الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد المجيد حمدان- كاتب وباحث واحد قادة اليسار الفلسطيني- في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإسلام السياسي : معارك الدفاع الأخيرة وفلسطين.

عبد المجيد حمدان

2013 / 6 / 2
مقابلات و حوارات


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -105- سيكون مع الأستاذ عبد المجيد حمدان- كاتب وباحث واحد قادة اليسار الفلسطيني- حول: الإسلام السياسي : معارك الدفاع الأخيرة وفلسطين.

 

نجح الإخوان المسلمون في الصعود إلى مواقع السلطة ، في بلدان عربية ، أطاحت ثوراتها برؤوس النظم الحاكمة . ورغم أن العملية الثورية ما زالت جارية في هذه البلدان ، إلا أن نجاح الإخوان أيقظ شهية تيارات إسلامية للانقضاض على نظم أخرى ، يقول واقعها أن فرص الإطاحة بها باتت سانحة . والناظر الآن لساحات ما يوصف بالعالم الإسلامي ، وبضمنه العربي ، يرى هجمات إسلامية ممتدة من غربه – مالي ونيجيريا - إلى شرقه – أفغانستان - ، ومن شماله – الشيشان - إلى جنوبه – الصومال - . ولأن هذه الهجمات تجري تحت عنوان الصحوة الإسلامية ، فقد نبهت مخاوف قطاعات واسعة من المثقفين ، ومن المواطنين ، لما يتربص بمستقبلها . فأصحاب هذه الصحوة وهم لا يحددون مم كانت صحوتهم ، من أي وضع ، ومن أي مقام ، وإلى أين ، إلى أي وضع وأي مقام ، يذهبون بها ، لتنبيه كل تلك المخاوف . ولأن تيارات الإسلام السياسي هذه تعلن ، وبدون مواربة ، عداءها للحضارة ، وتطرح برامج العودة بالشعوب ، التي تعتلي سدة الحكم فيها ، إلى الماضي البعيد ، غدا الخوف على المستقبل ، ومن المستقبل ، هاجسا يقض مضاجع الكثيرين . لكن ما حقيقة ذلك الماضي البعيد الذي ينوون إجبارنا على العودة إليه ، فيوقظ فينا كل هذا الخوف على المستقبل ، والهلع من هذا المستقبل ؟ يقينا أن هذه التيارات لا تعني بالعودة إلى الماضي استبدال وسائل الحياة الحديثة بتلك التي كانت قائمة في ذلك الماضي البعيد ، السيارة والطائرة بالجمل مثلا . فنحن نرى أن البلدان ،ذات النظم الإسلامية ، شديدة النهم لوسائل الحياة الحديثة ، وقد وصلت إلى حالة طلاق بائن مع تلك الوسائل والأساليب القديمة . ماذا إذن ؟ هل العودة إلى الماضي تعني استعادة الخلافة التي تتحول فيها الأقطار الإسلامية إلى مجرد أمصار أو ولايات ؟ هل تعني تطبيق الشريعة بديلا للنظم القانونية القائمة ، والشورى بديلا للديموقراطية ؟ ولماذا إذن لم يبدأ الإخوان وحلفاؤهم في مصر ، تونس وليبيا بخطوات تطبيق الشريعة ؟ ولماذا يتمحكون بشرعية الصناديق وبالدستور تأكيدا لشرعية نظمهم ؟ ولماذا لم يعلنوا أية إشارات ، ولا أقول خطوات ، بين هذه النظم الثلاث ، إضافة للسودان ، وهي متصلة إقليميا ، في اتجاه مشروع الخلافة ؟ وقد يقال ، جوابا على كل ذلك ، أن هذه النظم لم يتحقق لها الاستقرار بعد ، وهي تعمل بدأب ، وبحرص وعناية ، على برامج التمكين . وإذا ما تحقق لها ذلك سيكون الانتقال باتجاه هدفها الاستراتيجي سهلا وميسورا . ولكن ألا يكون إعلان الهدف ، وإقناع الجماهير به ، وتعبئتها لتحقيقه ، هو طريق التمكين الأكثر ضمانا وفاعلية ؟ ألا يخلق مشروع وحدة الأقطار الأربعة ، بالإضافة لقطاع غزة ، تحت مظلة الخلافة ، قوة دفع للجماهير ، تُصعِّب على أي طرف مجرد التفكير في معارضتها أو قطع الطريق عليها ؟ ولأن ذلك كله لا يحدث ، ولأن التيار الذي وصل إلى الحكم – الإخوان المسلمون - ما زال يفضل العتمة والعمل في الظلام ، يعود السؤال مجددا : ما طبيعة هذا الماضي الذي تحلم تيارات الإسلام السياسي بالعودة إليه ؟ والأهم ما هي حقيقة وجوهر الصحوة الإسلامية التي تجري هذه الهجمات في طول العالم الإسلامي وعرضه ، تحت رايتها ؟


صراع العقل والنقل :

تحكي لنا كتب التاريخ أن الصراعات الاجتماعية السياسية في دولة الإسلام ، انفجرت مبكرا . الانفصال عن الدولة المركزية ، فيما عرف تاريخيا بالردة ، وحروب الحفاظ على وحدة الدولة – انفصال الأسود العنسي في اليمن ، أواخر عهد النبي ، الردة بعد إعلان خلافة أبي بكر - دشنت تلك البدايات . وفي ظل سيادة الفكر الديني ، كان طبيعيا أن ترتدي هذه الصراعات عباءة دينية ، كما تمثلت في ادعاء قادة الانفصال للنبوة ، من جانب ، وإعادتهم وقبائلهم إلى حظيرة الإسلام من الجانب الآخر . وشهدت أحداث الفتنة التي انتهت بمقتل الخليفة الثالث ، عثمان بن عفان ، والحرب الأهلية التي غطت كامل خلافة الخليفة الرابع ، علي بن أبي طالب ، تبلورا أعمق في مظاهرها ومضامينها . وتمخض هذا الصراع عن ولادة أول حزب سياسي ، في التاريخ الإسلامي ، وربما القديم ، فيما عرف بحركة الخوارج . ومرة أخرى ، وفي ظل سيادة الفكر الديني – الإسلامي – وانعدام وجود أي فكر آخر ، ظلت هذه الصراعات ترتدي العباءة الدينية ، وترتوي من ذلك النبع الديني . بمعنى أن تأويل النص شكل القاعدة الفكرية لحركات أطراف الصراع ، وظهر ذلك أكثر وضوحا لدى حزب الخوارج . بهذا تقدم خطوة واسعة على طريق تعميق حدة الصراع الفكري ، الجانب الأكثر عمقا وشمولا في الصراع السياسي . فإذا كان ادعاء النبوة ، بمعنى محاولة إدخال تعديلات شكلية على الدين من خارجه ، كان المضمون الأساس للردة والحرب عليها ، فقد جاء استخدام النص وتأويله ، ومن ثم فتح الباب للنظر في هذا النص ، في التطورات اللاحقة ، وظهور حزب الخوارج ، فاتحة نشوء ، بدء وتعميق الحراك ، فالصراع الفكري في الإسلام . ولما كانت الحقبة الأموية قد شهدت نوعا من الثبات في حالة الصراع هذه ، بمعنى أن تأويل النص ظل يشكل الغطاء الفكري للحركات والصراعات السياسية ، بعد استثناء مهم تمثل في ظهور حزب سياسي آخر ، هو شيعة بيت علي ، فقد شهدت في نهايتها – الحقبة الأموية – تطورا شديد الأهمية في التعامل مع النص . وهنا لابد من الإشارة إلى أن الخلافة الأموية ، التي كانت عروبية بامتياز ، ورغم اتساع الفتوحات ، واحتواء شعوب وثقافات أخرى ، واتخاذ الخلفاء لأطباء وكتبة ومستشارين من السريان ، أن هذه الخلافة حافظت على حالة الانغلاق على الثقافات الأخرى ، ومن ثم على حوائط الصد ضد تأثيراتها . كما ورغم أن الكلمة الفصل ، في حل هذه الصراعات ، ظلت للسيف ، وحيث سيول الدماء الغزيرة تواصلت في كل سنوات العهد الأموي ، إلا أن السجال بين مؤولي النص ، وبين ما وصفوا أنفسهم ، بالمدافعين عن قدسيته ، والقائلين بضرورة الالتزام ، والتقيد التام ، بمنهج الصحابة ، ونقاء هذا المنهج وطهارته وبما في ذلك سيرهم ذاتها ، تواصل واستمر ، تشعب وتعمق ، هو الآخر . كان ذلك صورة من صور شحذ العقل . وكان بديهيا أن يتطور هذا السجال ، ليأخذ شكل المدارس الفكرية . كما كان بديهيا أن يرتقي تأويل النص ، المساند والداعم ، والمؤدلج للصراعات السياسية ، إلى مستوى إخضاع النص لنظر وحكم العقل .
وإذن فقد شهدت نهاية العهد الأموي إرهاصات ظهور وتمكن سلطان العقل ذاك . ومن جديد ورغم أن النظام ، ممثلا في الخليفة والولاة ، واجه هذه الإرهاصات ، بأقصى درجات العنف ،والقسوة في تطبيقها ، حتى وصل الأمر إلى ذبح أحد رموزها في صحن مسجد ، عقب صلاة عيد الأضحى ، كإيذان ببدء ذبح الأضحيات ، إلا أن هذا النهج ما كان ممكنا له أن يتوقف .


عهد جديد وعصر جديد :


وبدأ العصر العباسي بثورة أطاحت بالعهد الأموي ، وقامت على أكتاف حركة سياسية ، استندت في فكرها ودعايتها إلى تأويل في النص ، قال باستعادة الحق الذي كان الأمويون قد اغتصبوه ، إلى أصحابه الشرعيين ، آل البيت . وكان للدور الحاسم ، الذي لعبه العنصر الفارسي في نجاح الثورة ، انعكاساته على صورة العهد الجديد ، وعلى طبيعة العلاقات بين الحكم وشعوب دولة الخلافة . ويمكن تلخيص أبرز الانعكاسات هذه في التالي : 1) انتهاء السمة العروبية للدولة ، من خلال مشاركة العنصر الفارسي خصوصا ، وغير العربي عموما ، في الحكم . 2) إعادة الاعتبار للثقافات غير العربية ، بدءا بإعادة الاعتبار للثقافة الفارسية . ولأن الفرس أهل حضارة ، شكلت إعادة الاعتبار لثقافتهم وعلومهم إضافة نوعية لفكر وثقافة الدولة . 3 ) ولأن تأويل النص شكل العمود الأساسي لفكر الثورة ، فقد أعطى انحياز خلفاء العهد الجديد له ، دفعات قوية في السجال الدائر مع المدافعين عن قدسية النص ، والداعين للالتزام بسيرة السلف الصالح . 4 ) ولأن نجاح الثورة تبعه التخلص من تركة العهد البائد ، كان منطقيا أن ينعكس ذلك على الصحابة ، من ناصر ، ومن شايع ، ومن رضي ، ومن استكان ..الخ ، وأن يخدش ، على الأقل ، ذلك النقاء ، وتلك الطهارة ، التي قال بها معارضو تأويل النص . 5) وبسقوط الخلافة الأموية فقد منظرو هذا التيار ن والذي صار يعرف بتيار النقل ، السند الحامي والحاسم – الخليفة والحكم - في السجال الدائر مع تيار تأويل النص . 6 ) والانفتاح على الحضارة ، فالثقافة والعلوم الفارسية ، أدى بالضرورة ، إلى انفتاح على الحضارات والثقافات الأخرى ، الهندية والسريانية في المقدمة 7 ) انعكس كل ذلك في غنى هائل للثقافة الإسلامية الجديدة ، استلزم بالضرورة حركة حرة للعقل ، وكسرا لكل القيود والمعوقات التي قد تحول دون اطلاع حر ، نهل حر ، واستيعاب حر لهذه الثقافات . 8 ) ولأن الثقافة الهندية تميزت آنذاك بتقدم علم الفلسفة ، إلى جانب الفلك ، فقد فتح الاطلاع عليها ، المجال أمام البحث فالاطلاع على فلسفات أخرى ، وجاءت اليونانية في المقدمة . الأمر الذي وفر للعقل المسلم ،إن صح هذا التعبير ، المزيد من حرية الحركة ، في الاطلاع ، الاستيعاب والإنتاج . 9 ) مع مضي الوقت تبلور طرفا السجال في تيارين عريضين : تيار ينحني أمام سلطان العقل ، يعمل على إعلاء شأنه ، وجعله المرجعية في كل شيء ، بما في ذلك محاكمة النص ، إن تطلب الأمر ، وتيار يقدس النص ، يركع ، ويسجد بين يدي هذا النص ، ويضع الصحابة والتابعين الأولين في مرتبة تعلو على مستوى البشر ، وبذلك يرى في العقل مجرد تابع ، شارح ، خادم لقدسية النص . 10 ) تم تقديم أصحاب هذين التيارين العريضين بتعريف بسيط : تيار العقل وتيار النقل .


العصر العباسي الذهبي :


وكما هو معروف أطلق المؤرخون على صدر العصر العباسي – قرابة القرن - وصف العصر الذهبي . ولكن لأن العصر العباسي كله لم يشهد تلك الفتوحات الواسعة ، كما كان الحال في الخلافتين الراشدية والأموية ، فإنه استحق هذا الاسم لأسباب أخرى ، تسمو على الفتوحات . وإذن فهل كان ذلك الاستحقاق – التسمية بالعصر الذهبي - بسبب حالة الاستقرار وحالة الرخاء والازدهار اللتين عمتا أرجاء هذه الامبراطورية الواسعة ؟ بديهي أن ذلك كان سببا . لكن ذلك الاستحقاق استند إلى النهضة الحضارية التي دشنتها ، أرست قواعدها ، وثبتت أركانها تلك الفترة . تلك الحضارة التي صارت ، حتى بعد وأدها ، توصف بالحضارة العربية الإسلامية ، موضع فخرنا في يومنا هذا .
لقد كان لانحياز خلفاء ذلك العصر إلى تيار العقل ، أثره الواضح في ميل كفة الصراع ، الذي اتسم عموما بالسلمية ، واعتمد السجال ، مع تيار النقل ولصالح تيار العقل . وبديهي أن تلعب الترجمة لعلوم الأمم الأخرى ، وللفلسفة اليونانية بشكل خاص ، دورها المهم والملهم في تغذية تيار العقل هذا . وجاءت النتيجة ، كما سبق وأسلفنا ، في نشوء وتطور وتقدم الحضارة العربية الإسلامية . هذه الحضارة التي شهدت ، وأغناها ، نبوغ عدد كبير من العلماء والأدباء والموسيقيين الأفذاذ ، وفي مختلف فروع العلم كما في الأدب والفن . وجدير بالذكر أنها شهدت في ذات الوقت تدوينا واسعا ، ونشوء وتطوير كبير لعلوم الدين واللغة ، التي شكلت مصادر القوة التي استند إليها واعتمدها تيار النقل ، في صراعه المتصل ، المستمر والمثابر مع تيار العقل . ولأن تيار العقل يحتاج لبيئة حاضنة ، يستطيع فيها العالم أن ينقطع لعلمه ، لبحوثه وتطويرها ، ولأنه يحتاج إلى حركة تواصل بين الأجيال ، ولأن الدولة قبل ذلك لم تلتفت إلى إنشاء نظام تعليمي ، وشبكة مدارس تستقبل النشء الجديد ، فقد كان لهذا العصر شرف تنفيذ هذه المهمة العظيمة . وكان أن تطورت إلى ما عرف في التاريخ بالمدارس النظامية ، نسبة إلى الوزير السلجوقي نظام الملك ، الذي أنشأها ورعاها .
وككل نظام حكم كان لا بد أن يعقب ذلك العصر الذهبي عصر انحطاط . وهذا العصر ومنذ بدايته ، شهد انقلابا في موقع الخلفاء من الصراع بين تياري العقل والنقل . انتقل هؤلاء الخلفاء من موقع الانحياز ونصرة تيار العقل ، إلى موقع الانحياز فنصرة تيار النقل ، بإعلاء قدسية النص فوق سلطان العقل . ومع هذه البداية انتقل الصراع تدريجيا من سلمية السجال ، إلى عنفية الصدام . واستمر هذا الحال قرابة أربعة قرون أخرى ، ولينتهي بالانتصار الكامل لتيار النقل القائم على قدسية النص وناقليه .
وإذا كان التراث يخلو من تحديد دقيق لتأريخ ساعة الانتصار الكامل لتيار النقل ، فإنه نقل لنا أن ممثلي هذا التيار ، وهم من يوصفون بالأئمة والفقهاء وكبار العلماء ، حملوا أتباعهم ومؤيديهم ، على اجتياح ، بيوت نوابغ العلم والأدب والفن ، وإلقاء كل ما وجدوه من إنتاجهم طعاما للنار . وهكذا استقر هؤلاء المنتصرون على عرش نصرهم ثمانية قرون كاملة ، وصلت على عشرة في بعض الولايات ، ظلت القرون الأكثر ظلمة في تاريخ البشرية كلها .
والآن وقبل أن نشير إلى الإجراءات التي أتاحت لهذا التيار الاستمرار وثبات الجلوس على عرش تغييب العقل ، نحتاج لوقفة مع العوامل التي ساهمت في تحقيق ذلك النصر . لقد أشرنا إلى انقلاب موقف الخلفاء ، وانحيازهم لهذا التيار ، وإطلاق يده في الانتقال من سماحة وسلمية الحوار ، إلى اتخاذ العنف وسيلة للحسم . وقلنا أن هذا العامل كان شديد الأهمية . لكن تتوجب الإشارة إلى عامل آخر لا يقل أهمية . فالصراع هنا ، وهو صراع حضاري ، ظل صراعا داخليا . بمعنى أنه جرى داخل الامبراطورية الإسلامية ، التي كانت تشكل قطب العالم آنذاك . وبقي هذا الصراع بمنأى عن التأثيرات الخارجية ، أو التدويل ، إن صحت العبارة . فالهند التي أمدتنا بعلوم الفلك والفلسفة ، كانت قد خرجت من معادلة التأثير منذ زمن . والأمر ذاته حدث مع اليونان والسريان . وباختصار كان العالم من حولنا غارقا في الظلام . ورواد العقل ، وفي مقدمتهم نوابغ العلماء ، وهم حديثو عهد ، يتكئون إلى تراث وعلوم غاب أصحابها . كانوا يحاربون معركة تبديد الظلمة ، في مواجهة عالم واسع تسوده الظلمة ، ورأس حربته تيار النقل ، المتسلح بقدسية النص ، وبقدسية ناقليه من الصحابة والتابعين ، وبالإرث التراثي القديم كله . وفي ظروف اختلال الموازين ذاك ، ظل انتصار تيار النقل مسألة وقت .
ونعود إلى السؤال : ماذا عمل هؤلاء حتى دانت لهم الأمور طوال هذه القرون الثمانية ، وفي بعض المواقع وصلت إلى العشرة ؟ والجواب أنهم قاموا بخطوتين . تمثلت الأولى في إعادة التعليم إلى نظام الكُتاب القائم على التلقين ، ومن ثم محاصرة العقل وتغييبه ، ومنذ مرحلة الطفولة الأولى . وتقول التجربة العملية أن منهج التعليم التلقيني هو أفضل أدوات الصراع ضد منهج العقل ، وأكثرها فاعلية ، وأشدها نجاعة . أما الثانية فتمثلت في حظر ، إن لم يكن تحريم ، مطالعة وتداول العلوم غير الدينية ، والفلسفة في المقدمة ، وحيث وصل الأمر حد حظر علم الكلام ، النسخة الإسلامية من علوم الفلسفة ، ورفض اعتباره علما من العلوم الإسلامية .
معنى هاتين الخطوتين أنه تم التخلص من نظام التعليم الذي مثلته المدارس النظامية من جانب ، ووقف الترجمة والاطلاع على علوم الآخرين من جانب آخر ، وليتم بذلك إحكام الإغلاق على العالم الإسلامي وعزله تماما عن التأثر والتأثير ، في الآخرين ومنهم .


مزيد من الانحطاط :


وكان أن وقعت ، في أعقاب هذا الحسم للصراع بين تياري العقل والنقل ، والانتصار الحاسم والناجز لتيار النقل ، وقعت أحداث تاريخية ذات دلالات فارقة ، وإن لم تحظ من الدارسين بالاهتمام الكافي . إذ كان من المفروض أن ينقل هذا الانتصار دولتي الخلافة – العباسية والفاطمية - من حالة الانحطاط ، التي أخذتا تترديان فيها ، وبعد أن تخلصتا من كل الشرور التي ألقيت مسؤولية وقوعها على تيار العقل ، إلى حالة من الازدهار والقوة والنمو . لكن ما حدث أن حالة التردي تفاقمت . وتعرضت أرض الامبراطورية إلى غزو خارجي ، هو الغزو الصليبي . ولم تفشل الخلافتان العباسية والفاطمية ، والتي كانت عاصمتاهما ، بغداد والقاهرة ، على مرمى حجر ، من صد هذا الغزو فقط ، بل ونجح هذا الغزو في إقامة ممالك ثابتة ، على أرض الخلافة ، بعد مذابح مروعة بحق رعايا الخلافتين ، أسفرت عن محو للسكان ، شبه كامل في بعض المناطق ، ومنها فلسطين ، وإبدالهم بمستوطنين أوروبيين جدد ، شكلوا الرعايا لهذه الممالك الجديدة . ففي فلسطين يرجع نسب أهلها الحاليين ، إلى قبائل عربية قدمت ، لملء الفراغ ، من الجزيرة العربية ، بعد تحرير صلاح الدين الأيوبي لنصف فلسطين . وغني عن القول أن أحدا لم يعتبر هذا الفشل الساحق في التصدي للغزو الأجنبي ، ولا هذه المذابح المروعة لرعايا الخلافة ، والإذلال لمن بقي من الأحياء ، مؤشرا على فشل فكر أو عقيدة تيار النقل ذاك . وبعد قرن ونصف من هذا الغزو ، جاء الغزو المغولي ليجتاح الأجزاء التي يصلها الغزو الصليبي ، وليتكرر فشل الحكم المرتكز إلى فكر تيار النقل هذا . والمدهش أن الغزو الصليبي دام لقرابة القرن في جزء من فلسطين ، المحيط بالقدس ، ولقرابة ثلاثة قرون ، في الأجزاء الأخرى ، وللاتصال وديمومة حالة الذل هذه ، مع نهب الأرض والموارد ، طوال هذه المدة كلها ، أي لأكثر من ضعف المدة ، لأطول استعمار شهدته البلاد العربية في العصر الحديث . والأمر ذاته وقع للأجزاء الشرقية من الامبراطورية الإسلامية .


بداية الضوء :


وإذن وقد نجح انتصار تيار النقل في إطفاء أنوار الحضارة ، وساد الظلام شرقنا ، سابقا عصر الظلام الذي حل على أوروبا ، فقد ظل الظلام الذي سقطت فيه بلدان الخلافات الإسلامية ، ومنذ بداية القرن الحادي عشر الميلادي ، يزداد حلكة ، قرنا إثر قرن . حدث ذلك رغم بعض الصحوات العسكرية ، وبروز دول قوية ، كالأيوبية والمماليك ، ثم السلطنة العثمانية ، التي تحولت إلى خلافة بعد أكثر من قرنين على نشأتها . لكن بقعة ضوء مفاجئة ، سقطت على مصر ، التي كانت كغيرها من البلدان العربية ، جزءا من الخلافة العثمانية . فالقرن الثامن عشر ، وهو يغلق آخر نوافذه ، شهد غزوة نابليون لمصر ، العام 1998 ، والتي دامت ثلاث سنوات ونيف . وهذه الغزوة لم تكن شاهدا فقط على عجز الخلافة ، التي كانت ما زالت تظلل جنوب شرق أوروبا – بلغاريا ، يوغوسلافيا واليونان - وكل ما صار يعرف الآن بالعالم العربي ، عن حماية ممتلكاتها ، بل وكشفت حالة التخلف المريع ، الذي فرضه نجاح تيار النقل ، ببسطه الظلام الحضاري على المنطقة . فلقد حمل الفرنسيون معهم علماء وعلوما ، أوضحت للمصريين حالة التردي التي كانوا يعيشونها ، وسعة شقة التخلف عن مواكبة علوم وتقنيات الحضارة الحديثة . ورغم كره المصريين لهذا المحتل ، ورغم معاناتهم من فظائعه ، إلا أن انكشاف تخلفهم ، زرع فيهم توقا للخلاص الذي يبدأ طريقه من امتلاك ناصية العلوم الحديثة . وكان الجزء الأهم أن اطلع المصريون على الأفكار ، وبديهي على معرفة المفكرين ، التي ألهمت الثورة الفرنسية ، وشعاراتها في الحرية والإخاء والمساواة ، رغم السلوك المعاكس تماما لهذه الأفكار ، من قبل قوة الاحتلال . ومن جديد وقعت مفارقة تاريخية لافتة ، كأنما في تكرار لتلك المفارقة أيام الخلافتين العباسية والفاطمية . المفارقة أن أحدا لم يُحمل الفكر الذي يقود الخلافة ، وهو فكر النقل ، مسؤولية فشل الخلافة في الدفاع عن ولاية من ولاياتها .
وبعد ثلاث سنوات فقط ، من رحيل المحتل الفرنسي ، اعتلى محمد علي سدة حكم مصر ، واليا للخليفة العثماني . والتقط محمد علي ، وتابع ذلك خلفه ، وربما بسبب أصله الأوروبي ، فهو ألباني ، شعاع الضوء الذي جاءت به الغزوة الفرنسية ، وعمل على أن يحوله إلى نهضة شاملة لمصر ، ولتتحول الأخيرة إلى مركز إشعاع ، يبدد الظلام الحالك ، الذي كان ما زال يجثم على كامل المنطقة . بدأ محمد علي ببناء منظومة تعليم موازية لمنظومة الكُتاب القائمة . ثم بانفتاح على الثقافة والعلوم الأوروبية بتنشيط حركة الترجمة ، بعد دخول المطبعة مع حملة نابليون ، في خطوات قريبة الشبه بما وقع في صدر العصر العباسي الذهبي . وزاد عليه تلك البعثات التعليمية إلى أوروبا ، وفي تحرك معاكس لما كان فعله الأوربيون من نهل للحضارة الإسلامية في الأندلس . ومن نافل القول الإشارة إلى أن تلك كانت بدايات ، والقواعد الأساس ، التي قام عليها ما صار يعرف اصطلاحا بعصر النهضة . ثم وقع الاحتلال الاستعماري لولايات الخلافة العثمانية . ومرة أخرى برز عجز الخلافة ، وتجنب إلقاء تبعة ذلك على الفكر الموجه لفعل الخلافة . ومن جديد ورغم بشاعة الاستعمار ، ووحشية قمعه ، وجشعه في نهب ثروات شعوبنا العربية ، إلا أنه حمل معه ، ليس فقط نماذج الحياة والحريات في بلاده الأصلية ، بل وكشف للشعوب المقهورة ، سعة الهوة التي تفصلها عن الحضارة . كما أفرز ، وتكرارا لما وقع في مصر ، تطلعا لعبور هذا الفاصل وردم هذه الهوة ، أملا في اللحاق بركب الحضارة . وظلت الوسيلة هي ذاتها : بناء نظام تعليمي جديد ، يعاد فيه تدريس العلوم الحديثة ، والاطلاع على علوم الآخرين ، والفلسفة في المقدمة ، وهضمها عبر تنشيط عمليات الترجمة والنشر من جانب ، والنهل من المصادر الأصلية ، عبر البعثات التعليمية ، من جانب آخر .


الخطر والصحوة :


وهكذا وبعد استقرار تيار النقل على عرشه ، وبعد أن دانت له الأمور ، لأكثر من ثمانية قرون ، سادت الظلمة فيها ربوع شرقنا ، عاد خطر الصراع مع تيار العقل يطل برأسه من جديد . وبدا في فترة سابقة وكأن ممثلي تيار النقل – رجال الدين على اتساع وتنوع درجاتهم – قد أخذتهم الغفلة عما يجري . وكان حين صحوا وذهبت الغفلة ، أن وجدوا أن العديد من أقطار الخلافة السابقة ، تحكمها نظم تتمثل بالنظم الغربية من جانب ، وتضع برامج للنهضة ، تتكئ على القطيعة مع الماضي ، وتستند إلى عودة وتفعيل وتقوية وتطوير سلطان العقل من جانب آخر . بلدان وصف ممثلو تيار النقل نظمها بالنظم العلمانية الملحدة . وتمثلت الصحوة الإسلامية في تشمير السواعد لصد كل هذا الجديد ، ودحر هذه النظم التي وصفت بالجاهلية ، فالعودة بالبلدان العربية والإسلامية ، إلى الحال الذي كانت عليه في ظل سيادة فكر تيارهم ، أي إلى عهد الظلمة الحالكة الذي امتد لأكثر من ثمانية قرون . إذن هي معركة الصراع مع تيار العقل مرة أخرى ، ومحاولة صده قبل أن يستقر ، ومحاولة اجتثاث ما زرع ، وهدم ما بني ، قبل أن يقيد له الثبات والاستقرار .

فبدءا بمنتصف القرن التاسع عشر ، هزت حفنة من مفكري ما وصف بعصر النهضة تارة ، وعصر التنوير تارة أخرى ، ورواد التجديد تارة ثالثة ، هزت هذه الحفنة عرش تيار النقل ، الذي استقر ما بين ثمانية وعشر قرون ، كما أشرنا . ورغم اقتصار حركة حفنة المفكرين هؤلاء – في مقدمتهم المشايخ جمال الدين الأفغاني ، محمد عبده ، عبد الرحمن الكواكبي وآخرون - على قطر واحد هو مصر ، فقد استنفر تيار النقل لمواجهتهم ، قواه في كافة الأقطار ، وليبلغوا الآلاف ، بينهم المئات من أساتذة الأزهر . وبدا أنهم كسبوا الجولة ، بعزل تلك الحفنة ، فكرا وشخوصا .
لكن حدث أن الأقطار الإسلامية أخذت تسقط ، واحدا تلو آخر ، تحت أقدام الاستعمار . ولم ينته القرن التاسع عشر ، إلا وكان كل الشمال الإفريقي مستعمرا . ثم لحقته بلاد الشام والعراق ، في بداية القرن العشرين . ورغم أن الحكام ، المنتمين لفكر تيار النقل ، هم من فشل في صد الاستعمار ، إلا أن فكر تيار النقل خرج سليما معافى من مسؤولية الكارثة التي وقعت . ولم تنجح الثورات التي قادها رجال يحملون فكر هذا التيار ، في زحزحة هذا الاستعمار قيد أنملة . أكثر من ذلك نجحت الحركة الصهيونية ، بدعم مباشر من الاستعمار البريطاني ، في زرع جسم غريب في قلب الوطن العربي ، بعد إنزال كارثة ، هي الأقسى في التاريخ المعاصر ، على رأس الشعب الفلسطيني . ويحاول أنصار تيار النقل هذا إنكار حقيقة ساطعة ، تقول بأن الخليفة العثماني ، الذي عملت الحركة الصهيونية تحت عباءته أكثر من ثلاثين سنة ، والقيادة الدينية للشعب الفلسطيني – قيادة المفتي الحاج أمين الحسيني – والقادة الدينية العربية – قيادة شريف مكة الحسين بن علي ، وأولاده من بعده – هي معا من يتحمل المسؤولية الكاملة عن وقوع هذه الكارثة ، واستقرار إسرائيل عضوا غريبا في الجسد العربي .
لكن ومن ناحية أخرى ، حمل الاستعمار معه فكر التنوير ، الذي كان قد استقر في بلاده . كما أنشأ نظاما للتعليم ، لم يأت معه النصف الثاني من القرن العشرين ، إلا وقد حلت مدارسه محل الكتاتيب تقريبا . لكن المستعمر ، مستهدفا الحفاظ على بقائه واستمراريته ، كما صرح بذلك لورد كرومر حاكم مصر ، حافظ على منهج نظام الكتاتيب ، في هذا النظام الجديد . بمعنى أن المدرسة ، بفخامتها ، وتعدد مدرسيها ، وعدد صفوفها ، لم تكن أكثر من كُتاب كبير، باعتمادها نهج التلقين . وكان أيضا أن هذه اللعنة حلت على الجامعات فيما بعد ، وما زالت مستقرة فيها إلى يومنا هذا .


معركة الدفاع الأخيرة :


وإذا كان لافتا للنظر حرص ممثلي التيارات الإسلامية ، المتحالفة مع السلطة ، في أكثر من قطر عربي ، على حيازة وزارة التربية والتعليم ، فقد ظل ملفتا للنظر أيضا ، ذلك الدفاع الضاري عن مناهج التعليم ، وذلك الرفض الصاخب لتحديث المناهج ، وذلك الوقوف الحازم في وجه محاولات الخروج على نهج التلقين . ولا أطن أن أحدا الآن لا يعرف أن حفاظ النظم التي قالت بالتحديث على نهج التلقين في التعليم ، وقع على رأس قائمة خطاياها . ذلك أنها سلمت لتيارات الإسلام السياسي ، وبيديها ، معول هدمها . كما يمكننا أن نلاحظ كيف أن تنامي قوة تيارات الإسلام السياسي ، في العقود الثلاثة الأخيرة ، واكبت طرديا تردي التعليم ، رغم الظاهرة الفطرية لنشوء الجامعات . كما رافقت حالات الفشل المتكرر من الأنظمة المدنية في التصدي لمخططات الاستعمار الجديد ، ومواصلة نهبه للثورات . وقبل هذا وذاك النكسات العسكرية المتتالية في المواجهة مع إسرائيل . ومع أن كل ذلك ظل يوضع في خانة المكاسب لتيارات الإسلام السياسي ، والخسائر لتيارات النظام المدني ، وبما يوحي بتحقيق الأولى لنصر مؤزر كامل ونهائي ، إلا أن مؤشر الصراع يقول غير ذلك . فتيارات الإسلام السياسي تشن هجمة دموية ،شديدة الوحشية على جبهات متعددة ، كما أشرنا في البداية ، ينظر لها على أنها استعجال لحسم معركة ، تقول المؤشرات بإمكانية كسبها وحسمها بالوسائل السلمية ، وفي المقدمة صناديق الاقتراع . لكن التدقيق في المسألة يوضح أن المسألة ليست هكذا . فالثورات الأخيرة أبرزت ، أكثر من أي شيء آخر ، تطلعا ، يصل حد الطوفان ، من قبل الشعوب العربية ، لتجاوز حالة التخلف والعجز التي تعيشها . وحددت ، وبدون أدنى لبس ، الطريق لبلوغ ذلك ، وهو اعتماد نظام إدارة الدولة الحديثة ، فالعلم وتطبيقاته ، وبما يعني الاحتكام إلى سلطان العقل . وإذا كانت حفنة من المشايخ ، انضمت إليها أعداد محدودة من المثقفين ، عرفت بطليعة عصر التنوير ، قد هزت عرش سلطان النقل ، فإنها لم تعد حفنة الآن . لقد غدت تيارا كبيرا ، وسيلا دافقا وجارفا ، مزودا بأسلحة كثيرة ، تعجز قدرات تيار النقل عن التعامل معها . وهي قبل ذلك وبعده مغايرة تماما لما جرى في عصر الانحطاط العباسي . هي معركة على اتساع العالم . القوة الفاعلة فيها ، منتجة العلم وتطبيقاته ، مطورته والمدافعة عنه ، موجودة في الخارج ، وتملك وسائل شديدة الفعالية في نقله والدفاع عنه . وسلطان العقل على اتساع العالم يكسب كل يوم أرضا جديدة ، ووسائل عبوره إلى الآخرين لا يمكن صدها أو غلقها . وتيارات الإسلام السياسي التي وصلت إلى الحكم تقدم عجزا فاضحا ، في محاولات حلها لأبسط المشكلات التي تعاني منها الشعوب العربية . وهكذا نرى حقيقة ساطعة ، وهي أن هجمات الإسلاميين ، على الجبهات المتعددة ، والفظائع التي يرتكبونها باسم الدين ، تعبر عن ، وتعكس حالة من اليأس ، أكثر من كونها حالة تفاؤل بالنصر ، كما يبدو الأمر على السطح . هذه الهجمات ، والدعوات إلى الجهاد ، والاستعجال في التمكين ، تقول بصورة واضحة ، ليس فيها أدنى لبس ، بأنها معركة تيار النقل الدفاعية الأخيرة قبل سقوط آخر قلاعها .


وماذا عن فلسطين :


والآن ، وبعد هذا الاستعراض المطول لطبيعة المعركة مع تيارات النقل الإسلامية ، وبالانتقال لانعكاس ذلك على القضية الفلسطينية ، يتطلب الأمر وقوفا عند بعض الحقائق ومنها : 1) أن التدمير الذي حدث ، والذي يحدث ، لجيوش دول ما عرف بالطوق العربي ، أبعد ، ولمدى غير معروف ، أي احتمالية لإعادة تهديد إسرائيل بالصراع المسلح . إسرائيل باتت مطمئنة تماما تجاه خطر التهديد . واطمئنانها هذا يُفَعِّل شهيتها لمصادرات الأرض وللتوسع الاستيطاني ، ومن ثم يمنحها فرصا للمناورة والالتفاف على أية محاولات لطرح حلول ، فيها شيء من العدل للقضية الفلسطينية . 2 ) أن القضية الفلسطينية لا تحتل أولوية في برامج الإخوان الذين وصلوا للحكم في بلدان الثورات الجديدة . وأن التمكين ، الذي ستطول معركته ، يسبقها بكثير على جدول هذه الأولويات . 3 ) وأن التجربة مع الإخوان في فلسطين ، وغيرهم من الأحزاب الإسلامية ، تؤكد أن حل القضية الفلسطينية ، يأتي في ذيل قائمة أولويات تيارات إسلام النقل السياسية ، رغم الشعارات النارية عن التحرير وفلسطين . فالإخوان ، الذين قلبوا اسمهم لحماس ، لم يرفعوا أصبعا في وجه الاحتلال ، منذ حزيران 67 وحتى ديسمبر ، كانون أول ، 87 . وأكثر تعاونوا مع الاحتلال ضد فصائل منظمة التحرير ، ومباحثاتهم مع رابين ، وزير دفاع إسرائيل آنذاك ، والجنرال إيرز ، مسؤول إدارة قطاع غزة ، تشهد على ذلك . والآن فإن حزب التحرير الإسلامي ، ما زال وفيا للعهد ، ولم يرفع أصبعا في وجه الاحتلال ، ول46 سنة حتى الآن . وحجة الجميع أن رفع اسم الله له الأولوية على كل ذلك . 4) أن نظام الإخوان ، لو استقر، ولو تحقق حلم الخلافة ، بداية بالأقطار المتصلة جغرافيا ، فإن بناء قوة عسكرية ، قادرة على مجرد التلويح بتهديد إسرائيل ، يحتاج لفترة زمنية طويلة ، هذا إذا وصل سلم الأولويات إلى فلسطين . 5) ولأن الوسيلة الناجعة للضغط على إسرائيل ، وإجبارها على التسليم بالحدود الدنيا من حقوق الشعب الفلسطيني ، معروفة منذ أمد طويل ، وهي الضغط على المصالح الأمريكية في المنطقة ، ولأن مصالح النظم التي سقطت عند أمريكا ، كانت أكبر من القضية الفلسطينية ، ولأن قيام نظم عربية ديموقراطية حقا وحقيقة ، هو الطريق لإجبار أمريكا على إعادة النظر في مواقفها من الصراع ، ومن الانحياز المطلق لإسرائيل ، فإن إعاقة قيام هذه النظم الديموقراطية ، وهو ما تعمل له تيارات إسلام النقل السياسية ، يصب وبالتمام والكمال في صالح إسرائيل . 6 ) وفي وقت سابق كتبت ، وفي هذا المكان ، بأن ثورات الشباب العربي ، أنقذت فلسطين من حل جائر ، كانت محاولات فرضه جارية . وبعد نجاح مرشح الإخوان رئيسا لمصر ، ودوره في توقيع إخوان فلسطين – حماس – لهدنة مع إسرائيل ، ما زالت بنودها سرية ، حذرت من خطر مقايضة الإخوان ، والأحزاب الإسلامية الحليفة ، القضية الفلسطينية بدعم أميركي ، يسهل لهم التمكين من حكم مصر . وختاما نقول أن ما تبديه تيارات النقل الإسلامية من تشدد ، ومن عصبية ووحشية ، ومن إصرار على العودة بالمجتمعات إلى ظلام عصور الانحطاط ، لا يبشر بأي خير للقضية الفلسطينية . ويزيد الطين بللا أن طائفة من أبنائها يشاركون في كل ذلك . ورغم أن الحقيقة الساطعة تقول بأن هذه هي معركة الدفاع الأخيرة لهذه التيارات ، يدلل على ذلك وحشية أفعالها في ساحات المواجهات ، وأن هزيمتها قادمة ، وقريبة ، لا لبس فيها ، فإنها وبلا أدنى شك أخرت حصول الشعب الفلسطيني على بعض حقوقه سنوات طويلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعاون الاخوان المسلمين مع الامبريالية
عتريس المدح ( 2013 / 6 / 2 - 11:52 )
تؤكد الكثير من وثائق الاستعمار البريطاني وكذلك أرشيفات دوائر المخابرات البريطانية، على أن نشأة الاخوان المسلمين كانت بتواطؤ ولربما بتخطيط من قوى الاستعمار، وحيث هدف الاستعمار من انشائها الى انشاء قوة تدفع الشعوب العربية والاسلامية الى العودة الى عصور الظلام والتخلف، وذلك لهدف منع نهضة وتقدم هذه الشعوب ومن ثم انضمامها الى معسكر الثورة والتقدم والذي مثلته بسكل جلي ثورة اكتوبر العظمى ومن ثم الاتحاد السوفياتي، وحيث كانت قوى الاستعمار ترى بالاخوان المسلمين الحليف الذي يستثير العاطفة الدينية في وجه قوى التقدم والثورة وذلك باتهام قوى الثورة والتقدم بالالحاد ومحاربة الدين واشاعة الجنس والانحلال الاخلاقي
لربما البعض يجيب في هذا الاطار بأن هذا ضرب من التبرير باستدعاء نظرية المؤامرة، لكن كل الشواهد تشير الى عكس ذلك فمسلك قوى الاخوان المسلمين من النشأة وحتى اليوم كان في الطرح السياسي والمسلك الا جتماعي والحزبي متحالفا مع قوى الرجعية والملكية وقوى الديكاتورية وعادى في كل مراحله القوى التي تنادي وتدفع باتجاه التحرر الوطني والاجتماعي،بل وساند عمليا اجهزة الدول في محاربة وقمع هذه القوى
في مصر عبد الناصر لعب الاخوان المسلمين دورا معاديا لدرجة محاولة اغتيال عبد الناصر حين اتجه شرقا طالبا للسلاح من دول المعسكر الاشتراكي ومستعينا بخبرات الاتحاد السوفياتي في انشاء بنية تحية للصناعة الثقيلة وبالذات ببناء السد العالي وانتاج قوى الطاقة الكهربائية لادارة المصانع
كذلك الامر نراه في مشاركة الاخوان المسلمين للملك حسين في قمع الشيوعيين والقومييين في نضالاتهم لاسقاط حلف بغداد وحيث ساندهم الملك بشكل سافر حين حاولوا اسقاط نظام حافظ الاسد لمصلحة قوى الاستسلام التي كان يقودها في تلك المرحلة السادات والملك حسين، كما لعبوا نفس الدور بتواطؤ الحكم العسكري للاحتلال الاسرائيلي لنشاط وتمويل الاخوان المسلمين لشيكلوا سدا أمام جماهيرية القوى الشيوعية والوطنية التي لعبت دورا مهما في قيادة الجماهير الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي في فترة السبعينيات وحيث استفاد الاحتلال الاسرائيلي في فترة الثمانينات من قوة الجماعة الاسلامية في الحد من تأثير قوى م.ت.ف في الجامعات الفلسطينية وفي الانتفاضة الاولى حيث دفع في اتجاه ايجاد صراع خفي في البداية ثم صراعا علنيا لقيادة الانتفاضة الاولى بين قوى م ت ف وحماس الامر الذي ساهم بشكل كبير في انفضاض جزء مهم من الجماهير وعزوفها عن المشاركة في فعاليات الانتفاضة الاولى بعد رؤيتها لكثير من السلبيات التي رافقت العمل المقاوم ضد الاحتلال وهذا الوضع حافظ على مظاهره حتى اللحظة بالنتائج التي يكتوي بنارها الشعب الفلسطيني نتيجة ممارسات حماس وفتح والذي اكبر عنوان له الانقسام بين امارة اسلامية في غزة وسلطة ضعيفة في الضفة
أما وان الانتفاضات في العالم العربي قد بدأت بشكل عفوي ودون تخطيط وبرامج وقوى منظمة تترجم ما تريده الجماهير فقد تقدمت القوى الاسلامية ممثلة بالاخوان المسلمين والقوى السلفية والوهابية لخطف هذه الانتفاضات والاحتجاجات الجماهيرية، والتي نعيش في كنف نتائجها في هذ المرحلة
سؤالي للكاتب الاستاذ عبد المجيد حمدان
هل يمكن القول بان الاخوان المسلمين قوى عميلة للامبريالية؟
وهل يمكن القول بأن ما يجري في كل الحقبة التاريخية الحديثة من استخدام لقوى الاسلام السياسي هو من تخطيط دوائر الاستخبارات الغربية؟


2 - رد الى: عتريس المدح
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:08 )
شكرا لك يا رفيق عتريس على المعلومات التوضيحية . كما أشرت ، ومما ينشره كتاب خرجوا حديثا من صفوف الإخوان ، هناك دلائل على علاقات بينهم وبين قوى استعمارية منذ النشأة . وقبلهم بالطبع نشأة إخوان الجماعات الوهابية ، حيث المعلومات تقول أنها نشأت بتخطيط من المخابرات البريطانية ، التي كانت لها اليد الطولى على سواحل الخيلج وبحر العرب آنذاك .لكن ليس بالضرورة أن يكون الإخوان عملاء للامبريالية ، لكن بالقطع انتبهت قوى الامبريالية لبرامجهم ، لأفكارهم ، واستغلت مطامح لهم للتعاون معهم . وفي النهاية يصب هذا التعاون في خدمة مصالح الامبريالية . وأول الخدمات يتمثل في محاولات الإخوان ، والتيارات الإسلامية المختلفة ، إطفاء بصيص الضوء الذي ظهر في بداية القرن التاسع عشر ، ومن ثم إعادة العالم العربي بكليته إلى عصور الظلام . هذا يعني ، من بين ما يعني بقاء فقدان القدرة على استخراج ثرواتنا ، وفي مقدمتها البترول ، وفقدان القدرة على تسويقه ، ومن ثم الحاجة الملحة لمساعدة الامبريالية في كل ذلك . وبالنسبة لنا ، نحن الفلسطينيين ، منح الصهيونية والامبريالية كرت التصرف في مصيرنا كما تشاء . والدليل ما حدث زمن الخلافة العثمانية ، ثم موقف الإسلام السياسي اليوم . تسمع منهم جعجعة ولا ترى طحنا .


3 - لماذا؟؟
جميل الهمداني ( 2013 / 6 / 2 - 13:39 )
الاستاذ القدير
هل توضح لنا لماذا التشتت الكبير في اليسار الفلسطيني؟ اين الخلل؟؟
مع الشكر مقدما


4 - رد الى: جميل الهمداني
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:08 )
بداية شكرا للاستاذ جميل الهمداني على السؤال . وفي الحقيقة هناك أكثر من عامل يفعل فعله في هذا التشتت . 1 ) نشأة اليسار الفلسطيني : هذا اليسار انحدر من قوى كانت في بداية نشأتها متصارعة . فأكثر قوى اليسار ، عدا الشيوعيين ، تنحدر من قوى قومية عاشت فترة صراع ضاري مع الشيوعية ، قبل أن يأخذها مسار النضال إلى تبني الماركسية . وفي تقديري أن فترة التبني القصيرة هذه ، كانت غير كافية لإزاحة كتل العداء التي تراكمت ، خصوصا وأن التبني عاش فترة قصيرة ، عقدين تقريبا . والأهم لم تحدث عند هذه الفصائل مراجعة علمية نقدية للتجربة ، ومن ثم للتخلص من السلبيات التي حدثت . 2 ) تبلورت صفة اليسار هذه في الوقت الذي حدثت فيه هزيمة اليسار ، ممثلا في طليعته الاتحاد السوفييتي ، وحلف القوى التقدمية العالمية . الهزيمة دفعت هذه القوى لإعادة النظر في موقفها من تبني الماركسية ، فالتراجع عنها ، ولو لفترة محدودة ، مما أفقد هذه القوى أهم عامل مشترك بينها . 3 ) الهزيمة على الصعيد العالمي أصابت القضية الفلسطينية بنكسة خطيرة ، تراكمت معها سلبيات كثيرة ، وكان مطلوبا من قوى اليسار طرح البديل ، وإصلاح الأضرار في وقت لم يملك لا القوة النظرية أو القوة العملية لفعل ذلك . 4 ) الهزيمة والنكسات الفلسطينية قدمت قوى التيارات الإسلامية كمن يملك البديل لها . والمشكلة أن فصائل اليسار انقسمت بين من رأى في الإسلام السياسي ، ممثلا في حماس والجهاد ، حليفا وبديلا ، ومن رأى فيه خطرا داهما على القضية يتوجب التصدي له . 5 ) وفي الوقت الذي لا يجد اليسارسندا عالميا يتمتع الآخرون بهذا السند، والكثير من جهد هذا الآخر ينصب في مواجهة هذ اليسار ومحاربته . 6) وأظن أن على القارئ أن يتذكر أن اليسار ينمو في أجواء انفتاح العقل ، ويخبو في أجواء احتواء العقل . وبعض فصائل اليسار ، وبدعوى الوحدة الوطنية ، ما زالت لا ترى أنها طرف في هذا الصراع . وبالتالي هي تسكت ، أو تحكي بصوت خافت ، عن التجهيل الذي يجري في مدارسنا وجامعاتنا ، وعن الحرب المعلنة على الفلسفة ، وسائر العلوم الإنسانية . وبديهي أن العوامل المذكورة ليست هي وحدها كل أسباب التشتت .


5 - تصحيح خطأ مطبعي
عبد المجيد مصطفى حمدان ( 2013 / 6 / 3 - 00:17 )
ورد في النص أن عزوة نابليون لمصر وقعت في العام 1998 ، وهو خطأ مطبعي مؤسف ، واالصحيح أنها وقعت قبل ذلك بقرنين أي في العام 1798 ، ولذلك اقتضى التنوية والاعتذار للقراء الكرام .


6 - الحوار المتمدن 105
خلف الخلف ( 2013 / 6 / 3 - 12:27 )
سلم هذا الفكر وهذا التحليل وهذا القلم حيث انني أتفق معه%100 والى المزيد للأمام مع الدعاء بالصحة وطول العمر للمزيد من التنوير.


7 - رد الى: خلف الخلف
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:09 )
شكرا لك أيها الصديق خلف الخلف . اتمنى أن أبقى جديرا بحسن ظنك بي .


8 - هل فينا امل للنهوض
لا مبالي ( 2013 / 6 / 3 - 12:32 )
شكرا جزيلا على هذاالمقال المميز الذي من خلاله يمكننا من فتح حوار معكم، فاسهاماتك من خلال الكتب التي قمت بانجازها والمقالات التي تقوم بنشرها على صفحات الحوار المتمدن لهي محل تقدير كبير، وتستحق كل الشكر والثناء

لا شك بننا نعيش في العالم الاسلامي في ظلام دامس وهذا مرده للخلفية الدينية التي ترعرعنا وتربينا عليها، فنحن لن ننتصر الا بمساعدة مباشرة من الله وهذا ما حصل في بدر وكما نزل في القران ان النصر لم يكن لولا الجنود التي ارسلها الله وهي التي هزمت الاعداء وليس بفضل ، شجاعة وبسالة المقاتلينوبالتالي ليس هناك من داع للاعتماد على انفسنا ، فالهزيمة نحن سببها ، وما النصر الا من عند الله، ومابكم من نعمة فمن اللة ، وما من سيئة فمن انفسكم
،
كما اننا لا نحتاج لقراءة شي اخر غير القران فهو الشامل الكامل وفيه الشفاء والدواء، وفيه المعجزات العلمية
وبما ان القران ليس فيه شي مفيد ويحفل بالاخطاء العلمية والادبية والناريخية والجغرافية
ووبما ان المسلمين لا يقراوه وان قراوه فهم يقراوا احرفه لانهم لا يفهموه فالنتيجة ان المسلمين لا يقراون وهذا ما تدل عليه الوقائع والاحصاءات، وقد استثني جزءا من الشعوب التي لاتتحدث العربية، فانها تجد نفسها في تحرر وراحة في قراءة الكتب الاخرى والنهل من مشارب العلم المختلفة
كما ان الشعوب العربية تعلمت وتربت على ان ترضى بما هي عليه او بما توضع عليه، فدائما
الحمد لله الحمد لله على كل شيء
كا اننا تربينا وترسخت فينا ان لا نندهش مما يحصل معنا او من حولنا وبالتالي لا داعي للتفكير في الاسباب
،
فكلمة سبحان الله كافية لانها اي نقاش اوتفكير

كما ان اي ظلم يقع علينا لا يستدعي الا ان نقول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، فنحن نقر ونعترف بافتقادنا للقوة، او نكتفي بقول حسبي الله ونعم الوكيل والتي هي يخطورة المقولة السابقة على تفكير الانسان السوي وسلوكه
ان الاتكالية على الله التي تربينا عليها الغت كل امكانيات التطور للشعوب الاسلامية ومنها العربية بالتحديد وذلك بسبب التعاليم الاسلامية ومقولاته واسماء الله التسع والتسعون التي الغت كل امكانيات لبروز شخصيات عربية مفكرة وتعتمد على التحليل والتركيب والتقييم.
كما ان الغاء النصف الاخر من المجتمع وهو المراة ووصفها بنها المتاع والماكرة ووقود جهنم وسبب الفتنة وتقييدها باللباس وحبسها في البيت، هو من الاسباب الكبية التي تساهم في تخلف المجتمعات الاسلامية وتراجه اقتصادها وزيادة فقر عائلاتها،
كما ان الوعد بالجنة الزاخرة بالحور العين(بيت دعارة ديلوكس) والشراب المسكر( ان للمتقين مفازا حدائق واعنابا وكاسا دهاقا
يجعل من مجتمعاتنا اسيرة التفكير بالجنس والنساء والاكل والشراب


فاذا هذا حالنا فماذا يتوقع منا

انا اقول انه لايمكن ان يكون لمجتعاتنا العربية اي مجال للنهوض الا اذا تخلصنا من هذهالمقولات والمصطلحات ووضعنا القران جانبا (كثير علبه ان يوضع في المتاحف
وتم تقدير ذانا لذاتنا وتحملنا المسؤولية واعتمدنا على قدراتنا و عرفنا انفسنا و احترمنا انفسنا واحترمنا الاخرين وتواصلنا مع انفسنا ومع المجتمعات الاخرى


9 - رد الى: لا مبالي
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:09 )
تحياتي يا صديقي اللامبالي : في مساهمتك أنت قلت بالضبط ما يقوله مفكرو تيار النقل . لا شيء يستدعي التفكير وإعمال العقل . وهذا أيضا بالضبط ما يعلرضه مفكرو تيار العقل . نحن لا نريد أن نكرر ما فعله تيار النقل في العصور الأولى . نحن لا نريد أن نحجر على أفكارهم ، ولا أن نمزقها ونحظرها كما فعلوا ، فأنتجوا هذا الظلام الذي نعيش فيه عشرة قرون حتى الآن . كما أوضحت تغيرت الظروف وتيار العقل وانجازاته الهائلة التي تنمو تتطور وتتراكم كل يوم ، حر طليق يتحرك على مساحة العالم كله ، وليس محصورا في دولة ، يمكن محاصرته وعزله كما حدث في المعركة الأولى . وخطيئة هذه التيارات أنها ترى ، رغم ما تعرفه عن ثورة المعلومات والاتصالات ، امكانية إغلاق البلدان الإسلامية في وجه ثورة العقل وانجازاته الهائلة . وإذن ليس من الحكمة أن ندعو للتخلي عن القرآن ووضعه في المتحف . سيبقى القرآن ، كما السنة ، كما بقيت التوراة والأناجيل هاديا للمؤمنين بها الذين يجب كفالة وضمان حقوقهم في الإيمان بها واحترامها . المسألة أن الوقت حان كي يخرج المثقفون من قواقع الخوف والرعب التي يعيشون فيها ، وان يبادروا إلى تنشيط الحوار ، ومقارعة الحجة بالحجة مع تيارات الإسلام السياسي ، لتخليص العامة من الأوهام التي يكبلهم بها مفكرو تيار النقل ذاك . ذلك ضروري للانتقال بالتعليم من نظام الكتاب القائم على التلقين ، إلى نظام الحوار الذي يفتح كل الأبواب أمام حركة العقل . وهنا أشير إلى وجوب ان لا تخدعنا هجمات الدفاع اليائسةالتي تشنها تيارات الإسلام السياسي ، ذلك أن عنفها ووحشيتها يؤكد على حقيقة يعرفها أصحابها ، وهي أنها معركة خاسرة ، لأنها معركة الدفاع الأخيرة .


10 - التلقين
لا مبالي ( 2013 / 6 / 3 - 16:20 )
شكرا على ردكم السريع على مداخلتي
لقد عدت مرات ومرات وقرات ماسيق وكتبته لابحث ان كنت دعوت للحجر على افكار الغير او تمزيق اوحظر اي شيء يخصهم فلم اجد من هذا ولا ذاك
كل ما حاولت ان اجتهد في كتابتي هو ان اوضح لماذا تم توقيق التفكير وتحفيز عمل العقل ولماذا اصبحنا من اهل النقل وليس غيره
انا لم ادع للتخلي عن اي شيء بالقوة، انا دعوت انه اذا ما وعينا للاثار السلبية لايماننا بهذه المقدسات ومفرداتها ومصطلحاتها ورموزها ودلالاتها ، فان مصيرنا هو زيادة في التخلف والانجراف نحو الهاوية
كما ركزت اخيرا على ضرورة احترامنا لذاتنا واحترام الاخرين بغض النظر عن دينهم اومعتقدهم او لونهم او مكان اقامتهم او لغتهم
لم افهم لماذا ان مساهمتي تم وضعها في خانة مفكري تيار النقل
لقد ذكرت مقتطفات لماذا وصلت المجتمعات الاسلامية الى ما وصلت عليه بدون تجريح لاحد او دعوة للعنف او النبذ او التخلص من ،،وكل ما ذكرته هو الاثار السلبية لبعض المعتقدات


انا اتفهم مدى قساوة الحديث بهذا الشكل عن مصطلحات مقدسة على مسامع الكثير من ابناء مجتمعنا ، حيث فرض رجالات الدين قدسية كبيرة بحيث اصبح من المحرمات ان ناتي على ذكرها، واصبح من الممنوع مناقشتها
واخيرا اليس من حقي تبيان بعض اسباب تخلف مجتمعاتنا واسباب تغلغل سياسة التلقين في
التعليم والتربية من جميع جوانبها في حياتنا



11 - رد الى: لا مبالي
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:10 )
تحياتي يا صديقي اللامبالي . يبدو أنه خانني التعبير في ردي الأول عليك . قصدت أن ما قلته في مساهمتك الأولى جاء توضيحا وافيا وضافيا لما يردده واعظو تيار النقل . ما قلته أنت جاء كإضافة واعية ، شرح فيه بعض الإسهاب لما أوجزت أنا فيه . وبدوري أشكرك على ذلك . لكن ربما تسرعت وعلقت على الفقرة الأخيرة من ردك الأول التي تقول فيها بضرورة التخلص من تلك المقولات والمصطلحات التي يرددها المرددون نقلا عن القرآن ، ومن ثم وضع القرآن جانبا ، وبالكثير في متاحف التاريخ . حاولت أن أوضح عدم اتفاقي مع هذه العبارة التي قد تفهم بأنها دعوة للعنف مع أصحاب تيار النقل ، وفقط ذكرت أن ذلك كان حالهم عندما دانت لهم الحال ، وواتتهم الظروف ، وهو ما يجب أن لا ننساق إليه . أنا أعرف انك لا تدعو للعنف ، وتحترم حرية الآخرين في التعبير وفي اختيار العقيدة وممارسة طقوسها ، وتأدية العبادات على أوسع ما يراه أصحابها . آسف إن كنت قد فهمت أنني وضعتك في صف تيار النقل . نعم إن لم نناقش تلك المقولات ، إن لم نفهم مدى ضررها ، لا يمكننا أن نمهد الطريق أمام تيار العقل ، وبدءا لايمكننا التقدم خطوة واحدة باتجاه تخليص أجيالنا من كارثة نهج التلقين الذي يسود مدارسنا وجامعاتنا ، والتي غدت كما قلت ، مجرد كتاتيب كبيرة .


12 - التلقين
سعيد متحرر - لا مبالي سابقا ( 2013 / 6 / 5 - 08:27 )
شكرا جزيلا على التوضيح، فان حرف النون هذا قلب المعنى كاملة وغير جوهر ومجرى الحديث ، وقد يجوز ان نضع هذا من باب الاعجاز ، فقد تم التنويه لحرف النون قبل اربعة عشر قرنا ، حيث قيل في حينه .... نون والقلم وما يسطرون .... حيث تمت الاشارة لاهمية القلم وضرورة الانتباه لما يكتبه الانسان، ولم يكن حينه الكمبيوترات والطباعة الالكترونية .... هذا من باب الدعابة
لقد اشرت في كتاباتك وكذلك في كتابك الصادر عام 2010 بعنوان دخول الى حقل المحرمات ... لاهمية تغيير المناهج المدرسية في فلسطين وضرورة استبدال منهج التلقين في المدارس والجامعات


فما هي برايك الطريقة والاساليب الصحيحة للانتقال الى مناهج عصرية تحفز عمل العقل وتشحذ الهمم وخاصة في ظل وجود فئات واشخاص كثر يودون الانتقال لهكذا مناهج عصرية
مع الاخذ بعين الاعتبار العقلية الموجودة لدى معظم ابناء المجتمع الفلسطيني والعربي والتي هي بطبيعتها محافظة وخلفيتها دينية ومستندة للارث الاجتماعي الذي ورثته من الاجيال المتعاقبة

بالاضافة لضرورة الاخذ بعين الاعتبيار كذلك تاهيل المدرسين والمناهج التي تدرس في الجامعات

وكذلك البنية التحتية للمدارس والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطلبة والمعلمون والوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيش فيه معظم فئات الشعب

مرة اخرى اشكر لكم التوضيح
واشكر جهودك المييزة في الكتابة والتحليل الممتعين


13 - رد الى: سعيد متحرر - لا مبالي سابقا
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:10 )
تحياتي يا صديقي اللامبالي .آسف أن تكون قد فهمت من ردي أنني وضعتك في صف تيار النقل . قلت أنك نقلت ،- حرف النون سقط في ردي السابق - ما يقوله بالضبط مفكرو ، والأدق وعاظ تيار النقل . أنا ألمحت لهذه الأقوال ، أوجزت فيها ، وأنت مشكورا فصلت فيها ، مضيفا إلى ما كتبته أنا إضافة قيمة . والحقيقة أنني رأيت في إشارتك عن القرآن ما اعتبرته غير جائز ، أو غير ضروري ، لأنه قد يفهم على عكس ما قصدت ، مثلا كدعوة للعنف ضد أتباع تيار النقل ، وأشرت أن هذا ما فعلوه في الماضي ، وهو ما لايجوز فعله الآن . أنا أوافقك بأن المصطلحات والمقولات التي أشرت إليها تلخص منهج تيار النقل في فعلهم لمصادرة العقل ، ومن ثم مصادرة ما يلحق به ، وجسد المرأة في المقدمة . وأوفقك في أن التخلص من هذه المصطلحات والمقولات ضرورة لا بد منها لتأسيس ، واطلاق منهج العقل ، وفي المقدمة استبدال منهج التلقين في مدارسنا وجامعاتنا التي تحولت إلى كتاتيب كبيرة ، وأحيانا فخمة ، ، بمنهج إطلاق العقل . أشكرك يا صديقي على مساهمتك ، واعذرني لأن سهمي طاش عن هدفه في الرد على رسالتك .


14 - المناهج
سعيد متحرر - لا مبالي سابقا ( 2013 / 6 / 5 - 21:31 )
الاستاذ المبجل
شكرا على ردكم
ولكني لا اعتقد ان الراتب وزيادته ، لها اي تاثير غي تحفيز المعلمين او زيادة حرصهم، والواقع اكبر دليل ، حيث ان كثيرا من المعلمين وضعهم الاقتصادي فوق الريح وهم اشد سوءا ممن هم في وضع مادي اقل
كما ان البنية التحتية للمدارس قد تساعد ولكنها اطلاقا ليست من الاسباب التي تؤدي الى تحفيز عمل العقل فالشواهد تدل على ان بعض المدارس مميزة في البناء ولكن معلميها وطلابها ليسوا باحسن من غيرهم في المدارس الاخرى
كما ان تاهيل المعلمين فانني اشك وضمن الخلفيات الاجتماعية والدينية التي اتوا منها ، قد يكون من الصعب اجراء اي تعديل على سلوكهم، واعتقد ان لك تجربة في تدريب بعض خريجي الجامعات، وكذلك لك تجربة وباع طويل في مقارعة من يصفون انفسهم بقادة اليسار ، فما بالك بالاخرين
شاكرا سعة صدركم

فهل تعتقد بانه من السهل تاهيل المعلمين ، كيف يكون ذلك
وماذا عن المناهج ، انا اعرف انه تم منح الحرية للطواقم التي تم اختيارها من المختصين المحايدين واساتذة الجامعات في صياغة المناهج الفلسطينية، وولم يكن اي ضوابط عليهم

وهذا مانتج عنهم
والنتيجة خرجت انه تناغم تماما مع منهج التلقين، فكيف يكون برايك ان يتم انجازمناهج عصرية،


15 - رد الى: سعيد متحرر - لا مبالي سابقا
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:10 )
الانتقال من نظام التلقين في التعليم ، هذا النظام الذي يبدأ و ينتهي بتغييب العقل ، إلى نظام تعليم يقوم على تحفيز العقل ، نظام حواري ، يضع شعوبنا على بداية الطريق للخروج مما نحن فيه ، ويهيء لنا مكانا بين الأمم ، هذا الانتقال ربما تكون المناهج وعصرنتها هي الخطوة الأسهل فيه . بداية يحتاج النظام السياسي إلى الوصول إلى قناعة بضرورة إحداث هذا التغيير . وحين تتوفر القناعة ، يأتي القرار السياسي ، الذي يتبعه بالضرورة نظرة وقرارات بخصوص ميزانية الدولة ، وموقع ميزانية التعليم فيها . القرار السياسي يجب أن يلحقه ، في تقديري مضاعفة لميزانية وزارة التعليم كخطوة أولى ، والتي تعقبها خطوات بزيادة هذه الميزانية سنة بعد أخرى ولتحتل الموقع الأول في الميزانية بعد ثلاث إلى أربع سنوات على الأكثر . أما كيف ننتقل من نظام التلقين إلى النظام الحواري ، فلسنا بحاجة إلى أن نخترع العجلة . هناك دول كثيرة سبقتنا ، وفي الكثير منها تجارب ثرية وتقاليد
غدت راسخة . وإذن يمكننا بسهولة اختيار واحدة ، اثنتين ثلاثة ، وارسال بعثات للاطلاع والتعليم واستقبال زائرين وخبراء ، ثم نضع خطة نطبقها سنة بعد سنة، أو مرحلة بعد أخرى ، حتى نصل إلى غايتنا . كما أشرت المناهج جزء من المسألة . هناك المعلم القائم على رأس عمله الآن ، ووضع نظام لرفع متكرر لراتبه ليكون قادرا على أداء المهمة ، إعادة تأهليه عبر دورات تدريبية وتعليمية متنوعة . إعادة فتح كليات متخصصة بتخريج المعلمين في مختلف الاختصاصات , إعادة بناء نظم الإدارة ، التوجيه ، والتربية ثم نظام الامتحانات . أيضاإعادة تأهيل البنايات المدرسية وبناء الجديدة لتلائم النظام الجديد . فأبنية المدارس لا يجب أن تكون مجرد غرف للصفوف فقط كما هو الحال الآن . تحتاج للعديد من الملحقات كالمكتبات وقاعات المطالعة والمختبرات ، وقاعات للنشاطات المختلفة ، المسرحية والفنية والرياضية إضافة إلى الملاعب ... الخ . ثم وربما الأهم وضع نظام تربوي تثقيفي يعمل على إعادة تصحيح العلاقة بين الطالب والمعلم والمعلم والإدارة والمعلم والمجتمع ..الخ . وأعيد القول : لاضرورة لأن نعيد صناعة العجلة يمكننا تعلم كل ما نحتاجه في هذا المجال من دول صديقة ، الصين أو اليابان مثلا ، والتخطيط فالتطبيق الصحيح له . سيلقى كل ذلك مقاومة ، وربما مقاومة عنيفة ، بدءا من تنافس الوزارات على الميزانية وليس انتهاء بالعقلية التي تمجد نظام التقلين وتعتبره النظام الأفضل والأكمل ، والمتفق مع عاداتنا وتقاليدنا وغير ذلك . لذلك أعيد :المسألة تحتاج بدءا إلى قناعة فقرارسياسي فوضع برامج عمل فتخصيص للميزانية فوضع القدم على أول الطريق .


16 - Sira3 al3akel walnakel
luis ibrahim ( 2013 / 6 / 6 - 14:49 )
سيدي الكاتب مقالتك عن العقل والنقل شيقه و مهمه جدا أما أصباغ القضية الفلسطينية بها عمل غير موفق لأن الأنظمة العربيه لدول الطوق كانت منذ 1900 قائمة على القومية العربيه لمواجهت تركيا الفتاة ولا يخفى على أحد أنها كانت علمانيه بإمتياز أي أنهم من من يدعون أنهم يناصرون العقل رغم أنهم هم من تواطأ مع المستعمر كي تبقى مدارسنا كتاتيب، فياحبذا قليل من الإنصاف ونقد فكرك اليساري الذي كان له باعا طويلا في تخلف هذه ألأمة


17 - رد الى: luis ibrahim
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 7 - 09:11 )
تحياتي يا أستاذ لويس ابراهيم . بداية أشكرك على ملاحظاتك ، ومن ثم دعنا نقف عند بعض الحقائق التاريخية . فلسطين تعرضت، ومعها بلاد الشام ، لنكبة الغزو الصليبي في ظل الخلافتين العباسية والفاطمية ، وإلى نكبة الغزو الصهيوني في أواخر الخلافة العثمانية . الخلافات الثلاث فشلت في منع وقوع هذه النكبات ، أو حتى التخفيف من ويلاتها .وهذا حدث كما أشرت في عز انتصار تيار النقل . في العام 1900 لم يكن في العالم العربي وجود لدولة مستقلة واحدة . وحتى مصر التي كانت من الناحية الرسمية ولاية عثمانية ، كانت مستعمرة بريطانية . وأول حركة ذات توجه قومي عربي نشأت في بداية عشرينيات القرن الماضي ، تحت اسم جمعية العرب الفتاة ، متأثرة بجمعية تركيا الفتاة ، التي تقلدت الحكم في نهاية العقد الأول من ذلك القرن . ثم تلاشت العربية الفتاة فيما بعد . ولا نستطيع القول أن ما عرف باسم الثورة العربية الكبرى ، بتحالفها مع الاستعمار البريطاني ، وقيادة ضباط بريطانيين لقواتها ، بانها حركة قومية وعلمانية . ودول الطوق كما تسميها بدأت الظهور منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي وليس قبل ذلك . وفي سنوات نشأتها الأولى ، وحتى بعد دخولها حرب فلسطين ، لم يكن لدى أي منها ، ما يمكن أن نصفه بالتوجه العلماني . وفي ذلك العقد ، لا قبله ، بدأ ظهور الأحزاب القومية ، بفكر ظل خليطا بين العلمانية والدين . ولأنها كانت كذلك تخبطت كثيرا وتسببت في مواصلة وقوع مسلسل المآسي ، ليس فقط على الشعب الفلسطيني ، وإنما أيضا على باقي الشعوب العربية . وأكثر ما يوضح عدم علمانيتها إبقاء نظام التعليم على حاله ، وهو كما قلت من وضع الاستعمار . فيما يتعلق باليسار الذي أنا منه لم يكن حاله أفضل . هو نشأ بتأثير انتصار الثورة الاشتراكية . ومن مراجعة سريعة لنشأته ومساره فإنه لم يبلغ الرشد إلا بعد عقود، ولم يتصف عمله بالنضج طوال تلك الفترة . والذين قادوه ، وإن تحلوا بالشجاعة والإقدام ، فقد ظلت تنقصهم المعارف العميقة . . وهم وإن كانوا من رواد تيار العقل إلا أنهم لم يملكوا ، وافتقدوا الكثير من ، أدوات تثبيت وغرس نبتات هذا التيار في تربة بلادهم . هم مثلا في الفترة التي حكم فيها عبد الكريم قاسم في العراق ، ووصفت بالفترة اليسارية وحتى الشيوعية ، انشغلوا في الصراعات الداخلية ولم يؤسسوا للخروج من نظام الكتاتيب في التعليم . وأقول يا عزيزي لويس : نعم وقع اليسار ومن يوصفون بالعلمانيين ، رغم أنهم ليسوا كذلك ، في أخطاء ، قاربت في نتائجها تلك التي وقعت ممن كانوا قبلهم . ما أنادي به على الدوام ، وقفات مراجعة جادة ، قائمة على أسس علمية ، لتجارب القوى التي توصف بالعلمانية ، وفي المقدمة تلك التي توصف باليسارية . لا شيء يبقى مقدسا . إن كنا فعلا نريد عودة سلطان العقل ، علينا أن لا نخشى من المراجعة ، من إعادة التقييم ، من النقد ، والأقسى في رايي هو الأفضل . الأخطاء لا يجوز تبريرها ، ولا يجوز استمرار التستر عليها . ذلك ما أوصلنا إلى حال التردي الذي نعيشه ، وإلى ما هو أسوأ إن استمر .


18 - الدين افيون الشعوب
سعيد متحرر - لا مبالي سابقا ( 2013 / 6 / 6 - 18:24 )
استاذي العزيز
شكرا على اجابنك وتوضيحك
في مجال اخر وفي حوارك ذكرت كيف سيطر تيار النقل على المجتمع الاسلامي ، وهو يشبه الى حد ما سيطرة الكنيسة على المجتمعات المسيحية في ما قبل الثورة الصناعية والثورات الاخرى



لقد كان خلال تلك الفترات فلاسفة كبار استطاعوا التمهيد لنقل تلك المجتمعات الى حياة افضل

هل عندنا بذور لمثل هؤلاء الفلاسفة


ولماذا وبالرغم من تشدد المتدينين اليهود في مختلف مناحي الحياة وفي نظرتهم للمراة الدونية الا انهم ناجحين في حياتهم ومتفوقين قي تفكيرهم

مع الشكر الجزيل


19 - رد الى: سعيد متحرر - لا مبالي سابقا
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 8 - 07:24 )
تحياتي يا صديقي سعيد : إذا كانت سيطرة كل من تيار النقل الإسلامي والكنيسة الكاثوليكيةعلى مجتمعاتها قد حملت بعض أوجه التشابه، ممثلة في إغراق تلك المجتمعات في عهود الظلام ، فقد كان بينهما ، في الواقع أكثر من تمايز . 1 ) أعاد تيار النقل نظام التعليم ، مفككا المدارس النظامية إلى نظام الكُتَّاب ، فيما حافظت الكنيسة على نظام التعليم ، الذي تطور إلى ظهور الجامعات ، في ذات الفترة التي انتصر فيها تيار النقل الإسلامي . ففي القرن الحادي عشر ولدت جامعتا بولونيا في إيطاليا وأوكسفورد في بريطانيا واحتضنت الكنيسة ورعت هذه الجامعات ، وهي غير جامعات ومعاهد اللاهوت . 2) وفي الوقت الذي طرح ف ممثلو تيار النقل عندنا مخطوطات العلماء المسلمين في النار ،وقضوا تماما على هذه الكنوز ، تلقفت الكنيسة ما نجا من هذه المخطوطات ، وأعملت فيها يد الناسخين ، لتوفير نسخ منها في جامعاتها ، ووضعها تحت أيدي الدارسين والباحثين .3 ) كان طبيعيا أن يتطور هذا المسار إلى بروز علماء والتوصل إلى مكتشفات علمية في مجالات العلم المتنوعة ، وأن تظهر في عصور الظلام هذه بواكير نهضة علمية واعدة . 4 )لكن ملكية هذه الأبحات والمكتشفات ظلت فترة طويلة تؤول إلى الكنيسة ولتتصرف فيها كما تشاء ، وتحجبها عن المجتمعات في كثير من الأحوال . 5 ) لكن التطور الصاعد أدى لظهور مكتشفات علمية تصادمت حقائقها وقوانينها مع الفكر الديني ، الأمر الذي تحول إلى صراع ، أقدمت فيه الكنيسة علىحرق وقتل بعض هؤلاء العلماء ، مثلما حدث مع مكتشفي مركزية الشمس ، ودوران الأرض حولها ، وكروية الأرض . ، والذي كان بداية للصراع المرير بين الكنيسة والعلم ، وحيث تطور فيما بعد لفصل الكنيسة عن العلم وعن إدارة الدولة ، فيما عرف بعلمانية الدولة الحديثة . 6 ) كان طبيعيا ، وقد وصل عدد الجامعات في أوروبا ، مع حلول القرن السابع عشر ، إلى العشرات ، أن تتطور علوم الفلسفة ، والآداب ، والفنون بأنواعها ، وأن تتحول مكتشفات قوانين العلوم الطبيعية إلى التطبيق ، وأن تظهر المخترعات الجديدة ، كالآلة البخارية مثلا ، وأن تشكل دفعة هائلة في مسيرة البشرية إلى الأمام .7 )ونتيجة لكل ذلك حدث في أوروبا تطور اقتصادي اجتماعي ، تمثل في ظهور الطبقة البرجوازية والرأسمال ، في حضن النظام الإقطاعي الذي كان سائدا في أوروبا . وللمفارقة بقي النظام الاقتصادي الاجتماعي على حاله في شرقنا دون تغيير . 8 ) ونتيجة لهذا التطور العميق والجديد قامت الثورتان ، الصناعية في بريطانيا والبرجوازية في فرنسا ، على أساس المباديء والأفكار التي أبدعها وطورها الفلاسفة والمفكرون في مختلف المجالات . 9 ) ولأن التجمعات اليهودية كانت جزءا من تلك المجتمعات ، ولأن اليهود لم تكبلهم قيود الارتباط بالأرض والزراعة ، ولأنهم كانوا يعيشون في غيتوات مغلقة ومعزولة ، فقد برز لديهم حوافز التعويض عن النقص الذي يعيشونه بطريق التحصيل العلمي الذي أبدعوا فيه ، ولببرز من بينهم نوابغ في مختلف المجالات ، العلمية والأدبية والفنية ، كما تمددوا في الفرع الجديد الذي أنتجته البرجوازية ، وهو البنوك ، وليصبحوا أساطين المال في وقت قصير .10( وإذن لماذا سميت تلك العصور بعصور الظلام في أوروبا ، رغم هذه النهضة العلمية ؟. التسمية جاءت من بسط ظل إرهاب الاستبداد السياسي ، المدعم بمظلة دينية ، وبسبب الجرائم الهائلة التي ارتكبها ذلك الاستبداد . 11 ) ولأن الأمر كذلك ، وكانت حاجة التطور الاقتصادي ماسة لتطور العلوم ،وتسارع وتيرة الكشف عن قوانين علوم الطبيعة وتطبيقاتها، حلت الصناعات محل الكنيسة في رعاية الجامعات ، ومعاهد البحث العلمي ، بما شهده من صراع مع الكنيسة ، أو بين ما عرف بقوانين الطبيعة ، وقوانين ما وراء الطبيعة ، الذي هو بكلمات أخرى صراع العلم والدين ، أو صراع العقل والنقل ، وحيث فاز فيه الأول ، وتمثل في غل يد الكنيسة عن العلوم وعن إدارة الدولة والسياسة .
عندنا ظل نظام التعليم بدون تطوير ، ولذلك لم نعرف الجامعات إلا بعد العقد الأول من القرن العشرين ، وحيث ظل الدين يقيد حرية البحث والتطوير ، ويقيد تطور الفلسفة . والآن وبعد بروز علماء نوابغ منذ الربع الأخير من القرن العشرين ، و مع ظهور فلاسفة كبار أيضا ، ومع تطور الآداب والفنون والعلوم الإنسانية الأخرى ، يحدونا الأمل أن ينجح تيار العقل في معركته الضارية مع تيار النقل ، الأكثر والأعمق جذرية من مثيله الأوروبي ، لنتسفيد من هؤلاء جميعا في بناء مستقبل شعوبنا الموعود .


20 - كل الاحترام
سمر الاغبر ( 2013 / 6 / 7 - 13:44 )
كما عودتنا رفيقنا العزيز ابو وديدة تترك بصماتك بما يحمله فكرك من دقة في التحليل ومنهجية في التسلسل لتضىء لنا شمعة في نهاية النفق نخال للحظات لولاها اننا عاجزون امام ما نمر به من تراجع فكري وقيمي لصالح جماعات التكفير ممن يعملون بجد على رفع لواء التخلف والعودة لماضي قام على سفك الدماء وقتل كل من يخالف فكرا ونهجا و/او امام من يحملون شعارات خالية من مضامينها بحيث يعجزون عن تحدي ما هو قائم ويرفعون راية-هذا الموجود- تعبيرا عن ضعفهم من مواجهة من استسهلت الشعوب خطاباتهم وتوارثته دون التفكير بمدى صوابيته ودقته..دمت لنا مُتصالحا مع فكرك ، غير مهادن لما هو موجود...تحياتي رفيق


21 - رد الى: سمر الاغبر
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 8 - 07:24 )
تحياتي رفيقة سمر . شكرا على التشجيع وعلى هذه الكلمات اللطيفة . آمل وأتمنى أن أظل عند ، وأن أحافظ على ، حسن ظنك وحسن ظن كل الناس المهمومين بقضايا الوطن.


22 - تحليل رائع ...ولكن لي ملاحظاتي
جان نصار ( 2013 / 6 / 8 - 12:33 )
لا يختلف اثنان من اليسارين والتقدمين على تحليلاتك ورؤيتك يا رفيق ابو وديده وارفع قبعتي احترما وتقديرا لما لكم من بعد نظر وترجمة واقعنا الحالي.ولكن الا تعتقد ان الحزب الشيوعي وقيادته وانت كنت احد هذه القيادات الفعاله والمؤثره قد وقعت في الكثير من الاخطاء ولازالت تتكرر ليومنا هذا.
منذ منتصف الثمانيات تركت الكثير من كوادر الحزب الالتزام والانتماء نتيجة اخطاء ذاتيه وموضوعيه ولم تتحركوا لاحتوأهاوكان شعار الحزب انا ربكم الاوحد فأتبعوني.التوقف عن اصدار جريدة الحزب وعدم معرفة الكوادر بالمستجدات الحزبيه.بعد الانتفاضه استطاع ابو عمار احتواء الحزب بمقعد ومعاش للبعض واصبح الحزب تابع لا حول ولا قوه له ليومنا هذا. ولازال ليومنا هذا اليسار لا يجد قواسم مشتركه في قضيه تهم الجماهير ولا حتى انتخابات مجلس طلابي مثلا.
لا ادعو الى الاحباط والتشائم انما الافراط في التفائل ليس لصالحنا.
على ما يظهر اننا سنشارك بمراثون جديد وسنبدء من جديد.
تحياتي لك وتبقي انت معلمنا ورفيقنا الرائع


23 - رد الى: جان نصار
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 8 - 14:43 )
تحياتي يا رفيق جان وشكرا لك على المشاركة. صحيح أننا ارتكبنا أخطاء ، بعضها من فعلنا ، وأخرى سقطت على رؤوسنا . وبعد قبول طلب تقاعدي كتبت شهادات . عالجت فيه قضايا عمل فيها الحزب وأخذ فيها قرارات ، ذات تأثير ليس فقط على عمله ومستقبله ، وإنما على القضية ،والشعب ، وعلى مستقبلهم . صدر الكتاب العام 2006 ، قلت في مقدمته أنني كمسؤول أقدم حسابا للرفاق والأصدقاء ولعموم الناس ، كواجب علي تجاه من رفعوني إلى الموقع الذي كنت فيه . وأملت ، طمحت إلى ، أن أخط ، بفعلي هذا ، نهجاملزما لنظرائي وزملائي من القادة . وحتى يصبح كذلك، طالبت في المقدمةمن القراء ، خصوصا الرفاق والأصدقاء، ووضعت نفسي تحت ، المساءلة والحساب . مساءلة وحساب لي بشخصي وكمسؤول عن المواقع التي شغلتها ، ومساءلة القيادة ، التي كانت قد تغيرت في أغلبيتها ، ومحاسبتها في شخصي المتواضع . وقرئ الكتاب . ووصلتني الكثير من ملاحظات الإطراء . وضايقني أن أحدا لم يقبل دعوة المساءلة والمحاسبة ، رغم الاستمرار في طرح الانتقادات .وفي كل مرة يطرح على ماطرحت ، أقول ما زالت الفرصة قائمة . اعقدوا لقاءا وضعوني على مقعد المحاسبة . نعم لقد أخطأنا وأصبنا . وأنا يا رفيقي لم ابتدع نهجا . كل من يؤمن ويعمل بالديموقراطية ، يعرف أن طريق المراجعة ، إعادة التقييم ، النقد ، وضع اليد على السلبيات تشخيصها ثم تصحيحها ، هو الطريق المجرب للتصحيح وللحساب .آمل إن فعلنا ذلك أن نكسر هذه الحلقة اللعينة ، المتمثلة في عصمة القادة عن النقد ، ومناهج العمل عن المراحعة وعن إعادة التقييم . أخيرا أشير لك رفيقي أنني أصدرت كتبا أخرى في المراجعة وإعادة التقييم وهي الديموقراطية الفلسطينية في الممارسة ، الانتفاضة محاولة تقييم ، ودخول إلى حقل المحرمات . فهل آمل أن تتبنى دعوتي هذه وما زال في الوقت متسع ؟ . وكل الشكر والتقدير لك على المشاركة .


24 - اشكر ردك يا رفيق وصلت الرساله
جان نصار ( 2013 / 6 / 8 - 14:51 )
في الوافع لم اقصد محاسبتك شخصيا قدر محاسبة نهج الحزب.فقط اريد منك ان تعطيني فكره عن اداء الحزب اليوم ولماذا هذا الاصرار على المنكفات بين اليسار الفلسطيني وهل انت مقتنع انه في المستقبل القريب ممكن ان يصل اليسار الى الوصول الى حد ادنى من التوافق والقواسم المشتركه والا قدر الفلسطينينان لا يتفقوا ابدا.
بأختصار في امل يا رفيق بعيدا عن الامال والاماني؟


25 - رد الى: جان نصار
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 8 - 19:49 )
تحياتي مجددا : لقد مضت حتى الآن عشر سنوات على تقاعدي . والأصول المرعية تقضي بأن لا يتدخل من هم مثلي في عمل من يعملون إلا من باب المشورة . وفي ردي تحدثت عن ضرورة المساءلة عن الفترة السابقة على تقاعدي . الآن يا رفيقي هناك رفاق مسؤولون على رأس عملهم ، هم وحدهم أصحاب الحق في الإجابة على الأسئلة التي تتعلق بعملهم ، بما في ذلك منهج الحزب ونشاطه ، ووحدة اليسار . ومهما كانت معرفتي فلن أسمح لنفسي بتجاوز كهذا . أما ما يتعلق باليسار ووحدته فقد كان أحد الموضوعات التي تناولتها في كتابي شهادات ، وليس لدي ما أضيفه . قلت آنذاك أن مباحثات الوحدة ، حتى يتوفر لها قدر من النجاح ، لا بد أن تسبقها مراجعة ، وقفة تقييم جادة ، تقوم على أسس علمية ، وموجهة من البداية لإعلاء شأن الحقيقة ، متجاوزة لحدود ما هو ذاتي ، ومن كل طرف ، لبرنامجه ، لأدائه ،، لأدوات ، آليات ، أساليب عمله ، ومن ثم الوقوف بجدية أمام ماهو سلبي والتخلي عنه ، وما هو إيجابي ودفعه للأمام . آنذاك ممكن أن تتوفر الفرص لحوار مثمر ، ولوحدة متينة راسخة ، الوحدة التي تتمناها وتنتظرها الجماهير . أما الحوار على الأسس التي يقوم عليها الآن ، وهي ذات الأسس التي شهدتها ، فلن يوصل أصحابه إلى النتيجة المرجوة . أقول المرجوة ، لأنه قد يتم التوصل إلى الوحدة .التي أتمنى لها إن ولدت حظا من الحياة مع دوام الصحة والعافية


26 - الرفيق المحترم أبو وديدة
عتريس المدح ( 2013 / 6 / 8 - 18:11 )
لقد قرأت ردك على الرفيق جان نصار، يا لله كم أنت رائع في حرصك على التصحيح والاستجابة لممارسة النقد، لكن يا رفيق ليس كل الرفاق على حرصك، فالكثير منهم ما زال في غيه سادرا، ذاته أهم من شأن الحزب ورسالته العظيمة، هذه الآفة هي سبب رئيسي لعلة الحزب أدت الى تراجعه وفقدان جماهيريته وتراجع تأثيره، فهل من طريق للتصحيح
ما رأيك لو تم تجميع بعض الكوادر التي تركت الحزب لتداول الامر لتشكيل لوبي ضاغط للعمل على دفع مؤسسات الحزب للعمل على تصويب وتصحيح المسيرة واعادة تفعيل الحزب ليعود الى تبؤ مكانه كطليعي مناضل يعمل على وحدة الشيوعيين وتشكيل جبهة واسعة من الحزب وكوادر الاصدقاء واليسار الحريص على العمل الكفاحي التقدمي والوطني


27 - رد الى: عتريس المدح
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 8 - 19:51 )
تحياتي يا رفيق عتريس . أشكرك على كلماتك الطيبة . الفكرة جيدة وأظن أن من الممكن البدء بتنفيذها . وما أعرفه عن قيادة الحزب يقول بأنها ستستجيب . شكرا لك مرة أخرى


28 - مستويات التفكير
سعيد متحرر ( 2013 / 6 / 11 - 10:55 )
استاذنا العزيز
الا تتفق معي انه وبالاضافة لما سبق وقلته من تاثير على التربية الدينية والمقولات التي قولبت حياتنا واصبحا اسيرين معناها الضيق

ونتيجة لذلك اصبحت حياة مجتمعاتنا وبالتالي الغالبية العظمى من االافراد ، لاتستطيع ان تتحدث معهم ، فهم سريعي الغضب لانهم لا يملكون اجوبة لشيء، وليس عندهم قدرة على تفسير شيء فكل شيء متناقض في حياتهم، فهم لا يعرفون متى هم مسيرون ومتى هم مخيرون، ، وعن ماذا هم مسؤولون وعن ماذا هم غير مسؤولين ، وما بكم من نعمة فمن الله وما من سيئة فمن انفسكم

ويهدي الله من يشاء ويضل من يشاء

كما اننا محترفون في القاء اللوم عل الكل ما عدا انفسنا، وما اسهل ان ننتقد الاخرين، حتى اصبح شغلنا الشاغل هو الحديث عن الاخرين، كما ان حياتنا اصبحت مبنية على مقارنة هذا بهذا ، وذلك مرده لفقدان ثقتنا بانفسنا وقدراتنا وعدم احترام ذاتنا لذاتنا فمن نحن فنحن الفقراء لله ونحن من نطفة نجسة

ونحن الحقيرين امام الله

ونحن لاشيء في ميزان الله


كما ان ليس لنا اهدافا وليس لنا لنا احترام للوقت كما اننا نفتقد لاسس التخطيط وادارة الامور وترتيب الاولويات فمن يدري متى يوافينا الاجل وباي ارض نموت

وليس لنا الا ان نبتغي مرضاة الله

لقد دهشت عند قراءتي لاحدى نظريات التفكير والتي تسمى هرم بلوم(تدرج مهارات التفكير) حيث ان اولها هي المعرقة ثم الفهم ثم التطبيق ثم التحليل ثم التركيب ثم التقييم

واعتقد ان مجتمعاتنا العربية لا تزال عل شاطئ بحر المعرفة فنحن لانقرا ولا نقرا ولانقرا

فاذا كانت الثلاثة الاولى تسمى مستويات التفكير الدنيا والثلاثة التالية تسمى مستويات التفكير العليا


فاين نحن من مستوى التفكير بشكل عام

مع الشكر الجزيل


29 - رد الى: سعيد متحرر
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 13 - 05:37 )
تحياتي أستاذ سعيد .شكرا على اهنمامك ومساهماتك المتتابعة . لقد وضعت أصبعك على الجرح كما يقول مثلنا . مأساة شعوبنا أنها لا تقرأ ، وكما في الماضي البعيد مازالت أكثرية تعتمد المعرفة السماعية ، ونقلها الشفاهي .والمؤسف أن نسبة لا بأس بها من متعلمينا، والكبار منهم ، اختارت هذه الوسيلة للمعرفة . وهؤلاء ، استنادا لتجربتي، هم من يضيق بالحوار.وفي تقديري أن مشكلتهم ترجع إلى حقيقة أن دراستهم الجامعية استندت إلى مدرسة العقل .أخص خريجي الجامعات غير العربية ، والمفترض أنهم حصلوا فيها على معارف تؤهلهم لمقارعة الحجة بالحجة . وهذا يحدث فعلا لو اقتصر الحوار على مجال تحصيلهم . لكنك تتحدث عن حوار في الشأن المجتمعي ، وأكثر تحديدا في مجال شؤون الأسرة والعلاقات بين طرفيها . ستصطدم هنا بدور تيار النقل في عملية التغييب الجمعي للعقل . محاورك ، وأول ما يفعل ، يرمي معلوماته في كيس للقمامة ، ويبدأ معك بما سمعه من شيخ الجامع ، أو من واعظ الفضائية ، وهي معلومات قليلة ، إن صحت . ولشعوره بالعجز عن مجاراتك ، بسبب معلوماته المحدودة المستقاة من مصدر سماعي ، ولأنك من نفس مستواه الجامعي ، أو ربما أقل ، يلجأ إما لمهاجمتك وإما بتسخيف أقوالك . هذا ، إن انتبهت ، مؤشر على حالة من الصراع يعيشها . صراع بين مدرسة العقل والمعارف التي حصل عليها من خلالها ، ومدرسة النقل التي فرضت عليه أن يرهن عقله لإمام المسجد ومن على شاكلته . ذلك لأنه قبل على نفسه أن ينضم للقطيع ، ولأنه يراك خارجه ، يصعب عليه أن يعترف بميزنك هذه عنه ، لذلك يلجأ إلى سلوك عدواني يطمئن به نفسه، أن مكانه ، حيث هو ، وفي ظروفناالحالية ، هو المكان الأفضل لأنه الأسلم .


30 - الكاتب
خلف الخلف ( 2013 / 6 / 11 - 16:41 )
بالضبط هذه هي مشكلة أفراد مجتمعنا الذين نتعامل معهم هذه الأيام وهذه من أكبر مشاكل الحوار مع هؤلاء الناس مما يصعب النقاش معهم بل وأكثر من ذلك يصعب الحياة أيضا معهم


31 - رد الى: خلف الخلف
عبد المجيد حمدان ( 2013 / 6 / 13 - 05:37 )
شكرا يا أخ خلف على المشاركة مع تحياتي

اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س