الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحبيبة وليالي كوردستان

محمد سليم سواري

2013 / 5 / 10
الادب والفن


لا ولن أنسى تلك الليلة الآذارية من ليالي كوردستان الجميلة بمدينة أربيل ، مدينة عبق التأريخ وسمو القلعة وفي الثمانينات من القرن الماضي حيث جَمَعنا الوَد والصداقة على مائدة واحدة مع الفنان الكردي حسن كرمياني .. وكم كنتُ أُجاهد منذ أيام للحديث عن جمال الفن الغنائي عند المغنية القديرة نجاة الصغيرة بعد أن أخذت إنسانة عزيزة علي بيدي إلى عتبة عالمها الرقيق للغوض في بحر رقتها حيث خزائن الجواهر والدرر من الوجد الصادق والهيام السائح بين طبقات المشاعر والعواطف .. أي سياحة كانت ؟؟ وما الذي ذكرني هذه بذاك ؟؟
نعم الفنان حسن كرمياني في تلك الليلة الكوردستانية إستمر بالغناء على المائدة الخاصة في فندق القصر الذهبي منذ العشاء آنذاك .. وبعد منتصف الليل كان يغني ويبكي بحرارة حيث تجري الدموع على خديه .. أية معادلة صعبة من الإشارات والرموز وليس فيها معالم واضحة وثوابت معينة.. الجالسون يضحكون ويُنَكتون ويفرحون ، ثم يبكون لبكاء فنانهم وفي مشهد تراجيدي تأخذ بالألباب .. وأخيراً وعند شروق الشمس على كل الأنحاء وضع الفنان يده على خده وقال : جئت إلى هنا لكي تفرحوا بغنائي ولي من المعاناة والآلام ما يكفيني لأتمزق من الألم لأبكي في داخلي .. ولكنها جلسة الاحباب واعزروني على هذه الدموع .. كان هذا الفنان المبدع يحس بأن مسؤوليته إسعاد الآخرين ونضح ما في دواخلهم من الشجون والهموم .
وبعد أكثر من ثلاثين سنة على الذكرى العزيزة والأعزاء الأحياءِ منهم والأموات أقف اليوم لأسمع غناء الفنانة الصغيرة بنعتها والكبيرة في فنها هذا الغناء شلال من الضباب البنفسجي يدغدغ المشاعر ويزلزل العواطف .. هذا الصوت نسمعه وكأننا نسبح مع نسائم الزمن السرمدي محتضنة كلمات تخلد الشاعر وألحان تمجد الملحن وهذه السيدة نجاة الصغيرة ترقص على أكتاف الكبرياء لنَسبح مع طيف الحبيبة عبر الأثير وفوق القارات والمحيطات في تناغم طردي مع كل آهة من الآهات المتجسدة مع كل حرف تلفظها الشفاه من قاموس الابجدية رافضة أسواق اليور والدولار.
ليس المبدع أو العمل الإبداعي مجرد إسم ومصطلح لغوي أو أدبي أو إجتماعي يلفظه اللسان ويتبادل من إنسان إلى إنسان وإن المبدع الحقيقي هو من يؤثر ويلملم مشاعرهم ويهز من مكنونات أعماقهم التي طمرت منذ سنين وهكذا هو الزمن الآتي مع غناء نجاة التي لم أعرفها في الزمن الغابر عن قرب وعندما يشاء القدر .. قدر الحبيبة عبر الأثير في ملحمة ( بستناك ) وأنا أسمع كل كلمة وأحس صوت الندى وهو يجري رحمة وبهجة على شرايين كل الأزهار والورد في الطبيعة الجميلة.. لتصبح الصغيرة هي الكبيرة بحق وتتوج صاحبة الحنان في مملكة العشق والغرام .
إنها لحظات خالدة في ذمة الزمن .. هذا الزمن الذي كان يمر علينا في الماضي القريب والبعيد مرور الكرام ولا نحس به ، واليوم مع همسات القلب وحنان الحبيبة وعشق الكلمات أصبح الزمن غير ذاك الزمن .. ليجعل من الإنسان إنساناً آخر ليغير به وجه الحياة مع هذا اللحن والجمل والأحرف السابحة بين قلوب العاشقين والمحظوظ من كان يملك الرقم السري لذلك القلب قلب الحبيبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير