الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هو الطائفي؟!

أحمد حسين

2013 / 5 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين نسأل من هو الطائفي تبدو الجملة في ظاهرها سؤال واحد لكنه في الحقيقة مجموعة أسئلة متوالدة تلد نفسها بنفسها حالها حال الأميبيا. هذا السؤال يستدرج أسئلة عدة، تختلف إجاباتها بحسب ثقافة وخلفية المجيب نفسه.
فلنسأل أولاً ما هي الطائفية قبل أن نحدد من هو الطائفي، هل الطائفية هي مجرد الانتماء إلى طائفة ما، وهل إذا كنت لا دينياً أو ملحداً هل ستبقى طائفتك التي ولدت منها سمة تميزك عن غيرك من بني الإنسان، أي بمعنى أن ولدت من أبوين شيعيين أو سنيين أو مسيحيين أو يهوديين أو ملحدين أو من أية طائفة أخرى فهل يعني أن هذا الانتماء البايلوجي هويتك الأزلية التي لا فكاك منها، وهل الانتماء إلى طائفتك يعني بالضرورة أنك طائفي حتى وإن غير مؤمن بهذه الطائفة أو تلك؟.
ثم هل دفاعك عن طائفتك هو الطائفية أو هل تعرضك للطوائف الأخرى يجعل منك طائفيا، هل دفاعك عن طائفتك حتى وإن كان موضوعيا وحقيقيا ومستندا إلى وقائع يعد طائفية، والسؤال نفسه نطرحه بصيغة مناقضة، هل نقدك للطائفة الأخرى حتى وإن كان موضوعيا ومستند إلى وقائع يعني أنك طائفي، ونتساءل هنا أيضا، وهو ما يستدعي سؤالا آخر، هل هجومك على الطائفة الأخرى حتى وإن كان رد فعل وفي ساعة غضب هل يعد طائفية؟.
هذه التساؤلات وغيرها ما هي إلا محاولة لفهم ما هي الطائفية ومن هو الطائفي، بعد أن أصبحت هذه التهمة شائكة ومعقدة وضبابية بشكل عجيب، فالكل يتهم الكل بالطائفية وهناك كل آخر لا يدين بدين المتراشقين بتهمة الطائفية هو الآخر يتهمهم بالطائفية التي يتهمونه بها، رغم يقينهم بشذوذه عن طوق العقائد السماوية والأرضية، لكن مشيمة الانتماء لأصول شيعية أو سنية لم تقطع بعد، ومشيمة انتمائه لأديان أخرى جعلت منه هدفاً في مرمى اتهامه بالمعاداة.
بالتالي لم نعد نعرف من هو الطائفي ولا ماهية هذه التهمة الفضفاضة، تهمة أشبه ما تكون بأحجية لغوية سقطت بعض حروفها أو لغز حسابي أُسس على قاعدة خاطئة.
بعد أيام من عملية اقتحام ساحة الاعتصام بقضاء الحويجة كنت وخمسة من الزملاء الصحفيين نناقش تداعيات الأوضاع وما قد تؤول إليه الأمور، جميعنا لا دينيين، لكن أسماءنا وانتمائنا البايلوجي يصنفنا ضمن الطائفتين المتحاربتين، أحدنا اعتبر السنة الذين ينحدر منهم سبباً في تأجيج الأوضاع لتحقيق أهداف تستمد شرعيتها من الحمية الطائفية، بل راح إلى أبعد من ذلك حين اتهمهم بالعمل على تخريب البلد منذ العام 2003 ولغاية الآن، لم تكن مجرد اتهامات عائمة أو مجاملة لنا بل أنه كان يحلل الأحداث والخطابات ويتحدث عن ما يهمس به الشارع السني، في المقابل وبنفس الأسلوب والنظرة التحليلية للأحداث والخطابات اعتبر اثنان أن الشيعة الذين ينحدرون منهم السبب في كل ما جرى ويجري، وتفاعل الحوار ليشترك فيه الجميع من دون أن يكون للانفعال والعصبية حضوراً، ولم تتبدل ألوان وجوهنا لتخفي غير ما نظهر، كنا على طبيعتنا نتحدث عن قراءتنا للأحداث والتطورات، فمن منا الطائفي؟.
لو أن أحداً سمع حوارنا من دون أن يعرفنا، بطبيعة الحال سيخمن أن منتقد السنة شيعي، ومنتقد الشيعة سني، وعلى أساس هذا التصور سيبني موقفه، بالتالي سيتهمنا بالطائفية إن كان بريئاً منها، بل حتى وإن كان باحثاً ذو نظرة تحليلية سيرفع أصبع الاتهام بوجوهنا من دون أن يرى الجانب التحليلي في حوارنا، أما من يتغذى على خراج الطائفية فستجده فرحاً بهكذا حوار، وسيكون صديقاً للسنيّ ظناً منه أنه شيعي ينتصر للطائفة، أو سيكون صديقاً للشيعي ظناً منه أنه سنيّ ينتصر للطائفة، وبطبيعة الحال هذه الصداقة المبنية على الحقد والكره أو رد الفعل سيكون محورها القدح والذم والشتم، لكن الصدمة بعد أن تتعمق هذه الصداقة عندما يكتشف أن من ظنه صديقاً ونصيراً يتضح أنه الكامن وراء الساتر المقابل، أنه العدو، عندها ما هو رد فعله وبماذا سيصفنا وكيف سيصنف السنيّ الناقد لطائفته والشيعي الناقد لطائفته؟.
لو أننا تبادلنا الأدوار في حوارنا هذا فكان منتقد السنة شيعياً ومنتقد الشيعة سنياً هل سيتغير شيء، هل سيضمر أحدنا للآخر ضغينة الطائفية، اعتقد أن من سيضمر ذلك إنما يفصح عن حقيقة يحاول إخفائها بشق الأنفس ومل يستفز حتى يكشف عنها دون وعي، وأنتم يا من تعتاشون على هذه الجيفة التي لم تنفق بعد بماذا ستتهموننا؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س