الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبور عظيم للعرس

نصيف الناصري

2013 / 5 / 5
الادب والفن













انتظام فضائلنا ...




عواء طويل يعذَّب الحجارة الموبوءة في السهول ، والجفاف يفقدنا
القدرة في العثور على القذائف التي قتلت الشهداء . لحظة همجية
يتقدَّم فيها البرابرة من حدودنا ، ويسمّمون آبارنا ونسيم قناطرنا التي
ترنَّحت بفعل الضربات . أسباب كثيرة تجعلنا نرفض تسخير أشجارنا
الحبلى لحمايتنا من السهام الفائقة ، وإزاحتنا للعهود التي أرسيناها في
الماضي مع الجبابرة ، توّهم لاحساسنا بالانجراح في حقول قمحنا
المريرة . حرّاس مراصدنا العجائز يبدَّدون ضوء مراياهم ويكسَّرون
نبالهم في طنين النحلة التي تتجسَّس للعدو . فظاعة مُفعمة بانسحاق ما
كنّا نظنّه يصمد أمام الفجر السقيم للكارثة ، لكن قيمة ما نرجوه من إثم
الذين سخطوا علينا ، يضيء نومنا في انتظام فضائلنا التي يصاهرها
الزمن . متاهات حادَّة نقطعها ويسبقنا فيها الصيّاد المحترف الى
الطريدة العليلة في قلعتها الضاربة الى السأم .


بين الهاوية والهاوية ...




شرَّطنا أشجار مثمرة في وهاد السنوات وتسلَّقنا ذكرى مَن غابوا في
الاعصار . ما يلي عذابنا في الوجود ، ينفرد بإزاحته لإشارة السرّ وكلّ
عقار نستمدّه من سهرنا تحت العظام الشاحبة للنجوم ، نصارعه بفظاعة
والعلل تكبر بإصرار في الرضاب الصامت للأيَّام . نتفادى الاقتراب من
صندوق الميت ، لكنَّ الميت يرطّب لحظتنا التي تذبل فيها مرايا أحلامنا .
وعي كبير نضفيه على عزلتنا بين الهاوية والهاوية ، والجدران تصدّ عنَّا
العشب الأزرق للسلّم . نفخنا النيران في الحجارة ، يدفىء أرواح من ماتوا
وتركونا نضمّد جروحهم في شواطىء الزمان .




خيانة أنفسهم ...




يخفون كحلاً كثيراً في الأعشاش التي تهجرها الطيور ، ويجرحون أنفسهم
في ضربهم لقرابينهم التوائم . صليل أسلحتهم التي تلهث تحت الشمس ، يمنع
عنهم إزالة الشوائب من أيَّامهم ، وكلّ صدى في الجانب الآخر ، ينذرهم بدنو
الحرب التي تداعب آلاتها الجهنمية . بناتهم اللاتي يتنقّلن بين الرغبات
الملتهبة ، يدنين عسل الصيف الى رقصاتهن في الظهيرة ، ويغطسن في البئر
ثيابهنَّ وأضحياتهنَّ في حبور عظيم للعرس . عبورهم النهر في الليل لإبعاد
شرّ المنْدسَّين ، يكلّفهم إشعال النيران في مراكب تجارتهم . عديمو الضمير
يسرعون في فزعهم من ندى البركان ، الى رشوة العرّافة ويقنعون بفقدانهم
لكلّ فضيلة تعيقعهم عن خيانة أنفسهم . ذهب كثير في المناجم ، لكنّهم يتنحّون
عن فراغ لحظتهم ، والأعداء يومّنون الطريق بالرضا عن السهم الذي ينطلق
ويشعل الصاعقة في الأعشاش المليئة بالكحل .





الحفاظ على الغلّة ...




نستجير بفزعنا من اللاطمأنينة في العوالم المتكئة على الفراغ ، بآلهتنا
التي تجدل ندمها في الريح . إنهاكنا للثمرة بذريعة التقرَّب من الغفران ،
نجابه فيه سخط الموتى بحزم ونغرق قنائصنا في شواطئهم الندية . جدب
طويل في أرضنا يسلبنا شعيرنا والحِمْلان التي ننتظرها في الربيع ، وما
نغمره في دموعنا للتغلّب على هلاك ما حلمنا به ، يضيِّق علينا ويوّجه
صوبنا اللمعان الأسود للحجارة . ملكنا الفلاَّح يكذب في اختلائه بنفسه
ويجدّف ضد المرأة الحامل والوردة والمذنَّب الذي يعبر الأفق . صيده
الأسماك بالمحراث في الغدير من دون صلاة ، يحرّض الحرّ العظيم على
محو الأشجار التي نعلّق فيها خمورنا وزيتنا وزبيبنا ، وعندما يصحو من
خبله ، يأمرنا أن نكسر الرحى وشذرة الخاتم . أشياء مؤذية نُجبر على
اللطف بها من أجل حفاظنا على الغلّة القليلة .




آلهة كثيرة ....





أضرحة عظيمة لنبلاء على شواطىء العالم ، تبهرنا فيها توابيتهم الصارمة
ونقرنها بفظاعة حاضرنا ورهونه المهانة . دفننا للعصاة الذين قتلناهم في أول
السنة ، وثيقة دامغة تهدّد حصتنا من نسم الحرّية . أشواطاً طويلة نقطعها في
رحلاتنا الى الحج ، واعتمادنا على لصوص الخانات ، يستنفد كلّ أمل نعوّل
عليه في إبقاء قرابيننا حيَّة في الهجير . تماثل كبير بين من قعدوا في أضرحتهم
ونعموا بالعافية ، وبين من وقعوا في شراكنا النجسة وتمت إبادتهم غيلة . نوائب
عظيمة تطبق علينا ونحن نحاول الإفلات من تصدّع أكواخنا المنهكة . كهنتنا
الجهلة يرفضون رمينا للسهام بوجه الميت ، ويسمحون لأنفسهم بسرقة كلبه
ودراهمه المتناثرة في جص ميتته القائظة ، والبرّية التي ندنّسها في استجدائنا
لصدقات النجوم من أجل آلهتنا ، تجدب بهلع ويحلّ الشحوب على ضروع
ماشيتنا العليلة . آلهة كثيرة نتخلّى عنها ونحن ننوء بحملها الى قبورنا في الليل .






5 / 5 / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق