له من مساء يوم الجمعة حتى يكون جاهزا فى يوم شم النسيم ، لنستعد لنزهة الحديقة و الخروج من البيت مبكرا ً مع تباشير السادسة صباحاً و غالبا ً كانت القناطر الخيرية ، أو حديقة الحرية ، أو أى مكان تحيطه الخضرة

، كنت أنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر لأنه كان يوم جميل بالنسبة لى مع أصدقائى فى أيام الجامعه و من قبلها مع بعض أفراد عائلتى فى أيام الإعدادى و الثانوى ،،

إلا أن كل ذلك إنقطع بموت والدتى ، ثم بعدها بموت والدى ، حتى تزوجت فنسيت يوم شم النسيم تماما ً و الخروج فيه الآن على حد تعبير البعض (بهدلة ) ،

وعجبت لك يا زمن ، ما كنا نعتبره محبة فى الستينات و السبعينات ، أصبحنا نطلق عليه فى القرن 21 بهدلة ،

أيام لن أنساها و إن دلت تدل على حب الناس لبعضها البعض و ذوبان الكل فى وطن واحد ،
و كم أتمنى أن تعود هذه الذكريات و إن خلت من الأشخاص
ليتها فقط تعود روح الذكريات !
فهل يجود علينا الزمان بما كان !
كل عيد زعف و يوم شم نسيم وأنتم جميعا ً فى حب و مودة

بقلم / جوى عبد البر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد