الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجية البحث عن الرغبات المكبوتة في نص (مراهقة حلم )

سالم وريوش الحميد

2013 / 5 / 23
الادب والفن


مراهــــــقة حــــــــــــلــم

أنا مازلت شابة, لكني لم أكن أشعر بحيويتي, للأسف أشعر بأحاسيس امرأة عجوز، تنظر إلي صورها عندما كانت شابه,
قد تكون هذه اللحظة التي يتوجب عليّ فيها أن أعطي وصفا لنفسي, أووووه . ليست هذه لحظة التنظيرات الفلسفية, لم أستطع منع نفسي من
النظر إلى جسدي, ليس من قبيل الاستعراض, بل ربما, أعدت اكتشاف شيء ما يجدد الوعي بداخلي, إن فكرة كوني أناقض نفسي، سرعان ما تتملكني حد الهذيان,
: كيف أمتلك هذا القدر من الهلوسة؟!
يا لها من فكرة عظيمة أن أرى خيوط الشمس تجسدني بعيدا عن خطوط الموضة, عارية تماما.
أصبحت الآن قريبة من نفسي !! واجهتها سائلة إياها عما تبحث؟!
ـ لا أدري ربما تعاستي لأني وحيدة.
ـ ملاحظة سخيفة لا يؤمن بها أيّ منا.
ـ أوه صدقيني أنا وحيدة.
ـ بل أنت لست مخلصة, لا تحترمي صداقاتك من الجنسين.
ـ كف عن هذا أنا لا أعشق ؛ لأكون خائنة.
ـ نعم , بله تعشقين ذاتك , تشعرين بالنشوة من تقلبهم على جمرات الشوق , لممارسة الحب معك.
ـ أنا لا أناقش معك قضيّة تتعلّق بأحاسيسنا الجنسية.
ـ بل أتفحص بعمق كل الأخطاء التي ترتكبينها.
ـ من منا لا يرتكب أخطاء, قد حاولت أن أكون أنا, لم أستطع, ربما أردت فعل شيء, لم أستطع غير أني أفعل عكسه تماما.
ـ أتذكرين كم يحبك؟!
ـ الكلام غير الأفعال, أشعر بمرارة تمزق أحشائي, لقد شعرت بخيوط الشمس كسياج يخنقني.
أنا تعبة مرهقة, هل أنا حقا قاسية! خائنة؟!!
ما هذا الإحساس ؟! لا أدري كنهه . ماذا أصابني؟!
لا بد أنها تعي حقيقة الأمر.
سرت مبتعدة نحو تلك الغرفة التي تجمعنا, فقد كان نائما كرجل كهل,
لا شيء يظهر منه, سوى ذراعه التي يحتضن بها الوسادة, وصوت شخيره المزعج يفتّت أعصابي,
خلعت كل ملابسي, وضعتها على كرسي بالحجرة, اتجهت نحو السرير, كان جسدي يتقد نشوة, وكان زفير أنفاسه يزيد نيران الرغبة, أبله بليد بارد,
لا يشعر أني بجواره, نهضت بهدوء, الظلام لا يجعلني أرى شيئا. كان ظلاما مختلفا, ليس ثمة وميض, لبست الروب من على الكرسي,
على أطراف أصابعي سرت نحو غرفة السائق التحتية, طرقت الباب بصوت خافت, توجس خيفة,
قلت بصوت هامس: إنه أنا أريد مفتاح السيارة.
تيقن أنّي أنا, فتح الباب بخجل, رحت أنظر إلي عضلاته المفتولة,
وصدره العاري الذي يتوهج احمرارا.
بينما هو بسرعة تفرس فيما يدور بداخلي. تظاهر أنه يدس يده تحت الوسادة.

ثم أستطرد قائلا: أبحثي معي, ربما أكون مازلت مغمضا.

ـ يا لك من ماكر. إنه يشعرني بأنه لا يراني جيدا

اقتربت من الأريكة, ومددت يدي تحت الوسادة, تشابكت الأيدي ,

بلهفة خارت فيها قوانا, حط عليّ كصقر جائع, أتقن ممارسة الحب, تشظى

بجنون نحو إظهار رجولته, شعرتُ بأني أنثى شابة.

لأول مرة أشعر بحيوية تسري بجسدي, أسرعت في صعود الدرج,

كأني أطير, اتجهت نحو غرفتي, خلعت الروب, صرت أتحسس لأضعه

على الكرسي, اصطدمت بشيء , لا أدري ما هو؟ لقد أحدث صوتا مفزعا,

صرخت. بلهفة أضاء الأنوار, نهض لإحضار كوب من الماء, عاد مسرعا

احتضنني و هو يسقيني شربة ماء.

ـ لابد أنه كابوس فظيع..ألف لا بأس عليك

ـ يا له من كابوس مرعب, أنّي لا أزال امرأة محترمة!
نبذة عن الروائية والشاعرة سمية الألفي ) (يمكن أن تضيفي نبذة عن حياتك أو تعدلي عليه )
عضو إتحاد كتاب مصر
رئيس قسم الأدب بجريدة بورسعيد اليوم ومصر الكنانة
روائية وشاعرة
صدر لها :
زهرة البنفسج
عشق الدموع
فراغات في العناق
أكثر من نافذة لأطل ....... مجموعات قصصية
كائنات تدق مساميرها في الهواء....... ديوان شعري
في الحلق بحر ميت ........... رواية
(مراهقة حلم .. )

العنوان هو إيحاء من الكاتبة إلى شكل هذا الحلم الذي يفرض نفسه فرضا كما هو حال مرحلة المراهقة ، كونه نتاج طبيعي لحاجات نفسية وغريزية وجسدية ،
والمراهقة في اللغة تعني بلوغ سن الاحتلام وفي علم النفس هي الدخول في مرحلة النضوج الفكري والجسدي والنفسي .. لا تعتبر مرحلة نضوج كامل بل هي
مرحلة أولى من مراحل النضوج حيث يبدأ طور من أطوار النمو تفرضها تغيرات فلسجية وبايلوجية وسيكولوجية على الفرد تكون عادة هي اللبنة الأساسية في بناء الشخصية ..
وفي النص امرأة ( فتاة شابة ) متزوجة المفترض أن تكون عبرت سن المراهقة إلى النضج العاطفي والجسدي بفعل الإشباع العاطفي والجسدي المتأتي من العلاقة الزوجية السوية
‘ ولعل الاستهلال الذي بدأت الكاتبة به النص يكشف أن المرأة قد تعدت هذه الفترة فهي مرحلة مابين الشباب وبين الكهولة

(أنا مازلت شابة, لكني لم أكن أشعر بحيويتي, للأسف أشعر بأحاسيس امرأة عجوز، تنظر إلي صورها عندما كانت شابه, )
العلاقة هنا لم تكن سوية ربما لفارق العمر الكبير أو للبرود والعجز الجنسي سواء أكان هذا البرود مؤقت أم دائمي ينتج عنه عدم تلبية الرجل
لحاجات المرأة الجنسية والعاطفية تاركا إياها في صراع مع رغباتها وقد أبرزت الكاتبة هذا الجانب من خلال السارد التي راحت تصور لنا حالة الصراع التي تعيشها ...
(فقد كان نائما كرجل كهل,
لا شيء يظهر منه, سوى ذراعه التي يحتضن بها الوسادة, وصوت شخيره المزعج يفتّت أعصابي, )
النص يحمل في طياته مضمونا إنسانيا .قد نجده غريبا حين يطرح من قبل امرأة وقد يعرضها لانتقادات لاذعة .. إذ أنه في مجتمع مثل مجتمعاتنا يعتبر مثل هذا الطرح خروجا عن المألوف..؟
ويبقى سؤال يلح علينا كمتلقين من مرجعيات فكرية مختلفة
هو ذات السؤال المطروح دوما .. هل للأديبة المرأة الحق في أن تطرح أفكار وهواجس امرأة عن الجنس بهذه الجرأة.
لتتناسل من هذا السؤال أسئلة أخرى .هل هي مجازفة لكاتبة رصينة وأستاذة لها مكانتها الاجتماعية المرموقة وموقعها الوظيفي المتميز . أن تتناول موضوعا كهذا ..؟ وهل للمرأة الحق أن تعلن مشاعرها وأحاسيسها جهارا ...؟
مثلها مثل الرجل
أم تبقى ذلك طي الكتمان دفينة نفس المرأة التي لا تستطيع البوح حتى أمام زوجها برغباتها ...؟
.وأما م سيل جارف من الأسئلة نجد أن هناك ثلاث إجابات تأتينا
تختلف بحسب الثقافة العامة للمتلقي ونظرته اتجاه المرأة وحسب خلفيته الأيدلوجية ، إضافة إلى تأثير النظرات الاجتماعية المختلفة تجاه الجنس
والتي تبقى مسيطرة على منظومة عقل المتلقي بشكل أو بآخر
فهي أما
وعي تام في حال امتلاك الشخص نظرة موروثة ومتأصلة في وعي الشخص ومؤمن بها
أو بشكل لاواعي أحيانا حيث تبقى مخلفات من الموروث الاجتماعي والثقافي تؤثر على النظرة الفردية للشخص .. إذ تبقى رواسب في قاع
النفس البشرية ووعيه
حتى وأن تبنى نظرية مغايرة لما يحيط به من أفكار تبدو بالنسبة له متخلفة ..
النص عبارة عن هواجس سيكولوجية لامرأة . تعيش حالة حرمان وجوع جنسي .. تقودها صراعات داخلية بين الذات الدنيا والذات بين قوى دافعة وقوى رادعة للوصول إلى حالة الإشباع
( عن طريق الخيانة ) المتخيلة .. وبمنولوج رائع .. تتجسد فيه قدرة الكاتبة التحليلية للنفس البشرية و الولوج إلى أعماق الذات من خلال ذلك الحوار الذي كان أروع ما في النص لأنه
عكس نظرية ديناميكية النفس البشرية تجاه الصراعات الداخلية
ـ نعم , بله تعشقين ذاتك , تشعرين بالنشوة من تقلبهم على جمرات الشوق , لممارسة الحب معك.
ـ أنا لا أناقش معك قضيّة تتعلّق بأحاسيسنا الجنسية.
ـ بل أتفحص بعمق كل الأخطاء التي ترتكبينها.
ـ من منا لا يرتكب أخطاء, قد حاولت أن أكون أنا, لم أستطع, ربما أردت فعل شيء, لم أستطع غير أني أفعل عكسه تماما.
.هناك رفض داخلي للضمير الذي بات يؤرقها ويحاول ردعها عن أفعال تتصورها الذات المثالية بأنها أفعال قبيحة ومنافية لما تربت
عليه من قيم تسمو بها . ينتهي صراعها مع ذاتها هنا إلى طريق موصد ..
لتقودنا بانتقاله مفاجئة عن طريق الفعل الذي يقودها إلى محاولة تخريج الرغبات المسيطر عليها للوصول إلى حالة إشباع سوية ببمارسة حقها كزوجة
، إذ تقوم بمحاولة إثارة انتباه زوجها عن طريق عريها بشكل كامل لكن هذه المحاولة يكون نصيبها الفشل إذ تجده غارقا في النوم ..
حين تكون الحاجة للطعام ملحة ... فقد نجد لها بديلا بخداع الحواس وتصبير النفس أما الجنس فأن أي محاولة لكبته أو تحويل
مجراه ستخلق لها رواسب في قاع النفس مما يخلق تراكمات قد لا يستطيع السيطرة عليها ، تقود الإنسان إلى حالات مرضية استبدالية ،
للتعويض عن حالة الجوع قد لا تظهر أعراضها بشكل مباشر .. منها حالات الاكتئاب الوقتي أو الدائمي
أو قد تتحول بحسب فرويد إلى ثلاث حالات من الاستبدال السلوكي
فأما أن يتحول إلى سلوك إبداعي في مجالات الأدب والفن والعلوم .
. وأما أن يتحول إلى سلوك عادي كأن يجد البدائل المفرغة للطاقات الغريزية تلك ،كما تجري في حالات الاستحلام والاستمناء
أوقد يتحول إلى سلوك غير سوي قد ينتج عنها دالات مرضية نفسية أو بايلوجية ،او انحراف جنسي
تعتبر الغريزة طاقة موروثة تعطي توجيها للأنماط النفسية .. وتتحول هذه الأنماط إلى أفعال انعكاسية عن طريق سلسلة من الفعاليات الكيماوية والعصبية .. بعد كل عملية تفريغ للشحنات تتولد عملية أعادة او استرداد لهذه الشحنات
وبوجود الطاقة الفائضة التي تتحول إلى طاقات حركية وغريزية و طاقة بايلوجية لإدامة واستمرارية الحياة ..
ا لرغبات الجنسية هي جزء من الطاقة الفائضة والتي تدور في حلقة دائرية ، تعيد نفسها كلما تهيج الإنسان أو أحس بالحاجة إليها ، ويمكن تخيل دورة التحول هذه بهذا الشكل
طاقة تولد عن طريق الطعام ـــــــ تولد حاجة ــــــــــــ تذكر وتفكير ــــــــ تهيج ـــــــــ عند سد الحاجة تتولد حالة إشباع ــــــــــــــ تبديد الطاقة عن طريق التفريغ ـــــــــ الطعام أداة التعويض للطاقة المفقودة
( وتسمى هذه الدورة بالإعادة القسرية حسب مفهوم علم النفس الفرويدي ) ـــــ ثم تتكرر العملية من جديد وهكذا
نعود للنص
القاصة أوحت لنا أن البطلة خانت زوجها مع السائق الذي يسكن في الطابق السفلي وأوحت لنا بأنها أقامت علاقة جنسية مع هذا الرجل .
. وعند ما أفرغت تلك الشحنات الفائضة المسيطرة عليها قادتها خيالاتها إلى حالة من الرضا المؤقت لأن إلحاح الرغبات يولد صراعات نفسية مرهقة وما أن تفرغ الشحنات الفائضة حتى تستسلم لنشوى مؤقتة ..
(لأول مرة أشعر بحيوية تسري بجسدي, أسرعت في صعود الدرج,

كأني أطير )
.. لكن الكاتبة لم تترك لخيالنا العنان بأن ينطلق مع خيالات البطلة بلا ضوابط ، وأن تقودنا الظنون و تشط بنا الأفكار إلى عالم لا نرتضيه
ضمنا لكثرة الروادع المترسبة في نفوسنا نتيجة للتأثير الاجتماعي لذا كانت هناك (فرملة ) مفاجئة لأنها جزء من ذات الرواسب المتبقية في داخل
كل فرد ينتمي لهذا المجتمع إذ أن هناك رفض لمثل هذه العلاقات داخل لاوعي السارد وهي وإن لم تكن غريبة الحدوث لكنها تلاقي اعتراض وعدم قبول
، لما أملاه علينا مورثونا الديني والعرف الاجتماعي وطبيعتنا الغريزية بالميل إلى الابتعاد عن الخيانة مهما كانت الأسباب ..
أوهمتنا الكاتبة بوقوع الفعل ... لكنها
تظهر لنا أنها كانت في حالة حلم ..سواء أكان حلم يقظة أم حلم بعد النوم .. ؟ هذا ما لم يتضح من سياق النص فالقاصة أوحت باحتمال لكليهما ..
و أي من الحلمين كانا فهما عبارة عن طاقات مكبوتة يحاول العقل الباطن استرجاعها على شكل أفعال تخيلية منعكسة .. وأنا أرى أن تلك الطاقات المكبوتة
لا تخرج إلا بوجود فعل تأثيري مباشر .. سوى أكان ذلك خارجيا كالتأثيرات الخارجية المفاجئة التي تحصل أثناء النوم .. مثل الأصوات القوية
والتعرض للبرد أو الحرارة التي تنعكس على شكل أحلام مختلفة .. أو تأثيرات داخلية كتأثيرات الغرائز المثارة منها غريزة الجوع والجنس أن ممارسة الجنس في الحلم
مع شخص آخر شيئا طبيعيا ، لأنه حالة إفراغ للطاقات المخزونة وهو صمام أمان لتجنب الممارسات الخاطئة
النص كان رسالة واضحة تجلى في قدرة الكاتبة في إيصالها بشكل مباشر
دونما استخدام للرمزية أو التعمية ، طلقة أصابت الهدف مباشرة
(حسب تعبير الأستاذ يوسف إدريس )
إن أبرز ما يميز هذا النص هو لغته الواضحة التي لم تعتمد على المجاز الذهني في الوصف إلا في حدود إضافات بسيطة
((يا لها من فكرة عظيمة أن أرى خيوط الشمس تجسدني بعيدا عن خطوط الموضة, عارية تماما.))

واختيارها شخصا واحدا هو شخصية البطلة فيما كان السارد المنظم للأحداث يجد في وعي المتلقي هو الحكم إذ يشركه بالتفاعل مع النص عاطفيا ووجدانيا
شكرا لهذا العطاء ... وإن كانت ثمة ملاحظات أضيفها .. كي أكمل هذه القراءة تقديري لك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-