الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
كلّ حرب لها شائعة معروفة
نصيف الناصري
2013 / 4 / 28الادب والفن
فحش موتنا ..
ما أعطي لنا في الماضي ، أشياء فقيرة نفنيها في الزمن الذي لا يروّض
ولا يمكن الصلح معه والتفاؤل به . نزن مرضنا في غياب الحدس ، والألم
لا يتواني في تكهّنه للحظة التي نقارب فيها كرهاً العشاء مع السأم ، وفي
محاباتنا لمن خدعونا بين بخار السنوات ، نذعن لعطاياهم المجرّدة من الرحمة
ونقتصد بالاساءة الى أفعالهم الشرّيرة . ما يجيئنا به العيد ، يتحجّر في رغباتنا
المكبوحة ، ويهدّدنا نسيم العالم في سعينا الى تحرير ما نخفيه . ميول كثيرة نبعدها
عن اللايقين ونخلد الى الراحة في البرهة التي يترصدنا فيها الذئب . لا عار في
ما نضيّعه في الظهيرة ولا نستردّه مرّة أخرى . كلّ مجد لا يجدي الفاني ، والعصور
حانية على نصيبها من فحش موتنا .
كلّ حرب ولها شائعة معروفة ..
جاءهم العدو وبناتهم يحلجن القطن في الريح النائحة بين الأشجار .
ضد العدالة ، يظهر ما هو أعمق من انتقام طروادة ، وحلفنا لليمين
أمام الأبنية التي دفنّا فيها الغرقى ، يمدّنا بقوّة نرعب فيها الأعداء .
لا نتمنّى قتلهم خارج أسيّجة حقولنا ، لكنّنا ننقض على دوابهم ونجردهم
من التوافه التي غنموها في الماضي . كلّ حرب ولها شائعة معروفة ،
وما يطويه النسيان في الجرح الذي لا يلتئم ، يغزل ثياب موتنا في كلّ آنٍ .
ما نبذره في تحرّرنا من الترصّد الدائم الى أولئك الذين يوجّهون سهامهم
صوب ندى ربيع أرضنا ، يجنّبنا الاذعان الى ما يّسُرّ الجثة في خصامها مع
النسيم في الظهيرة . إحصاء القتلى بخيلاء ، فعل غير سديد وشاذ عن ما نود
أن نجنّبه عبء التحايل على القانون . يشحب وجه البطل في الشجرة التي تغمرها
هزيمته ، والتنعّم بالراحة بين نجوم السنة ، رغبة منوطة بما نتجافاه في ذهابنا الى
النوم .
المخلّص ...
أسبغوا علينا نعمة عظيمة وأبحروا بما سلبوه منّا في الصيف .
مراكبهم التي حمّلوها بنذورنا وحلي أطفالنا ، أرهقها ميزان الشمس
ونغّصت عليهم راحة البال ، أسرارنا التي بقيت في حوزتنا . علم
اجتماع الوقار ، يبيح لنا أن نتظاهر بالعِيِّ ونحنُ نسدي المعروف
لرجال الله اللصوص . أجناس كثيرة أضلَّها انتظارها للمخلّص ، والمخلّص
هو ذاته من يحتاج الى البشرية في الرأفة به ، ورفع الغبار المتراص عن
مصيره . مهما يكن البرهان ، يبقى الخبز والنكاح والنوم ، أفضل للمرء من
الترقّب المحموم للوهم والأفياء المغلوطة . ما يشدّنا الى الفردوس في وفاقنا
مع حنوّ الطبيعة ، تخلّصنا من نقائص جنسنا المنفصل عن حلمه . أبواب متهورة
ندخلها ونفرط في سجننا لذواتنا . تفسّخ طويل يغذّي فزعنا من العوالم الأخرى
وخيّرها الشعائري .
مرثية بغداد ...
يهاجر عرب الشمال في الصيف الى بغداد المريضة الجميلة ،
ويحضرون معهم أمتعتهم القليلة وترياقهم وآلهتهم التي تُحمل
على الابل . شعوب أخرى تهاجر مثلهم الى الأرض المعطاءة .
أرمن . بلوش . أكراد . تركمان . هنود . غجر . كلّ شعب تعلو
وجوه أفراده سيماء النبل والعزّة ، لكن عرب الشمال الذين تدرّبوا
طويلاً على الغزو واشتهروا باللصوصية ، يكسّرون آلهتهم على
الرمل الأحمر لشواطىء دجلة ، ويتحالفون مع أشباههم ضد
الشعوب التي تعيش معهم . أشياء فظيعة تشقى بها بغداد وتبكي في
الليل على القتلى والعشّاق الذين غرقوا في ندى الآبار . نسيمها الآن
ضريح ترقد فيه الصواري ، ولا نيزك يشعل الشرارة في الكهوف .
لصوص الدراما الذين جاءوا بإرثهم السياسي المتهتك ، يتدفقون على
الشكاية من الآخرين ويقتلون ما لا يحصى منهم ، وأفعالهم تشذ عن
طيّبة الصبية العروس . كلّ شيء يتحول الى خراب ، ويتم في النهاية
إرشاد العدو الى المسالك الخطرة . منغصات كثيرة بعد الحرب ،
والمغول الذين يقتلون الجميع ويسبون أولادهم ونسائهم ، لا يفرقون
بين التبن والتراب . يهدمون المعابد ، يحرقون الحدائق وينهبون دار
الوثائق والمخطوطات ، ويشعلون النيران في نهار المتحف . الوقحون
في تجنّبهم لأوراد ونجوم الاخوة ، يهدّمون الهدنة دائماً ويدأبون على
كلّ ما يطري تدميرهم للزمالة ، وكلّ شيخ أخرق ، ينجذب في صلاته
الى صنوه .
27 / 4 / 2013
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح