الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الخامس عشر من آذار: الأزمة السياسية للثورة الشعبية مستمرة مالم يتكَوَّن النضال الثوري المُسَلَّح...

حسان خالد شاتيلا

2013 / 5 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ثورة الخامس عشر من آذار:
الأزمة السياسية للثورة الشعبية مستمرة
مالم يتكَوَّن النضال الثوري المُسَلَّح...


هذا النظامٌ الاستراتيجي المبرمج، قوامه الانسجام الملموس بين الائتلاف الوطني وليد المجلس إياه، والجيش مجهول الهوية، والمنابر الديمقراطية للمثقفين، يَجمع ما بين هذا وذاك في جهودهم المشتركة من أجل تخريب المسار الاقتصادي الاجتماعي لثورة الخامس عشر من آذار، والمقايضة بما تقدِّمه الطبقات الشعبية من تضحيات بلا حساب ،مادية ومعنوية، كي تنتصر الثورة. هذه الطبقات المفقرة والمهمَّشة غيَّرَت مسار التاريخ، وقَلَبَت العلاقات الطبقية في ساحة الصراع السياسي، من أجل أن تَنتَزِع مستوى معيشي أفضل مما تقدِّمه لها الرأسمالية البيروقراطية، ويلبي بصورة جديدة، المقتضيات الوطنية والاجتماعية للتكوين الاقتصادي الاجتماعي، وذلك في ما تتأهب العولمة النيوليبرالية، أو الإمبريالية الجديدة، لسرقة قوت الأكثرية الكادحة من الشعب في سورية، واجتياح السوق الوطنية باسم الشراكة السورية الأوروبية، والسوق الحرة لبلدان اتحاد حوض المتوسط، وخطط إنقاذ من نوع "خطة مارشال" لإعادة، كما تزعم رأسمالية السوق العالمية، بناء الاقتصاد السوري بعدما دمَّرَته "الحرب" . على رأس هذه الاستراتيجية المضادة للثورة، يطل على المجتمع الثائر في سورية قبعة أو طربوش ملفوف بعمامة يطمس النضال السياسي، بما في ذلك الليبرالي منه، ناهيكم واليساري الثوري، وخوذة تَخنق النضال الثوري المسلح للطبقات الشعبية. هكذا، فإن الصفقات الدولية حلت محل الثورة الشعبية، في ما يسد الجيش متعدد الرؤوس المنافذ أمام المسيرة الشعبية للثورة.

آ-) كاميرة حربية ذكية، لمثقفين وسياسيين مخلوعي الوعي والعمل:
عما قريب، فإن طائرات التجسس بدون طيار، كسرب طير السنونو، ستجتاز سماء سورية من الجهات الأربع، منبئةً بحلول الجحيم الإمبريالي الصهيوني، وأفول ربيع طالما تغنى مثقفونا، الليبراليون اليوم، الشيوعيون بالأمس، به، بمناسبة وبغير مناسبة. خطاب العرش (خطاب القسم) ظنوا أنه طير سنونو، فهلَّلوا للربيع السوري، بالقياس مع "ربيع براغ". ثورة الخامس عشر من آذار رأوا فيها طيرا يبشر بقدوم الربيع. لكنهم ما لبثوا أن اصطادوه. طبخوه ثم هضموه. طائرة التجسس بدون طيار تحمل معها، برأيهم، البوادر الأولى على تدخل أجنبي طالما استجدوه من العواصم الكبرى للرأسمالية التي تسيطر، ما بعد سقوط حاظ برلين، على السياسة الدولية، إن لم تكن توظِّف هذه الأخيرة، لتُقَدِّم الحركات الاجتماعية والقومية والتحررية في العالم، فريسة للعولمة النيوليبرالية المتوحشة.

بؤس هذه الثقافة المستَلَبَة التي تُصَدِّق أن هكذا طائرة بدون طيار تُستَخدَم للتجسس. ثقافة بائسة لأن طائرة "الدرون" ما هي سوى طائرة إرهابية تقتل الأبرياء في أفغانستان، وباكستان، والعراق، وتلتحق بالطائرات المقاتلة لجيش النظام الرأسمالي البيروقراطي المهيمن، وتنضم إلى الحواجز العسكرية للجيش الهجين ونظيره الحاكم، والتي تنتصب عائقا أمام النضال الثوري، السياسي والمسلح، للطبقات الشعبية، فتشكل برفقة الطبقة السياسية المحترفة، جبهة واحدة، وإن كانت متنوعة، مضادة للثورة. إن هذه المستحاثات السياسية والثقافية، حفيدة التكوين السياسي الاجتماعي المتوارث، تتبادل، عهدها بالأمس، اليوم وغداً، السلطات في ما بينها في الدهاليز المظلَمَة على مستوى المراتب العليا للدولة، وفي أقنية النفايات الرطبة مع فئران السياسة الدولية.

طائرة التجسس بدون طيار مجهزة بألة تصوير ذكية تنتمي للجيل الطالع من أنظمة المعلوماتية. فالفلاح الباكستاني في حقله، والذي يزرع الأرض أو يحصدها، يظهر عبر شاشتها بمظهر الإرهابي الذي يسوق دبابة، أو صاروخا من نوع محظور دوليا، كتلك الصواريخ التي تحجج بها المجرم الإمبريالي ليدمر البنى التحتية والعليا للعراق، فتقذفه بصاروخ يدوي صداه في ضمير الأحرار عبر العالم. الحقيقة غير ذلك. إن طائرة الدرون ذكية، لكن ثقافتنا التي ركعت أمام الأمراء والمشايخ، والمستر فلان والمسيو علان، ناهيكم واللص الروسي والصيني والملا الإيراني، مصدرها السياسي الليبرالي، والسياسي الديني، والسياسي العلماني والماركسي والفاشي، مصدرها الاستلاب البورجوازي السائد في العالم الرأسمالي.

ب-) جيش متعدِّد الرؤوس لجسم بلا عقل، ذات عضلات مفتولة تعوزها المهارة الحسية الحركية:
المفارقة التي تحرِّر الطبقات الشعبية من هذا الاستلاب ماثلة أمامها، ما بين الأرض والسماء والجو. فآلة التصوير التي اغتالت الأبرياء من أطفال وشيوخ وعجزة ليست جهازا حربيا، وإنما هي سلاح إرهابي. فإذا ما ظهر هذا السلاح في السماء السورية، فإن دخوله إلى أجوائنا الوطنية، لن يجر وراءه حرية حُبكت على منوال المؤتمرات والمنابر والمجالس والهيئات وقيادات الأركان العسكرية النظامية والهجينة، إنما هو يؤذن بشن غارات عسكرية وسياسية على الثورة الشعبية لإخمادها، إيذانا بعودة الأساتذة، أحفاد العسلي والعجلاني والعظم والبرازي والسباعي والدواليبي والقدسي والقوتلي والجبري والشيشكلي، وغير هؤلاء من رواد ثقافة السياسة الوطنية ذات الجذور الإقطاعية، والتي تعايشت، عبر تاريخ طويل من الظلم والاستغلال، على خير وجه، مع نمط الاستبداد الشرقي، ومنه استرزقت.

هذه الطائرة الذكية التي تَرجمَت خازوق الاستبداد في العراق إلى صواريخ للدمار الشامل، ها هي تُتُرجِم اليوم، بأعين اليسار الثوري في سورية، لاستراتيجيات معادية للثورة، شاغلها الأعظم أن تَسحب السياسة الثورية من الشارع الثائر، أن تفصل ما بين الطبقات الشعبية والسلطة، لاسيما وأن ممارسة الشعب للحكم بصورة مباشرة محظور من إسرائيل وحلفائها، وأن تجرِّد الطبقات الشعبية من قنبلة المولوتوف، وبندقية الصيد، والحجر، والمقلاع. اعلم، أن هذا النوع من الأسلحة، لا تتفوق عليه القنبلة النووية، وجيش السلطان، والطائرة الحربية المقاتلة، وشقيقتها الإرهابية، مجتمعةً.

ج-) الجبهة المُوَحَدَة لليسار مسار أمام النضال الثوري المسلَّح، وحاجز أمام الثورة المضادة:
الأزمة الثورية في سورية ترجع في أحد أسبابها، إلى أن كل هذه الأسلحة السياسية والعسكرية، المحلية والإقليمية والدولية، تسير نحو التجمع في صف واحد للانقضاض، في وقت قريب لاحق، على ثورة الطبقات الشعبية، إن بمنطق الحل السياسي الذي يستهوي حتى اليوم أحزاب اليسار الشيوعي والقومي المنضمين إلى هيئة التنسيق، والذي يدغدغ، في المقام الأول، أهل السياسة والثقافة، أو، إن بتدمير ما تبقى من سورية على رؤوس الفقراء والمشردين والجوَّع والعاطلين عن العمل وأصحاب الأجر المحدود والمهمَّشين ومعهم كافة أصحاب الأحوال الرثة. أي أكثرية الشعب منزوع السلاح، لأن العسكر والسياسيين حظروا عليه النضال الثوري بالسياسة والسلاح.
هذا الجيش مختل الأطراف لافتقاده للمهارة الحسية الحركية، شأنه شأن المستحاثات السياسية والثقافية التي دُفِنَت بأيدي الشباب من أبناء الطبقات الشعبية، تريد أن تستعيد القيادة، بعدما أَوقَعَت الثورة قطيعة سياسية ثقافية حاسمة ما بين مجتمع الطبقات الشعبية والمجتمع السياسي الثقافي. فإذا كانت هياكلها العظمية اكتسبت حياة سياسية جديدة بفضل أموال السلاطين والأمراء والمشايخ، وانتعشت روحها من حنكة الجنتلمان الأنجلو ساكثوني والأفندي التركي، ودهاء المُلَّات، ومشعوذات الحركات الدينية التي تتبع السياسة دوما وأبدا، وتخضع لها، فإن الجيش الانكشاري السلطاني، سليل الانحطاط في العهد العثماني، وليد العسكريتاريا من حيث هي مؤسسة قمعية احتكارية واستغلالية، ذي نظام ما فوق المجتمع، مستقل بذاته، نشأ ليكون جيشا رديفا للعسكريتاريا الحاكمة، لا يأتمر لمدني، ولا ينصاع للقوانين والحقوق. إن الانكشارية الجديدة في سورية صورةٌ طبق الأصل لنظام الحكم من النمط الشرقي.

د-) قنبلة المولوتوف لجميع السوريين:
الثورة ليست اختصاصا ينفرد به العسكر. فإذا ما انفردوا بها، فإن الطبقات الشعبية لن تقاتل النظام المهيمن بالسلاح، ما دام تعبئتها وراء النضال الثوري المسلح تحول دونه انكشارية متعددة الرؤوس، بلا عقل، وذي جسم تعوزه المهارة الحسية الحركية. ثورة الخامس عشر من آذار هي التي أتت بأعدائها إلى المعركة في الساحة السياسية. هي، أيضا، التي ستقضي عليهم إذا ما اتحد اليسار الثوري في جبهة واحدة، كي يحمل قنبلة المولوتوف بيد. البندقية الخفيفة بيد. الطبقات الشعبية المسلَّحة بأسلحة خفيفة فوق أكتاف الجبهة اليسارية الثورية الموحَّدَة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري