الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع - عامود الغيم -حلقة 3

عليان الهندي

2013 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


يورام شفايتسر

ترجمة عليان الهندي
بعد اسبوع من انتهاء معارك عملية عامود الغيم، يبدو أنه لن يحدث أي تغيير جوهري في اللعبة الدموية بين إسرائيل وغزة. ورغم النار والدخان اللذان انتشرا في مناطق الطرفين، فإن التغيير الأساسي الذي وقع هو اتضاح صورة الثمن الذي سيدفعه كل طرف في حال تم خرق قواعد الصراع المحددة باتفاقيات وقف إطلاق النار. وبالنسبة لإسرائيل كانت تصفية أحمد الجعبري ،قائد الذراع العسكري لحركة حماس، والمعركة العسكرية التي نشبت إثر ذلك متوقعة. وعلى ضوء ما حدث في الحدود الجنوبية لاسرائيل عشية العملية العسكرية وقتل رئيس أركان حماس، كانت الهجمات المضادة بالقذائف الصاروخية بعيدة المدى من حماس مفاجئة تكتيكية لإسرائيل. لكن إطلاق القذائف الصاروخية من غزة على إسرائيل نفذ كرد فوري على تصفية الجيش الإسرائيلي للجعبري والهجمات الاسرائيلية على غزة ،لم تكن مفاجئة لمن يستمع لوسائل الاعلام المختلفة حول تسلح المنظمات المختلفة بغزة خلال السنوات الأخيرة، والتي استخدمت ضد إسرائيل. وفي العام الأخير أطلقت قذائف صاروخية يوميا على إسرائيل، جرت على إثرها ثلاث جولات قتالية استمرت كل واحدة منها عدة أيام، تم خلالها إطلاق عشرات الصواريخ على مدن جنوب إسرائيل. وإعلان رئيس الأركان الإسرائيلي قبل عدة أسابيع من اندلاع المعركة، أن عمل عسكري ضد قطاع غزة هو عمل لا يمكن منعه، كان بمثابة إشارة واضحة على قرب المعركة الحالية، التي هدفت لوضع حد للواقع غير المحتمل في جنوب إسرائيل.
عملية عامود الدخان التي وقعت في معظمها من الجو وبمبادرة من إسرائيل التي فهمت جيدا انعكاسات تصفية الجعبري واستعدت لذلك من ناحية عسكرية ومدنية وإعلامية، كانت الهدف منها، التوضيح لحماس وللمنظمات الأخرى بعدم تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل لهم خلال عملية الرصاص المنصهر التي مسحت بشكل تدريجي خلال السنوات الماضية. وفي العملية الحالية، أوضحت إسرائيل لحماس أنها هي المسئولة بصورة عملية عما يحدث في قطاع غزة وهي التي ستدفع ثمنا باهظا إذا لم تنفذ مسئوليتها الشاملة لوقف أعمال الإرهاب ضد إسرائيل ومنع أعمال العنف الموجهة من قطاع غزة إلى إسرائيل.
العملية المحدودة التي انتهت في النهاية من دون عملية عسكرية برية إسرائيلية في قطاع غزة هدفت إلى دفع الطرف الآخر ثمنا باهظا على خرقه المتواصل قواعد وقف اطلاق النار الذي تم التوصل إليه بعد انتهاء عملية الرصاص المنصهر عام 2009، وأن تغرس في وعي قيادات حماس والجمهور الفلسطيني الثمن الباهظ والمتوقع لأية جولة معارك مستقبلية، إذا لم يحترم وقف إطلاق النار.
وحتى هذه المرحلة، لا يمكن التقدير متى ستندلع الجولة القادمة من العنف، التي بدت وكأنها حالة طبيعية في علاقات إسرائيل-غزة. لكن، ومع انتهاء احتفالات وتصريحات النصر المؤقتة ،ومن دون علاقة ذلك بالنتائج الحقيقية للمعركة في قطاع غزة، التي صدرت عن قيادات حماس ومن شركائها بالقصف ومن مؤيديها في العالم العربي، سيطلب من حماس إجراء حساب للذات واتخاذ قرارات حول طريقة إدارتها العسكرية أمام إسرائيل في المستقبل القريب. ويدرك قادة التنظيم جيدا النتائج العسكرية والأضرار التي تسببت بها العملية للتنظيم ولسكان قطاع غزة. وفي نفس الوقت، يشاهدون التحديات التي تواجههم بحكم التوقيع على وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في القاهرة الملزمة لحماس برسن النشاطات العسكرية للمنظمات الإرهابية الأخرى العاملة بالقطاع وفي مقدمتها الجهاد الإسلامي والمنظمات الإسلامية السلفية-الجهادية.
ورغم قوة ومكانة حماس في قطاع غزة ،الا أن هذا الالتزام ليس من السهل تنفيذه، فعلى سبيل المثال، عليها منع حركة الجهاد الاسلامي (المرتبطة بإيران التي سلحت ودربت وحولت هذا التنظيم على مدار سنوات وطويلة وبصورة فعالة بعد عملية الرصاص المنصهر، لأداة لها بهدف ضرب واستنزاف إسرائيل من أجل تقدم مصالح الطرفين) من ممارستها العمليات العسكرية ضد اسرائيل من دون أخذ المصالح الايرانية بعين الاعتبار. وعليه، نفذ الجهاد الإسلامي ما هو مطلوبا منه، وكان مسئولا عن التصعيد في غزة بعدة مناسبات في العام الأخير، التي أدت لجولات قتالية ضد إسرائيل، رغم عدم رغبة حماس بهذه المعارك أحيانا، لخشيتها من تدهور الأوضاع واندلاع حرب شاملة مع إسرائيل.
وإعلان ايران عن نيتها إعادة تسليح حلفائها في غزة (ومن ضمنهم حماس) لجانب الأسلحة التي تضخ لهذه الجهات من ليبيا تشير أن مخازن السلاح ستمتلئ مرة أخرى في قطاع غزة، الأمر الذي سيؤدي إلى اعادة البنية التحتية العسكرية للتنظيمات المختلفة وفي مقدمتها الجهاد الاسلامي، من أجل العودة لنشاطاتها العسكرية السابقة.
وستواصل التنظيمات السلفية الجهادية التي تحملت مسئولية مركزية في إطلاق الصواريخ على إسرائيل خلال العام الماضي وخلال العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية، تحدي حماس بطريقة استخدام السلاح ضد اسرائيل، ويقف في مقدمة هذه التنظيمات مجلس شورى المجاهدين وجيش الإسلام وجيش الأمة وأنصار السنة واشباههم. واثبتت هذه التنظيمات استعدادها لمواجهة حماس من أجل إثبات وجودها المعلن وهو محاربة إسرائيل من دون قيود وحدود.
وعلاوة على ذلك ،وعلى ضوء ماضيهم وايديولوجيتهم وطبيعة اعمالهم في غزة وسيناء، من الصعب التوقع أن تحافظ التنظيمات المذكورة على وقف إطلاق النار، ويمكن القول أنهم سيكونون أول من يخترقها. وفي هذا الاطار يمكن اعتباره منظمة "مجلس شورى المجاهدين" الذي نشير بيانا في 24 نوفمبر اتهم مصر فيه -التي اشرفت على اتفاق وقف اطلاق النار- بأن عملياتها العسكرية في سيناء ضد منظمات الجهاد السلفي جرت بموافقة اليهود، وأن مصر هي التي شقت الطريق لشن إسرائيل هجماتها على غزة. وأوضح البيان أنه لا يرى نفسه جزءا من اتفاق وقف اطلاق النار، وطلب حماس وقف ملاحقة عناصر التنظيم في غزة. وإلى جانب هذا التنظيم هناك جهات سلفية جهادية تعمل في سيناء وتتعاون مع تمثيلاتها في قطاع غزة مثل أنصار بيت المقدس وغيرها. وسيواصل هؤلاء وغيرهم العمل ضد إسرائيل من سيناء بهدف تخريب العلاقات الإسرائيلية-المصرية والالتفاف على القيود القائمة على غزة من أجل منع المس باسرائيل، بهدف ايجاد احتكاكات بين إسرائيل ومصر، والعمل على دهور العلاقات بين الدولتين إلى مواجهة سياسية وربما عسكرية.
وعلى هذه الخلفية وردت تقارير عن قيام السلطات المصرية بإجراء اتصالات مع جهات سلفية-جهادية في سيناء من أجل اشراكها في المحافظة على وقف اطلاق النار مع إسرائيل. ويمكن القول أن مصر يمكن لها أن تلعب دورا مركزيا في التصدي أو تأخير إعادة تسليح قطاع غزة عبر سيناء ووقف أعمال الإرهاب القادمة إلى إسرائيل من سيناء. لكن، هناك شكوك إسرائيلية برغبة مصر في القيام بدورها بإخلاص من أجل تنفيذ المهمة المذكورة. ويبقى السؤال المركزي الذي تدور حوله شكوك كثيرة، وهو هل ترغب حماس باستغلال المعركة العسكرية الحالية، التي حولتها إلى صاحب البيت الحقيقي في قطاع غزة إلى استخدام القوة من أجل الحصول على مبتغاه بالحصول على اعتراف عربي ودولي رسمي بسيادته على قطاع غزة. وبالتالي إشراكها كلاعب أساسي في الساحة الفلسطينية الداخلية. ومن أجل ذلك، عليها أن تثبت أنها قادرة على تثبيت الاتفاق والالتزام به والمحاظة على الهدوء في الحدود الجنوبية لإسرائيل. وفي المقابل، لا تستطيع حماس التنازل كليا عن القتال ضد اسرائيل خوفا من فقدانها هويتها الجهادية التي حرصت عليها خلال الأعوام الماضية، نظرا للانتقادات الموجهة لها من التنظيمات الاسلامية الجهادية الاخرى. وبالإضافة لذلك، في قطاع غزة هناك التزام عميق لاختطاف جنود إسرائيليين بهدف الافراج عن الأسرى بعد الاتفاق على الإفراج عن جلعاد شاليط. ويفرض هذا الأر ظلال ثقيلة على وقف اطلاق النار الذي التزمت به حماس .
وفي جميع الاحوال، وفي حال أظهرت حماس مسئولية سياسية وإصرار عسكري وأمني، وسوف تحافظ على وقف اطلاق النار الشامل من جانب عناصرها ومن كل الفصائل في غزة لمنع جولة عسكرية أخرى من إسرائيل. وضمن ظروف معينة، ربما تحصل حماس على شرعية دولية بأن تكون شريكا سياسيا وإقليميا من أجل التسوية النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر