الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ما يطمح اليه الغريب في بابل
نصيف الناصري
2013 / 5 / 10الادب والفن
ما يطمح اليه الغريب في بابل ...
المسافرون الى بابل يحملون معهم دودة القز ، قرباناً لإله الملك ،
ويلقّحون بيوضها في الأيّام التي يمرض فيها الكاهن والفلاّح
والمحارب . شعائر سرّية تساعدهم بصفتهم أغراباً على إدامة حيّلهم
الوطنية ، وفي انفرادهم عن بعضهم البعض في غرف النجوم ، يوقفون
السحرة فوق الأبنية التي يرهقها الليل ، ويطرّزون لهم أكفانهم باهتمام .
يتنقَّل الناس في المدينة من ثكنة الى ثكنة ، ومن حانة الى معبد والكهنة
يعطون لهم الأوامر ، لكن لا أحد يقترب من الغيوم الشيّقة للبركان ،
ودائماً يسلّح الجنس البشري نفسه بالفزع من المتعصّبين وكتبهم
الخسيسة . تقليد الميت لصوت الشجرة التي تظلّل بئر موته ، يغلق
فمه ويمنعه من شرب الخمر مع شباب قبيلته ، وكلّ ما يطمح اليه
الغريب في بابل ، تجربة يصلّي فيها عذابه الى جانب الكوخ الذي يموت
فيه .
تأمين المعيشة ...
تُفلَّي النجمة الشابَّةَّ نفسها فوق المراكب ، ذهبٌ كثير يسقط على أسرّة
المبحرين . يتخلَّصون من بضائعهم ويعودون لإيداع السبائك في بنك
الرهون . تتقاضى الشجرة المتحيّزة أجر قليل من الذين لا يضمنون
حفاظها على جيناتهم ، ولتامين المعيشة مع أولئك الذين يرزحون تحت
ثقل ندوبهم ، يستأجر المعافى أصدقاء الماضي لإيصال رسالته الى
أهله . يعض على ندمه ويبخل في إعارتهم حفنة دراهم . حشائش كثيرة
عطشى على الشواطىء ، وتعاني من تلوّي الأشرعة في نسيم الصيف ،
والغرقى الذين جابهوا العطش في رحلاتهم ، يتعذّبون معها ويفكّون الإبر
عن جروحهم . ترضية الميت التوأم في إرجاعه الى قبره ، ولفّه بزمن
ذاكرته ، لا يرضيه ولا يرضي النحلة في سهرها معه وهي تنصحه
بالنوم تحت الصف الطويل لنجوم موته .
زراعتنا للفؤوس ...
يحيون ذكرى الغائب باحاطتهم للنهر الذي مّرض فيه ، ويتجنَّبون إثارة
غضبه في تمرّنه على اطلاق الإشارات . شعوب كثيرة تغيب ومعها كلّ
المواثيق ، اختطاف المرء من قبل المتسكَّعين في الظهيرة الطقسية بين
الأكواخ التي ينعزل عنها النهار ، ونبش المتصوَّف لقبر في المفازة
وإفراده لأيّام حياته فيه ، والغرقى النياندرتاليين ، ينتصبون في زمنهم
التطوّري أكثر منّا ، ومآثرهم لا تحصى في عصيّهم التي يهزّون فيها
الفسائل المختلطة للكلام . تهجير الحلزون من صخرته العظمى واسكانه
في بحيرات الشجرة ، فعل بربري يعافه تجّار الجلود المدبوغة في أرض
الأكراد الفيليين . المتحوَّلون في دخان المعارك الى الجانب الآخر من
الزمن ، يتأهبون في كلّ حينٍ لإطعام العصافير شعيرهم القليل ، ويرمون نفاية
حصادهم على النوافذ التي يساومون فيها الثمن الباهظ للحرب . نفقات كبيرة
ندفعها في حزننا على من غابوا في اللحظات المغزولة ، وانتظارنا لعودتهم
من العوالم المدخّنة ، حلم نبتلي بين أبنيته المتماثلة بزراعتنا للفؤوس .
نجدل له النجوم في تطهيره لنفسه ...
تتسلَّطُ على المنعزلين والرجعيين في نومهم ويقظتهم بين مناجم أيّامهم ،
عادات مؤذية وتضرّ باحسان أولئك الذين يلصقون جروح الحيوان والشجرة .
الغرام في الصعود الى أسفل الجرم ، إشارة تتدلى من الفظاعة الوطيدة للشرّ ،
ويهلك فيها الانسان نفسه ولا يستأنف حظوظ لحظته المُصابة . غدران معزَّية
في الندف الثلجية للصيف ، تنهمر على من نرتقب منهم إخجال المشرّعين السفِلة
والذين يتشبَّثون بإيمان القرد ، ونحنُ ننزع عنّا أحمالنا بين رحمتها ، ونتخلَّص من
الفضيلة المشرَّبة بالانحراف عن الزمرد . شرر كثير نثبَّبته في الزمن الذي
يلفظ أنفاسه ، ونجدل له النجوم في تطهيره لنفسه من الرطوبة والجفاف ،
والذين يهدمون ضفافنا ويمزّقون أشرعة صلاتنا ويطمرون الينابيع الرؤوفة
للحبّ في العالم ، يستوعبون في خبلهم ومصاهرتهم للرذائل والدناءة ، كلّ ما
يفوح به إرثهم المضطرب والمحتال .
10 / 5 / 2013
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها
.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع
.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض
.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا
.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه