الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدو الصديق والأسطورة الشمولية

خليل البدوي

2013 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يؤكد جون فيفر أن نفس الخرافات التي يرددها الغرب حول الإسلام كانت تردد آنذاك عن الاتحاد السوفيتي في إطار الحرب الباردة، فهو عدو يحارب بوحشية فريدة من نوعها من أجل نشر أيديولوجيته، ويرغب في التوسع والسيطرة على العالم، ولا يمكن الثقة بخطابه حول التعايش السلمي أو حول خطر الحضارة الغربية، بل من المفارقات أن الغرب قد آمن حينها بمبدأ "عدو عدوي هو صديقي"، فعمل على استخدام جماعات الإسلام الراديكالي كسلاح لمواجهة الشيوعية، مثلما أشار الصحفي روبرت درايفوس لذلك في كتابه "لعبة الشيطان"، حيث ذكر تفاصيل قيام الولايات المتحدة بتمويل المجاهدين في أفغانستان كأحد أساليب حملتها الصليبية ضد الشيوعية في العالم الإسلامي.
وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة بالسقوط المفاجئ للاتحاد السوفيتي في عام 1991، فإن كثير من العقول المفكرة والمؤسسة للخرافات والأساطير حول الشيوعية ظلت على نفس النمط من التفكير، كل ما في الأمر أنها بدلت العدو السوفيتي بالعدو الإسلامي.
ويتابع فيفر في مقاله رصد الخرافات التي يروجها الغرب حول الإسلام فيعتبر أن البعض قد تمادى بوصف الإسلام بنفس الصفة التي سبق وألصقوها بالشيوعية ألا وهي الشمولية، فصار هناك إسلاما شموليا على غرار الشيوعية الشمولية، وصار هناك إسلاما فاشيا وفق أنصار مدرسة "الإسلام الفاشي"، التي تضم نورمان بودهورتز، ديفيد هورويتز، بيل أورايلي، باميلا جيلر. فقد أصبح الأصوليون ببساطة هم "الشموليين الجدد"، تماما كما كان يطلق على الشيوعيين. ويكفي أن تسمع مقولة المفكر اليميني الليبرالي بول برمان الذي حاول إثبات أن "المسلمين المعتدلين" هم أصوليون في ثوب إصلاحي.
ووفقاً لجون فيفر فإن هؤلاء ينظرون لكل العالم الإسلامي على أنه كتلة واحدة، تماما كما كانوا ينظرون للاتحاد السوفيتي والشيوعية، وكما فشلت الإدارة الأمريكية في مكافحة الشيوعية حين ساوت بين ليونيد بريجنيف الشيوعي المتشدد، وميخائيل جورباتشوف الشيوعي المصلح، فإنها ستفشل كذلك في مكافحة الإسلام حين تساوي بين المتشددين والمصلحين، وحين ترى أن جذور الإرهاب كامنة في الإسلام نفسه لا في تصرفات فئات متطرفة من المسلمين، تماما كما كان يُنظر إلى الشعب السوفيتي أثناء الحرب الباردة.
ومن اللافت للنظر حسبما يرى جون فيفر أن الرئيس أوباما كان حريصا بصورة مبالغ فيها أثناء حملته الانتخابية على تأكيد هويته المسيحية، فكثيرا ما شوهد يصلي في الكنائس، مع تجنبه المساجد وكأنه حريص على طمس أي آثار للهوية الإسلامية في ماضيه، وبطبيعة الحال ركز منافسوه أيضا خلال الحملة الانتخابية على اسمه الأوسط حسين، وأكدوا على تعاطفه مع الفلسطينيين، كما حاولوا تحويل الدوائر الليبرالية - ولا سيما تلك اليهودية الأمريكية - ضد الرئيس المفترض.
وفور وصوله للسلطة أعلن تخليه عن سياسات إدارة بوش تجاه العالم الإسلامي، وأعلن عن عزمه سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وحاول الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف توسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن أجل العودة للمفاوضات (على الرغم من عدم اللجوء إلى هذا النوع من الضغوط الذي قد يكون مفيدا، مثل الخفض أو حتى وقف صادرات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل). ولكنه ما إن وصل القاهرة وألقى خطابه الشهير الذي وجهه للعالم الإسلامي في يونيو 2009، حتى استعار نفس المصطلح الذي أطلقه بوش باسم "الحرب العالمية على الإرهاب".
وبعد مرور ما يقرب من عامين على توليه الرئاسة الأمريكية ما زالت القوات الأمريكية مرابطة في الأراضي الأفغانية، وتصاعدت الهجمات على الحدود الباكستانية والتي شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، وانتشرت القوات الأمريكية الخاصة المتمركزة في 75 دولة حول العالم أي أكثر مما كان في عهد بوش بأكثر من 15 دولة، وفي نفس الوقت ما زالت معسكرات جوانتانامو مفتوحة، وما تزال الولايات المتحدة تمارس عمليات الملاحقات الأمنية والتسليم والاغتيالات كجزء من الأدوات التي تتبعها واشنطن.
فمعظم المدنيين الذين قتلوا في هذه العمليات العسكرية من المسلمين، وأغلب المعتقلين والملاحقين الذين يتم استجوابهم من المسلمين، وأكثر المباني التي دمرت هي للمسلمين، وكنتيجة لذلك كما يرى جون فيفر أن هذا الخطاب الصليبي والممارسات الصليبية قد أدت لانخفاض شعبية أوباما الآن داخل العالم الإسلامي كثيرا عن بداية فترة رئاسته، ففي مصر انخفضت نسبة تأييده من 41? عام 2009 إلى 31? الآن، وفي تركيا انخفضت من 33? إلى 23?، وفي باكستان من 13? إلى 8?.
في الوقت نفسه يؤكد فيفر أن ما يشهده العالم الغربي أحيانا من هجمات حاليا دافعها الانتقام لما ارتكبته أمريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر وليس دافعها الدين، والكثير من المسلمين اليوم يرون إدارة أوباما كامتداد لإدارة بوش تماما في التصعيد ضد المسلمين.
ويختتم فيفر مقاله بالتحذير من استمرار الإسلاموفوبيا؛ فالانتصارات التي حققتها حركة الشاي الأمريكية وتصاعد أصوات الجمهوريين المتشددين في الكونجرس، ناهيك عن نهضة اليمين المتطرف في أوروبا، كل هذه الشواهد توحي بأن الغرب سوف يعيش مع هذا الخوف المرضي لبعض الوقت.فيقول "إذا كانت الحروب الصليبية قد استمرت مئات السنين، دعونا نأمل أن الإصدار الثاني من الحملات الصليبية، وعصر الظلام الذي وضعنا أنفسنا فيه، يكون أقصر عمرا من ذلك بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53