الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد يطلق العصافير قصة للأطفال

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2013 / 5 / 1
الادب والفن


صعد خالد ابن الخمسة أعوام إلى سيارة أخيه وهو يشعر بالكثير من الإثارة، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي سيأخذه أخوه معه إلى الصيد، فقد كان أخوه معتاداً أن يذهب في أيام العطلات ليصطاد العصافير.

وضع أخوه عدة الصيد في صندوق السيارة، وكان قبلها قد شرح لخالد فائدة كل قطعة، فهذه تسمى شبكة، وهذه حبال الشبكة، وهذا العصفور في القفص يسمى "حَرِّيْكْ"، لأنه بصوتِهِ يجذب بقية العصافير، وهذا الطُّعم عبارة عن حبوب تحبها العصافير مدقوقة كي تكسر قشرتها الخارجية ويسميها أخوه "قُرْطُمْ".

حين وصلا إلى الحقول، وقام عباس بنصبِ شبكتِهِ بين الحشائش، وربط العصفور "الحرّيك" وسط الشبكة، ونثر حب القرطم حوله، ابتعد واختفى وراء شجرة كينا، وكان يمسك بيده حبلاً رفيعاً متصلاً بالشبكةْ، والفكرة هي أن يجذب الحبل حين تهبط العصافير فتنقلب الشبكة فتصبح الطيور التي نزلت لتأكل القرطم تحت الشبكة بعد أن كانت فوقها.

راح عباس يشرح لخالد عن العصافير كلما سمع صوتاً أو شاهد أحدها يتحرك قريباً من الشبكة، وخالد يراقبها وهي تركض وتنط بطريقة مضحكة.

هذا يسمى الدّوري، وهو طائر شديد الحذر واصطياده صعب، وذاك الواقف على فرع الشجرة اسمه حسون، وهو طائر ذو صوت جميل وألوانه جميلة حمراء وصفراء وبيضاء ورمادية، أما ذلك الواقف جوار نبع الماء فنسميه كركز أو كركزان وأنت تشاهد كيف يهتز ذيله بشكل سريع.

كل هذا والعصفور المربوط وسط الشبكة يطلق صوته في فضاء الحقل، وبدأت العصافير بالتجمع في الجو، قبل أن تهبط دفعة واحدة حين رأت العصفور وحوله حب القرطم.

بمجرد أن صارت العصافير فوق الشبكة تماماً، جذب عباس الحبل، وبسرعة انقلبت الشبكة، فصارت العصافير كلها تحتها، وهي تزقزق بشكل حزين وتحاول الخروج من الفتحات الصغيرة، لكن أخيه كان خبيراً ويعرف أن الفتحات أصغر كثيراً من أجساد العصافير، لذلك، لم يكن لها أي أمل في النجاة.

أخرج عباس قفصاً كبيراً من السيارة، لم يكن خالد قد رآه في الصباح، وراح يلتقط العصافير من تحت الشبكة ويضعها في القفص واحداً بعد الآخر، ولم تكن كلها من نوع واحد، فقد كانت بألوان مختلفة، فسأله خالد عن العصفور الأسود الصغير، فقال عباس إنه "بسيسي" وهو أصغر العصافير حجماً، لكن ريشه غريب، فهو أسود، لكنه كلما تحرك ترى كل الألوان تنعكس على ريشه، وقد لاحظ خالد هذا فعلاً.

وضع خالد القفص في حجره في طريق العودة بعد أن ربط حزام الأمان، وأخذ ينظر إلى العصافير، كان مبتهجاً في البداية، يراها وهي تقفز داخل القفص فوق بعضها البعض، وقد كان يعتقد أنها سعيدة وهي تلعب مع بعضها.

حين وصلا إلى المنزل، نزل عباس وقال: إذهب وضع القفص في غرفتي، وسأذهب لأشتري أشياء لأمي من الدكان القريب، وأعود بعد عشر دقائق.

حاول خالد أن يفك حزام الأمان، لكن الحزام كان عالقاً، ولم يفتح القفل الذي يمسكه، فشعر خالد أنه محبوس داخل السيارة ولا يستطيع الخروج، وراح ينظر إلى العصافير وهو يحاول جاهداً أن يفك الحزام كي يخرج من المأزق الذي وجد نفسه فيه.

فجأة خطرت لخالد فكرة مرعبة، كيف كان قبل قليل يجري في الحقل بين الأشجار، ويركض وراء الفراشات بكامل حريته، وكيف حاله الآن وحزام الأمان قد ألصق جسده الصغير بالكرسي ولم يعد يستطيع أن يخرج من السيارة...

قارن نفسه بالعصافير، فهي مثله تماماً، كانت قبل قليل تفرد أجنحتها وهي سعيدة بطيرانها بين الزهور والأشجار، وربما أن بعضها لديه عش فيه بيض أو فراخ ينتظرون أن يعود لهم بالطعام، وبعد أن خطرت له هذه الفكرة، لم يعد خالد سعيداً على الإطلاق وهو يرى العصافير داخل القفص.

فتح زجاج النافذة، ووضع باب القفص مقابلها، وبهدوء فتح باب القفص فأخذت العصافير تتسرب واحداً وراء الآخر إلى الفضاء وهي تطلق تغريدات فرح.

شعر خالد بالراحة لما فعله، ومد يده بتلقائية إلى حزام الأمان، ففتح القفل بسهولة، وضحك حين اكتشف أنه لم يكن يضغط قفل حزامه حين لم يفتح القفل معه، بل كان يضغط قفل حزام السائق، لذلك تخيل أن القفل معطّل...

أما عبّاس، فعندما عاد من الدكان، فقد جنّ جنونه حين اكتشف أن خالد قد أطلق عصافيره، لكن خالد كان قد حسب حسابه، واختبأ في حضن أمه، ومن يستطيع أن يمد يده على طفل في حضن أمه، تماماً كالعصافير التي عادت إلى فراخها بعد أن أطلقها خالد من سجنها.

التاسع عشر من نيسان 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/