الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فارس كمال نظمي - كاتب وباحث عراقي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اليسار السياسي واليساروية الاجتماعية في العراق :عشر سنوات من جدلية العجز والأمل !.

فارس كمال نظمي
(Faris Kamal Nadhmi)

2013 / 5 / 5
مقابلات و حوارات


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -103-  سيكون مع الأستاذ د. فارس كمال نظمي - كاتب وباحث عراقي - حول : اليسار السياسي واليساروية الاجتماعية في العراق :عشر سنوات من جدلية العجز والأمل !.


لطالما اضطر المثقف المصلح (العضوي)، في لحظات اليأس والفوضى واهتزاز المعايير، لمواجهة السؤالَ القديم الجديد: ((هل إن تراجع ايديولوجيا تنويرية معينة وانحسارها وعقمها في لحظة تأريخية معينة، هو نتاج "موضوعي" لتراكم نزعات معتقدية وانفعالية مضادة لتلك الايديولوجيا في البنية النفسية الاجتماعية للجماهير، عبر الزمن؟ أم إن هذه الايديولوجيا فقدتْ "ذاتياً" ديناميكيتها وقدرتها الإقناعية على التأثير الفاعل في أذهان الناس وسلوكهم السياسي حتى أن المستفيدين من تلك الايديولوجيا أنفسهم يصبحون عازفين عنها ومنكرين لها بل وحتى محاربين ضدها في حالات محددة؟!)).
وبتعبير أكثر اختزالاً: ((أيهما ينتج الآخر ويديمه: الايديولوجيا السياسية أم السيكولوجيا الاجتماعية؟!)).


يجد هذا السؤال واحداً من أكثر تطبيقاته العملية اتضاحاً ودلالةً، في الوضع السياسي العراقي الراهن، إذ تشهد العلاقة التأثيرية والتأثرية بين قوى "اليسار السياسي" من جهة والجمهور ذي التوجهات "اليساروية الاجتماعية" الممتدة عمودياً وأفقياً في النسيج العراقي من جهة أخرى، جفاءً متزايداً وصل حد الاغتراب والقطيعة والنسيان بنسب متصاعدة.

وللتمييز المفاهيمي بين اليسار السياسي واليساروية الاجتماعية، فإن الأول يُقصد به إطاراً سياسياً واسعاً يشمل أي تنظيمات حزبية أو نقابية ذات توجهات شيوعية أو ماركسية أو اشتراكية أو اشتراكية ديمقراطية أو ديمقراطية اجتماعية أو قومية عروبية أو ناصرية، تعمل للترويج لبرامجها الفكرية والاجتماعية على أسس مدنية مناوئة للاستبداد والتمييز والاستغلال وهيمنة رأس المال، ومناصرة للديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية ودعم القطاع العام وعلمنة الدولة، ضمن الجزء العربي من العراق، سواء تلك الأحزاب والحركات التأريخية التي نشأت قبل العام 2003م أو تلك الجديدة التي تأسست بعده.
أما "اليساروية الاجتماعية" فهي افتراض أتبناه عن وجود نزعة "حقّانية" كامنة ومتجذرة بعمق في المنظومة القيمية للشخصية العراقية بسبب تراثها الثقافي العدالوي – دينياً وطبقياً- من جهة، وبسبب سموم الحرمان والظلم والإذلال التي تشبعتْ بها طوال العقود السياسية الخمسة الماضية من جهة أخرى، بما جعلها إلى حد كبير نزعةً عابرة للدين والمذهب والعرق والطبقة والمستوى التعليمي*. إلا أن هذه النزعة النفسية الباحثة عن الإنصاف والعدل لم تعد ترى في اليسار السياسي التقليدي حاضنةً إجرائية لطموحاتها وغاياتها لأسباب سنأتي عليها فيما بعد، فاستبدلته بحاضنة لا دنيوية (لاهوتية) تديرها أحزاب إسلاموية أفلحت في إيهام الناس بأن إشباع حاجاتهم البشرية للأمن والكرامة يتصل "حتماً" بـ"إرضاء" الآلهة لا بعوامل التنظيم الاقتصادي والسياسي للمجتمع.
فبدلاً من أن تنتقل بوصلة الثقافة السياسية للعراقيين إلى فضاء العمل السياسي المدني القائم على مبدأي المواطنة والبرامج السياسية المتنافسة، انتقلت تلك البوصلة إلى كهوف التنازع الطائفاني الميثولوجي لاقتسام جثة الدولة ومحو فكرة الوطن بمسميات أساطيرية تتحدى أي عقل سليم لإثبات وجودها أو أحقيتها!

وإذا كان اليسار السياسي العراقي (الشيوعي خصوصاً) قد ظل جذرياً وبطولياً وفاعلاً بنزعته الصادمة للساكن والسائد والرجعي منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى أواخر ثمانيناته، فإن المشهد العراقي اليوم بعد مرور عشر سنوات على لحظة انهيار نظام البعث وبدء الصفحة الكولونيالية الأمريكية الجديدة وما أفرزته لاحقاً من صعود سلطة الدين السياسي في الدولة والمجتمع، يشير بوضوح إلى معلمينِ مغايرين رئيسين:

1-  فقدَ اليسار السياسي إلى حد بعيد دوره التحريضي المحرك لأفكار الجماهير وعواطفها وسلوكها، متحولاً إلى منابر إعلامية غايتها تقديم مقولات أخلاقوية فحسب، تحركها طاقة الأمل حيناً وقيم الواجب وروتين التكرار حيناً آخر.
 
2-  بات الجمهور اليساروي الاجتماعي في العراق (الفئات المحرومة خصوصاً) يتيماً وبلا غطاء فكري مُلهِم، إلى الحد الذي نجحت تيارات "دينية-عشائرية" وأخرى "دينية – سياسية" (شيعوية وسنّوية) في استقطابه نفسياً وتبنيه سياسياً وإعادة إنتاجه ايديولوجياً بشكل جمهور لا يرى في مظلوميته الهائلة إلا نمطاً من أنماط العقاب الإلهي "العادل"!
ولتحليل أسباب هاتين الواقعتين اللتين تمثلان وجهين لظاهرة واحدة، فلا بد من البحث التحليلي في مجموعتي العوامل الموضوعية والذاتية التي أدت إلى انحسار اليسار السياسي العراقي وفقدانه لمعظم قواعده الجماهيرية المفترض انتمائها إليه على الرغم من أن العراق اليوم يزخر "نظرياً" بكل العوامل التي كان يُنتَظَر أن تمهد لنمو اليسار السياسي وصعوده؛ أي عوامل الفقر والبطالة، والفساد السياسي ونهب المال العام، ومَليَشَة الدولة وأسلمتها، وتقويض البنى التحتية للصحة والتعليم والخدمات، والاضطهاد الجندري، وترويع "الأقليات" الدينية والعِرقية، وتسرطن غير مسبوق لفئات المهمشين والمستضعفين، واحتجاز مجتمع بأكمله خارج الزمن الحضاري داخل معتقلات اليأس والذل والقبح وانعدام الغاية الإنسانوية من الحياة.
ولذلك فإن السؤال الجدلي الذي ينبغي أن ينطلق منه التحليل هو: أين يكمن الاعتلال؟ في أحزاب اليسار أم في الجماهير أم فيهما معاً؟!
 
 


الاعتلال الذاتي لليسار السياسي العراقي
 


للتغير الاجتماعي البنّاء قوانينه المكتشفة وغير المكتشفة. وواحدة من أبرز المقدمات التي تهيء لهذا التغيير هو إن الناس يبدأون بالتفكير على نحوٍ أكثر عقلانية من ذي قبل بأسباب ظروفهم البائسة، وأشد بعداً عن الوعي الزائف بالأحداث المحيطة بهم. ولذلك فإن أسمى مهمات اليسار السياسي في زمن الانهيارات الاجتماعية العاصفة – كأوضاع العراق الحالية- هي تحريض الناس أولاً على كشف الأوهام الفكرية والسياسية التي تقيد حياتهم، ومن بعدها حثهم للتحرك ضدها لتقويضها وإقامة البدائل العقلانية بوسائل التغيير المتاحة ابتداءً من صناديق الانتخاب وانتهاءً بالاحتجاجات الجمعية. ولكن ماذا لو كان اليسار السياسي نفسه يعاني اعتلالاً بنائياً ووظيفياً في أدائه؟!
بهذا المعنى، لا يمكن غض النظر عن وجود أزمة "معرفية – سلوكية" جدية في العقل السياسي لحركات اليسار العراقي، دون أن يعني ذلك إنكاراً للمُثُل الأخلاقية السامية التي تنطوي عليها نوايا هذه الحركات. إلا إن كل أشكال الارتقاء الاجتماعي عبر التأريخ لم تصنعها النوايا الطيبة ولا المواعظ المنبرية، بل خلقها تراكم الوعي الاجتماعي الشعبوي المعارض مسنوداً بحركات سياسية جذرية امتدت من الإصلاحية الهادئة إلى الثورية الصادمة.
وإجمالاً، يمكن تشخيص الأزمة الذاتية في عقلية اليسار السياسي العراقي بمجموعة من الخصائص المتداخلة والمولدة لبعضها، والتي تنطبق على التنظيمات العاملة داخل العراق أو خارجه على حد سواء، دون إنكار لوجود حالات استثنائية فردية يمكن أن تشذ عن هذا التحليل إذ أن وجود أفراد يساريين نبويين متعافين لا يتعارض مع وجود اعتلال بنائي عميق في مجمل الحركة اليسارية. فالتحليل الحالي يتجه إلى الظاهرة الإجمالية الشاملة و يستثني الحالات الفرعية الثانوية؛ كما إنه يتجه إلى تشخيص الخصائص وتوصيفها أكثر من تحديد أسبابها إذ تتنوع التفسيرات والتأويلات في منطلقاتها التخصصية ما يستلزم دراسةً أخرى منفصلة. وهذه الخصائص المؤلفة للأزمة الذاتية هي:
 
1- انحسار النزعة الجذرية (الراديكالية) في التفكير السياسي والعمل التأثيري في الجماهير:

لا يقصد بهذه النزعة الجذرية أن تكون نزعة عنفية أو تطرفية غير واقعية بالضرورة، بل هي اتجاه معتقدي بحتمية إحداث التغيير الاجتماعي واعتماد المواجهة الايديولوجية، بديلاً عن تبني الخيارات الوسطية والمساومات السياسية. وطبقاً لهذه النظرة، يمكن للمثقف الليبرالي أن يكون جذرياً في مفاهيمه وسلوكه فيما يمكن للشيوعي الحزبي أن يكون تساومياً في أدائه الفكري والسياسي. فالأمر يتعلق بالولاء العميق والعملي لفكرة التغيير الجذري والكفاح من أجلها، لا بولاءٍ شكلي لألفاظ ومقولات غدت جوفاء من كثرة تكرارها المنبري.
وإذا كانت بعض حركات اليسار العراقي ما تزال محتفظة بالروح الراديكالية الرافضة، فإنها من جانب آخر انغلقت على نفسها عقائدياً ومكثت أسيرة لتصورات مغلقة ومقولات كلاسيكية رغبية عن أساليب التغيير وإمكانياته، ما أفقدها قدرة التأثير الموضوعي في الجماهير من جهة، وعزز لديها على نحو مَرَضي أعراض النرجسية السياسية من جهة أخرى.

وقد أدى انحسار هذه النزعة الجذرية بالنتيجة إلى نمو ثلاث خصائص فرعية متزامنة في سيكولوجيا اليسار السياسي العراقي:

أ‌-   إنه بات في مجمله مصاباً بـ"قلق المواجهة المباشرة مع الإسلام السياسي"، إذ صار منظّروه أو زعماءه يرغبون بتجنب الصراعات السياسية المحتدمة، وعدم تصعيد الأحداث، واللوذ بالمواقف النقدية الوسطية "الدبلوماسية"؛ وكأنهم بذلك يأمنون أي توترات نفسية باتوا غير قادرين على تحملها ما داموا لا يجدون لها مبرراً عقائدياً أو أخلاقياً كافياً.
 وقد أدى "قلق المواجهة" هذا إلى احتراق أعز أوراق اليسار السياسية قاطبةً، وهي تخليه عن قدرته التأريخية على إظهار السلطة الفاسدة بأنها فاقدة للشرعية المجتمعية والسياسية. فعقلية اليسار العراقي الحالي أخذت تتجه لقراءة التأريخ على إنه مباراة انتخابية رقمية أكثر منه قوانين صراعية تتطلب التفتيش عن المواجهة الدائمة مع الظلم الاجتماعي دون التخلي عن التبشير بالديمقراطية قيماً وآليات.
 
ب‌- أفضى ذلك إلى غموض أو تضبب في ملامح الهوية السياسية لليسار إلى حد الفقدان والغياب حيناً، أو التداخل في أحيان أخرى مع هويات سياسية مغايرة في منطلقاتها وغاياتها. فأصبح أمراً مألوفاً على سبيل المثال أن تقرأ تصريحاً لزعيم يساري يناقش أزمة الحكم في العراق، فلا تجد اختلافاً حقيقياً بينه وبين تصريح آخر لزعيم ثيولوجي طائفي يناقش الأزمة ذاتها، إذ تتشابه التوصيفات والمصطلحات والتشخيصات حد التماهي في بعض الحالات.
 
ج‌- نشوء وهم لدى اليسار السياسي بإمكانية التأثير إيجاباً في أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة من خلال الاقتراب منها لتخفيف نزوعها الطائفاني اللامدني وتحفيز عناصر التطور "الوطني" في أدائها. ويعكس هذا الوهم تفكيراً رغبياً أكثر منه تحليلاً علمياً لبنية الدين السياسي ولعموم التطور السوسيوسياسي في العراق. كما يعكس نزوعاً ماسوشياً لا شعورياً للتوحد بالمعتدي تجنباً لشروره وساديته.
 
 
2- اتساع ظاهرة "اليسار اللفظي" بدل "اليسار السلوكي":

أصبحت البيانات والمقالات والحوارات الإعلامية الرتيبة والندوات العامة ذات المضامين المكرورة المعدّة سلفاً، بديلاً عن التفكير السياسي الإبداعي لإنتاج أنماط جديدة من أساليب التأثير الإيجابي في حركة المجتمع. ويلاحظ أن ثمة إدماناً لدى بعض قادة اليسار على الظهور الإعلامي العقيم في مقابل غياب تام لأي مخيال سياسي لديهم لكيفية تحفيز عوامل التغيير في السلوك الاجتماعي.
فأصبح العمل السياسي بمجمله وسيلة فردية لـ"إرضاء الذات" و"إسقاطاً لفروض"، متخذاً سياقات روتينية شكلية ذات طابع احتفالي أو احتفائي أو مهرجاني أو إعلامي، غالباً ما تنتهي بعبارات نمطية لا تتبدل، ليُشطَب يوم سياسي آخر من روزنامة الخواء السياسي. وبالنتيجة، تراجعت سيكولوجية المثابرة والنفس الطويل والتأسيس للغد بأدوات اليوم، وانحسر الدافع لإعادة تجديد الحلم اليساري بالتغيير، وتحولت الأفكار الجذرية النابضة بالحياة إلى ألفاظ يجري تداولها وتحريكها "أخلاقياً" و"مهنياً" كأحجار رقعة الشطرنج.
كان العالم البشري على الدوام مكاناً قابلاً للتغيير بفعل أحلام اليقظة اليساروية التي لم تنقطع عبر التأريخ؛ لكن اليسار العراقي ما عاد يحلم اليوم لا في يقظته ولا في منامه، إذ فَقَدَ غريزة الإيمان "الديني" بالمستقبل، وصار مكتفياً بطاقة الأمل، ونوستالجيا الأمجاد القديمة، ونداء الواجب، وميكانيكية الأداء اللفظي. ولكل ذلك أسبابه الموضوعية المتصلة بكل من خصوصيات الوضع العراقي ومستجدات التطورات السيكوسياسية في عموم الكرة الأرضية، وهو ما لا يتسع المقام للخوض فيه الآن.

 
3- اعتماد النزعة التبسيطية في تحليل وتفسير الوقائع السياسية والاجتماعية:

تتضح هذه النزعة بالاتكاء "المريح" على مسلمات نمطية ورؤى أخلاقوية مألوفة (كثنائيات الظلم والعدل، والتقدمية والرجعية)، والتجنب شبه التام لممارسة التفكير الجدلي بالعزوف عن تحقيق أي اتصال منظم ببنية العلوم الاجتماعية والأكاديمية، لا سيما علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع والنفس. كل هذا يمكن توصيفه في إطار "الانغلاق الذهني" و"التجنب المريح لصعوبات التجديد". فكانت النتيجة هي استمرار عزل اليسار العراقي لنفسه عن دائرة واسعة من الاختصاصات الأكاديمية والمباحث المعرفية، مؤسساتٍ وأفراداً، مكتفياً برؤية محدودة لحركة العالم بما تعنيه من إغفال جدي لعناصر الصراع والتطور والتغيير.
 

4- العجز عن تأسيس تحالف يساري واسع:

باستثناء تحالفات محدودة التأثير قامت في الغالب لأغراض انتخابية لم يحالفها النجاح، فإن حركات اليسار العراقي فشلت خلال السنوات العشرة الماضية في توحيد جهودها لتأسيس تحالف واسع وعابر للايديولوجيات الفرعية يستهدف تقديم أنموذج فكري وسياسي متماسك لمخاطبة الرأي العام والتأثير بخيارات الناس العقائدية والعاطفية بنسبة معينة. ويعزى هذا الفشل إلى أن هذه الحركات في مجملها تعاني من تصورات واتجاهات عدائية نحو بعضها البعض، يمكن اختزالها ضمن تسمية "متلازمة أعراض تفكك اليسار العراقي"، والتي تتحدد بالآتي:

أ‌-  الشك المَرَضي (البارانويا) بنوايا بعضها حد التسقيط السياسي والاتهام بالعمالة والخيانة، على الرغم من التشابهات بل والتماثلات في المنطلقات الايديولوجية الأساسية لبعض هذه الحركات.
 
ب‌-الافتقار للقدرة على العمل السياسي الجمعي، بما يتضمنه من ضرورة تقديم المشتركات على الاختلافات، ومن توظيف التفكير النقابي التضامني في الحياة السياسية، ومن إعلاء المصلحة العامة الثابتة على المنافع الذاتية المؤقتة.
 
ج‌- نزعة "احتكار الحقيقة" تحليلاً واستشرافاً، والتقوقع ضمن نرجسية الفكر و"معصومية" الأداء، إلى حد إقصاء الآخر اليساري في بعض الحالات بوصفه أشد "خطراً" على قضية الجماهير من الأعداء الفكريين التقليديين.
 
د‌-  شخصنة الاختلافات الفكرية إلى درجة بروز العدائية القاسية في نمط العلاقات المتبادلة بين الأفراد من ناحية، وإسقاطهم لعقدهم النفسية التكارهية وخبراتهم الانفعالية السلبية المسبقة على أدائهم السياسي تجاه بعضهم من ناحية أخرى، ما أحال العمل السياسي في بعض جوانبه إلى مستنقع للتطهر السيكولوجي الأخرق.
 
هـ- استمرار النزعة "الصنمية" الولائية حيال الزعامات متقدمة السن، إذ يستمر الحديث عن "ديمقراطية" حزبية داخلية تعيد إنتخاب هذه الزعامات على مدى عقود من الزمن دون تجديدات حقيقية في الهيكل التنظيمي والرؤيوي ما انعكس سلباً على قدرة تلك الأحزاب لتجديد طروحاتها وأساليبها وسط عالم شهد تغيرات نوعية وكمية هائلة؛ فضلاً عن إن هذه النزعة الصنمية الطاردة للزعامات الشابة أجهضت النزعة الجذرية لليسار وغذّتْ الأداء البيروقراطي القائم على النفعية والمحسوبية والشللية، الأمر الذي أسهم في إفشال إمكانية تأسيس تحالفات ستراتيجية فاعلة بين حركات اليسار.
 

5- بروز نزعة فكروية تبريرية متعالية:
برزت هذه النزعة لدى فئات عديدة من اليسار العراقي لإبراء ذمتهم من تهمة ضعف الأداء أو انحسار الفاعلية، بتوجيه اللوم إلى الجماهير وتحميلهم مسؤولية الوعي السياسي المتدني، ووصمهم بالجهل الثقافي بحقوقهم. فالناس طبقاً لهذا المنظور لا يريدون الاحتجاج والتغيير بل يريدون الاستمتاع بعذاباتهم والتسليم بأقدارهم وتسويغ مظالمهم؛ فماذا يفعل اليساريون حيال هذا "التخلف" المجتمعي؟ فالضحية أصبحت هي المُلامة، وما عاد بالإمكان تغيير العالم ما دام أصحاب التغيير (أي الناس) أنفسهم يقاومونه؟!
 

6-الطائفية السياسية اخترقت ساحة اليسار:
وجدت الطائفية السياسية ببعديها المذهبي والعِرقي، امتداداً لها إلى حد ما ضمن ساحة اليسار العراقي، إذ أعاد عدد من اليساريين تصنيف هويتهم السياسية علانيةً متأثرين بالاستقطاب الإسلاموي والعِرقوي، ما أحدث عجزاً جدياً في قدرة تيارات يسارية (ماركسية وقومية) على الاستمرار بنهجها الفكري المدني العابر للهويات الفرعية. وفي حالات أخرى، وجدت هذه النزعة الطائفانية الاحتمائية جذوراً لها كامنة ولا شعورية وغير معلنة في شخصيات أفراد يُحسَبون على اليسار السياسي، ما خلق توترات تنظيمية وصراعات إقصائية حول مسألة الموقف من أحزاب الإسلام السياسي بمذهبيها المعروفين. 

 

 
الاعتلال الموضوعي لليسار السياسي العراقي



حينما أتيحت فرصة تأريخية لليسار العراقي بالبروز العلني من جديد في الساحة السياسية بعد الاحتلال الأمريكي وانهيار النظام البعثي 2003م، فوجيء بتركةٍ اجتماعية بائسة خلّفتها الحقبة الفاشية السابقة لا سيما على صعيد شخصية الفرد العراقي الخارج لتوه من دخان ثلاثة عقود قضاها في رعب وإفقار وموت وذل.
وبافتراض أن النزعة اليساروية الاجتماعية كانت ما تزال آنذاك تؤلف جزءً مهماً من شخصية ذلك الفرد في لحظة التغيير تلك، إلا أن خصائص هدمية أساسية أخرى هي نتاج سنوات الاستبداد ظلت تمارس فعلها في ذهنيته وسلوكه، يمكن اختزالها بالآتي:
 
1- ترسيخ "العجز المُتَعَّلَم" فردياً وجمعياً:

استؤصلت فكرة "المبادرة" من ذهن الفرد العراقي، إذ أفلحت سلطة سلطة البعث في التوغل إلى أدق تفصيلاته الذاتية لتستوطن هناك بديلاً عن عقله، بوصفها (أي السلطة) "الحارسَ" الذي يحدد ويفكر ويقرر كل شيء في حياته. فصار ممنوعاً عليه أن يبادر بأي فعل أساسي إلا من خلال السلطة، فحتى حصوله على طعامه اليومي المحدود بات مرهوناً بـ"البطاقة التموينية" الصادرة عن "حكمة" القائد لمقارعة قرارات مجلس الأمن؛ إلى جانب محو الذاكرة السياسية التعددية للمجتمع وجعلها مقتصرة على "فكر" القائد بوصفه الاحتمال الوحيد لأي توجه سياسي يمكن أن يطرأ في ذهن الفرد، فكل ما عداه يعدّ خطيئة أو خيانة!
أدى كل ذلك إلى تأصيل العجز وتجذيره في أعماق الفرد العراقي إلى الحد الذي فقدَ فيه قدرة التحرك الذاتي أو الجمعي في أغلب مناحي الحياة حتى لو كانت كل الاحتمالات والنوافذ مشرعةً له. فأدمنَ وصمةَ أن يكون هناك دوماً من ينوب عنه في اتخاذ قراراته ذات الصلة بحياته المشتركة مع الآخرين. وهذا ما يمكن أن يُصطلح عليه بـ"سيكولوجيا الرهينة".
وإذا كانت هناك مؤشرات بانت في الأسابيع الأولى التي أعقبت التغيير في نيسان 2003م بأن ثمة شروعاً اجتماعياً واعداً للتخلص من أغلال اليأس المتراكمة، فقد سارع العقل الأمريكي المحتل إلى الاستعانة بتكنيك "مجلس الحكم" الطائفاني ليعيد ارتهان العقل العراقي بقيودٍ أشد تجريداً وغموضاً من ذي قبل. فأعاد إنتاج العجز المُتَعَّلَم ولكن بعد أن أعاد توجيهه من هدفٍ مرعب وملموس ودنيوي هو "القائد" و"الحزب" إلى هدف "مقدس" وافتراضي وماورائي هو الله والأنبياء والأئمة والخلفاء والأولياء. فانتقلت الميتافيزيقا المجتمعية من القومنة إلى الأسطرة، وأمسى الفرد العراقي مرة أخرى ينتظر من السماء أن تحدد له كل شيء حتى أزياءه وقصة شعره، ناهيك عن قادته السياسيين الذين "لا بد" أن يسارع لانتخابهم مهما كان مدركاً لفسادهم عسى أن يحققوا له الظفر بـ"جائزة" ما بعد الحياة.
هذا التحكم الأمريكي العاصف والواعي بصنع الحدث السياسي ومآلاته، لم يَتِحْ أي إمكانية لأحزاب اليسار العراقي لالتقاط أنفاسها للتأثير ولو جزئياً بسيكولوجيا الفرد العراقي الذي دُفِعَ دفعاً نحو امتلاك وعي زائف جديد ممثلاً بتغليب هويته المذهبية والعِرقية في لحظة مصيرية تصارعت فيها كل الهويات على جثة نظام سياسي وِلِدَ من رحم العسكريتاريا الأمريكية ليحتكر سوسيولوجيا العراق في بضع مفردات شمولية استغرق التصريح بها أكثر من ثلاثين عاماً.
وهكذا ورث اليسار العراقي مجتمعاً ذا بنية ذهنية سياسية لاعقلانية، يمتزج فيها الرعب بالعجز واليأس والتسليم، وتختلط فيها الحرية بالنزعات الماسوشية والأوهام والأساطير. ومع كل ذلك، فالمجتمع العراقي علماني النزعة، ويساروي التوجه، وسريع التكيف والتعلم، وكثير النقد للسلطة، وميال إلى تذوق الجمال والخبرات الحسية، ومنفتح على المستجدات الحضارية. ولذلك فإن مهمة اليسار العراقي اليوم ليست مستحيلة، فأسمى ما يمكن أن يخطط له هو السعي لتفتيت العجز المُتَعَّلَم في الشخصية العراقية، وهذا يتطلب منهجاً سياسياً ابتكارياً تمتزج فيه الخبرات التنظيمية بمكتشفات العلوم الاجتماعية لاستخلاص التكنيكات السياسية اللازم اتباعها لتفكيك قضبان السجن الجاثم في أعماق الرهينة العراقية.
 

2- شيوع التدين الزائف:

نجحت الأسلمة السياسية في العراق بتقويض حق التدين الجوهري (الناضج) لدى الفرد العراقي، واستبداله بمنظومة مزيفة من الفتاوى والطقوس والأساطير والمصالح اللاهوتية التي أتاحت لرجالات الأسلمة أن يحلّوا محل الله في هرم العقيدة الدينية. فنجحوا في إيهام الناس أن العدل الاجتماعي عملية إلهية لا بشرية، ولأنها إلهية فيجب على "المؤمنين" أن ينحازوا لأحزاب مذهبية يمثل الولاءُ لها "ولاءً" للله.
وهنا، وبسبب انتشار هذا التدين الزائف، خسر اليسار العراقي أهم عناصر القوة الفكرية التي لطالما اعتمدها للتأثير في الجمهور وتحريكه خلال الحقب السابقة. يقوم هذا العنصر على بديهتين:
أ‌-  إن استعادة العدل وإعادة توزيع الثروة وتطوير الحياة الاجتماعية وإعلاء الكرامة الإنسانية ليست إلا نتاجاً مدنياً لجهود بشرية جمعية صرفة.
ب‌- إن التدين ليس إلا سلوكاً معرفياً وأخلاقياً مشروعاً، ولكنه لن يزيد أو يقلل من درجة "تدخل" الله في شؤون الناس لإقامة العدل في حياتهم.
ولذلك فإن استعادة اليسار العراقي لجمهوره التقليدي من الطبقتين الدنيا والوسطى، والذي انجرف نحو الولاء لتيارات إسلامية شعبوية على رأسها التيار الصدري، تبقى مرهونةً بتكتيكين سياسيين متزامنين: السعي لإقامة كتلة تأريخية تحالفية غير اندماجية مع قواعد التيار الصدري من جهة، مع التوكيد المستمر من جهة أخرى على هوية اليسار المستقلة بإصراره على التبشير بأن لا صلة موضوعية طردية بين التدين وتحقيق العدل الاجتماعي، وهو اتجاه فكري بات مستساغاً إلى حد ما داخل التيار الصدري نفسه.
إن هذه الرؤية تنطلق من فرضية أن التيار الصدري لا يمكن تصنيفه ضمن أحزاب الإسلام السياسي النهمة للسلطة، بل هو تيار إسلامي اجتماعوي تغلب فيه النزعة الشعبوية الطوباوية المطلبية إلى حدٍ جعله يغدو منطقة فكرية وسطى بين اليسار العلماني والإسلام السياسي. وهذا ما يتطلب تحليلاً علمياً مستفيضاً يجريه اليسار العراقي لبنية الظاهرة الصدرية والكف عن التعالي الثقافوي عليها.

 
3- تدهور الثقافة السياسية للفرد العراقي:

كانت النتيجة المباشرة والمنطقية لترسيخ العجز المُتَعَّلَم وتجذير الارتهان وشيوع التدين الزائف في الحياة العراقية، هي انحدار عمودي في مستوى الثقافة السياسية لدى الفرد. ومن بين أهم مظاهر هذا الانحدار ما يأتي:

أ‌-  انتشرت "العدمية السياسية" Nihilism Political و"الكلبية السياسية" (أي النزعة التهكمية المتطرفة) Cynicism Political  بشكل متزامن مع ولاءٍ لاعقلاني لرموز سياسية فاسدة. فأصبح مألوفاً أن يلعن الفرد العراقي الواقع السياسي بكل شخوصه ومؤسساته ويصفه بالانحطاط وانعدام القيمة ويتمنى زواله، وأن يزدري كافة التيارات السياسية المتنفذة ويرتاب فيها ويشكك في نزاهتها ويسخر منها ويساوي بينها في الخطيئة والفساد، ثم يسارع بعدها لانتخاب مرشحين معينين فاسدين في نظره على أساس مذهبي أو عشائري أو مناطقي بحثاً عن أمن نفسي زائف يوفره له هذا السلوك القطيعي.
 
ب‌-بات الفرد العراقي يسب "الديمقراطية" ليل نهار عازياً لها أسباب الانقسامات المجتمعية وفقدان الأمن وانهيار الخدمات، متطلعاً من جديد إلى مستبد "عادل" طال انتظاره. وهو بذلك يقرن إدراكياً بين آليات الديمقراطية واعتلال الحياة السياسية، عاجزاً عن التمييز بين حقه المبدأي في الكرامة وحرية التعبير والاختيار وبين فساد السلطة ولا ديمقراطيتها.
 
ج‌- وبالنتيجة، جرى تقويض القدرة على التفكير السياسي الجمعي وما يمكن أن يتبعه من سلوك احتجاجي جمعي، إذ تدهورت توقعات الفرد العراقي عن فاعليته السياسية، وما إذا كان قادراً حقاً أن يسهم في توجيه دفة الأحداث في بلاده ولو في نطاق نقابي أو مطلبي محدود. هذا الاغتراب السياسي يمثل أقصى مؤشرات اللاأبالية والعزوف اليائس عن الالتحاق بالفعل السياسي الجماهيري الهادف إلى التغيير والإصلاح، وهو ما اتضح بجلاء في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة في 21 نيسان/ إبريل الماضي، التي انخفضت فيها نسبة المشاركة السكانية إلى معدلات غير مسبوقة، إذ وصلت في محافظة بغداد مثلاً إلى 33% فقط من مجموع من يحق لهم التصويت.
ومع ذلك، وإلى جانب كل هذه التردي في الثقافة السياسية، أمسى الفرد العراقي يمتلك وعياً تفصيلياً بماهية الفساد السياسي والمالي في بلاده، وبلا مشروعية نظام الحكم الحالي، وبالآفاق المظلمة التي تنتظر العراق في حال استمراره، ولكنه وعي ما يزال مكبلاً ياليأس والعدمية.
من هنا تتضح أهمية الدور الذي يمكن تؤديه أحزاب اليسار في إدامة وتطوير هذا الوعي السياسي المتنامي، وتقديم أنموذج يساري عملي ملموس عن جدوى الاحتجاجات الجمعية ووسائل الضغط السياسي السلمية في تحقيق منجزات ذات مردود مشترك لكل الفئات الاجتماعية، إذ أن إعادة الثقة للفرد العراقي بفاعليته السياسية وقدرته على التأثير تشكل حجر الزاوية في إعادة ترميم الثقافة السياسية بوصفها مفتاح التغيير والإصلاح؛ وهي مهمة تتطلب من اليسار إعادة تبنيه للنزعة الجذرية غير المهادنة في إدارة كفاحه السياسي.


 
صـنمية أم تجـديـد؟!


إن امتزاج عناصر الاعتلال الذاتي بعناصر الاعتلال الموضوعي لليسار السياسي في العراق، يفيد بأن جدلية العجز والأمل خلال السنوات العشرة الماضية ظلت فاعلةً لدى أحزاب اليسار ولدى الجمهور ذي النزعة اليساروية الاجتماعية على حد سواء.
وبتعبير استنتاجي، لا يجوز لليسار السياسي "العاجز" موضوعياً أن يغفل عوامل الأمل والفاعلية الكامنة في سيكولوجيا الجمهور اليساروي النزعة، كما لا يجوز لليسار السياسي "العاجز" ذاتياً أن يستسيغ أو يؤبّدَ فكرة الفشل، إذ كثيراً ما كان الحراك الاجتماعي كفيلاً بإصلاح الترهلات الايديولوجية للنخب السياسية أثناء مفاصل التأريخ الكبرى.
فتجارب عالمية كثيرة أعقبت الحقبة السوفياتية تشير إلى أن إصلاح الحركات اليسارية كان غالباً ما يبتديء من داخلها حينما تسود ثقافة "الاستقالة" و"التجديد"، وتغيب ثقافة "الوصاية" و"المعصومية". ويساريو العراق ممن أمضوا أكثر من عقدين من الزمن في مواقع حزبية قيادية، مدعوون اليوم لتقديم استقالات شرفية جماعية من هذه المواقع، والعودة إلى العمل السياسي أو الثقافي أو النقابي في مواقع أدنى إذا رغبوا، لفسح المجال لإعادة نظر شاملة بكل الهيكلية الايديولوجية والسياسية والتنظيمية لأحزابهم، بما يتيح الفرصة لصعود قيادات شبابية لهم خبرتهم وتأريخهم ومآثرهم.
فالخسارة ستكون أكبر من الخسارة الحالية، والعجز سيكون أشد من العجز الحالي، إذا لم يغتنم اليسار السياسي فشلَ أحزاب الإسلام السياسي في العراق بعد عشر سنوات من الحكم في تقديم أي أنموذج متماسك لدولة تمتلك حداً أدنى من المقبولية الشعبية، ليسارع (أي اليسار) لتقديم أنموذجه الكارزماتي الخاص عبر تجديده لشبابه الفكري والتنظيمي.
اليسار السياسي العراقي يواجه اليوم أزمة وجود ومصير، في مقابل يساروية اجتماعية خسرها لصالح كهنةِ السياسة مؤسطري الحياة. ويبدو أن لا حل مُجدي أمامه سوى أن يبدأ فوراً رسالة التجديد شكلاً ومضموناً. فحينما يصير اليسارُ تقليدياً ورتيباً وروتينياً يفقد يسارويته المتوهجة ويصير يميناً خابياً.
فمغزى هذه النزعة البشرية اليساروية المستوطنة في كل المجتمعات، شعبوياً ونخبوياً، إنها كانت على الدوام المترجمَ السلوكي لفلسفات التغيير عبر التأريخ. وهذه الترجمة السلوكية لم يصنعها إلا امتزاج الإقدام بالمجازفة والتجديد دون تطيّرٍ من ارتكاب الأخطاء؛ وكلها من خصائص العقول الجذرية غير المُصَوْنَمة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*  "اليساروية الاجتماعية" لا تقتصر على المجتمع العراقي، فهي نزعة عقلانية كامنة في الشخصية الاجتماعية في أي بلد، وهي تمثل الوعاء النفسي لنشوء اليسار السياسي بحركاته وأحزابه الايديولوجية. ولذلك فهي مفهوم يستحق التوسيع ليكون ظاهرة سيكوسياسية بشرية مشتركة عبر الثقافات، إذ تتوافر مؤشرات سلوكية ملموسة على أحقية افتراض وجود هذه الظاهرة، منها: السعي البشري المنتظم عبر العصور لتقييد الاستغلال وشهوة رأس المال ولترسيخ المزيد من مكتسبات العدل الاجتماعي في أطر قيمية وتشريعية؛ فضلاً عن الانتقال المستمر في الوعي السياسي للفرد عبر التأريخ من التسليم بسلطة الاستبداد والوصاية إلى التسليم ببديهية الحرية والديمقراطية. وفي مقابل اليساروية، تقف نزعة يمينوية لاعقلانية أخرى تسعى إلى "العدل الاجتماعي" بطريقتها الخاصة، كتيارات الأدينة السياسية والجماعات الفاشستية والحركات القوموية العنصرية، والتيارات المحافظة المروجة لمشروعية احتكار الثروة ووسائل الانتاج.
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية اولية
على روندي - طهران ( 2013 / 5 / 5 - 22:16 )
شكرا ايها العراقي المثقف المتميز
وشكرا على هذه الاطروحات الجديدة والموضوعية
هناك ثغرات نظرية وعملية في الطرح.. سنقوم بدراستها تباعا وسنوافيكم براينا بغية سجال موضوعي حتى لو اختلفنا هنا وهناك، ولكن ان سمح لنا الوقت والظروف
تقبل تحياتنا الصادقة


2 - رد الى: على روندي - طهران
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 6 - 13:59 )
الجدوى من الحوارات لا يتحقق إلا عندما يتم سد الثغرات الفكرية لدى المتحاورين وصولاً إلى تصورات أكثر موضوعية. ولذلك أنتظر بحماسة آرائكم الناقدة. شكراً لكم.


3 - مستقبل العراق
حمودي عبد محسن ( 2013 / 5 / 6 - 09:51 )
العرض المقدم من أستاذنا الكبير فارس كمال نظمي يدل على معرفة تامة بواقعية المرحلة الصعبة الراهنة التي أيضا على مفترق طريق الموت أو الحياة الجديدة وكذلك تدل على الجهد الكبير المبذول في دراسة واقع الحال ميدانيا وفكريا وسيكولوجيا، وهي استنتاجات أيضا متميزة في العقل المتنور والعاطفة الهادئة ، هناك رأيان ، الأول: متشاءم، إذ يردد :أن المجتمع العراقي يمر في مرحلة التوحش الذئبي، وما مصير العراق إلى قرى متوحشة متحاربة تقرض وطنها، الرأي الثاني، وهو أكثر ديناميكية، إذ يقول: صحيح أن البلد يمر بمرحلة العنف الطائفي والقومي بشكل معين، وأن المواطن لم يمتلك الوعي ، ولم يكن مهيأ لمثل هذه المرحلة، وإن القادة السياسين عموما جهلة وحرامية ولصوص لكن في خضم هذا الصراع والتغير لابد أن يفتح باب التفاؤل الذي سوف يتم تجاوز مرحلة التوحش إلى مرحلة جديدة التي فيها يعي المواطن أن الصلاة لا تعطيه خبزا وأموال الزكاة تذهب إلى جيوب المؤمنين الكبار، وأموال النفط تذهب إلى القادة السياسين وأعوانهم وحاشيتهم وعشيرتهم،إذ في هذه المرحلة سوف يكتشف أنه مضلل بأيدولوجية دينية تخدم تلك الأفواه المكشرة والبطون التي تمتد مترا في الفضاء، عند هذا الشعور فقط من البطن الخاوية التي تتضور جوعا يأتي الوعي الاجتماعي، ويبدأ تبلور الاحتجاج الجماهير،عندئذ سوف يسقط الجياع والمحرومون عروش الطغاة، أي عودة إلى ثورة المحرومين كما حدث في الثورة البرجوازية الفرنسية التي يجري الآن تحفظ كبير على هذه التسمية التي أطلقها ماركس، بعبارة أخرى العودة إلى شعارات الثورة الفرنسية واهدافها في العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية وحقوق المرأة التي لم تستطع أدعية المعممين أن تلبيها في مرحلة التعسف والحرمان...بودي يا أساذنا الجليل فارس كمال نظمي أن أقرأ رأيك في هذا الموضوع الذي يتركز حول مستقبل العراق المجهول...


4 - رد الى: حمودي عبد محسن
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 6 - 17:12 )
العزيز الأستاذ حمودي: من الصعب جداً قراءة مسارات الحدث السياسي القادم في العراق. الاحتمالات المتخالفة تتصارع وكأن لكل احتمال سطوته المؤكدة في التحقق والسيادة لاحقاً. لستُ من المتفائلين بأن الظلم الاجتماعي سيولّد بالضرورة وعياً سياسياً معارضاً راقياً ، ولست من المتشائمين أن المشهد الحالي المؤسي في العراق لن يتبدل بالضرورة على نحو دراماتيكي لينفتح على آفاق واعدة جديدة. والسبب هو إن عوامل متعددة الأبعاد تتفاعل بتفرد كبير في الجسم العراقي، إذ يختلط السياسي بالاجتماعي بالاقتصادي بالثقافي بالنفسي بالتأريخي بالديني بصيغ متينة نوعاً وكماً، بما يجعل نتائج التفاعل مفتوحة نحو احتمالات متنوعة بشأن مستقبل الهوية العراقية من جهة ومآلات العلاقة بين الفرد والمجتمع والسلطة والدولة من جهة أخرى، وما يترتب على كل ذلك من إنتاج معنى سامي أو منحط للحياة العراقية فردياً وجمعياً. يجب التمييز دوماً بين الحتمية والقدرية، فالحتمية يصنعها تفاعل الضرورات مع الإرادات وليس الضرورات وحدها. أما القدرية فهي تسمية مريحة يطلقها التفكير الرغبي حين يعجز عن تحسس قوانين السلوك البشري. ما أريد قوله أن الرأي (الثاني) التي تفضلتَ بطرحه (أي خيار الثورة والاحتجاج) هو احتمال قابل للتحقق لأنه نابع من ضرورات بشرية عملية وواقعية، لكنه سيبقى محض احتمال ما لم يجر التحريض عليه وزرع دوافعه في العقلية العراقية عبر تقديم أنموذج سياسي نخبوي حاد الملامح وواضح الهوية في صراعه الجذري المعلن مع الدين السياسي وكل أشكال النزعات اللا مدنية. وتلك هي المهمة المنتظرة من اليسار السياسي العراقي.


5 - المزيد من التشخيص
نجم عثمان ( 2013 / 5 / 6 - 17:08 )
الاستاذ د.فارس المحترم
تطرقت الى اليسار العراق بشكل عام ومن انك تقصد الحزب الشيوعي العراقي فقط
لذا اود رايك بشكل خاص بالحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي بناضل من اجل الطبقة العاملة ويطرح بديلها الحكومة العمالية
الشكر مقدما


6 - رد الى: نجم عثمان
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 6 - 21:36 )
الأخ الأستاذ نجم:
بالفعل أن هذا التحليل يشمل اليسار السياسي العراقي بشكل عام، أي القواسم المشتركة بين الأحزاب والحركات اليسارية، ولا يقصد به حزب محدد بعينه، ذلك أن كل حزب أو تيار أو حركة يتطلب تحليلاً خاصاً به لتسليط الضوء على بنيته وأزمته. ومع ذلك قد يفهم القاريء ضمناً أن المقصود الأكبر هو الحزب الشيوعي العراقي بوصفه البنية التنظيمية اليسارية الكبرى تأريخاً ودوراً. وهذا في الواقع ما لم أقصده، إذ أن الدراسة تفترض وجود ظاهرتين سيكوسياسيتين هما اليسار السياسي (بتياراته المتعددة) واليساروية الاجتماعية، لهما عناصرهما وبنيتهما ودينامياتهما بما يتجاوز نسبية أي حزب أو حركة. يحتاج الباحث في العلوم الاجتماعية أن يتوقف أحياناً ليمارس تجريداً عالياً حيال الظواهر، وهو في ذلك يستهدف الإحاطة الشاملة بأوسع مساحة ممكنة من الحدث الاجتماعي. فعندما أتحدث عن الإسلام السياسي في العراق فليس المقصود حزباً بعينه على الرغم من وجود أحزاب إسلامية بعينها بات لها تأثير كبير في صياغة الحدث السياسي؛ بمعنى يمكن تجاوز النسبويات الحزبية إلى فضاء الظاهرة السلوكية- السياسية الشاملة التي تتضمن تجريداً عالياً يستوعب كل تباينات الظواهر الفرعية.
أما عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي، فلستُ في موقع الاختلاف أو الاتفاق معه أو مع أي حزب بذاته، فالتحليل الذي قدمته لا يطال الرؤية الايديولوجية (المعتقدية) لأي حزب، بل يتركز على البنية السيكوسياسية لعموم اليسار، وكيف أن هذه البنية أدت إلى الاعتلالين الذاتي والموضوعي في سلوك الحركة اليسارية عموماً في العراق.
ومع ذلك إذا كان لي أن أعقب على موضوعة (الحكومة العمالية) من منظور تحليلي نفسي (وليس ايديولوجي) لبنية التفكير السياسي، فأقول أن أي طرح (ثوري أو انتخابي) يتبنى تسليم السلطة لفئة طبقية (عمالية مثلاً) أو فئوية (رجال الدين مثلاً) أو مهنية (عسكرية مثلاً) محددة سلفاً، إنما يقع ضمن تصنيف -الإنغلاق الذهني- و-التصورات النمطية- و-التعصب السياسي- و-العقلية الرغبية المثالوية- و-النزعة المعصوموية- و-وهم الاستئثار بالحقيقة-. وهذه ليست توصيفات نقدية جارحة، بل هي مصطلحات أكاديميةتوظف لفهم ودراسة السلوك البشري في تنوعاته الهائلة من الأسرة وحتى السلطة السياسية.
لقد ثبت بالملموس أن تحقيق العدالة الاجتماعية ليس مرتبطاً بالضرورة بسلطة الطبقة العاملة، مثلما ثبت أن شيوع التدين الزائف لن يؤدي إلى -تدخل الآلهة- لصيانة كرامة الناس وحرياتهم. وبعكس هذه الرؤية الديالكتيكية المرنة، سنبقى نجلد التطور الموضوعي للشخصية البشرية بسياط التمنيات الذاتية. فالطريق إلى الشيوعية لا تعبّده طبقة معينة (خصائصها السوسيولوجية في تغير مستمر)، بل يعبّده كل البشر في مسيرتهم التحررية عبر التأريخ.
مع كل الاحترام لنضال الحزب الشيوعي العمالي العراقي.


7 - تكثيف من ملامح الازمة بشكل ناجح
Alnasir Thabit ( 2013 / 5 / 6 - 21:12 )
الاستاذ نظمي يحاول في هذه العجالة ان يكثف من ملامح الازمة بشكل ناجح ، والمشكلة كما اراها لاتتمثل في ازمة يسار ، بل هي ازمة مجتمع بشكل عام تتبدى في صور عديدة ومتنوعة ومنها ازمة اليسار ، والا فبماذا تفسرون انحسار شعبية فصائل اليسار الاخرى رغم راديكاليتها وعدم دخولها في اي من امراض الشيوعية العراقية التي ذكرتموها بالاسم ( دون ان تذكروا اسم الحزب الشيوعي العراقي بالاسم ايضا ) مثل الشيوعي العمالي وغيرها من المسميات ؟ وهو نفس ماتواجهه التنظيمات الناصرية وحتى البعثية التي فرغت من مضمونها التاريخي ولم تعد الا محتويات صدامية تنتعش كرد فعل مرضي واحيانا طائفي لطغيان طغمة المنطقة الخضراء الحالية وفشلها المدوي ... وبالتالي فانني لااستطيع ان الوم موسى او الجزائري او فهمي او الحلفي على صنميتهم في مواقعهم او الوم الشيوعيين على تثبيت الكراسي لهؤلاء ، لان كل هذه المظاهر هي جزء من ازمة مجتمع


8 - رد الى: Alnasir Thabit
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 6 - 21:58 )
بالتأكيد إن إزمة اليسار العراقي لا يمكن فصلها موضوعياً عن أزمة بنائية ووظيفية تطال الوجود العراقي برمته، فرداً وشعباً وسلطة ودولة. ومع ذلك فإن درجات الوعي السياسي والجهد التنويري الأخلاقي تظل متباينة كماً ونوعاً داخل أي كينونة سوسيولوجية تأريخية كالعراق. ومن هنا فإن إخفاق اليسار العراقي يظل مفهوماً من الناحية التحليلية الأكاديمية، ولكنه لا يمكن أن يكون مبرراً من الناحية الرسالية إذا ما اتفقنا أن الوجود البشري يمتلك المعنى والغاية والهدف. ملاحظاتك أستاذ الناصر توحي لي بأفكار إضافية قد أرتأي إدماجها في ثنايا هذه الدراسة. شكراً لمداخلتك التي أنارت أبعاداً أخرى للأزمة.


9 - غبنت اليسار استذ فارس
احمد جميل ( 2013 / 5 / 6 - 21:15 )
التيار الديمقراطي حصل على 13 مقعد في الانتخابات الاخيرة الا ترى انها مؤشر ايجابي؟؟؟
الخلل ليس ذاتيا فقط !!


10 - رد الى: احمد جميل
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 6 - 22:09 )
بالتأكيد إن الخلل ليس ذاتياً فقط، وهذا ما أوضحته ضمن مبحث (الاعتلال الموضوعي لليسار).

أما عن حصول التيار الديمقراطي على (13) مقعداً، فبالرغم من إنني لا أود الدخول في مساجلات رقمية لأن أزمة اليسار العراقي لا يمكن اختزالها في عدد المقاعد أو في نسب انتخابية، وهذا ما أوضحته في تحليلي بالقول: ((فعقلية اليسار العراقي الحالي أخذت تتجه لقراءة التأريخ على إنه مباراة انتخابية رقمية أكثر منه قوانين صراعية تتطلب التفتيش عن المواجهة الدائمة مع الظلم الاجتماعي )) ، فإن حساباً بسيطاً للنتائج سيوضح أن (13) مقعداً تعني أقل من (4%) من المجموع الكلي في (12) محافظة عراقية؛ أي إن قوائم التيارات الطائفية والعشائرية السياسية حازت على أكثر من (96%). فأين المؤشر الإيجابي؟!


11 - المقاومة العراقية!!
ابو تانيا ( 2013 / 5 / 6 - 21:18 )
الكثير من الفصائل اليسارية العربية تدعم - المقاومة العراقية!! - بالرغم من طابعها الإسلامي-البعثي القومي والديني المتعصب والعنيف , وتخون معظم فصائل اليسار العراقي لإدانتها تلك - المقاومة- ، ما رأيك في ذلك؟


12 - رد الى: ابو تانيا
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 6 - 22:22 )
يوجد تعميم ومبالغة في مثل هذه الآراء. فليس في علمي أن اليسار المصري أو التونسي أو اللبناني أو المغاربي يدعم الجماعات الجهادية أو البعثية في العراق. لعل هناك حالات متفرقة هنا أو هناك لا ترقى إلى كونها ظاهرة مستمرة وثابتة تتضمن تخوين اليسار العربي لليسار العراقي. هناك التباس كبير حدث بسبب الاحتلال الأمريكي للعراق الذي أعاد إنتاج صدام في صورة البطل في الذهنية العربية عموماً. وكان لليسار حصته المحدودة في ذلك. وإذا أردنا دراسة هذه الحالات المتفرقة فمن المؤكد إننا بحاجة إلى تحليل منفصل وتفصيلي لأزمة هذه الحركات المحسوبة على اليسار العربي.


13 - حوار ناجح جدير بالتقدير والتثمي
صباح قدوري ( 2013 / 5 / 7 - 11:41 )
حاول الاخ والباحث الاستاذ الدكتور فارس كمال في حواره وبحثه عن اليسار السياسي في العراق، بان يطرح طروحاته بطريقة علمية معرفية وموضوعية ناجحة.متبعا فيها منهجا جدليا في البحث . وقدم تصورا ورؤية و شرحا ونموذجا وافيا معززة بالامثلة الواقعية، لتقريب فهم واستيعاب عملية الصراع السياسي والفكري الدائر بين اليسار السياسي نفسه وبكافة فصائله من جهة، والقوى الاخرى النقيضة لهذا اليسار، من الاسلام السياسي والفكر القومي المسلطة اليوم على دست الحكم في العراق بعد الاحتلال في 2003 من جهة اخرى .
واستنتج الباحث من بحثه الحواري، بان اليوم دور اليسار السياسي العراقي في تراجع كبير يكاد يتحول الى ازمة فعلية ،مما يسبب الى التاخر في عملية التغييرالسياسي في العراق الى وقت طويل، وبالنتيجة سيكون الخاسر والمضحى الاول والاخير هوالشعب العراقي . يمكن للنخبة السياسية اليسارية العراقية الاستعانة بكثير من الطروحات الجديدة والموضوعية والمعرفية المطروحة في هذا البحث الحواري،مستفيدا منها لاعادة النظر في مناهجها وسلوكها السياسي النضالي، والكشف عن الاليات الفعالة للانتقال الى حقيقة واقعها النضالي، من اجل المساهمة النشطة في احداث عملية التغيير الضروري، لانقاذ العراق وشعبه من محنتيه والوضع المزري الذي يعيشه اليوم.
اتمنى لكم دوام الصحة والنجاح المتواصل والعطاء الدائم والمثمر لخدمة العراق المجروح وشعبه الصابر.
مع المودة والمحبة


14 - رد الى: صباح قدوري
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 7 - 21:57 )
شكراً لهذه السطور التي تلخص بتركيز شديد ما جاء في دراستي من أفكار وغايات. مع كل المودة والاحترام إلى العزيز الدكتور صباح قدوري .


15 - تحيةً وتقديراً وتساؤلاً
حميد خنجي ( 2013 / 5 / 7 - 19:52 )
الشكرُ موصولٌ لزميلنا الباحث والألمعي العراقي الأخ الفاضل: فارس كمال نظمي المحترم، على هذا الطرح الجميل لشؤون وشجون اليسار العراقي، خاصة من زاوية منهج الباروسيكولوجي الغريبة نوعا ما على اليسار برمته
استمتعتُ حقا بالاجوبة والتحليل والتعليق العميقين، والمقنعين إلى حد بعيد.. وما زلت بصدد إعادة القراءة المعمقة لمختلف المسائل المتصلة بالموضوع
لي ملاحظة أولية وهي أن الطرح اتسم بشئ من التجريد.. بمعنى صار التركيز على المجتمع العراقي المعاصر، دون طرح الكل (الوضع العالمي والاقليمي)، أي السمة العامة لتراجع اليسار حتى على المستوى العالمي والتغيرالكبير اوالتدعيات التاريخية، التي حدثت على أثر مبارحة المجتمع البشري من منظومة ثنائية القطب إلى أحاديتها.. هذا من جهة. ومن جهة أخرى لاتوجد رؤية واضحة دقيقة واحصائية لبنية المجتمع العراقي المعاصر، على مختلف الصعد.. مثلا : كم حجم العمالة؟! كم حجم الإقتصاد الطفيلي -الاسود-غير القانوني؟! ما هي التركيبة النسبية للطبقات في عراق اليوم، مقارنة بعراق الأمس...الخ ... الى اخر الأحصائيات الضرورية لمعرفة التركيبة العراقية الشاملة، حتى يتسنى للسجال أن يأخذ منحى المنهجية الحقة
أكيد سنرجع للتعليق مرة أخرى
تحياتي


16 - رد الى: حميد خنجي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 7 - 22:30 )
تحية تضامنية لك أخي الأستاذ حميد خنجي الكاتب البحريني المميز بطروحاته ذات الطابع الشامل والموسوعي.
توخيتُ من تحليلي هذا أن أرصد حصراً حركة اليسار العراقي بشقيه السياسي والاجتماعي خلال السنوات العشرة الماضية التي أعقبت التغيير في العام 2003م وما أعقبها من الحقبتين الكولونيالية والإسلاموية، في محاولة لتقديم جرد فكري مختزل لأزمة هذا اليسار توصيفاً وتشخيصاً ضمن شوط زمني كان عاصفاً ومأساوياً لكل العراقيين. ولأن هذا التحليل يتخذ من السيكوبوليتيك منهجاً له في البحث والاستنتاج، فلم يكن من اهتمامه أن يتناول الجوانب الاقتصادية والطبقية للمجتمع، بل اقتصر تسليط الضوء على البنية النفسية للسلوك اليساري، بمعنى ديناميات الشخصية اليسارية ومدى فاعليتها أو عجزها عن إلهام الناس وتحفيز وعيهم باتجاهات أشد عقلانية. نضطر أحياناً أن نكون اختزاليين reductionists في التحليل أي نؤول الحدث أو الظاهرة ببعد واحد أساسي يجري التركيز عليه إغناءً وتعميقاً دون أن يعني ذلك إنكاراً للأبعاد الأخرى المتعددة للظاهرة . ولعل لكلا المنهجين: (الاختزالي والشمولي) فوائده وجدواه ونواقصه حين يتعلق الأمر بالتصدي لموضوعات ذات امتدادات شاسعة كقضية اليسار وأزمته العراقية والعالمية.
آمل في مناسبة قادمة أن أدمج البعد السوسيو-اقتصادي الإحصائي بالبعد النفسي التحليلي سعياً لتحقيق فهم أعمق وأدق للظاهرة اليسارية في العراق. وهي مهمة عسيرة أتمنى أن يشترك معي في إنجازها باحثون اجتماعيون آخرون.


17 - طلب توضيح
جمال احمد ( 2013 / 5 / 8 - 09:35 )
بعد التحية ،وتقيم طرحك للموضوع بهذا الاسلوب الراقي . أود ان توضح اكثر ما كتبته في التعليق السادس(لقد ثبت بالملموس أن تحقيق العدالة الاجتماعية ليس مرتبطاً بالضرورة بسلطة الطبقة العاملة) من هو الاخر لتحقيق العدالة الاجتماعية وكيف ثبتت بالملوس؟
تحياتي


18 - رد الى: جمال احمد
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 8 - 17:27 )
شكراً لك أخي أستاذ جمال لإثارتك هذه النقطة الجديرة بالمزيد من التحليل والحوار.
فلنتفق أولاً أن ليس ثمة عدالة اجتماعية كاملة تحققت في أرض البشر لحد الآن، بل إننا ما نزال في طور التأسيس لهذه العدالة، ولكن طور يتباين في درجاته من حالة التخبط والالتباس والإخفاق والنكوص إلى حالة الاستقرار والوضوح والإنجاز والتقدم. وأقصد بالحالة الثانية ما بلغته -الاشتراكيات الديمقراطية- في أوربا من تحقيق ملموس للحد الأدنى من العدل الاجتماعي المتمثل بديمقراطية الرأي والخبز المكفولة بقوة القانون وحماية المجتمع المدني المستنير. لا ريب إنه عدل اجتماعي نسبي وليس العدل الاجتماعي الكلي كما يفهمه دعاة تحرير الإنسان من كل قيد أو ذل أو حاجة. ليس لنا أن ننكر أن تلك المجتمعات بعد أن انتهت من معضلات الجوع والمرض فإنها باتت تعاني من أزمات ما بعد اقتصادية، أي أزمات الاغتراب النفسي، والإنسان- السلعة، وميكانيكية الحياة، والإنسان المختزل في بعد واحد، ومشاعر الذنب حيال الشعوب النامية المقهورة، وكلها مفاهيم تحدث عنها الفلاسفة الاجتماعيون منذ خمسينات القرن الماضي، مثل (إريك فروم) و(هربرت ماركوز) وغيرهما.
ومع كل ذلك، فإن هذا النموذج -الاشتراكي الديمقراطي- (لاسيما مجتمعات الرفاه الاسكندنافية) يمثل أفضل اقتراب حققته البشرية من حلمها القديم المستمر نحو المدينة الفاضلة المرتجاة، بالمقارنة مع التجربة السوفياتية السابقة بامتداداتها الأوربية (دون إغفال إيجابياتها)، وتجارب التنمية الفاشلة في العالم الثالث في مرحلة ما بعد التحرر من الاستعمار، وحتى التجربة الصينية الاقتصادية العملاقة التي كرست التمايز الطبقي والاستغلال والفقر. وكما هو معلوم فإن هذا النموذج الرفاهي الاسكندنافي هو نتاج لصفقة تأريخية بين العمال وأرباب العمل لتقاسم السلطة على أسس فريدة من تكامل القطاع العام مع القطاع الخاص، وضمن شروط صارمة تحفظ التوازن بين الطرفين على أسس المسؤولية الاجتماعية المتبادلة لخدمة المصلحة المجتمعية العليا. هذه الصفقة التأريخية هي محصلة لنضال نقابات العمال والطبقة الوسطى والمجتمع المدني والنخب التنويرية، وهي خطوة تأسيسية مهمة على درب الوصول إلى الدولة العادلة في عصر قادم . هذا النموذج تعرض إلى أقل قدر ممكن من الهزات الاقتصادية والسياسية، وإلى بيروقراطية وفساد إداري ومالي هو الأقل بالمقارنة مع بقية دول العالم، فضلاُ عن حيازته على مقبولية مجتمعية كبيرة تجعله بمنأى عن الانهيار المفاجيء كما حصل في التجربة السوفياتية والعالمثالثية.
الفكرة مما أردت قوله أن العدل الاجتماعي ليس نتاجاً لطبقة واحدة، بل هو محصلة مؤسساتية ونفسية تنتج عن صفقة تأريخية تشترك كل الفئات الاجتماعية في إبرامها. ودون نشوء الوعي الاجتماعي بضرورة هذه الصفقة يبقى المجتمع، أي مجتمع، يدور في دائرة الأوهام والأزمات، بسبب رغبة الفئات أو الطبقات الفرعية بالاستئثار بالسلطة وبالحقيقة.


19 - مساهمة نظرية متميزة
علاء اللامي ( 2013 / 5 / 8 - 09:59 )
مساهمة نظرية متميزة فعلا للأستاذ فارس .. أفكار عميقة ورصينة مصوغة بلغة مكثفة و مصفاة .. يمكن أن نضيف لما تفضل به : أن الأزمة ليست أزمة يسار عراقي أو عربي فقط بل أزمة اليسار التقليدي كله في العالم باستثناء اليسار الجديد في أميركا اللاتينية والتي تجترح تجارب جديدة للعمل الثوري شكلا ومضمونا ماتزال تحرز الانتصارات تلو الانتصارات ..أما الحزب الشيوعي الفرنسي مثلا أو حتى الإيطالي فلا يقلان مشاكل وأزمات انحسار وضمور من الأحزاب اليسارية عندنا في العراق والدول العربية والشرق أوسطية الأخرى .. ينبغي البحث في التجربة الفعلية لهذه الأحزاب وكشف مسببات فشلها الحقيقية كغياب الديموقراطية الداخلية وسيطرة زمر قيادية منتفعة معينية لعدة عقود على قيادتها وفلترة مؤتمراتها العامة وخلود زعمائها في مناصبهم لفترات تقترب من ربع قرن أحيانا، وحتى توارث الزعامات كما هي الحال في الحزب الشيوعي السوري - آل بكداش-، وفي ابتعاد هذه الأحزاب عن التراث المشاعي والمساواتي العريق لشعوبنا كالتجربة القرمطية واليسوعية الفسطينية وثورة الزنح والتصوف القبطاني المعادي للملكية الخاصة الاستغلالية .. ومراجعة الدور الوطني لقيادات هذه الأحزاب التي اصطفت الى جانب الغزاة الأجانب أحيانا وتروطت في مشاريعهم في إقامة المؤسسات الحاكمة الطائفية كمجلس الحكم عندنا في العراق ...هذه ليست أخطاء يمكن التغاضي عنها بل كوارث ومصائب يجب أن يختفي المتسببون بها لصالح صعود قيادات شابة جديدة يمكن أن تستلهم و تستفيد من تجارب اليسار اللاتيني أو من تجربة البرلمان اليساري في أوروبا ومن تجربة - الشبكة اليسارية- في إيطاليا التسعينات .. أحزاب يسارية أخرى ليست بريئة من المشكلات والأخطاء كاعتماد النزعة الإلحادية أو الإباحية التي تنفر الجماهير ذات المصلحة في التغيير اليساري والمبالغة في دور ما يسمى الصراع الفكري والسياسي والأيديولوجي وإهمال العمل الطبقي المباشرة لمصلحة الطبقات الفقيرة .. شكرا جزيلا للأستاذ فارس على قوة طرحة وإتاحته هذه المناسبة لمناقشة الموضوع وإغنائه


20 - رد الى: علاء اللامي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 8 - 18:14 )
أشكر مداخلتك المهمة عزيزي الأستاذ علاء اللامي. وقد اعتدنا أن نستمع منك على الدوام جدة التحليل وجرأة الرؤية، سواء تطابقنا أو اختلفنا، فالجدوى الحقيقية تنبع دوماً من تحريك الراكد واجتراح احتمالات أسمى في التفكير والممارسة.
ما تفضلتَ به يصلح أن يكون نواة لورقة فكرية تلخص أبعاداً أخرى لأزمة اليسار العراقي، وآمل أن يتاح لك الوقت لإنجاز هذه الورقة كوثيقة تشخيصية صادرة من رجل أنفق معظم سنوات حياته يفكر في سبل تجديد العمل اليساري نظرياً وعملياً.
وإذا كنتُ أتفق معك في معظم ما طرحته في مداخلتك العميقة، فإنني أختلف معك في مسألة نزع الوطنية أو كما تسميها: (مراجعة الدور الوطني لقيادات أحزاب يسارية اصطفت إلى جانب الغزاة الأجانب...)، إذ آن الأوان التأريخي أن يتوقف اليساريون عن تخوين بعضهم مهما كان حجم التناقضات الفكرية بينهم. أعتقد أن اشتراك قيادة الحزب الشيوعي العراقي في مجلس الحكم في تموز 2003م كان خطأ سياسياً فادحاً لأسباب يطول شرحها الآن، ولكنه ليس مؤشراً على (عدم وطنية) تلك القيادة أو رغبتها المبيتة للإساءة إلى الحزب أو قضية اليسار عامة. ينبغي أن نفصل بين اختلافاتنا ورؤانا الفكرية المتباينة وبين التشكيك بوطنية من نختلف معهم.
أزمة الحزب الشيوعي واليسار العراقي عامةً هي أزمة بنائية عميقة، وهذا ما حاولتُ أن أوضحه في دراستي. ولذلك فإن أي إخطاء أو إخفاقات تحدث ستكون جزءاً متوقعاً من هذه الأزمة القائمة سلفاً، وهي أزمة لا تتعلق بوطنية اليسار ونزاهته وفروسيته، بل تتعلق بآلياته وأنساقه وهرميته وقدرته على التجديد والابتكار. أعتقد أن اليسار العراقي بكافة تياراته كان (من الناحية الأخلاقية) بطولياً ووطنياً وإيثارياً طوال تأريخه بالرغم من كل اخفاقاته العملية، ولا جدوى أبداً من أي تراشق لفظي بين اليساريين أنفسهم يصل أحياناً حد التخوين والتشكيك بالوطنية.
أكرر، آن الأوان التأريخي أن ينشأ تحالف تأريخي بين كل قوى اليسار، عماده المشتركات الأساسية (الحرية والعدل الاجتماعي)، وطاقته المحركة هي التباينات الفكرية الباحثة عن صياغة تصورات أرقى لشكل الصراع والمواجهة مع الإسلام السياسي والاحتكارات الطفيلية. أعلم أن تأسيس هذا التحالف ليس بالأمر الهين في ضوء (متلازمة تفكك اليسار العراقي) التي أوضحتها في الدراسة، لكن الظروف الموضوعية اليوم تسمح على الأقل ببدء الخطوة الأولى نحو إبطال هذه المتلازمة.
وهذه دعوة مخلصة لك أستاذ علاء اللامي لتكون رائداً في إعادة توحيد اليسار العراقي.


21 - العراق وازمة العقل الجمعى العراقى
الدكتورجلال خضير الزبيدى ( 2013 / 5 / 8 - 12:58 )
الاخ المفكر فارس كما عمر نظمى تشخيصك لحركة اليسار العراقى كانت ابعادة الفكرية موضوعيةوذات وجدانية نضاليةوقد استطعتم بجدارة عقلية التلمس لهموم اليسار العراقى فى ظل هذا المعترك السياسى العراقى المعقد..ولكن ردكم على الاستاذ احمد جميل فى التسلسل رقم 10 للاسف لم يكن موفقا . فحاولتم ايجاد نوع من القطيعة بين عدد المقاعد الانتخابية التى حصلت عليها القوى المدنية بينها وبين قوانين حركة الصراع المجتمعى العراقى وكانكم تجردون عنوةجدلية العلاقة بين هذة النتائج الانتخابية ومخاضات الصراع السياسى والاجتماعى المتعاظم فى العراق.. ( فالتفتيش عن المواجهة مع الظلم الاجتماعى )هو بالضبط القضية الملحة والبرنامج الوطنى لليسار العراقى ..ان احدى اهم المهام الراهنة الملحة لليسار العراقى بمختلف فصائلة هو بالضرورةالتوجة لاطلاق وانطلاق ثورة ثقافية تعمل على تحطيم الموروث الماضوى الغيبى لاسس وبنية العقل الجمعى العراقى واخراجة من دوامة التحنيط السياسى والاجتماعى .... 


22 - رد الى: الدكتورجلال خضير الزبيدى
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 8 - 18:41 )
تحياتي لك دكتور جلال خضير الزبيدي.
في الواقع إنني لم أتحدث عن قطيعة بين الناتج الانتخابي وقوانين الصراع المجتمعي، بل إنني أوضحت بالتفصيل في المبحث الثاني من دراستي المعنون (الاعتلال الموضوعي لليسار السياسي العراقي) كيف يواجه اليسار العراقي اليوم عقلاً شعبوياً جمعياً مليئاً بالعجز والأساطير, وأن هذه الاعتلال في بنية العقل المجتمعي هي واحدة من أكبر العوامل المفسرة لأزمة اليسار وانحساره. ولكن هذا الاعتلال الموضوعي لا يلغي وجود اعتلال آخر ذاتي في عقلية اليسار وممارساته، يتطلب تشخيصاً ومعالجة.
ما أريد قوله أن نسبة الـ(4%) التي حازت عليها القوائم اليسارية في انتخابات مجالس المحافظات، إنما تعكس الاعتلالين معاً:
1- عجز الجماهير الموروث من العهد البعثي السابق، وما أعقبه من ارتهان لإرادتها بيد الإسلمة السياسية.
2- وايضاً عجز اليسار ذاتياً عن تجاوز أزمته الممتدة منذ (10) سنوات على الأقل، ما أدى إلى فقدانه لغالبية قواعده لصالح الأحزاب الثيوقراطية صانعة الوهم والقيود.

يجب أن نواجه الأمر بحقيقته دون إغفال لأي عامل. هل نرمي اللائمة على الجماهير وحدها ونبقى -معصومين- من أي تقصير أو عجز؟!! وهل الجماهير وحدها هي التي تصنع وعيها؟ أم يمكن للأداء السياسي والفكري العقلاني للنخب الرسالية أن يسهم في إعادة تشكيل الشخصية السياسية للفرد العادي بنسبة ما؟
أظن أن المهمة الأخلاقية لليسار اليساري ينبغي أن تجعله ناقداً لذاته قبل أن يكون ناقداً للجماهير ذات النزعة اليساروية الاجتماعية!


23 - تحية وتقدير لمجهودكم القوي هذا
عذري مازغ ( 2013 / 5 / 8 - 14:24 )
دائما حين يطرح مشكل اليسار في الدول العربية، يثيرني فقط واقع ملح، لماذا اليسار برغم خطابه الإيديولوجي المقنع لم يستطع أن يكون له مد جماهيري؟ هذا انطباع أولي، ثم أيضا تنطرح مشكلة التشتيت اليسارية، الإنقسامات اللامتناهية، لماذا هذه الإنقسامات في نفس الرؤيا الإيديولوجية، المشكلة كلها من وجهة نظري الخاصة وإن لم تكن تتبلور عندي كموقف عام رغم أني حاولت التطرق إليها في مناسبات عديدة، المشكلة هي في البنية الهيكلية للأحزاب، وكاذا في بنيتها الكارزمية (نفسية)، فهي توازي البنية التنظيمية ذاتها للأحزاب البرجوازية بمعنى أنها هرمية تفتقد قمتها لمصداقية الجماهير من منطلق وضع تاريخي متجاوز، إن الزعامة في القديم كانت تستند إلى خصوصية قائمة: وجود أقلية مثقفة سياسيا مقابل وضع القطيع الذي كان يفتقر إلى التثقيف، هذه الأقلية الواعية كانت لها مشروعيتها الموضوعية في زمن قلة المعلومة ومصادر المعرفة بشكل عام، ثم إن وعي هذه الأقلية لحقيقتها السياسية هذه خلق هالة من القداسة حولها جعلها من الصعب أن تقبل تغير الأحوال، أي أن قطيعا من الجمهور يملك أدوات التحليل كما يملك المراجع التي تؤهله لصياغة مسار نضالي مختلف على فهم الزعامات، هذا الصنف الجديد اصطدم بعقلية خانقة داخل أحزاب اليسار: زعماء لا يتغيرون، أبديون، منغلقون على ذواتهم، متهكمون من الروح الجديدة في استنادهم إلى هالة رصيدهم النضالي وإلى التجربة التاريخية بشكل تبدو عائقا يستحيل تجاوزه، أضف إلى ذلك موضوع الممارسة الديموقراطية داخل هذه الأحزاب، وبشكل جريء أتكلم عن الكولسة والبيروقراطيةوأساليب تحصين وتأبيد هذه الزعامات،وهي أساليب مترسخة في بنية وهيكلية هذه الأحزاب وتبدوا حتى من خلال تقسيماتها التنظيمية: طفولة الحزب، شبيبته، نساؤه أضف إليها التفريعات الأخرى وهي تصنيفات تقزم الفرد داخل هذه الفروع، وغالبا ما تستخدم في التصويت داخل المؤتمرات، أضف إلى هذا شكل تنظيم المؤتمرات: كولسة التقارير والدراسات التي تتم بشكل توجيهي وغالبا تتكلف بها المجالس الفوقية بينما تكتفي المجالس الفرعية فقط بإعادة صياغتها وفقا لرتوشات فارغة، هذه البنية التنظيمية المعقدة هي ما يخلق الصدام بين جيلين أو أجيال سياسية داخل الحزب وهي بالضرورة تؤدي إلى التشتت: معالجة قيمية للأحزاب تفترض نقدا ذاتيا وهدم بنيتها التنظيمية لتسمح بتغذية الأحزاب اليسارية، يجب السماح بتعدد التيارات داخل الحزب لأن التنوع فيه ظاهرة صحية وليس العكس بينما بقاؤها على حالها يزيد النفور منها حتى من اليساريين أنفسهم
ختاما أشكر لكم تحليلكم الرائع هذا


24 - رد الى: عذري مازغ
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 9 - 19:20 )
الكاتب المغاربي المجدد عذري مازغ: بكلماتك النافذة هذه تعيد طرح قضية فلسفية - أخلاقية قديمة وجديدة في آن معاً سبق أن تطرق إليها مفكرون اشتراكيون مهمون مثل (روزا لكوسمبورغ)، وهي إشكالية هل أن التنظيم الحزبي بالضرورة يصبح قيداً غير ديالكتيكي يخنق الأفكار ويقولبها في علب جامدة؟!!

فهل نحن بصدد حتمية موت الفكرة حينما يجري تأطيرها تنظيمياً وحزبياً؟ أم إن الأمر يؤول في نهايته إلى مدى قدرة أو عجز التنظيم عن التجديد والانفتاح، وليس إلى عقم الحزبية وجمودها على نحو مطلق.

أظن أن مسألة هيكلية التنظيم، وديمقراطية الأداء، وتراتبية العلاقة الحزبية، وآليات العمل واتخاذ القرار، وضمانات ملموسة للتجديد وعدم التحجر، أصبحت جميعاً في صميم المناقشات المقترحة لأزمة اليسار العراقي والعالمي عموماً. ومرة أخرى أدعو إلى دمج البنية الأكاديمية الاجتماعية في البنية التنظيمية لليسار، إذ أن مكتشفات علم النفس السياسي والاجتماعي في تحليل ديناميات الأحزاب والمنظمات والجماعات السياسية أصبح لا غنى عنها في هذا المضمار.
تحياتي وتقديري.


25 - الدعوة للمراجعة ليست تخوين
علاء اللامي ( 2013 / 5 / 8 - 19:44 )
عزيزي الأستاذ فارس .. شاكرا تلطفك بالرد على مداخلتي السابقة أود أن أوضح التالي:
- دعوتُ إلى مراجعة الدور الوطني لقيادات معينة ، والدعوة للمراجعة لا تعني التخوين أو نزع الوطنية عن أحد .. ورأيي هو رأيك ذاته ( بوطنية اليسار ونزاهته وفروسيته ) أو ( أن اليسار العراقي بكافة تياراته كان (من الناحية الأخلاقية) بطولياً ووطنياً وإيثارياً طوال تأريخه بالرغم من كل اخفاقاته العملية..) وربما كتبت عن هذا المحور في مناسبات سابقة ما هو أكثر مناقبية وإطراءً ولكن عرض ووصف الحال السيئ ليس من التراشق اللفظي كما أعتقد ولكن ربما ساعد على استنباط هذا الحكم لغتي الحادة وعباراتي المكثفة أكثر من اللازم أما عن اشتراك قيادة الحزب الشيوعي في مهزلة -مجلس الحكم- فقد وصفتها أنت بالخطأ السياسي الفادح و وصفتها أنها بالكارثة و الفرق بين التعبيرين ليس كبيرا كما أعتقد .
- الاستدراك أعلاه لا يعني التخلي عن شرحي لبعض عوامل الأزمة التي طرحتها في مداخلتي (كغياب الديموقراطية الداخلية وسيطرة زمر قيادية منتفعة معينة لعدة عقود على قيادتها وفلترة مؤتمراتها العامة وخلود زعمائها في مناصبهم لفترات تقترب من ربع قرن أحيانا، وحتى توارث الزعامات.. الخ ) فهذه مقترحات للمعالجة قابلة للتخطئة والتصويب .
- عدا عن ذلك، أراني متفقا معك بالتمام والكمال في ملاحظاتك الأخرى ، وأعدك وأعد الأصدقاء والرفاق المشاركين في هذه الحوارية المفيدة بمداخلة أخرى قريبا حول العنوان الذي اقترحته أنت حول - وحدة اليسار العراقي- .. دمت باحثا عميقا وجريئا.. وقد نشرتُ رابط هذه الحوارية على صفحتي الشخصية على الفيسبوك لتوسيع دائرة الحوار.


26 - رد الى: علاء اللامي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 9 - 19:37 )
شكراً جزيلاً للإيضاحات الوافية عزيزي أستاذ علاء اللامي. وسنكون بانتظار مداخلتك أو ورقتك القادمة المهمة (وحدة اليسار العراقي)، والتي آمل أن تتطور بجهودك الأصيلة إلى عمل ميداني تحالفي يعيد الصفاء والألق إلى القلادة اليسارية العراقية بكافة ألوانها .
كل الاحترام والاعتزاز.


27 - اليساروية في المجتمعت المتقدمة
سلام طه ( 2013 / 5 / 8 - 20:24 )
دكتور , اشكرك على هذا البحث المكثف والمنهجي وأشد على يدك في فتح ابواب هذا النقاش على مصراعيه لانه قد حان الوقت لنصل الى ضفة فهم لواقع اليسار المتردي, في الحقيقة لدي عدة ملاحظات سأحاول ان اتراسل معك بخصوصها بأجزاء, اولها الذي ابتدأ من الحاشية الاخيرة وهو ما ذهبت اليه بخصوص ترسخ النزعة اليساروية المجتمعية في اللاوعي الجمعي لمختلف الشعوب, سؤالي هل يحق لنا ان نعتبر ان جماهير الاحزاب العمالية والديمقراطية الاشتراكية والمصنفة تحت لواء يسار الوسط و الخضر والبيئة في المجتمعات المتقدمة في اوربا وكندا و دول المحيط الهادئ من طيف اليساروية التي ذهبت اليها في تحليلك ؟ , لانني من تجربة شخصية بسيطة اكتشفت ان الجماهير تنتخب هذا الحزب او ذاك لاسباب انتخابية بحتة وليس بالضرورة ذات طبيعة ايديلوجية راسخة, هم سيذهبون مع الذي يعدهم بتقليل القرض الدراسي او ربما زيادة التأمين الصحي للمتقاعدين, ذات الناخب سيذهب مع اليمين المتطرف وينتخب حكومات تذهب به الى الحرب وشن عدوان على دول اخرى كما حدث في حالة استراليا وحكومتها التي شنت الحرب على العراق في 2003, ما وددت الاشارة اليه ان هذه الجماهير غير ممنهجة او متنورة باكثر من مجرد الرغبة في انتخاب من يقلل ضريبتها اكثر او ربما ينفق اكثر على دعاياته الامتخابية ويغسل ادمغتها, انظر فشل اليسار الايطالي وصعود بيرلسكوني من جديد في اخر دورة انتخابية... رغم معرفتنا بالهوى اليساروي التقليدي عند الايطاليين ؟ أأسف للأطالة و ساعود اليك بنقاط اخرى لاحقا وتقبل تقديري لجهودك زميلي.


28 - رد الى: سلام طه
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 9 - 20:34 )
أخي العزيز الأستاذ سلام طه:
ها أنت تتيح لي فرصة توضيح ما قصدته بمفهوم -النزعة اليساروية الاجتماعية-. لقد دأبنا في علم النفس الاجتماعي على ملاحظة السلوك البشري وتوثيق سياقاته المتكررة لتتضح من خلال ذلك احتمالات سلوكية معينة تدفعنا لاتباع المنهجية العلمية لقياسها والتثبت من كونها مفاهيم أو ظواهر مستقرة وراسخة، أم كونها حالات سلوكية متذبذبة لا استقرار منتظم في تكرارها.
وقد زعمتُ في تحليلي المنشور هذا أن ثمة نزوعاً عقلياً بشرياً يساروياً كامناً عبر التأريخ للانحياز إلى قيمتي العدل والحرية، وهو زعم أولي قائم على الملاحظة والافتراض، ولعل هناك ما يسنده من أدلة وبراهين نظرية ووثائقية غير قليلة. إلا أن إرساء أساس مؤكد لهذا الزعم أو هذا المفهوم المقترح، إنما يتطلب عملاً بحثياً ميدانياً شاقاً عبر الثقافات cross- cultural يمكن أن يضطلع به فريق أكاديمي متخصص، عبر سلسلة من التجارب المقننة لقياس الدافعية الكامنة خلف هذه النزعة، ووضع الفرضيات الكفيلة بالبرهنة على وجودها، فضلاً عن اكتشاف تغايراتها وتبايناتها في علاقتها ببقية خصائص الشخصية البشرية والعوامل الموقفية الاجتماعية.
أما عن سؤالك حول: ((هل يحق لنا ان نعتبر ان جماهير الاحزاب العمالية والديمقراطية الاشتراكية والمصنفة تحت لواء يسار الوسط و الخضر والبيئة في المجتمعات المتقدمة في اوربا وكندا و دول المحيط الهادئ من طيف اليساروية التي ذهبت اليها في تحليلك ؟))، فأقول أن ما قصدته في النزعة اليساروية إنها بشرية معرفية ناجمة عن إدراك الظلم وراغبة بتفاديه حفظاً للذات وصيانةً لمصالحها وحقوقها، وبالتالي فإنها نزعة نفسية تتجاوز الإطار الايديولوجي أو الأخلاقوي التقليدي. فيمكن لهذه النزعة أن تظهر حتى لدى المتدينين والموسرين والكارهين للايديولوجية اليسارية. ولذلك فليس شرطاً أن الجمهور الذي ينتخب حزباً عمالياً معينا في دولة متقدمة أن يكون جمهوراً يساروياً بالمعنى الذي قصدته ما دام موقفه هذا نابعاً من حاجة ضيقة وقتية لا من وعي سياسي عميق. فالنزعة اليساروية الاجتماعية أوتت ثمارها في البلدان المتقدمة بمرور الزمن، إذ اضطر النظام الرأسمالي إلى رفع سقف الحرمان الاقتصادي إلى ما فوق الحاجات الأساسية للبشر، وكل ذلك بتأثير النضالات المشرفة للعمال والمثقفين على مدى مئات السنين. وهكذا نجد أن اللعبة الانتخابية لم تعد تتركز على المفاضلة بين أحزاب استغلالية وأحزاب اشتراكية بل بين وعود انتخابية ضيقة تتعلق بمكاسب فرعية يقدمها الحزب الفلاني لجمهوره (من قبيل قرض دراسي أو زيادة الرواتب التقاعدية...). ولكن ذلك ليس معناه أن النزعة اليساروية قد غابت أو انتهى مفعولها لدى الجماهير الغربية، بل يمكن القول أن طاقتها قد توزعت في ميادين فرعية عديدة بحكم الرفاه النسبي الذي تحقق في تلك المجتمعات. إلا إنها تبقى نزعة كامنة يمكن أن تستثار بواحد من أسلوبين: إما تحفيزها بواسطة اليسار السياسي الفاعل والمبدع، وإما إنها تستثار تلقائياً حين يشعر الناس أن ثمة خطر حقيقي يهدد المكاسب الاقتصادية والاجتماعية العقلانية التي حققوها عبر الأجيال وأصبحت إرثاً مجتمعياً لا يجوز المساس به من أي سلطة مهما كانت يمينية. ولذلك نجد أن ثمة حدوداً -مقدسة- لا يمكن لأعتى الأحزاب اليمينية في أوربا أن
تتجاوزها في حالة فوزها بالانتخابات، أقصد بها حدود الضمانات الاجتماعية والصحية والتعليمية الأساسية، إذ تعجز عن تقويضها أو المساس الجوهري بها بالرغم من محاولاتها الثابتة لتقليلها أو الحد منها.

اليمين الرأسمالي يعلم أن ثمة نزوعاً يساروياً كامناً في الشخصية الاجتماعية، وليس أمامه إلا المناورة معه لترويضه وإيهامه وخداعه بمكاسب محدودة، ولكنه يعلم جيداً أن ليس بوسعه إنهاء هذا النزوع لا سيما بعد أن تحول إلى وعي سياسي ثابت في الثقافة السياسية اليومية للإنسان الغربي عامة. مرة أخرى، الإنسان يفكك أوهامه التي صنعها بنفسه، وليس ثمة إمكانية لأي تراجع عن هذا التقدم.


29 - وماذا عن تقسيم العراق
سارة خنانو ( 2013 / 5 / 9 - 04:02 )
لازال الكثير منا نحن العراقيين في المهجر نعيش على امل العودة . ولكن اين نرجع في اي منطقة نعيش ولا نشعر باي غربة ونحن في وطننا . الاكراد يدا بيد مع اليهود كل يوم يمزقون بلدنا الجبيب اين ياترى اليسار من هذا التقسيم وهل فعلا سنعيش لنرى العراق مقسم ؟


30 - رد الى: سارة خنانو
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 9 - 20:59 )
إذا اتفقنا أن ثمة فرعين أساسيين لليسار في الجزء العربي من العراق: يسار ماركسي ويسار قومي، فإن كلاهما (منطلقاً من نظرته الأممية أو العروبية) كان مؤيداً وعاملاً من أجل وحدة العراق أرضاً وهوية لأسباب ايديولوجية واقعية أو إنسانية أو رومانسية.

أما الإسلام السياسي الحاكم حالياً، والذي أنتجته الكولونيالية الاحتكارية المتوحشة، فهو يكره الهوية الوطنية لأنها ببساطة تلغي مشروعه السلطوي الانتفاعي. الإسلام السياسي الطائفي يكره فكرة (الوطن) لأنها تضعف أحقية وجوده وتجرده من أي غطاء يبرر وجوده.

الأمر لا يتعلق بكون التقسيم خطيئة أم فضيلة، بل يتعلق بتشطير الهوية العراقية إلى انتماءات متصارعة طاردة لبعضها حد التكاره والتحارب. التقسيم ليس موضة أو صرعة أو اختراع جديد يستهوي عقول الناس فجأة، بل هو (نتيجة) موضوعية لوعي زائف بأن ثمة هوية تستحق الولاء سوى الهوية البشرية الأممية.

الإسلام السياسي يفتت البنية العقلانية للإنسان، يؤسطره، يرتهنه، يكسر شوكته، يلغي صلته الموضوعية بعالمه. فيكون تفتيت الوطن انعكاساً لتفتيت العقل وإهانته.


31 - الحرب الباردة
أحمد السيد علي ( 2013 / 5 / 10 - 16:28 )
الاستاذ فارس كمال
شكرا لهذا الجهد الطيب والعميق لقراءة اليسار العراقي عامة والحزب الشيوعي العراقي خاصة ، وربّما أتفق بكثير من تحليلاتك، ولكن هناك قصور بالعامل الموضوعي وليس التركيز على العامل الذاتي فقط، فإنحسار أحزاب شيوعية كبيرة منها على سبيل المثال وليس الحصر الحزب الشيوعي الايطالي ، الحزب الشيوعي الفرنسي ، الحزب الشيوعي الاندنوسي ، الحزب الشيوعي الشيلي ، الحزب الشيوعي السوداني ، الحزب الشيوعي العراقي ، وغيرهم وهنا أخص بالذكر الاحزاب الشيوعية في ما يسمى العالم الثالث تعرضت الى مذابح كبيرة بسبب الحرب الباردة وتقسيم العالم لحصص محسوبة مابين الدول الاشتراكية سابقا والدول الرأسمالية وبدا بوضوح بعد حركات الاستقلال صعودا الى ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، ولا شك تداعي وإنهيار المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي هو سقوط الرمز بالاستشهاد، مما أدى الى نكوص كبير في هذه الاحزاب وخاصة في العالم الاسلامي جعل أنصارهم بالعودة الى الروح اللاهوتية لحماية الذات الهشة من الانكسارات المستمرة تحت ظل أنظمة البرجوازية الوطنية التوليتارية، وفي تقديري هناك مراحل في الاقتصاد من نمو...إزدهار...تضخم...كساد فالاحزاب اليسارية تمر في مراحل يكون للعامل الذاتي دور فاعل ولكن تأثير العامل الموضوعي الخارجي له دور كبير أيضا، ختاما لا يسعني إلا أن أشكرك لهذا الجهد الثري


32 - رد الى: أحمد السيد علي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 11 - 21:24 )
حاولتُ في تحليلي أن أركز على العامل الموضوعي (العراقي) لأزمة اليسار سعياً لتسليط ضوء كاف على مسببات الإخفاق الناتجة من الوضع العراقي تحديداً، وهي كثيرة ومتشعبة. وذلك لا يعني إنها أزمة محلية صرفة، فالظاهرة اليساروية هي ظاهرة بشرية ممتدة في كل المجتمعات، وقد تأثرت حتماً بحقبة الحرب الباردة وما بعدها.
ومع ذلك، فملامح العجز والأمل التي أوضحتها في دراستي، يبدو إنها تصطبغ بصبغة عراقية حادة (موضوعياً وذاتياً)، إذ يبدو العامل الدولي أقل أهمية بالمقارنة مع العامل المحلي، سيما أن مصر وتونس شهدتا ربيعاً يساروياً مدنياً غير متوقع قبل عامين.
المسألة تعود في نهايتها إلى جدل الداخل والخارج، وأيهما له الكفة الراجحة في تحليل الظواهر الاجتماعية. التطورات السياسية في العراق في السنوات العشرة الماضية خضعت لتأثيرات خارجية كاسحة دون شك، لكن الحراك السوسيوسياسي المجتمعي يبقى في غالبيته شأناً داخلياً إذ إنه نتاج متريث لتفاعل عوامل السياسة الآنية بعوامل الاقتصاد والاجتماع والنفس المتكونة خلال مدى زمني طويل يصل إلى عشرات السنين.


33 - سلطة الإعلام والمال
الدكتورة سهام الشجيري ( 2013 / 5 / 10 - 16:49 )
استأذنا الكبير والمفكر العلمي الدكتور فارس كمال نظمي، أتمنى ان تحسب مروري وتعليقي على أطروحاتكم القيمة والمطلوبة في هذا الظرف الذي يمر به العراق وفق ما نطرحه كمتخصصين في الإعلام وعلاقته بتفعيل دور الإصلاح السياسي، تلك السياسة التي تقود رقاب الشعوب كما يقود الإعلام مصائرهم، فأقول: لا شك ان النزوع باتجاه (اليسار السياسي واليساروية الاجتماعية) يجعلنا نتأمل بأن النظم السياسية الحديثة التي تحكم او تقود المجتمعات تظل غالبا نظما حزبية سواء أكانت ليبرالية أم سلطوية أم شمولية، تعددية أم أحادية، يسارية أم دينية، هذا الارتباط القوي بالظاهرة الحزبية، والنظم السياسية الحديثة يضفي أهمية خاصة على موقع وأهمية الأحزاب داخل إطار النظم السياسية السائدة في بلدان العالم الثالث، الساعية للفكاك من أسار الخلاص والتخلف، والبحث عن وسائل تحقيق التنمية، فالأحزاب والجيوش والبيروقراطيات والقيادات الكاريزمية ليست سلعا جاهزة تستوردها بلاد العالم الثالث، وتشغلها لكي تقوم بالتحديث السياسي والتنمية السياسية في اﻟﻤﺠتمع، (كما يقول أسامة الغزالي حرب) بل إنها أيضا نتاج تجمعها وظروفه الخاصة، فإن ما يتضمنه التحديث من تعبئة اجتماعية ومشاركة سياسية. „كما أنها تؤدي-كما يرى صموئيل هنتينجتون- ليس إلى تحقيق الديمقراطية والاستقرار، والتمايز البنائي، وأنماط الإنجاز، والتكامل القومي; وإنما-على العكس-إلى تحلل النظام السياسي، وانعدام نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث، الاستقرار وانتشار العنف والفساد، ما لم تتم موازنة واستيعاب عمليات التعبئة الاجتماعية والمشاركة السياسية، ‰بمؤسسات سياسية قوية وفعالة، وينطلق هنتينجتون من هذا التحليل ليقرر أن الوسائل المؤسسية الرئيسة لتنظيم اتساع المشاركة السياسية هي الأحزاب السياسية والنظام الحزبي وأن تقليل احتمال عدم الاستقرار السياسي الذي ينتج عن اتساع الوعي السياسي والانغماس السياسي، يستلزم خلق مؤسسات سياسية حديثة، ولقد عبر جورج واشنطن في تحذيره الشهير عن الأحزاب، عن تلك اﻟﻤﺨاوف كلها، عندما حذر من الآثار المؤلمة للروح الحزبية على نظام الحكم الأمريكي، قال واشنطن: يؤدي الحزب دائما الى الهاء اﻟﻤﺠالس العامة، وإلى أضعاف الإدارة العامة، إنه يحرض الجماعة على مظاهر أتغيره غير ذات أساس، ويولد ذعرا زائفا; ويلهب العداوات; ويثير الشغب والاضطراب، إنه يفتح الأبواب للنفوذ الخارجي; وللفساد; اللذين يصلان بسهولة إلى الحكومة نفسها من خلال القنوات التي تتيحها الأهواء الحزبية، ولذا فإن سياسة وإرادة البلاد تخضع لسياسة وإرادة بلد آخر، إن هذه الملاحظات من جانب واشنطن تلخص الاتهامات الأربعة الرئيسة التي لا تزال توجه اليوم إلى الأحزاب: بأنها تؤدي إلى الفساد، وانعدام الكفاية الإدارية، وتقسم اﻟﻤﺠتمع على نفسه، وتثير الصراعات، وتشجع على عدم الاستقرار السياسي، والضعف السياسي، وتفتح الباب للتأثير والاختراق من القوى الخارجية، وأنا هنا اربط الجرس في عنق الإعلام، بالرغم من معرفتنا بان الإعلام سياسي بطبيعته، لأنه عرضة للتأثير بالصراعات السياسية داخل الدولة الواحدة، كما ان المؤسسات الإعلامية تشكل نتاجاً طبيعياً للمجتمعات التي تتشكل فيها، وعندما لا تعكس المؤسسات والقوانين والممارسات الإعلامية واقع المجتمعات التي نشأت فيها تبدو كأطفال لا يشبهون أهاليهم، فتظهر الشكوك حول شرعيتهم، كما يقول ذلك د.مأمون فندي في كتابه حروب كلامية، والابتعاد عن التخويف الذي تزرعه وسائل الإعلام في نفوس المتلقين، وثقافة الخوف مرتبطة بالتخويف، كما يقول علماء الاجتماع الإعلامي، أي إن محصلة عملية التخويف الذي تعتمده السلطة وهي سلطة متنوعة، تأتي وسائل الإعلام في وقتنا الراهن على رأسها، في تعميم المخاوف الحقيقية او الوهمية بين الناس، وفي تضخيمها الى الحد الذي لا يرون معه من يحميهم منها غير السلطة ذاتها. (هناك تتمة)


34 - سلطة الاعلام والمال الجزء الثاني من التعليق
الدكتورة سهام الشجيري ( 2013 / 5 / 10 - 16:51 )
وهذه الثقافة لها محطاتها، القديمة والحديثة/الأنظمة والسلطات التي زرعت الرعب، وتلك التي لا تزال تزرعه في فضاء سلطتها، كثيرة، ولها أوصاف مصنفة: استبدادية او تسلطية، شمولية او دكتاتورية...الخ، وهي كلها أوصاف تعني (القدرة على توزيع الخوف، والكفاءة في توزيع العقاب) والانتقال من التوعية بالمخاطر الى التخويف منها، وبواقع ان الإعلام هو إعلام سياسي في المقام الأول ولا يمكننا فهمه خارج السياق التاريخي والاجتماعي والسياسي الذي تنشط فيه وسائل الإعلام، من خلال تبني التضليل وخاصة ماينقل على لسان السياسيين والبرلمانيين والحزبيين، ولم تفصل وسائل الإعلام بين مصطلحات سياسية يتم تداولها على لسان الساسة وبين مصطلحات إعلامية محايدة أو صحيحة يستخدمها الإعلاميون، حيث ينظر المواطن الى وسائل الإعلام والنظام السياسي كأنهما وحدة واحدة، فإذا فقد الثقة في احدهما، انسحب ذلك على الآخر، وإذا شعر بان أياً منهما يستجيب له امتدت ثقته نحو الآخر، وكأنهما يشكلان جبهة واحدة.
وعلى الرغم من كل الأجراس التي تقرع بشأن مخاطر الاستبداد المتبادل، سواء كان عبر السيطرة على الإعلام وتكميمه، أو عبر انفلات رسالة الإعلام وتجاوزها أهدافها الموضوعية، فان كل المواثيق والاتفاقات توضع جانبا، ويترك الإعلام يشبع غرائزه في مواصلة السيطرة والتحكم، وليتحول أداة لتكريس مفهوم القوة الغاشمة والسالبة لحرية المتلقين، وعبر ذلك دخل عنصر المال الفاسد في صفقات مشبوهة وتحالفات غير نزيهة المقاصد، ليستخدم الإعلام كوسيلة بالغة التأثير في الحياة العامة، وبشكل خاص في الحملات الانتخابية ودورات المشاركة في الحياة السياسية، كما شخصه العديد من الباحثين، وخاصة في ظل أزماتنا المتتالية التي لا تتوقف، وتجعل المتلقي يعيش حالة من العوق الذهني في تراتبيتها، وحجم تأثيرها، مما يؤدي الى عوق تام لكل جوانب حياته، وتشعره بأنه غريب في وطنه، يفتقد لأبسط درجات العدالة الاجتماعية، التي تعجز الإدارة الحكومية عن موازنتها، مما يرسخ شعور المواطن بأنه اقل أماناً واقل أحساساً بالاستقرار في مجتمعه، لصنع مايسمى بـ(مجتمع المخاطر) ثم (مجتمع الخوف) في النهاية.



35 - رد الى: الدكتورة سهام الشجيري
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 11 - 22:07 )
مداخلة غنية متوقعة منك دكتورة سهام الشجيري. وسأحاول أن ألتقط خيطاً واحداً فقط من بين نسيج الأفكار المتشعبة التي تفضلتِ بها، لأحاوره.

أستطيع أن أستخدم تعبير (صورة اليسار في الإعلام العراقي)، إذ وفقاً لرؤيتك فإن الإعلام العراقي في مجمله يتماهى بالسلطة اللاعقلانية الحاكمة، فنراه يزرع (الغربة) و(الخطر) و(الخوف) (الوهم) في أذهان المتلقين ما يجعلهم يلوذون بالسلطة نفسها في دائرة مفرغة تجعل الضحية تفتش عن الجلاد ليحميها. وبالفعل، ففي مقابل هذا الإعلام التغريبي، نجد إن اليسار السياسي العراقي يفتقر إلى قدرة الترويج الإعلامي الناجح لمشروعه، إما لافتقاره القدرات المالية والفنية الذاتية اللازمة، وإما لأن الإعلام العلماني أو الإسلاموي المتسيد للفضاء الإعلامي، منشغل للترويج لقيم التشاؤم والعدمية والعنف دونما أدنى اهتمام لإبراز البُعد اليساروي الذي تنطوي عليه الحياة العراقية (سياسياً ومجتمعياً).

هذه الحقيقة تضيف سبباً جديداً لليسار السياسي بضرورات التجديد، ليس فكرياً وتنظيمياً فحسب، وإنما إعلامياً أيضاً. فالمتتبع لوسائل الإعلام اليسارية التقليدية داخل العراق يستطيع أن يتلمس مقدار الجمود والرتابة والانغلاق وسوء الانتشار التي تتسم بها، إلى جانب إخفاقها في استثمار الفضاء الإلكتروني المعلوماتي (مواقع وشبكات اجتماعية) لتحقيق تأثيرات عقلانية مدروسة في الرأي العام واتجاهاته.
هذا الإخفاق الإعلامي يشكل عاملاً ذاتياً مضافاً إلى أزمة اليسار السياسي في العراق.

شكراً للدكتورة الشجيري لإسهامك بهذه الإضافة البالغة الأهمية. وأقترح عليك أن تغنينا ببحث عن (الإعلام اليساري الحالي في العراق) أو عن (صورة اليسار في مجمل الإعلام العراقي الحالي).


36 - اليسار السياسي
موسى غافل الشطري ( 2013 / 5 / 10 - 20:21 )
اليسار السياسي العراقي
أقدر عالي التقدير ما يطرحه الدكتور فارس كمال نظمي ، و هي نظرة عميقة لمجمل ما واجهه وما يعاني منه اليسار الماركسي العراقي . و ما ينبغي أن يمتلك من قدرة عالية للتعامل مع المعطيات المعقدة مرحلياً . و في النضال اليومي على عدة جبهات . منها مسيرة الحكم . و الفساد المستشري . و الارهاب . و عملية التدمير المنظمة للبنية التحتية التي كادت أن تنتهي إلى كارثة لا مثيل لها . و أرجو أن تسمح لي للإدلاء بدلوي حسب ما أستطيع الكلام عنه دون أن ألغي دون اليسار لقوى يسارية لعبت دوراً مشرفاً عبر سني النضال لعشرات السنين .
إن الكلام عن اليسار ، عبر هذه النافذة العريضة قد يضيع جهدي لتشخيص العلة – أنا شخصياً - . و لكن – في تقديري – ينبغي أن يتم الكلام عن أوسع تنظيم ، يرتبط تاريخه بمجمل الأحداث التي وقعت في العراق . و كان هو جزء مما لحق به من تثبيت مسيرة تاريخية مشرقة ، أو ما لحقته من خسائر مروعة ، و ما تسبب من افتقاد هذا الحزب للجماهير العريضة التي قلما حظي به حزب ماركسي ووطني في العراق أو في الشرق الأوسط على الأقل .
و لكوني أحد الذين واكبوا العمل النضالي ميدانياً. و أخص الحزب الشيوعي العراقي و منظماته الديمقراطية – من حلال ذلك نستطيع أن نعالج موضوع اليسار برؤية سليمة – و لو ان القدرة العالية التي قاد من خلالها هذا الحزب ، قد تركت بصماتها على مجمل التاريخ للحركة الوطنية و اليسارية . و لا يمكن الحديث عن ذلك بشكل يمكن إغفال هذا الدور المشرف .
للأسف تعرض هذا الحزب للعديد من الانتكاسات و الاخفاقات ، لكنه سرعان ما يداوي جراحاته و يخرج معافى . و يواصل نضاله بمقدرة اسطورية. و هو الحزب الوحيد الذي تعرض للإبادة التنظيمية الجماعية .و فقدانه لألمع رفاقه.
وفي كل المعارك المصيرية التي واجهها هذا الحزب، كان يخرج منها منهكاً بحاجة إلى وقت لأعادة بناء تنظيماته ، و بدعم لا مثيل له من الجماهير و الأصدقاء، و الرفاق القدماء .
و عندما واجه الهجمة الشرسة بعد انقلاب شباط 1963 ، فقد عاود نشاطه الخلاق عبر منتصف العقد السادس ، و أصيب بالخيبة لضياع فرصة انتزاع السلطة من يد العسكريين في باكورة عام 1968 . و كان للانشقاق أثره الواضح .
بعد أن استلم حزب البعث السلطة، و بعد أن توطدت قدراته ، وجه ضربته القاسية المدمرة عبر سنوات هيمنة ناظم كزار على أجهزة الأمن، و بمباركة من قيادة حزب البعث ، فصفي تنظيم الحزب الشيوعي ، و كذلك تنظيماته الديمقراطية و كذلك تنظيم القيادة المركزية و الكفاح المسلح .
في عام 1971-1972، بعد أن تأكد حزب البعث من تصفية تنظيمات الحزب الشيوعي ، جرت الاتصالات مع قيادة الحزب الشيوعي لإعادة ( التحالف ) ، و كان له ذلك.
و أود أن أدرج أدناه معايشتي لما حدث في محافظة الناصرية ، حيث أعيد تنظيم الحزب الشيوعي في فترة قياسية على نطاق المحافظة و قبل فتح اللقاءات من قبل البعثيين ( صدام حسين ) .
و عند تطور العلاقة بين الحزبين ، جرى الاتفاق على الشروع بمظاهرة مشتركة في مركز المحافظة . أدرج أدناه ما حدث في تلك المناسبة لأهميته :
عند الشروع بالتظاهرة المشتركة ، كانت هناك لافتة وحيدة باسم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في وسط عشرات اللافتات لحزب البعث و منظماته الفلاحية و الطلبة و العمال و المهنيين .
كانت هناك العديد من التجمعات على الأرصفة . ما أن شقّت لافتة الحزب الشيوعي تجمعاً كبيراً للنسوة حتى تعالت الزغاريد بشكل لم يسبق له مثيل . كان من تبعات ذلك ، أن انفرطت الجماهير المحتشدة خلف لافتات حزب البعث و التحقت خلف لافتة الحزب الشيوعي . عندها بدأت استعمال القوة ضد الملتحقين ، و التي أولوها أن الحزب الشيوعي كان قد شكل تنظيماً داخل تنظيمات حزبهم .
أود أن أدعوكم للتأمل بما حدث . ربما ماوقع كان مفاجأة لنا مما اتخذت الجماهير النسوية المحتشدة بانتظار اللقاء مع الحزب الشيوعي وسط الشارع و ما اتخذته من قرار مفاجئ – و هذا ما أوكده لكوني كنت قريباً من تنظيمات الحزب الشيوعي آذاك – إن ذلك يعود بنا إلى دور الجماهير الفعال في دعم الحزب الشيوعي في أحلك الظروف التي يمر بها . و مدى تعلقها بهذا الحزب الذي قاد نضالاتها بإخلاص .
منذ تلك الفترة و في نفس الساحة بدأ حزب البعث مسيرة ملاحقته للشيوعيين، و استمرت حملة التسقيط في تواصل دائب وبصمت ، حتى عام 1978، حيث تم تدمير تنظيمات الحزب بالكامل .
إبتدع حزب البعث – ربما بمساعدة خبراء أجانب ، لأن الخطة لم تكن مألوفة في تاريخ الأساليب القمعية الموجهة ضد الحزب الشيوعي - .
و كانت الخطة مبنية على أساس : إلغاء أية معلومة تشير إلى إسم الحزب الشيوعي . و حُرِّم ذكر هذا الإسم في كل مناسبة . و كان يخشى الحديث عن الحزب الشيوعي حتى في المجالس البيتية . و كان هذا التوجه يتصاعد يوماً بعد يوم .
كانت هذه الحملة التي جرت بقصد إمحاء الرصيد الجماهيري لهذا الحزب . و هكذا جرى فصل ذلك التاريخ العاصف بالبطولات ، و كأن الحزب الشيوعي لم يولد في العراق ، و لم يكن له ذلك التاريخ النضالي العظيم . و دون مبالغة ، حتى إننا أحيانا نتكلم أمام الشباب عن الحزب الشيوعي ، فيتساءل الشباب باستغراب عن هذا الإسم .
لقد كان لتحالف الحزب الشيوعي مع الأحزاب القومية ، و في مقدمتها حزب البعث كارثة حقيقية لحقت بالحزب الشيوعي .؟ و كانت الجماهير المحبة للحزب تعلن تذمرها من هذا التحالف . ومن ثم ، بعد أن يئست الجماهير ، توجهت للإنظمام للأحزاب الدينية ، و أوكلت أمرها للقوى القدرية ، فهي وحدها – حسب اعتقادها – قادرة على إنقاذها من خلال تقربها للأحزاب الدينية .
إن الحزب الشيوعي العراقي كان ينتصر دوماً لأنه يلعب دور الحزب الطليعي ، و القائد للمعارك الطبقية و الوطنية بكل وعي و إدراك لطبيعة المعارك . لكنه أخفق في التحالفات التي تحول بموجبها من حزب طليعي ، إلى حزب يسير بإرادة القوى المعادية طبقياً . و لذلك كانت الخسائر لا تقتصر على ما ناله الحزب الشيوعي بل ألحقت ضرراً فادحاً بما افتقده الوطن من أرض و أموال و من مكاسبه الديمقراطية . و هذا يعني أن الحزب الشيوعي ، ب


37 - رد الى: موسى غافل الشطري
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 11 - 22:31 )
إفادتك الوثائقية والتحليلية هذه أستاذ موسى الشطري، تقدم مادة مهمة لمسألة ما تزال حية وغير محسومة في الوسط اليساري العراقي، أقصد بها بها مسألة التأرجح بين -النزعة الجذرية- و-النزعة المهادنة- التي لطالما عانى منها الحزب الشيوعي العراقي في الحقبة التي تلت 14 تموز 1958م .

أظن أن الوقت بات مناسباً لفتح نقاش فكري جاد داخل مؤسسات الحزب الشيوعي حول هذه النقطة التي ما تزال تشكل عقدة سابقة وحالية، في ضوء أن تحديد موقف واضح من السلطة الحاكمة ما يزال يشكل معياراً موضوعياً وواقعياً لمدى قدرة اليسار عموماً على النمو أو الانكفاء.

عندما أتحدث عن -النزعة الجذرية- في التفكير والسلوك، فذلك ليس انحيازاً رومانسياً للمنهج الراديكالي، بل هو استنتاج متأتي من أن الفرد العراقي بات بحاجة إدراكية لاعتناق مواقف جذرية مناوئة لفساد السلطة الحالية. ويمكن لليسار أن يقدم حاضنة سياسية وفكرية مناسبة بحكم نزاهته التي لم تتضرر في الذاكرة التأريخية للعراقيين.


38 - عالي التقدير للحوار العميق
صادق البلادي ( 2013 / 5 / 12 - 11:37 )
الأخ د.فارس عالي التقدير لهذا الحوار العميق والواضح والحريص على وحدة اليسار، ومؤسف
عدم مشاركة ممثلي رسميين لأحزاب اليسار ، المعنية اساسا بهذا الحوار بالمداخلات لحد الآن...
يحتفل الحزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني هذا العام بتاٍسيسه قبل 150 عاما، وتاريخه يبين أنه منذ البداية وجود نهجين رئيسيين في الحركة العمالية، تبلورا خاصة منذ مرحلة الإمبريالية الى تياريين : ثوري وإنتهازي، بات استخدامهما كمصطلح غير مقبول اليوم، لكنك عبرت عن جوهرهما ، في الجواب 37، بتعبير مقبول اليوم ،- التأرجح بين -النزعة الجذرية- و-النزعة المهادنة- التي لطالما عانى منها الحزب الشيوعي العراقي في الحقبة التي تلت 14 تموز 1958م- ، بل وتمتد جذورها كما أعتقد الى إنشقاق راية الشغيلة،عام 1953، وكان على رأسها الرفيق عزيز محمد، الذي صار على رأس خط آب عام 1964، والتوقيع على الجبهة مع البعث..
ومعك في أن الوقت قد حان لبحث هذه المسألة ، ليس في داخل مؤسسات الحزب الشيوعي فقط، بل داخل الحركة الشيوعية بفصائلها أيضا، وبمشاركة الشيوعيين غير المنتمين حاليا. وإن تحديد وإعلان موقف واضح، وصريح، وجرئ من السلطة، والإسلام السياسي، وضيق الأفق القومي ، وإعادة التقييم التبريري لتجربة الحزب الذي أقره المؤتمر الرابع، سيكون ليس فقط المعيار بل السبيل لمدى قدرة القوى الديمقراطية عموما على النمو و التأثير، بعد أن تكشف فشل و عجز المشاركين في السلطة.
وليس سوى هذا من سبيل : - لغد يأمن فيه الأطفال-: كما جاء في أحدى قصائدك الجميلة. .
،


39 - رد الى: صادق البلادي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 13 - 19:29 )
العزيز والحميم د. صادق البلادي:
اليسار السياسي في العراق لا يدرك حجم قوته الكامنة أو المستترة، إذ بات يتصرف كالخاسر الذي يريد أن يقلل خسارته قدر الإمكان، وكأن تقليلها هو عنوان لربح ما. وهذا ما قد يفسر النزعة المهادنة التي تحدثنا عنها.
نحتاج بالفعل إلى لحظة تأريخية للمراجعة والتجديد واستئناف النزعة الجذرية. هذه اللحظة هي الأخرى نتاج لعوامل موضوعية وذاتية معاً. ويبدو إن أوانها لم يجيء بعد. ولكن مهمتنا تبقى هي الإبلاغ والتذكير والتحريض.


40 - ماذا أنتج الفكر اليساري؟
زاغروس آمدي ( 2013 / 5 / 12 - 14:13 )
مع أني لست يساري التوجه و الهوى،ومع ذلك فقد شدّدْتَني أن اقرأ لك هذه المشاركة أكثر من مرة في الواقع،ليس فقط لأسلوبك القوي والجذاب، وليس فقط لقدرتك المميزة على إيجاد المصطلحات اللغوية التي تفتقرها اللغة العربية، وإنما أيضا (وهو الأهم) لتحليلك الموضوعي لواقع اليسار وتشخيصك لعلله ووضع اصبعك على مواضع الإلتهاب.
ولست اريد هنا ابداء رأيي بما كتبت، وأنما بالفكر اليساري عموماً،طبعا لا أقصد هنا أن اقلل من أهمية الفكر اليساري، فلكل إنسان في النهاية توجه ما يعتقده صحيحا لفترة ما أو ربما دائما.
لا شك في أن اليسار قد اصيب بخيبة امل كبيرة بعد انهيار الإتحاد السوفيتي والتغير الذي طرأ في دول الكتلة الشرقية،واستقال الكثير من اليساريين، ليس فقط في العالم العربي، وإنما في العالم كله.
الأفكار طبعا لايمكن ان تكون لها حقوقا محفوظة،وكان من حق شعوب العالم العربي وغيرهم أن يستنيروا بالفكر اليساري وخاصة الماركسية اللينينية والشيوعية التي ابهرت الكثير من العقول والشعوب وبخاصة المستعمَرة منها.
وعرفت الكثيربن من المتحمسين لذلك الفكر دون أن يقررؤا شيئا عنه، وأصبح الفكر اليساري وكأنه معتقد او دين، يجب التسليم به وتسويغ الخضوع له بكل يسر بل وبحماس ايضا.
يقول بعض الدارسين أنه لو تعطل القطار الذي كان يقل لينين اثناء سفره من سويسرا إلى موسكو،لما عرف العالم الشيوعية والماركسية ابدا.ويضيفون بأن ما قام به لينين كان مجرد انقلاب وليس ثورة ، ومن تابع تلك التطورات سيرى بأنهم محقون فيما ذهبوا إليه.
ثمة مثل كردي يقول ان صوت الطبل جميل من بعيد،وفعلا فقد كانت الثورة البلشفية تبدو من بعيد جميلة ومغرية أيضا، وكان ثمة تقليد لها في أنحاء العالم، لكن للأسف لم تنجح أي منها، وبخاصة في العالم الأسلامي.
أجد أن ثمة شبه بين اليساريين والمتدينين،تماما كأوجه الشبه بين الإيديولوجيا الماركسية والكتب المقدسة، والفرق الوحيد هو إطلاق اللحى. فمن أهم أوجه الشبه الإنشقاقات اليسارية، التي ترادف المذاهب والطوائف في الأديان.
السؤال الذي لا أجد ردا مقنعا له، هو لقد جربت شعوب عديدة تطبيق الفكر اليساري، وهذه الشعوب كانت تتمتع بمميزات إيجابية (كعدم وجود العصبية القبلية، والقومية والدينية والطائفية وغيرها كالتي عندنا)ومع ذلك فشلت فشلا ذريعا في ذلك، فلماذا إذن لايزال بعضنا متمسكا وبقوة بالفكر اليساري الماركسي في منطقة لا تتوفر فيها أصلا العوامل المشجعة على هذا الفكر؟.
طبعا، انا احترم جميع الأفكار الإنسانية تلك التي لا تحمل في جوفها الغرور والأنانية المطلقة والتي تدفعها أن تسعى لتفرض نفسها بالقوة عنوة على الشعوب وبالإكراه، لأني اعتبر ذلك إهانة لكرامة الإنسان وتعديا سافرا على حريته، فمن أعطى الحق للينين وستالين مثلا أن يفرض ماركسيتهما على بعض الشعوب ، ومن أعطى الحق لمحمد وأتباعه على فرض الفكر المحمدي على بعضها؟.
إن أية عقيدة أو فكر تدعي الأفضلية لتفسها على غيرها،ولاتترك حيزا للتشكيك بها، اعتبرها منبوذة وغير نافعة للإنسانية. وكما يقال الأفكار بنتائجها والأعمال بخواتمها، فماذا أنتج لنا الفكر اليساري منذ نشوئه وإلى الآن؟


41 - رد الى: زاغروس آمدي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 13 - 20:06 )
لا أظن أن التعميم أو التبسيط يكون مفيداً حينما نناقش الثورات والايديولوجيات التأريخية، إذ نفقد الحس الجدلي عندها، ونحاكم كل الألوان بجريرة اللون الأسود.
إذا كان اليسار فكراً أو تطبيقاً قد فشل في التجربة السوفياتية وتوابعها، فإن اليسار الاشتراكي الديمقراطي نجح نجاحاً ملفتاً في العديد من التجارب الأوربية المستمرة حتى اليوم ابتداءً من انتهاء الحرب العالمية الثانية. فلدينا اليوم في تلك الدول نماذج لضمان البطالة والتعليم والصحة وحقوق الطفل والمرأة والمسنين لا مثيل لها في أي ماضي عاشته البشرية. لدينا امتزاج فريد بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية، دون أن يعني ذلك خلو هذه التجارب من المثالب والمظالم والأزمات. هذا ما أنتجه الفكر اليساري السياسي وما حرضت عليه النزعة اليساروية الاجتماعية في الغرب.
وإذا كنتَ لا تقصد الغرب بل تقصد العالم الثالث أو المنطقة العربية بسؤالك: ((فماذا أنتج لنا الفكر اليساري منذ نشوئه وإلى الآن؟))، فأقول: وماذا أنتجت لنا الدكتاتوريات اليمينية العسكريتارية والتجارب السلطوية القومانية أو الوطنياتية على مدى أكثر من خمسين عاماً، وما بعدها الأسلمة السياسية الحاكمة اليوم في العراق ومصر؟ هل أنتجت غير الآلام وتقويض الكبرياء البشري؟ إذا كنا نريد أن ننتقد بشكل متوازن فلننتقد الجميع بمسطرة واحدة ونسائلهم عن منجزهم وفضائلهم، فليس اليسار السوفياتي وحده من فشل، بل اليمين بكل أشكاله الفاشية والدينية.
العالم يتجه يساراً يوماً بعد يوم، ذلك إذا اتفقنا أن اليساروية هي نزعة سيكو-ثقافية متأصلة في الطبيعة البشرية الاجتماعية. قد تفشل الايديولوجيا اليسارية هنا حيناً، ولكن السيكولوجيا اليسارية تنجح هناك حيناً آخر. الوضع البشري مفعم بالألوان التي تعيد إنتاج صور لا حصر لها، وليس قاصراً على التناقض البسيط بين الأبيض والأسود.
الفكرة اليسارية ليست فكرة سلطوية بل فكرة تحررية عدالوية. وأتفق معك بأن الفكر اليساري حينما يعاد إنتاجه بيروقراطياً بهيأة سلطة تحتكر الحقيقة فإنه يتحول إلى دين كهنوتي نفعي. وهذا ما أفرزته التجربة السوفياتية (رغم كل فضائلها). ولكن الفكر اليساري أنتج تجارب عقلانية (كما أسلفتُ) أرست للمرة الأولى في التأريخ خط الحقوق البشرية الأساسية التي لا يجوز النزول عنها.
شكراً لأن نقدك لليسار أتاح إمكانية التحدث عن مناقب اليسار أيضاً.


42 - تفعيل دور اليسار
د. شاكر عبد اللطيف ( 2013 / 5 / 12 - 23:02 )
لقد قدم الاستاذ فارس مشكورا دراسة تشخيصية جيدة لأزمة اليسار العراقى ، وقد بدأ الموضوع من السؤال الجدلي هل انحسار تأثير الفكر اليسارى هو ذاتى أم موضوعي. أود أن اقدم بعض الملاحظات في هذا الصدد:
1- افترض الاستاذ بان الجماهير اساساً مستعدة لليساروية الاجتماعية وأن الخلل يكمن في صيغ الطروحات التنويرية. أن هذا التشخيص يحتاج الى دراسة ميدانية مفصلة لتقدير النزعة الاستعدادية للجماهير
2- لقد تم التشخيص بشكل صائب الهامش المحدود للنشاط التنويرى بعد 2003 مباشرة وهو ظرف موضوعي صرف.
3- لايمكن الفصل بين العوامل الموضوعية والذاتية وكأنها لا تتفاعل
4- أن تشخيص خصائص حركات اليسار كان صائباً ، ولكن هل فقدت هذه الحركات ثوريتها واصبحت بحكم المنطق من المنقرضات . وهذا مخالف لقوانين الطبيعة المتجددة ثوريا ولابد من ولادة فكر جديد.
5- تحتاج الحركات اليسارية الى تجديد لغة الخطاب وتجميع طاقاتها وتفعيل ثوريتها في البيئة المجتمعية
في الختام شكرا على هذه الموضوعية الجريئة وطريقة الطرح المتجردة.


43 - رد الى: د. شاكر عبد اللطيف
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 14 - 12:42 )
رداً على الملاحظتين الأولى والثالثة من بين النقاط الخمسة المهمة التي تفضلتم بها، أقول:

1- إن فرضيتي المتبناة حول وجود نزعة بشرية يساروية نحو إحقاق الحرية والعدل عبر التأريخ ، إنما مستمدة من الملاحظات النظرية ومن استشراف مجمل الحراك السوسيولوجي ضمن الزمن. ولا ريب أن هذا المفهوم (أي النزعة اليساروية الاجتماعية) يتطلب تأطيراً مفاهيمياً أشد دقة وتحديداً عبر زجه في دراسات تجربيبية ووصفية (ميدانياً ومختبرياً) للتيقن من صدقيته واستقراره المضموني. وتلك مهمة آمل أن أضطلع بها بالتعاون مع باحثين آخرين تؤرقهم القضية ذاتها.

3- لا يمكن للعامل الموضوعي في أي ظاهرة اجتماعية أن يعمل بمعزل عن العامل الذاتي، وهذا الفصل الذي نقيمه بين العاملين ليس إلا اجتزاءً فنياً توضيحياً غايته إبراز العناصر التي يتألف منها كل عامل دون أن يعني ذلك تشطيراً لمجمل الظاهرة المبحوثة. فعوامل الاعتلال الموضوعي لليسار العراقي كرست اعتلاله الذاتي ما دام اليسار نفسه جزء من منظومة اجتماعية واسعة (محلياً وعالمياً) تعرضت موضوعياً للعجز واليأس والتغريب. كما إن عوامل الاعتلال الذاتي لليسار هي الأخرى أسهمت في عدم مكافحة الشروط الموضوعية لاعتلاله والمتمثلة بسيادة الوعي الزائف لدى الجماهير وارتمائها في أحضان الايديولوجبا الأساطيرية.

هاتان الملاحظتان أسهمتا في تعضيد الجانب العلمي من دراستي. فشكراً للدكتور شاكر عبد اللطيف على رؤيته المنهجية الدقيقة.


44 - الإعلام والسلطة والمال
الدكتورة سهام الشجيري ( 2013 / 5 / 13 - 05:33 )
أستاذنا الكبير الدكتور فارس اشكر ذائقتك الإنسانية والعلمية وشفافيتك في الرد على ما كتبته، أتابع كل ما يجود به فكرك الثر من ماس العطاء، وأتعلم دائما من أفكارك وأطروحاتك القيمة التي تقف بالقوة وبإصرار على أوجاعنا وأوجاع بلدنا، ربما أتجرأ على وقتك لأخبرك بأن لي كتابا سيصدر قريبا هو تحت الطبع الآن عنوانه (أنسنة الإعلام جدلية التأثير والتغيير) فيه فصل كامل عن فشل وسائل الإعلام اليسارية العراقية في مواجهة الإعلام المتأسلم او ما تسميه الإسلاموي، المدعوم بقوة من جهات متنفذة وقادرة على الاستمرار والتواصل، شخصت فيه بعض ما لمسته وواجهته في عملي العلمي والمهني من رعب وتخوف اليسار من مواجهة المد القوي للإعلام الديني وبالأخص القنوات الفضائية، وافتقاره لإستراتيجية ورؤية مهنية واحترافية للمواجهة بل افتقاره لأدواته المعرفية والبرامجية والتطلعاتية، بالرغم من توافر المال والتمويل الذي يعد عصب الوسيلة الإعلامية، ولم ينجح في استثماره في المواجهة، ووقف الإعلام اليساروي متفرجا بل غير قادر على المواجهة في المشهد الإعلامي، وبالمقابل فأن صورة الإعلام اليساروي في نظر الجمهور هي اكثر إدراكا لفشله في المواجهة واثبات وجوده وعدم قدرته على ترسيخ خطاب إعلامي معتدل بعيد عما يبثه الإعلام الآخر، وقد خذل جمهوره في ذلك تماما، إذ تثير الطريقة التي تغطى بها الأزمات إعلاميا جدلاً أخلاقياً ومهنياً، فمعرفة الحقائق والوقوف على مصداقية تفاصيل الأزمات أضحت تشكل عامل تهديد مباشر لحياة الناس وتشكل الإحساس الجمعي بالخطر، كما أن -افتراس- وسائل الإعلام للمتلقي بوسائل إكراه مقصودة تؤدي إلى انسداد في مجرى دائرة الفعل ورد الفعل، وتعددت صور إفساد الإعلام وتوظيفه لغير أهدافه الإنسانية، من خلال، التهوين والتجاهل، التشكيك والتشويه، التعظيم والترويج، النزاع المجتمعي، الأولويات والمشتركات، التعايش والتجانس، المفاهيم والقيم، المبالغة والمغالطة، وأضحى تعبير مثل (شيطنة) او(ابلسة) أو (تبشيع) الخصم سائدا ومنتشرا في الحملات الإعلامية ضد الخصوم المحتملين. (دمت لنا عالما نفسيا معالجا وطبيبا جراحا تغرس مشرطك لتصنع علاج الأمل للناظرين إليك/هناك نسخة من الكتاب ستصلك حتما)


45 - رد الى: الدكتورة سهام الشجيري
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 14 - 12:03 )
شكراً دكتورة سهام الشجيري: أولاً لهذا الزخم النافذ من الأفكار والرؤى المخلصة، وثانياً للإطراء الذي لا أستحقه بالتأكيد.
آمل أن أحصل على نسختي من كتابك القادم المهم، وتبريكاتي الحارة مقدماً. وأقترح بعد صدور الكتاب أن تنشري ملخصاً له أو أجزاءً منه (في مواقع الويب) سيما الفصل الخاص بوسائل الإعلام اليسارية. أظن أن موضوعة (الإعلام اليساري) تستحق مزيداً من التعميق والتأصيل، سيما إذا كان البحث يجري على أساس أكاديمي محايد ودون استنتاجات مسبقة. وهذا ما ننتظره منك لنتعلم ونطور رؤانا.
احترامي وامتناني.


46 - نزوع الانسان نحو العدالة
جاسم الحلوائي ( 2013 / 5 / 14 - 14:28 )
شكراً جزيلا للأستاذ فارس كمال عمر نظمي على هذا البحث القيم والمسؤول والذي يتسم بالعمق والحرص الحقيقي على اليسار العراقي ومستقبله، هذا بصرف النظر عن مدى تطابقي أو اختلافي مع بعض الآراء. وقد عممت المادة على قائمة أصدقائي تحت عنوان - موضوع وحوار مهمان جديران بالاهتمام والتأمل والاستفادة، للكاتب فارس كمال عمر نظمي-.
شرحك لليساروية الاجتماعية بأنها -لا تقتصر على المجتمع العراقي، فهي نزعة عقلانية كامنة في الشخصية الاجتماعية في أي بلد، وهي تمثل الوعاء النفسي لنشوء اليسار السياسي بحركاته وأحزابه الايديولوجية. ولذلك فهي مفهوم يستحق التوسيع ليكون ظاهرة سيكوسياسية بشرية مشتركة عبر الثقافات، إذ تتوافر مؤشرات سلوكية ملموسة على أحقية افتراض وجود هذه الظاهرة، منها: السعي البشري المنتظم عبر العصور لتقييد الاستغلال وشهوة رأس المال ولترسيخ المزيد من مكتسبات العدل الاجتماعي في أطر قيمية وتشريعية؛ فضلاً عن الانتقال المستمر في الوعي السياسي للفرد عبر التأريخ من التسليم بسلطة الاستبداد والوصاية إلى التسليم ببديهية الحرية والديمقراطية-. هذا الشرح ذكرني بقول يشير الى أساس نزوع الانسان الى العدالة والمساواة لأحد المفكرين والقادة الاشتراكيين الكبار وهو كاوتسكي (قبل أن يرتد؟!) مفاده -ما أن يظهر انقسام المجتمع إلى طبقات حتى يبدي الإنسان حنينه إلى الحياة المشاعية القديمة ويكافح من أجل العدالة والمساواة. ونجد تعبيرات هذا الحنين في حلم -العصر الذهبي- الذي يقال أنه ساد عند فجر وجود البشرية على الأرض والذي جرى وصفه من قبل الأدباء الكلاسيكيون الصينيون، شأنهم في ذلك شأن الكتاب الاغريق واللاتينيين-.
مع خالص تقديري


47 - رد الى: جاسم الحلوائي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 15 - 14:51 )
العزيز والفاضل أستاذ جاسم الحلوائي: تعقيبك وملاحظاتك المهمة بشأن مفهومي عن (اليساروية الاجتماعية) توفر بُعداً فلسفياً وأنثربولوجيا إضافياً ينبغي الأخذ به بشأن الكيفية التي يجب أن يُبحث فيها هذا المفهوم على الصعيدين النظري والميداني.
واحدة من النظريات الأساسية في علم النفس النمائي هي نظرية (بياجيه) في الارتقاء المعرفي، توصلت تجريبياً إلى أن مفهوم (العدالة) في جوهره هو بنية إدراكية تطورية تنشأ عن تفاعل جدلي بين البنية العصبية والبنية الاجتماعية لدى الطفل؛ بمعنى أن العدالة هي مفهوم عقلي تطوري ينشأ تدريجياً وبالضرورة حينما يبدأ الإنسان في مراحل حياته المبكرة بالانتباه لمسألة توزيع الحقوق وارتباطها بالعواقب والعقوبات. ولذلك ليس غريباً أن نقول أن اليساروية نزعة بشرية تطورية.
هذه الموضوعة تتطلب تعمقاً إضافياً شاملاً. فشكراً لمداخلتك المحفزة.


48 - دراسة اكادمية تستحق القرائة والتامل
saad khalil Ibrahim ( 2013 / 5 / 14 - 22:10 )
احي جهودك العضيمة على هذه الدراسة الاكاديمة للحركة اليسارية العراقية والتي تحتاج الكثير من الحوار للخروج من الازمة الحقيقية التي يعيشها اليسارالعراقي مع خالص ودي


49 - رد الى: saad khalil Ibrahim سعد خليل إبراهيم
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 15 - 15:11 )
الحوار الهاديء والمنضبط لفظياً وفكرياً هو سبيلنا الوحيد للبرهنة على يسارويتنا الكامنة والمعلنة.
فلا احتكار للحقيقة، ولا تخوين لأحد، ولا انتقاص من تجربة أي طرف، ولا مساس بسمعة أي حزب أو تيار يساري مهما كان الاختلاف معه جذرياً، ولا توظيف إلا للمفردات العلمية المكتظة بالفكر المسالم الباحث عن الإصلاح والتجديد والأمل.
اليساروية أولاً هي نزعة أخلاقية قبل أن تكون إطاراً عقائدياً. ولذلك لا معنى للتحامل أو العدائية أو تشويه صورة ألآخر ضمن الفضاء اليساري. الفكر اليساري هو أشد اقتراباً من التفكير العلمي مقارنة بالفكر اليميني، ولذلك فإن فكراً يسارياً متحاملاً أو عدائياً أو إقصائياً أو شتائمياً ليس من اليسار بشيء بل هو قيح نفسي يتبرقع بالقناع اليساري ليكتسب هيبةً لا يستحقها.
تحياتي وتقديري أستاذ سعد خليل إبراهيم.


50 - متابعة السجال 2
حميد خنجي ( 2013 / 5 / 16 - 10:30 )
أخي الفاضل فارس
أستميحك عذرا أنني لم استطع متابعة السجالات في الأيام الماضية لأسباب خارج عن ارادتي، بجانب أن الموقع محظور في البحرين
حسنا وكما يقال : ان تاتي متأخرا خير من أن لاتاتي أبدا
عزيزي.. أقر، بعد تمعن دقيق، أن مصطلحك : - اليساروية الإجتماعية- هو ابتكار ذكي واستنباط علمي.. وصحيح ما ذهبتَ إليه؛ خاصة في شرحك للظاهرة المقابلة وهي اليمينوية الاجتماعية
لدي في البال الآن ملاحظتان
أولا: أنك لم تأخذ بعين الاعتبار(لم تذكر على الأقل) اسهام السوسيولوجيست العراقي الأشهر: -علي الوردي - ، فيما يتعلق بخصوصيات وطباع الفرد العراقي. وهذا الأمر له صلة غيرمباشرة لنقطتي الثانية الآتية
ثانيا: تقول في ملاحظتك حول الجيل الاٌقدم -المهيمن- على الأحزاب والتتنظيمات اليسارية الآتي: فتجارب عالمية كثيرة أعقبت الحقبة السوفياتية تشير إلى أن إصلاح الحركات اليسارية كان غالباً ما يبتديء من داخلها حينما تسود ثقافة -الاستقالة- و-التجديد-، وتغيب ثقافة -الوصاية- و-المعصومية-. ويساريو العراق ممن أمضوا أكثر من عقدين من الزمن في مواقع حزبية قيادية، مدعوون اليوم لتقديم استقالات شرفية جماعية من هذه المواقع، والعودة إلى العمل السياسي أوالثقافي أو النقابي في مواقع أدنى إذا رغبوا، لفسح المجال لإعادة نظر شاملة بكل الهيكلية الايديولوجية والسياسية والتنظيمية لأحزابهم، بما يتيح الفرصة لصعود قيادات شبابية لهم خبرتهم وتأريخهم ومآثرهم. (انتهى الٌإقتباس) ... فهل تعتقد يا أخي الكريم أن أس المشكل في ضعف أداء تلكم الأحزاب والتنظيمات هو في نظرية -صراع الأجيال- القديمة، خاصة في بلد مثل العراق، حيث الفرد العراقي معروف بـ-فرادته- وحبه للتزعم بل التباهي، وعدم استجابته للركون إلى -الجماعية- .. الخ .. - حسب تشخيص عالمنا -علي الوردي- ؟! ؟
من المعروف لدى الاحزاب الطليعية (الشيوعية هنا) ان الانسجام بين خبرة الكهول وحماسة الشباب يعتبر الخميرة الاساس لكل نشاط سياسي جاد (مبدأٌ لينينيّ محق). بالطبع هذا لايعني البتّة أن الأحزاب المعنية لاتعاني من المشاكل المزمنة والمستعصية المذكورة وغير المذكورة وعلى رأسها مرض -الكارياريزم -! غير أن المعالجة لا تأتي- بوجهة نظري - بالاستقالات الجماعية، الاشبه بالانتحار فيما يتعلق بالواقع العراقي اليوم، و واقع الاحزاب الطليعية. بتقديري أن المسألة في حاجة إلى وقت (زمن أو أمد موضوعي) وليس إلى معالجة انفعلالية مفتعلة في ظرف موضوعي غير مواتٍ
أخي العزيز.. تقبل تحياتي وتقديري.. ومن الطبيعي أن نختلف قليلا في التفاصيل


51 - رد الى: حميد خنجي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 19 - 17:34 )
الأخ أستاذ حميد خنجي:
أفكار وطروحات الكبير علي الوردي تبقى حية ومثيرة للتأمل دوماً. ولكن مسألة التجديد وصعود العقول الشابة إلى مواقع التخطيط واتخاذ القرار ضمن الوسط اليساري، ليست إشكالية خاصة بالمجتمع العراقي فحسب، بل هي معضلة عالمية، وقد عانت منها الكتلة السوفياتية السابقة أشد معاناة.
أدعو إلى التجديد بوصفه حلاً أو دواء قد يتضمن مرارة أو أعراضاً جانبية سلبية معينة، ولكن لا بديل عنه في ضوء الترهل والجمود وانطفاء الإبداع التي صارت جميعاً من خصائص اليسار العراقي دون أن يلغي هذا مآثر اليسار وبطولاته. من المعروف فزيولوجياً وسيكولوجياً أن التصلب النفسي يزداد بتقدم العمر وتقل القدرة على المرونة الفكرية، لأسباب عصبية واقترانية سلوكية معاً. وهذا ليس عيباً بل جزءً من الطبيعة البشرية. ولذلك لا مناص من تجديد شباب اليسار إذا أردنا أن نستعيد زمام المبادرة الاجتماعية.
أما عن الاستقالات الجماعية الشرفية، فلا يقصد بها إقصاء القيادات المخضرمة، إذ أوضحت تماماً أن دورهم السياسي والثقافي والنقابي يمكن أن يستمر ولكن من موقع أدنى تنظيمياً وليس فكرياً، فقط لتهيئة الطريق نحو حقن دماء جديدة في عروق اليسار في إجراء تنشيطي غايته اختلاط القديم بالحديث. لا أدعو إلى أي إقصاء للكهول (كما تذكرُ في ردك) بل أدعو إلى التجديد التنظيمي والفكري بوجود الجميع من كل الأجيال، وبشرط أن تأخذ الأعمار الشبابية فرصتها الكاملة في التجريب والقيادة والابتكار بعيدأ عن أي وصايات صنمية أثبتت عجزها وعقمها.
شكراً لأنك فتحتَ نقاشاً ضرورياً في مسألة جدلية الأجيال.


52 - متابعة السجال 2
حميد خنجي ( 2013 / 5 / 16 - 10:51 )
أخي الفاضل فارس
أستميحك عذرا أنني لم استطع متابعة السجالات في الأيام الماضية لأسباب خارج عن ارادتي، بجانب أن الموقع محظور في البحرين
حسنا وكما يقال : ان تاتي متأخرا خير من أن لاتاتي أبدا
عزيزي.. أقر، بعد تمعن دقيق، أن مصطلحك : - اليساروية الإجتماعية- هو ابتكار ذكي واستنباط علمي.. وصحيح ما ذهبتَ إليه؛ خاصة في شرحك للظاهرة المقابلة وهي اليمينوية الاجتماعية
لدي في البال الآن ملاحظتان
أولا: أنك لم تأخذ بعين الاعتبار(لم تذكر على الأقل) اسهام السوسيولوجيست العراقي الأشهر: -علي الوردي - ، فيما يتعلق بخصوصيات وطباع الفرد العراقي. وهذا الأمر له صلة غيرمباشرة لنقطتي الثانية الآتية
ثانيا: تقول في ملاحظتك حول الجيل الاٌقدم -المهيمن- على الأحزاب والتتنظيمات اليسارية الآتي: فتجارب عالمية كثيرة أعقبت الحقبة السوفياتية تشير إلى أن إصلاح الحركات اليسارية كان غالباً ما يبتديء من داخلها حينما تسود ثقافة -الاستقالة- و-التجديد-، وتغيب ثقافة -الوصاية- و-المعصومية-. ويساريو العراق ممن أمضوا أكثر من عقدين من الزمن في مواقع حزبية قيادية، مدعوون اليوم لتقديم استقالات شرفية جماعية من هذه المواقع، والعودة إلى العمل السياسي أوالثقافي أو النقابي في مواقع أدنى إذا رغبوا، لفسح المجال لإعادة نظر شاملة بكل الهيكلية الايديولوجية والسياسية والتنظيمية لأحزابهم، بما يتيح الفرصة لصعود قيادات شبابية لهم خبرتهم وتأريخهم ومآثرهم. (انتهى الٌإقتباس) ... فهل تعتقد يا أخي الكريم أن أس المشكل في ضعف أداء تلكم الأحزاب والتنظيمات هو في نظرية -صراع الأجيال- القديمة، خاصة في بلد مثل العراق، حيث الفرد العراقي معروف بـ-فرادته- وحبه للتزعم بل التباهي، وعدم استجابته للركون إلى -الجماعية- .. الخ .. - حسب تشخيص عالمنا -علي الوردي- ؟! ؟
من المعروف لدى الاحزاب الطليعية (الشيوعية هنا) ان الانسجام بين خبرة الكهول وحماسة الشباب يعتبر الخميرة الاساس لكل نشاط سياسي جاد (مبدأٌ لينينيّ محق). بالطبع هذا لايعني البتّة أن الأحزاب المعنية لاتعاني من المشاكل المزمنة والمستعصية المذكورة وغير المذكورة وعلى رأسها مرض -الكارياريزم -! غير أن المعالجة لا تأتي- بوجهة نظري - بالاستقالات الجماعية، الاشبه بالانتحار فيما يتعلق بالواقع العراقي اليوم، و واقع الاحزاب الطليعية. بتقديري أن المسألة في حاجة إلى وقت (زمن أو أمد موضوعي) وليس إلى معالجة انفعلالية مفتعلة في ظرف موضوعي غير مواتٍ
أخي العزيز.. تقبل تحياتي وتقديري.. ومن الطبيعي أن نختلف قليلا في التفاصيل


53 - ملاحظات سريعة
إيمان أحمد ( 2013 / 5 / 17 - 11:33 )
استاذ فارس، لكي اجيب على سؤالك: ((أيهما ينتج الآخر ويديمه: الايديولوجيا السياسية أم السيكولوجيا الاجتماعية؟!))، فلابد من اجابة وافية عنوانها ((إن الاثنين ينتج أحدهما الآخر معاً وفي الوقت نفسه)).
أنا لست مع أو ضد بل أحكم من خلال النتائج والمنجزات، ولكنني يسارية الهوى عموماً. طبعاً دراستك تحتاج الى مناقشة تفصيلية لأنك اختزلت فيها كماً هائلاً من الافكار المفيدة، ولذلك اسمح لي ان اقول ملاحظات سريعة الآن، وسأتكلم بصراحة لثقتي باحترامك للرأي الآخر.
1- إنك اغفلت أن اليسار العراقي فقد مصداقيته عندما تحالف مع اعتى قوى الرأسمالية والامبريالية العالمية في تناقض فادح مع الفكر الماركسي.
2- إنك تقدم المواطن العادي كأنه غبي او أخرق تتقاذفه التيارات وتغفل عنصر البطش الذي يسكت أطول لسان ويجعل الفرد رقيباً على عقله بل حتى على احلامه.
3- إن الأمراض الذاتية والموضوعية التي يعاني منها اليسار كما طرحتها تجعله عاجزاً عن معالجة نفسه ناهيك عن النهوض بدور اجتماعي سياسي في هذه المرحلة بالذات التي يتعرض فيها العراق والمنطقة كلها الى زلزال بكل معنى الكلمة.
4- إنك تعتبر عزوف المواطن عن المشاركة في الانتخابات المحلية مؤشراً على اليأس واللامبالاة، وأنا أراه على العكس مؤشراً على وعي عال بزيف العملية السياسية برمتها فاللاموقف موقف كما تعلم.
5- أعجبني مصطلح (اليساروية الاجتماعية) وانا اعتبره ببساطة النزوع الطبيعي ولكن الواعي نحو العدالة الاجتماعية.
6- إنك اغفلت تجربة مقاومة الاحتلال وغياب اليسار عنها مما جعل بعض التيارات الماورائية تكتسح الساحة في إعادة انتاج للحروب الصليبية التي كانت أصلا حروبا امبريالية.
7- أين اليسار من الانتفاضة العراقية على الفساد والظلم والمعتقلات والانتهاكات ونهب الثروات؟ عدا موقف نقابة عمال نفط الجنوب لم أسمع عن أي جهة يسارية وقفت بوجه الفساد وارجو ان تصحح معلوماتي.


54 - رد الى: إيمان أحمد
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 17 - 11:37 )
شكراً أستاذة إيمان أحمد لهذه النقاط السبعة الجوهرية التي تصلح أن تكون مادة لنقاش عام بين كافة القوى المدنية السياسية، بهدف إجراء جرد أو تقويم سياسي متعدد الأبعاد للسنوات العشرة الماضية من تأريخ علاقة اليسار العراقي بكل من الدولة والسلطة والمجتمع.

أرى أن أغلب هذه النقاط ذات مضمون سياسي إجرائي أكثر منها نقاطاً تحليلية لبنية اليسار، وهذا ربما يتطلب تعقيبات أو إجابات من ممثلي اليسار أنفسهم بوصفهم المعنيين بصنع سياساتهم وتبريرها والدفاع عنها. ومع ذلك سأسمح لنفسي أن أعقب على بعض هذه النقاط منطلقاً من معايشتي اليومية للوقائع السياسية في العراق خلال العقد الماضي، متوقعاً تفاعلك الديمقراطي مع آرائي:

1-تقولين: ((إنكَ اغفلت أن اليسار العراقي فقد مصداقيته عندما تحالف مع اعتى قوى الرأسمالية والامبريالية العالمية في تناقض فادح مع الفكر الماركسي.))- انتهى الاقتباس. أكرر ما سبق أن كتبتُه في التعليق بالتسلسل رقم (20) أعلاه أن اشتراك الحزب الشيوعي العراقي في تشكيلة مجلس الحكم في تموز 2003م كان خطأ سياسياً فادحاً، لكنه بالتأكيد لا يرقى إلى مستوى التحالف مع الامبريالية كما تقولين. وهذا الخطأ السياسي يقع ضمن ما أسميه بـ(التفكير السياسي المهادن) الذي هو إحدى النقاط الخلافية التي أثارها سلوك قيادة الحزب الشيوعي منذ 14 تموز 1958م ولحد الآن. وهناك بالتأكيد فرق شاسع في القاموس السياسي بين -المهادنة- و-الخيانة-. كانت لحظة تشكيل مجلس الحكم نقطة افتراق رئيسة فرضها الاحتلال الأمريكي على القوى السياسية العراقية الناشطة آنذاك، وكان رأي قيادة الحزب الشيوعي هو ضرورة التحلي بـ(الواقعية السياسية) وعدم التصرف بـ(سلبية) تجاه النواة الأولى لنمط الحكم الذي أسهم الأمريكان بتشكيله بديلاً عن نظام البعث. هذا الموقف لا يمكن أن يعدّ تحالفاً مبيتاً أو قصدياً مع الإدارة الأمريكية بل رؤية خاطئة في قراءة الحدث السياسي القادم الذي جرى تديينه وتطييفه في لحظة تأسيس مجلس الحكم. أرى أن صورة الشيوعيين في العراق في الذهنية العامة لطالما حُشرت في نوعين أساسيين من التفكير النمطي المتطرف: إما كونهم (عملاء) أو كونهم (ملائكة). والواقع إن الشيوعيين العراقيين طوال تأريخهم المثقل بالتضحيات (بالأخص بعد 14 تموز 1958م) كانوا على الدوام نموذجاً متقدماً لـ(الروح الوطنية) الممتزجة بارتكاب الأخطاء السياسية الجدية التي ترجع في أصولها إلى أزمة اليسار العامة التي كتبتُ عنها في دراستي الحالية.

2-تقولين: ((إنك تقدم المواطن العادي كأنه غبي او أخرق تتقاذفه التيارات وتغفل عنصر البطش الذي يسكت أطول لسان ويجعل الفرد رقيباً على عقله بل حتى على احلامه.))- انتهى الاقتباس. وأقول، لطالما كنتُ مناصراً للمواطن العادي في كتاباتي السابقة والحالية، بوصفه الحلقة الأخيرة من سلسلة الظلم والقهر التي تجعله الضحية الكبرى للآثام السياسية. فعلى الرغم من التفاعل الجدلي بين المجتمع وشكل الدولة في أي مكان، أي التأثير المتبادل بين سيكولوجيا الفرد وايديولوجيا الدولة، إلا أن الفرد العراقي ظل معزولاً إلى حد كبير عن إمكانية التأثير الحقيقي في صياغة الحدث السياسي في بلاده. ولذلك لطالما كررتُ أن التطور السياسي في العراق خلال نصف القرن الماضي كان يُصنع على الدوام بتأثير قوى كاسحة التأثير (خارجية وداخلية) لا تنتمي عضوياً إلى النسيح السيكوسوسيولوجي للعراق. ولأجل كل ذلك، فقد أوضحت الآتي في تحليلي الحالي عن اليسار العراقي: ((استؤصلت فكرة -المبادرة- من ذهن الفرد العراقي، إذ أفلحت سلطة سلطة البعث في التوغل إلى أدق تفصيلاته الذاتية لتستوطن هناك بديلاً عن عقله... وإذا كانت هناك مؤشرات بانت في الأسابيع الأولى التي أعقبت التغيير في نيسان 2003م بأن ثمة شروعاً اجتماعياً واعداً للتخلص من أغلال اليأس المتراكمة، فقد سارع العقل الأمريكي المحتل إلى الاستعانة بتكنيك -مجلس الحكم- الطائفاني ليعيد ارتهان العقل العراقي بقيودٍ أشد تجريداً وغموضاً من ذي قبل...)). فأين صورة (الخراقة) أو (الغباء) المجردة التي تفترضين إنني ألصقتها بالفرد العراقي؟ إنك تقدمين توصيفاً لآرائي يتناقض تماماً مع كل منهجي التحليلي لعلاقة الفرد بالعالم؟

4-تقولين: ((إنك تعتبر عزوف المواطن عن المشاركة في الانتخابات المحلية مؤشراً على اليأس واللامبالاة، وأنا أراه على العكس مؤشراً على وعي عال بزيف العملية السياسية برمتها فاللاموقف موقف كما تعلم.))- انتهى الاقتباس. لا أتفق مع فكرة أن -اللاموقف- يعد موقفاً في السلوك السياسي. فالحقيقة أن الفرد العراقي لم يكن بلا موقف في الانتخابات الأخيرة، فموقفه الفعلي واضح للعيان وهو اليأس من إمكانية إحداث أي تغيير حقيقي، وهو موقف عدمي (شئنا أم أبينا)، سببه الاغتراب السياسي الهائل الذي أشاعته الأحزاب الثيوقراطية في الحياة السياسية للبلاد. لو لم يكن يائساً لسارع إلى انتخاب القوائم المدنية أو على الأقل لتقديم أوراق فارغة دليلاً على احتجاجه. أعتقد إننا أمام موقف جدلي، فالعراقي اليوم عدمي ويائس سياسياً (وهذه توصيفات علمية لا تنتقص من أحد)، ولكنه في الوقت نفسه صار يمتلك وعياً سياسياً متقدماً بالتدريج. وهذا ما ذكرتُه بقولي: ((إلى جانب كل هذه التردي في الثقافة السياسية، أمسى الفرد العراقي يمتلك وعياً تفصيلياً بماهية الفساد السياسي والمالي في بلاده، وبلا مشروعية نظام الحكم الحالي، وبالآفاق المظلمة التي تنتظر العراق في حال استمراره، ولكنه وعي ما يزال مكبلاً ياليأس والعدمية.)).

6- تقولين: ((إنك اغفلت تجربة مقاومة الاحتلال وغياب اليسار عنها مما جعل بعض التيارات الماورائية تكتسح الساحة في إعادة انتاج للحروب الصليبية التي كانت أصلا حروباً امبريالية.))- انتهى الاقتباس. أظن أن التيارات الماورائية (الإسلاموية) لم تكتسح الساحة السياسية بتأثير غياب اليسار، بل إن اليسار أصلاً كان تأثيره ضعيفاً منذ بدء الاحتلال لأسباب موضوعية تطرقتُ إليها في تحليلي، منها ترسيخ العجز المتعلم وشيوع التدين الزائف وتدهور الثقافة السياسية لدى الفرد العراقي. أما عن (تجربة المقاومة) فهذا مصطلح شديد الالتباس والغموض، ولطالما كان سبباً لانقسام (المقاومة) نفسها. فهل المقصود به هو العمليات العسكرية التي اضطلعت بها تنظيمات دينية متطرفة (جيش المهدي وعصائب أهل الحق وكتائب ثورة العشرين ودولة العراق الإسلامية، وغيرها..)؟ أم المقصود به المقاومة السياسية السلمية التي لم يكن اليسار غائباً عنها، سواء كان يساراً ماركسياً أو قومياً (تجربة المجلس التأسيسي مثلاً). أظن أن إتهام اليسار السياسي العراقي ومحاولة إظهاره بصورة التابع أو الخاضع للإدارة الأمريكية، ليس إلا نتاجاً لتصورات نمطية آن الأوان للتخلي عنها بعد التعقيدات البالغة التي أفرزتها السنوات العشرة الماضية. إن أغلب التنظيمات العسكرية (المقاومة) للاحتلال انطلقت في مواقفها من مسلمات تكفيرية ميتافيزيقية وليس من رؤى اجتماعية إصلاحية ولذلك اختلط الدم الأمريكي بالدم العراقي على نحو أفرغ فكرة المقاومة من مضمونها. وبالمقابل، فإن المناهضة الفكرية السلمية التي أبداها المجتمع المدني في العراق (بشقيه اليساري والليبرالي) للاحتلالين الأمريكي والإسلاموي، أسهمت في تنمية الوعي السياسي للفرد العراقي إلى حد أن الاحتلال والسلطة الطائفانية التي أفرزها باتا موضع تشكيك بل ورفض نفسي لمشروعيتهما وشرعيتهما على الرغم من كل عوامل اليأس والارتهان وغسل الأدمغة.

7- تقولين: ((أين اليسار من الانتفاضة العراقية على الفساد والظلم والمعتقلات والانتهاكات ونهب الثروات؟ عدا موقف نقابة عمال نفط الجنوب لم أسمع عن أي جهة يسارية وقفت بوجه الفساد وارجو ان تصحح معلوماتي.))- انتهى الاقتباس. هنا أتفق معك في توجيه النقد لقوى اليسار العراقي التي لم تتخذ موقفاً فكرياً أو إجرائياً محدداً حيال الاحتجاجات المستمرة في المحافظات الغربية منذ عدة شهور. فباستثناء مواقف متفهمة محدودة أبداها بعض قادة اليسار لمطالب تلك الاحتجاجات، لم تتبلور رؤية منهجية لتقييمها واتخاذ موقف سياسي ضاغط باتجاهها سلباً أو إيجاباً. وقد يعيدنا هذا إلى بعض أسباب الأزمة الذاتية لليسار السياسي التي أوضحتها في الدراسة، كغموض الهوية، وانحسار النزعة الجذرية، وقلق المواجهة مع الإسلام السياسي الحاكم، وأيضاً اختراق الطائفية السياسية لساحة اليسار جزئياً.

عذراً للإطالة أستاذة إيمان أحمد، لكن عمق النقاط المطروحة وأهميتها والإشكاليات التي طرحتها كان حافزاً للتفاعل الجدي معها. أظننا اختلفنا في مواقع كثيرة، وهذا هو الأصل، فلاختلاف يولد رؤى جديدة أعلى دوماً. امتناني واحترامي.




55 - ليس نزوعاً إنما هي حاجة..
علي عباس خفيف ( 2013 / 5 / 17 - 17:01 )
عزيزي الاستاذ فارس كامل نظمي
لقد كان اجتراحك لـ ( اليساروية الاجتماعية موفقاً حقاً) لكن البعض يرى أنها نزوع، والنزوع غير الاختيار الذي يتطلب موقف من الحاجة ، وفي الحقيقة أن الحاجات الاجتماعية للجماعات أو الافراد تتجلى عبر المواقف ، وللجماعات موقف من العدالة الاجتماعية ينبني على الحاجات التي يمكن حصر البعض من مفاهيمها بالحق والعدل والحرية ومن هنا تأتي مفاهيم التغيير.
ما اود أن اشير إليه أيضاً هو حديثك عن رهان ايجاد كتلة غير تحالفية مع قواعد التيار الصدري مع التحفظات التي تبقي الخيار اليساري واضحاً ، للحق يجب أن نتلمس الواقع لا عبر الشعارات وهذا مطلبنا جميعاً ، وإنما عبر الوقائع، فقد أثبتت الأيام ان هذا التيار هو تيارات فضلاً عن ضرورة تلمسنا لحقيقة مليشة الحياة التي تبناها هذا التيار للحد الذي تحولت قواعده في بعض فصولها المنفلتة إلى مافيات وبعضها إلى مرتزقة تعمل لبلدان مجاورة ولقد عادت الولاءات الآن في الغالب تمتاح من هذه المياه
كذلك هناك نقطة أخرى : فقد أشار السيد جمال في تعليق رقم 17 إلى موضوع في غاية الاهمية وفي ردك رقم 18أشرت الى صفقة ؟؟ والحقيقة أن هناك خشية اجتماعية ذكرتها في تعليقك رقم 28تقول فيه ( أن الرأسمالي يعلم أن نزوعاً يساروياً كامناً في الشخصية الاجتماعية ) وهو يعمل على ترويضه أي هناك صراع اجتماعي ، والسير نحو مجتمع اكثر عدالة لايسير نحوه كل الاطراف وانما الطرف الذي يراد ترويضه وحده
عزيزي الاستاذ فارس ، لم اطلع على ما دار بشكل كاف ، فقد جئت متأخراً جداً على هذا النقاش الرائع الذي تتيحه لنا صفحات الحوار المتمدن العزيزة فقد شغلني العمل خلال الاسابيع المنصرمة اضافة إلى ضعف شبكات الانترنيت المحلية التي لاتتيح لنا متعة وانما شكلاً آخر من العذاب هناك الكثير ليقال في هذا الموضوع المهم وقد أجد الوقت الكافي لنتراسل عبر بريدك الشخصي .
محبتي الدائمة


56 - رد الى: علي عباس خفيف
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 20 - 14:18 )
عزيزي الأستاذ علي عباس خفيف:
لقد طرحتَ عدة موضوعات مركزة ومكثفة في تعقيبك. ولكنني أرى إنها تحتاج توضيحاً أكثر لكي يصبح من الممكن مناقشتها بدقة وتحديد. ومع ذلك سأحاول الرد على بعض منها.
(اليساروية الاجتماعية) هي بالفعل نزعة بشرية عقلانية وهذا ما أوضحته في تعريفي لها، بمعنى إنها مرحلة نفسية تسبق السلوك اليساري وتهيء له. فالنزعة عموماً قد تبقى كامنة، وقد تتحول إلى سلوك فعلي اعتماداً على عوامل موضوعية وذاتية كثيرة. ما قصدته بالنزعة اليساروية أن ثمة استعداداً بشرياً كامناً للبحث عن الحرية والعدل، قد يؤتي ثماره ويتحول إلى حركات سياسية تمارس التغيير الاجتماعي الفعلي، وقد يظل دافعاً مؤجلاً على نحو واعي أو لا واعي لدى الفرد. وبالتأكيد أن ثمة فروق فردية شاسعة بين الناس في شدة هذه النزعة لديهم، إذ قد تشتد لدى البعض أو تغيب عند البعض الآخر أو تتحول إلى نقيضها بحكم عوامل البيئة الاجتماعية الضاغطة.
أما عن جدوى الكتلة التأريخية مع التيار الصدري، فأحيلك إلى مقالة تفصيلية بهذا الشأن نشرتها ضمن موقعي الشخصي في (الحوار المتمدن) بعنوان (الشيوعيون والصدريون وخيار الكتلة التأريخية) قد تجد فيها شروحات إضافية للموضوع.
تحياتي واحترامي.


57 - تطور دراسة الزمن
رياض السعدي ( 2013 / 5 / 17 - 19:53 )
الاستاذ فارس كمال نظمي المحترم
من خلال معايشتنا للواقع السياسي على مدى السنين الستين الاخيره نلاحظ مشكله جوهريه في الفكر القيادي لليساريه العراقيه في تعاملها مع الاحداث فهي اما تتفاجأ بالحدث وحينها لاتعرف كيف تتعامل بمهنيه فكريه يتم من خلالها استغلال اللحظه او انها تترك مقاليد الامور لافراد ذو نزعات فكريه متطرفه لاداره الحدث او انها تنساق وراء ارث فكري من الحرمان السلطوي فتتصرف باسلوب اني وهذا ما لايجوز ان يحدث من فكر منذ ان وجد كان ينادي بالانسان ورفاهية الانسان


58 - رد الى: رياض السعدي
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 20 - 14:28 )
عزيزي أستاذ رياض السعدي: إنك تطرح توصيفاً ذكياً لما يمكن تسميته بـ(سيكولوجيا التفكير لدى قياديي اليسار العراقي). وهو توصيف قد نختلف أو نتفق حول بعض عناصره، إلا إنه يتطلب بالفعل تحليلاً مستفيضاً منفصلاً عن الدراسة الحالية ومكملاً لها. آمل أن تتاح لي أو لغيري من الباحثين فرصة الكتابة المتريثة عن هذا الموضوع مستقبلاً.
شكراً لأنك اقترحتَ أفقاً جديداً للبحث في بنية العقل اليساري السياسي.


59 - تطور دراسة الزمن
رياض السعدي ( 2013 / 5 / 17 - 19:53 )
الاستاذ فارس كمال نظمي المحترم
من خلال معايشتنا للواقع السياسي على مدى السنين الستين الاخيره نلاحظ مشكله جوهريه في الفكر القيادي لليساريه العراقيه في تعاملها مع الاحداث فهي اما تتفاجأ بالحدث وحينها لاتعرف كيف تتعامل بمهنيه فكريه يتم من خلالها استغلال اللحظه او انها تترك مقاليد الامور لافراد ذو نزعات فكريه متطرفه لاداره الحدث او انها تنساق وراء ارث فكري من الحرمان السلطوي فتتصرف باسلوب اني وهذا ما لايجوز ان يحدث من فكر منذ ان وجد كان ينادي بالانسان ورفاهية الانسان


60 - المنظمات اليسارية مدعوة للمساهمة في هذا الحوار
صادق البلادي ( 2013 / 5 / 17 - 23:30 )
في مداخلتي تسلسل 38 أعربت عن أسفي لــ

عدم مشاركة ممثلي رسميين لأحزاب اليسار ، المعنية اساسا بهذا الحوار بالمداخلات لحد الآن ،وها هو
دزفارس يفتقده في جوابه هنا. ثانية، ولعل غنى وسعة هذا الحوار يجعلهم يساهمون في الحوار، الحريص و الهادف الى تقوية اليسارفي العراق و العالم العربي، مما يسهم بتقوية الدعوات الى تشكيل أممية جديدة. -
وهذه التسؤلات القيمة للاخت- العزيزة إيمان، والتي غابت طويلا عن الكتابة ، والفضل لهذه المداخلة القيمة والثمينة في جذبها و إعادتها للمشاركة من جديد،في الكتابة هنا، واسعدني قراءة تعليقها، إذ أتذكر مداخلتها في الطريق أواخر تسعينيات القرن الماضي ، التي أكدت فيها على ضرورة النضال السلمي.
والإختلاف كما وصفه الأخ د.فارس يولد رؤى جديدة، كما أن النقد يشكل ضغطا لتخظئة النهج المهادن، ولا أقول
الأنتهازي، المصطلح الماركسي، لكن الإدمان على هذا النهج جعل المصطلح يبدو كأنه شتيمة فأستعاض عنه د.فارس بالنهج المهادن، ذي الجذورالممتدة حتى ثورة تموز وبتشديد هذا الضغط والتحليل و النقاش الواضح وبحرص وبتغيير في المسؤلين عن مواصلته ينفتح السبيل الى التحول الى النهج الجذري، وبدونه لا يمكن الوقوف بوجه التوجهات الثيوقراطية الإسلامية ، الطائفية .،،


61 - لماذا تم اهمال ذكر جبهة ح ش ع مع الفاشست
صباح البدران ( 2013 / 5 / 19 - 03:47 )
في البدء لابد من ابداء اعجابي البالغ بنهج الاستاذ فارس كمال نظمي ومحاولته الجادة لتقديم .تحليلا لازمة اليسار العراقي
ومع امتناني الصادق لمحاولته الجريئة والجادة والجديدة لتجاوز الكليشهات القديمة الشائعة والقصور النظري المزمن والشائع في الوسط اليساري العراقي, لكني اعتقد بان ما ينبغي لتناول ظاهرة معقدة كمسألة اليسار العراقي وازمته بلزم معها اعتماد محموعة من العلوم ليكون فيها المواطن العراقي ليس موضوعا وحسب بل ذاتا اصيلة واعية ايضا. والا كيف يمكن التوفيق بين مشهدين متناقضين من انفضاض الجمهور اليوم عن تأييد اليسار العراقي اليوم وبين خروج حوالي مليون عراقي بتظاهرة اول ايار عام 1959 لتأييد اشراك الحزب الشيوعي في الحكومة (حين كان تعداد سكان العراق لا يتجاوز السبعة ملايين) ؟
مبالتأكيد ان البعض من الجمهور يقتصر مايسهم في تكوين وعيهم ومعرفتهم على تجاربه الشخصية والجمعية, في حين ان من احرز بعض التعليم سيتمكن من الاطلاع على تجارب في بلدان اخرى من عالمنا المعاصر والتعلم من دروس التاريخ. وكما نشهد اليوم فان وسائل الاتصال الحديثة والبث والتلفزيوني الفضائي اسهم الى حد كبير في ردم الشقة بين هاتين الفئتين او على الاقل التقريب يينهما.
في الحوار بمجمله جرى تجاوز حدث هام للغاية هو التحالف المشين بين ح ش ع وبين حزب البعث في السبيعيينات من القرن المنصرم وما تعرض له الشعب العراقي من ممارسات ارهابية وترسخ في ذاكرته الجمعية من اهوال فاشية يتحمل مسؤوليتها السياسية والاخلاقية ح ش ع, واسهم في تشكيل المفارقة النمطية لليسار ما بين الحزب الذي تقدم صفوف النضال الطبقي والوطني في العهد الملكي وبين الحزب الذي تنصل عن خدمة مصالح الكادحين وتفرغ لترسيخ سلطة البعث الفاشي وخدمة المصالح الاجنبية السوفيتية. .


62 - رد الى: صباح البدران
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 20 - 14:48 )
الفاضل الأستاذ صباح البدران:
أعتقد أن هذه الدراسة وما أثارته من حوارات كانت في الأصل متوجهة نحو تحليل البنية السيكوبوليتيكية لليسار السياسي في العراق، أي ديناميات البنية وليس مضمونها. فمثلاً يمكن للشخص أن يتبنى الديمقراطية كمضمون، لكن بنية التبني يمكن أن تكون استبدادية، أي إنه يريد فرض فكرة الديمقراطية بالقوة على الآخرين، وفي هذا تناقض ولكنه تناقض مفهوم في حال استطعنا التمييز تحليلياً بين البنية والمضمون.
ما أقصده هو إن غايتي لم تكن تناول أمثلة أو نماذج من تجارب اليسار أو مواقفه أو تحالفاته ومن ثم نقدها، بل كان هدفي هو تحليل البنية النفسية اليسار السياسي بما قد يسهم في كشف بعض أسباب أزمته السياسية.
أظن أن الأوان قد حان ليكون نقدنا موجهاً بالأساس إلى بنية الأزمة وليس إلى تطبيقاتها، تجنباً للاحتكاكات الانفعالية ولاحتمالات الوقوع في (تخوين) الآخر. نريد بناء تحالف يساري واسع ومتسامح وجذري التفكير والأداء، وأظن أن ذلك لن يتحقق إلا حينما يقبل جميع اليساريين بجميع اليساريين دون وصمة أو إقصاء أو تشكيك بوطنية بعضهم، ودون أن يلغي ذلك ضرورات المكاشفة والنقد الإصلاحي باستخدام لغة علمية لا تنال من كبرياء أو هيبة أحد.


63 - الى الاستاذ صادق
ايمان احمد ( 2013 / 5 / 19 - 12:53 )
اشكرك استاذ صادق على افتقادك لي ولكنني لم اغب طويلا ولا قصيرا ، بعد الاحتلال كنت اكتب باسماء مختلفة لاسباب معروفة وكذلك كنت اكتب غالبا باللغة الانكليزية لانني من خلال لقاءاتي بالصحفيين والمنظمات العالمية وجدت ان هناك تشويها اعلاميا وفكريا لايمكن حتى تخيله ولذلك وجدت ان من واجبي ان اوضح ما امكنني توضيحه ، او لعلك تتحدث عن ايمان احمد أخرى ، لا ادري. كما أنني اعمل منذ ثلاث سنوات تقريبا على بحث يتناول خطاب الحرب على الارهاب ، وخاصة في ما يتعلق بالمرأة وسوف اترجمه وانشره باللغة العربية
واتفق معك في أن مبادرة الاستاذ الدكتور فارس فرصة رائعة للحوار واتمنى ان يشارك الجميع ، فيها ومن جميع الاتجاهات السياسية والفكرية وليس يالضرورة اليساري العلماني لأنني اعتقد ان اهم ما نحتاج اله الآن هو تكريس ثقافة تقبل الآخر واحترام رأيه ايا كان. فالاختلاف ليس سلبيا بل ان العكس هو الصحيح، والقضية اكبر من قضية مصطلحات ومفردات: فقط اقول انه لاتوجد في التاريخ حركة سياسية لم تتخذ موقفا يتناقض مع منطلقاتها النظرية ولاتوجد حكومة او حزب لم يرتكب اخطاء سياسية ، البعثيون انفسهم اعترفوا انهم ارتكبوا خطأ
سترتيجيا عندما دخلوا الكويت وهذا برأيي موقف يستأهل التحية
انها قضية تقبل ثقافة الآخر برمتها وعدم مصاردة فرصتها في الوجود تلك هي العلّة والعلاج معا واظن ان مبادرة الاستاذ فارس خطوة على هذا الطريق مع تحياتي


64 - معا من أجل ترسيخ ثقافة الحوار و قبول الآخر
صادق البلادي ( 2013 / 5 / 19 - 19:30 )
الأخت العزيزة إيمان
سرني تأكيدك على المواصلة ي الكتابة، ولكن كما يبدو في صفحات أخرى و بأسماء مستعارة.
أظن أنك أنت لإيمان التي عرفتها في مقالة أواخر القرن الماضي، في صفحة الطريق الإليكترونية كتبت فيها داعية الى خيار العمل السلمي بديلا عن خيار الحرب، وعلقت على مقالتك مؤيدا، بإسم حمدان يوسف، لأني كنت وما زلت معتقدا أن قرار مجلس الأمن 688 كان يمكن أن يكون السبيل للخلاص من صدام، مثلما تحرر الإقليم من حكم النظام بتطبيق القرار 688، لكن الإمبريالية هدفها تدمير العراق لا خلاصنا من صدام والفاشية، ولذلك تخلت عن القرار.،
اتفق معك تمام الإتفاق على ضرورة تعميم وترسيخ ثقافة الحوارـ ورفض الإقصاء، والسعي للتوصل
الى توافقات و تحالفات، مع الإحتفاظ بحق نقد الآخر ومناقشة أفكاره، فالصراع لكشف خطأ وضرر
استمرار الدعوات لأسلمة المجتمع وأن الإسلام هو الحل تحتل أهمية رئيسية ، تكون خاضعة للأمر
الأول تحقيق السيادة الكاملة و الخلاص من الإتفاقية الستراتيجية مع المحتل الأمريكي. وقبول ثقافة الآخر لا يمكن أن تشمل الضلال البعثي، فتجربة اربعين عاما ، وما يمارسه البعث السوري،
تكملة تتبع


65 - تكملة التعليق
صادق البلادي ( 2013 / 5 / 19 - 19:48 )
تكفي
لتجعلنا نتعامل مع البعث تعامل الديمقراطيين الألمان مع النازية حتى بعد اقتراب مرور70 عاما على اقضاء على الفاشية
قناعتي أن اليسار الديمقراطي هو المؤهل لبناء النظام الديمقراطي وتحقيق عدالة إجتماعية ـ تضمن
تحقيق الأمن والقانون،ووحدة اليسار الديمقراطي تحتاج الى توفير المستلزمات التي عرضها د.فارس
في حواره الواضح والعميق. حقا أن القضية أكبر من المصطلحات و المفردات، لككنا لا يمكن أن نغفل أهمية دقة المصطلحات في الحوار.
أتمنى لك التوفيق في إكمال بحثك، ولعلي اتوفق في الإطلاع عليه...


66 - اليسار واليسار الاجتماعي
سامان كريم ( 2013 / 5 / 20 - 12:25 )
الرفيق العزيز فارس كما ل نظمي... بعد التحية
ارى ايجب تحديد البنية الاجتماعية لليسار... الطبقة العاملة وحركتها الاجتماعية هي البينة الرئيسة لليسار في اي بلد كان... لان هي الطبقة الوحيدة المعترصة والمحتجة بوجه سلطة رأس المال اي الطبقة البرجوازية الحاكمة... عبر نضالاتها سواء كان اقتصادية او سياسية. هذا اليسار هو يسار اجتماعي وهناك طبعا يسار اجتماعي اخر وهو يسار برجوازي ... لديه نقد و ملاحظات حول اداء الحكم ... و يهدف الى تلطيف اجزاء الحريات والمعيشة في ظل النظام الراسمالي... اذن علينا ان نحدد ما ذا نقصد باليسار... اذا على اليسار الاول اي الطبقي العمالي.. براي لحد الان ليس مقتدرة وكاد ان اقول لم يتمكن من ترسيخ وجودها داخل صفوف الطبقة.. وهذه هي مشكلتها الرئيسة وعدم تطورها و تحولها الى قوة مقتدرة... اما الثاني فهي يسار الذي نراه مع الاحزاب الاسلام السياسي و القومي ونراه ايضا في التحالفات و الجبهات المختلفة عبر عقود عدة... شيوعية ماركس وليني ترجع الى اليسار الاول وليس الثاني.... ارى ان بحثك يتعمق في اطار الفكري ... او الحولات الفكرية... وهذا ينقصه اساس اي بحث علمي وهو كيفية انزال البحث ...


67 - اليسار واليسار الاجتماعي
سامان كريم ( 2013 / 5 / 20 - 12:29 )
الرفيق العزيز فارس كمال.. الجزء الثاني
هذا البحث ينقصه اساس البحث العلمي .. هو كيفية انزال الافكار الى الارض والى الصراع الطبقي الدائر ولو بشكله الطائفي والمذهبي والقومي...ان الشيوعية اساسا هي حركة اجتماعية طليعية داخل صفوف الطبقة العاملة... قبل ان تكون افكارا او احزابا او برنامجا سياسيا.. عليه ليس بامكان التحزب الشيوعي ان تقوم بمهامها وبكامل قيافتها السياسية والتنظيمية والفكرية و تقاليده السياسية .. دون حضروها ووجودها المؤثر في صفوف الطبقة... حينذاك وبعد ذلك اي بعد تشخيص هذا المرض.. و تجاوزه.. بامكاننا ان نتحدث عن ضعف الشيوعية وفق السياق الاجتماعي.... تقديري لك


68 - رد الى: سامان كريم
فارس كمال نظمي ( 2013 / 5 / 20 - 14:58 )
الأخ الأستاذ سامان كريم:
إسمح لي أن أختلف معك في حتمية أن الطبقة العاملة هي البيئة الرئيسة لليسار. ما أتبناه أن اليسار في جوهره هو نزعة بشرية قبل أن يكون إطاراً سياسياً أو طبقياً. أرجو أن تتفضل بقراءة المداخلتين رقم (6) و(12) في هذا الحوارية، إذ قد تجد فيها توضيحاً مناسباً لهذه المسألة.
مع كل التقدير.


69 - تبدو النزعة هنا ملكوتية..
علي عباس خفيف ( 2013 / 5 / 20 - 15:15 )
شكراً أيها العزيز..
مما قرأته في ردك ، يلوح لي أنك تضع النزعة بوصفها جُبلّة ( أو فكرة سابقة على الوجود ) تولد مع الانسان ، ولا أظنك تقصد هذا وإلاّ اصبحت صفة ملكوتية والذي قصدته تماماً تقديم الحاجة على أية فكرة مسبقة باعتبار الوجود هو الأسبق
لك محبتي..


70 - قرأت خيار الكتلة التاريخية..
علي عباس خفيف ( 2013 / 5 / 20 - 16:00 )
عزيزي استاذ فارس كمال نظمي
إن ما قرأته( في مقالك الشيوعيون والصدريون.. الخ) عن الكتلة التاريخية قائم على معنى ( الجماعة النوعية ) وهو معنى يبقى نظرياً كما هو رد الصادق النيهوم على الجابري حين اختار الأول (النيهوم ) شورى الجامع . فالكتلة التاريخية تفترض تلاقي الجماعات النوعية كمنظومات بشرية في فضاء نقي!! وهو معنى نظري خيالي أو طوباوي كما أشرت في مقالك السابق. ولكن علينا أن نعرف أولاً أن مليشة الواقع العراقي تأسست على يد البعض من فصائل هذا التيار ، أي البعض من المجاميع المثقفة التي قادت انطلاقته الأولى في الغالب، وهي الآن تعمل في السر ( تنظيم الاغتيالات ) وفي العلن( تستضيفها الفضائيات وتسفح اسهالها العنيف امام المشاهدين ). وهي تفقد شعبيتها كل يوم .
والشيء الحقيقي الوحيد الآن هو أن هناك فلول من المثقفين الملتزمين من هذا التيار تبحث عن بدائل خارج التيار وبعيداً عن العقيدة الدينية السياسية.وهو ما نشهده حقيقية .
لك محبتي..


71 - البشرية منقسمة على ذاتها
سامان كريم ( 2013 / 5 / 20 - 16:47 )
الرفيق العزيز فارس كمال ..تحية وبعد.. منذ فجر التاريح.. البشرية منقسمة الى الطبقات... ليست البشرية فحسب بل الانسانية بمعناها التجريدي ليس لها وجود... حيث نرى انسانيات البرجوازية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية.. وهي تجريد الانسان من انسانيته واصالته الطبيعية... اذن ان البنية اليسار يجب ان يكون واضحاً ليضفي على البحث بعدا علميا.... النزعة البشرية بصورة عامة ليس لها اية مدلولات واقعية... وهذا التصور اللاطبقي هو واقع حالنا في العالم العربي... وهو تصور سائد داخل اليسار بصورة عامة.... ولعل ان اليسار في العالم العربي اساسا هي جزء من عملية بناء الدولة القومية في عدد من البلدان في العالم العربي.. نرى العراق ومصر وسوريا.. وهو جزء يسار الذي تبنى دولةراسمالية وفق صيغتها رأسمال الدولة... كحركة معارضة لاتجاه الاخر اي رأسمالية السوق.. في تلك المرحلة.. حيث سيطرت رسمالية الدولة ولكن بفعل يمين هذه الحركة اي القومية العربية اليمينية في تلك الفترة المتمثلة بالناصرية و البعث ...على اية حال كما تفضلت نحن على اختلاف حول هذا الامر... تقدير ي لك ...


72 - دعم هذا التيار
موسى غافل الشطري ( 2013 / 5 / 21 - 06:13 )
التيار الصدري و منذ نشوئه تتبلورأثناء مسيرته توجهات عديدة . و يبدو أن التيار الصدري بحكم عوامل عديدة منها انحدار أفراده من عوائل أساساً كانت محسوبة على الحزب الشيوعي . ثم بعد أن يئست من قدرته أن يحقق لها شيئاً ، بل تورط في تحالفه مع حزب البعث ، تحولت هذه العناصر إلى الحركات الدينية بحثاً عن تحقيق آمالها و منها التيار الصدري . و يوماً بعد يوم يحاول هذا التيار أن يشق طريقه نحو تحقيق آمال الجماهير المعدمة ، و بالطبع تنسلخ عنه العناصر التي تقف في منتصف الطريق ، حاله حال أي مكونات تنظيمية لها اهتمامات ذات طابع مرحلي . ومن المحتمل أن يشهد هذا التيار انقسامات حادة. حيث أن مسيرة هذا التيار حالياً هي في صالح الطبقات المعدمة . و لم يزل ماض نحو تحقيق آمال هذه الطبقات ، فما هو المبرر من رفض الفكرة القائلة بضرورة التنسيق معه ما دام لم يتوقف في مسيرته و يتخلى عن طموحات جماهيره ؟ إن الأحزاب الماركسية لديها تجارب عديدة من التحالفات التي مارستها ، سواء في البلدان النامية أو المتقدمة صناعياً . أما اننا نقف في وجه هذا التيار في نشاطه الملفت للنظر و لا نبارك ما يحقه على الأرض ، فمثل هذا الموقف لا يتماشى


73 - تطور دراسة الزمن
رياض السعدي ( 2013 / 5 / 24 - 18:17 )
الاستاذ فارس كمال نظمي المحترم
تحيه طيبه
اشكر لكم ردكم الطيب
يطيب لي ان اخبركم اني لست مؤدلجا الى اي ايدلوجيه ولا منتمي الى جهه فكريا ولكني محاور متمدن اجد مسؤوليه كبرى للتحاور مع ذو الفكر
ان القيادي وبالذات اليساري عليه مهمه جوهريه هي قيادة المجتمع فكريا وليس ماديا وتاسيس منهج سلوكي من خلال التطبيق على ارض الواقع وهذا من خلال منهج فكري مدروس بمهنيه عاليه ولكن المشكله التي اشخصها هي التاليه
لم ارى خلال العشر سنوات المنصرمه قياديا او دلالة على مغادرة القيادي اليساري لمرحلة النضال السري فكرا وممارسة وتطبيقا والتي لها ميزاتها ومقوماتها وهذا واضح من خلال انحسار الدور التاثيري في لليساريه الى مرحلة النضال العلني والذي له مجال واسع لاستغلال الزمن العامل المهم في الحياة واقتصار الشعارات المطروحه على الارث الفكري لليساريه وعدم تفاعلها مع المرحله الحاليه كما حدث في الصين مع العلم ان اليساريه العراقيه اقدم من اختها الصينيه حضورا في طبقات المجتمع ولكم مني فائق الاحترام


74 - ثقافة الحوار واشكالية التأطير
ايمان احمد ( 2013 / 5 / 25 - 17:33 )
الاستاذ صادق البلادي المحترم
آسفة على التأخر في الرد لانشغالي اتمنى ان تكون بخير
لابد أنك تتفق معي في ان معالجة اية موضوعة فكرية او فلسفية او سياسية على وجه الخصوص تبدأ اولا بتأطيرها ، بمعنى وضعها ضمن المنظور الذي تروم معالجتها من خلاله. في هذه الحالة كيف تؤطر تجربة حزب البعث في العراق بأطار النازية؟ ماهي المعطيات الايديولوجية والتاريخية والفعلية لهذا التأطير؟ وانا أسأل من باب فهم وجهة نظرك، ليس الا. يوصف صدام عادة بأنه هتلر( واحيانا ستالين) ضمن الاطار الذي طرحته حضرتك نفسه. في هذه الحالة لابد من دراسة موضوعية للمنطلقات النظرية والانجازات العملية للشخصيتين ، فضلا على التكوين النفسي والاجتماعي والفكري لهما...الخ. بعد ذلك يمكنك ان تقبل او ترفض شمل البعث بالحوار ام لا من خلال رفضك للنازية، وبغيره نسقط في اشكالية ترديد خطاب الآخر. من هو اول من اطلق صفة النازية على البعث ولماذا؟ انا شخصيا لا اعرف ولذلك أسألك. من ناحية اخرى لا اعتقد بأن اية تجربة تاريخية يمكن ان تتكرر مهما تطابقت اسباب التشابه لانك لا تعبر النهر مرتين، التغيير هو الشيء الثابت الوحيد في حركة التاريخ. مفارقة اليس كذلك


75 - حول فاشية البعث
صادق البلادي ( 2013 / 6 / 3 - 18:57 )
أعتقد أن أول من نبه الى فاشية البعث الفنان محمود صبري في دراسة نشرت عام 1964 على ثلاث حلقات، في مجلة الغد، التي صدرت في براغ، عن حركة الدفاع عن الشعب العراقي، التي ترأسها الجواهري الكبير، ونشرت هذه الدراسة في طريق الشعب، مؤخرا. كما أصدر د.كاظم حبيب كتابا
بعنوان-الفاشية التابعة في العراق-،ومع الأسف ان الحزب الشيوعي العراقي لحد الآن لا يعتبر البعث فاشيا، فقط أساليبه اساليب فاشية.والدستور العراقي حظرالبعث ولا يجوزأعتباره ضمن التعددية السياسية، مثله مثل الدستور الألماني الذي حظر النازية، ولحد اليوم؟
و المعروف أن عفلق لا يتحدث عن الثورة إنما كان يرى أن الإنقلاب هو الطريق المميز للبعث، ويستبعد الوسائل السلمية، ويدعو الى تصفية خصومه إذ يقول: - العمل القومي القابل للنجاح هو ذلك الذي يستثير الحقد حتى الموت تجاه أولئك الذين يُجسدون فكرة مضادة
. إن من التفاهة بمكان أن يحارب أعضاء الحركة النظريات يقولوا لماذا علينا أن نهتم بالأشخاص. إن النظرية المعادية لا توجد بذاتها لذاتها، بل تتجسد في أشخاص لا بد من زوالهم لزوالها -، أورد هذا النص بطاطو في الكتاب الثالث ص 46 ،
له تتمة


76 - تتمة حول فاشية البعث
صادق البلادي ( 2013 / 6 / 3 - 19:13 )
ويشير بطاطو الى أن القول هذا - يستدعي الى الذهن ألأعمال الوحشية التي ارتكبها البعثيون ضد الشيوعيين في العراق عام 1963- في 8 شباط الفاشي.
وبإضافة ما ارتكبه العث الفاشي زمن البكر و صدام، نجد كم كان صادقا عفلق عندما وصف صدام بأنه تجسيد للبعث،، هذا الحزب الذي حدد هدفه منذ الأيام الأولى
لتكوين البعث :- مكافحة الخطر الشيوعي وتحذير الشعب العربي منه بالنشرات والاجتماعات يرى من واجبه ان يهيب بالعرب.... فيجمعوا كلمتهم للقضاء على هذا الخطرقبل أن يفوت الوقت ويتمكن الحزب الشيوعي من تسميم الروح العربية وتقطيع أوصال الكيان العربي - مكتب البعث العربي ..
نضال البعث ج1 ص 88.
وبين الواقع أن شعارات الحرية والوحدة والإشتراكية، ماكانت سوى شعارات طنانة من أجل أستقطاب
الشباب القومي المنذفع و الساعي لتحقيق الهدف السامي : توحيد الأمة العربية،، التي تتعارض تماما مع مصالح الإمبريالية و الرجعية العربية،، فحاربوها كما يحاربوها اليوم وبشكل أفظع، تمزيق الأقطار القائمة كائفيا ولإثنيا، و يكادون ينجحون في تسعير الحرب الطائفية، التي لن تبقي ولن تذر إن اشتعلت
مع إعتذاري عن التأخر في الجواب..


77 - نثمن جهدكم المعرفي الجرئ
لجنة العمل اليساري العراقي المشترك ( 2013 / 7 / 2 - 11:40 )
الدكتور فارس كمال فهمي المحترم

نشكر لكم جهدكم المعرفي واجتهادكم الجرئ في مسالة معقدة ومتشابكة راهنياً وتاريخياً . كما نسجل اعتذارنا للتأخر في مساهمتنا, وهي تقتصر اليوم على مساهمة ( معلوماتية ) , وسبب هذا( التأخر - التقصير) انشغالنا على الارض في اختتام فترة طويلة من الحوار الدؤوب والصبور بين القوى اليسارية العراقية, والذي تمخض عنه تشكيل لجنة العمل اليساري العراقي المشترك, والانتقال من الدائرة اليسارية الى الدائرة الوطنية الديمقراطية, باعلان التفاهم المشترك مع التيار اليمقراطي كنواة لاوسع تحالف وطني تحرري رافض لخياري نظام المحاصصة الطائفية الاثنية, ومحاولة اعادة انتاج شكل من اشكال النظام القديم.

ويتضح من حواركم بأنكم لم تتطلعوا ايضاً على هذا التطور. وعليه نجد من المفيد احالتكم الى الموقع الفرعي للجنة في الحوار المتمدن , آملين ان نسمع رأيكم .

http://www.ahewar.org/m.asp?i=6212

مع التقدير
لجنة العمل اليساري العراقي المشترك - مكتب المتابعة
[email protected]


78 - المعذرة : د. فارس كمال نظمي
لجنة العمل اليساري العراقي المشترك ( 2013 / 7 / 2 - 19:40 )
المعذرة : د. فارس كمال نظمي

اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا