الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبثية التربوية وتهديد الموروث القيمي في الشرق

محمد رشو

2013 / 5 / 11
التربية والتعليم والبحث العلمي


ربما عجلة التطور الاقتصادي في العديد من البلدان سبقت بأشواط التطور الفكري التعليمي التربوي فيها، تزامن بطء العملية التطويرية للانسان مع عدم وضوح استراتيجية التعليم والتربية والتي اقتصرت على التلقين والعمومية دون دراسة متطلبات عملية التربية بالمنهجية العلمية المطلوبة والتي يجب أن تكون مبنية بشكل مباشر اعتمادا على المجتمع قيد الدراسة، طبعا بالاستعانة مع المدارس التربوية العالمية وبالأخص المدرستين الألمانية و اليابانية.
إلا أن ما نشهده في بلدان الشرق الأوسط أقرب ما يكون إلى العبثية التعليمية، واسقاط لنتائج العمليات التطويرية التي كانت لها ظروفها المختلفة تماما في أوروبا على واقع مغاير بشكل كامل لتلك الظروف، الأمر الذي جعل من العملية التربوية والتعليمية شبه مشلولة أو معاقة، وفي أحسن حالاتها تكون ملوثة أو متأثرة بفكر غربي غريب عن المجتمع قيد التطوير.
قد تكون لهذه الحالة المرضية ظروفها الموضوعية كالاختلاف في سلم الأولويات عند المواطنين في الشرق الأوسط بتأثير الدين أو الوضع الإجتماعي الرديء والأنظمة الدكتاتورية القائمة وساحات القتال التي لا تكاد تنطفئ حتى تشتعل من جديد، إلا أننا يجب ألا ننسى الظروف الذاتية المتمثلة في قصر إدراك المواطن و القيادة واعتمادها على الخبرات الأجنبية و تحييد الخبرات الوطنية الكفوءة، بالاضافة إلى التربية الدينية الجامدة الغير قابلة للتطوير.
تراكم الأخطاء التربوية خلق أزمات إجتماعية مختلفة في العديد من دول المنطقة، فالتلوّن بالثقافة الغربية بات السمة الغالبة عند أغلب الشبّان، وتسرب بعض التيارات الفكرية التي هي أبعد ما تكون عن واقع الشرق كالعلمانية و اللادينية، حتى على أعلى المستويات الثقافية، بالاضافة إلى خلق هوة واسعة ما بين فكر الشخص وما بين موروثه الحضاري و القيَمي.
هذا النمط من التأثر بالفكر الغربي والذي مرده السياسات الخاطئة من قبل الحكومات، له آثاره الايجابية على المدى القصير من حيث مواكبة التطور والتكنولوجيا وكافة العلوم، إلا أن له آثاره السلبية على المديين المتوسط والطويل، والمتمثلة في ضعف الإنتماء القومي والوطني و تغير الولاءات إلى الولاءات الفكرية بدلا من القومية، بالإضافة إلى ضياع الثقافة المحلية أو تشوهها وإنحلال الأخلاق الشرقية لتحل مكانها الأخلاق الغربية العلمانية، والابتعاد عن الدين والرضوح لسلطة القوة العالمية المهيمنة كإحدى نتائج العولمة.
حتى لا أقف عند تشخيص المشكلة فقط سأقوم باقتراح الآتي: على كافة الحكومات الجديدة في الشرق أن تنشئ مراكز دراسات تضمن خيرة التربويين غرضها الأساسي وضع الخطط الاستراتيجية للنهوض بالواقع التربوي على كافة الأصعدة ولكل المراحل العمرية، وتكون قراراتها نافذة وبالتنسيق الكامل مع وزارات الثقافة والاعلام والتربية والتعليم العالي والأوقاف، آليه عمل المركز يجب أن تستند على درساة الواقع بتفاصيليه وتشخيص مشاكله ووضع الاقتراحات، ومحاولة تطبيع الثاقفة الغربية التي لا بد منها بطابع محلي شرقي متناسب مع عاداته وتقاليده وضمن الأطر المجتمعية التي إعتادها على المجتمع، أي أن التطور سيكون بتطوير النظم المجتمعية القائمة بدلاً من نسفها ثقافيا بالأفكار الغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن