الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة الحزب في افتتاح اعمال اللقاء اليساري الرابع - بيروت

الحزب الشيوعي اللبناني

2013 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


اللقاء اليساري العربي الرابع

(بيروت في 7و8 حزيران – يونيو 2013)

الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني

د. خالد حدادة

الرفيقات والرفاق،

نرحب بكم اليوم في هذا اللقاء، الذي ينعقد والمنطقة تمر، بما أسميناه سوية، مرحلة انتقالية صعبة. مرحلة تتميز بتبلور الصراع في المنطقة، بين قطبين أساسيين، الأول هو طموحات شعوبنا العربية، بالحرية والعدالة والكرامة الوطنية وبين التحالف المضاد الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ويضم في ثناياه، النظام الرسمي العربي المغرق برجعيته وتبعيته وقوى إقليمية في طليعتها تركيا إضافة الى التحالف المنضوي في إطار حلف الناتو.

وكنا في لقاءاتنا السابقة قد ركزنا على سمات هذه المرحلة بما يلي:

أولا:حالة من التوازن الذي فرضه، الحراك الشعبي العربي في وجه النظام الرسمي، أعاد الإعتبار لأحلامنا وطموحاتنا في الاستقلال والسيادة وفي الحرية والديمقراطية وفي العدالة الإجتماعية باتجاه الإشتراكية...

ثانيا: في استمرار جوهر المشروع الإمبريالي، منذ بدايات القرن الماضي، أي نهب الثروات العربية مع ترك بعض البقشيش السياسي والمالي للملوك والأمراء والرؤساء والشيوخ ومن جهة أخرى محاولة فرض حالة من التطبيع مع العدو الصهيوني تجعله المتصدر في الساحة الإقليمية، على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته وآخر مظاهر هذا الجانب، هو الإجرام المتمثل بإقتراح الجامعة العربية التي تتصدرها قطر والهادف الى دعم شعار يهودية دولة إسرائيل، بما يهدد الشعب الفلسطيني بذبحه ثانية تحت شعار تبادل الأراضي كتعبير ملطف عن مشروع الترانسفير واستمرار سياسة التوظيف والتنكر لحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة وبعودته الى أراضيه...

ثالثا: إن التغيير في نمط القيادة الحالية للمشروع الإمبريالي، عن القيادة السابقة، كان تغييرا شكليا، حافظ على الجوهر الطبقي للمشروع الإمبريالي، بالسيطرة الإقتصادية والسياسية على منطقتنا واختلف بشكل تغطيته وتسويقه في المنطقة، معتمدا المصالحة والإحتواء للحركات الإسلامية وإدخالها في مشروع هجمته المضادة على حراك الشعوب والإنتفاضات العربية، بديلا عن شعار استعدائها الذي كان معتمدا من القيادة السابقة.

ولا بد من تسجيل نجاح جزئي في هذا المجال، استفادت منه قيادة الهجمة المضادة ولومؤقتا في مصادرة المرحلة الأولى من الإنتفاضات وفي تحويل ما عجزت عن إحتوائه الى تحويله الى حرب أهلية بالإرتكاز الى عسكرة قسم من المعارضة وتطويره في إطار مشروعها الموجه ضد شعبنا وقضايانا بالإستفادة من إخطاء وممارسات الأنظمة القائمة.

ولا بد من أن نسجل في هذا المجال، النجاح المؤقت أيضا في حرف قضية الشعوب من مواجهة الأطماع والمشاريع الأميركية- الصهيونية، الى صراع ذو طابع مذهبي يكاد يطبع اليوم الحالة السياسية في العالم العربي.

رابعا: إن الفترة السابقة، التي تميزت، بقيادة بعض القوى التي ساهمت في تحوير إتجاه وأهداف الإنتفاضات العربية، بدعم من الرجعية العربية والإقليمية وبالتفاهم مع الولايات المتحدة وقوى الناتو، وبشكل خاص في تجربتي مصر وتونس، أثبتت عجز هذه القوى عن تحقيق أو حتى حمل الشعارات التي ضجت بها انتفاضات شعبي مصر وتونس، فهي قوى بطبيعتها معادية للتنوع وتتسم بالفئوية ومجافاة الديمقراطية، وتستهدف بشكل رئيسي تمييع شعار مدنية الدولة، ومن ناحية ثانية هي قوى، وبنتيجة ما تمثله على المستوى الطبقي، جزء من القوى البرجوازية التابعة للمشروع الإمبريالي. والى ذلك هي بسبب طبيعتها الطبقية وبراغمتيتها، غير صادقة وغير ثابتة في موقفها من الصراع العربي- الإسرائيلي ولذلك فإنها تستعمل التعبئة الدينية والمذهبية إطارا لتبرير موقفها المتقاعس من قضية فلسطين...

خامسا: إن استمرار، الإستعداد الشعبي للإنتفاض، على قاعدة شعارات الحراك ذاتها، الحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الوطنية، تؤكد أن الإنتفاضات هي بطبيعتها مواجهة لإستهدافات المشروع الإمبريالي . وبإطار هذه المواجهة، مواجهة النظام الرسمي العربي. والى فضحها للقيادة المتلبسة للمرحلة الأولى، فهي الى حد كبير تكشف بطء حركتنا، حركة اليسار العربي في بلورة مشروع يساري يقود المرحلة السياسية القادمة من المواجهة مع المشروع الإمبريالي ويعبر بشكل واضح عن طموحات الشعوب العربية.

الرفيقات والرفاق،

الى ذلك، ونظرا الى أن الكثير من القضايا سيتم بحثها خلال الإجتماع وسيكون لممثلي الحزب فرصة التعبير عن موقفه خلال الإجتماع، فإني سأكتفي بالتناول السريع للموقف من بعض القضايا، ليس لأولوية الإهتمام، بل للواقع الذي يضعها في أولويات البحث اليوم:

القضية الأولى، هي سوريا، في موقعها بشكل خاص في قضية الصراع العربي- الإسرائيلي. وبهذا الإطار لا بد من تسجيل حقيقة أولى، بل لنقل بديهة سياسية ،ان جزءا أساسيا من الأزمة الخطيرة في سوريا، هي محاولة أميركا وإسرائيل وحلفائهم في الخليج العربي وتركيا وفي الداخل السوري، ضرب هذا الوضع وإضعاف مواجهة العرب للمشروع الأميركي- الصهيوني . ولعل الإعتداءات الإسرائيلية على سوريا، شكلت المعبر الأبرز عن هذا الإستهداف ولكنه ليس الوحيد... الحقيقة الثانية، هي أن ممارسة النظام السوري قبل الأزمة، وخصوصا في قضية الحريات والفساد والسياسة الإقتصادية- الإجتماعية، لم تشكل الخيار الصحيح المدعم لموقع سوريا المقاوم،، مما خلق خللا، زاد من تعقيد الأزمة

هذا التعقيد أيضا ميز بشكل خاص، الإنشطار وإن كان غير متكافىء للمعارضة السورية، من معارضة ارتبطت سريعا بالخطة الخارجية واختارت التسلح كأداة رئيسية للمواجهة في محاولة للسيطرة المسلحة على السلطة ليس على حساب النظام فقط، بل أيضا على حساب طموحات الشعب السوري وقواه الوطنية الديمقراطية ببناء الدولة المدنية الديمقراطية والمقاومة، وبين معارضة مدنية ديمقراطية، رفضت العسكرة وتصدت للتدخل الخارجي وبشكل خاص الأميركي- الإسرائيلي.

إن اهتمامنا بالقضية السورية، ليس اهتماما خارجيا، فنحن لسنا من القائلين بـ "النأي بالنفس"، هذه السخافة التي جعلت من اللبنانيين منذ بداية الأزمة السورية، جزءا من الأزمة. ولم ينتظر اللبنانيون انتقال التأثيرات الى لبنان، بل ذهبوا ليتقاتلوا في سوريا.

لقد كان على الحكومة اللبنانية، ان تأخذ موقفا آخر تجاه سوريا، فسوريا هي الدولة الأكثر قربا والأكثر تداخلا في الوضع اللبناني، موقفا يرتكز على عدم النأي بالنفس، بل بلعب دور إيجابي يساهم في حل الأزمة السورية ويرتكز محورين: الأول إعطاء غطاء سياسي كامل للجيش اللبناني من أجل تحصين الحدود ومنع إنتقال السلاح والمسلحين من والى لبنان، والثاني قيام الحكومة اللبنانية، بمبادرات تشجع الحوار الوطني في سوريا،و تحرص على الدفع باتجاه الحل السلمي للأزمة طبعا الدولة اللبنانية، غير قادرة على إعداد مبادرات لحل وطني في لبنان، وطبيعي ان تعجزعن المبادرة للحل في سوريا.

وفي هذا الإطار، ونظرا لإننا نخشى من عملية تدويل الأزمة السورية وخطر هذا التدويل على وحدة سوريا ومستقبلها، وجعلها جزءا من الصراع على النفوذ العالمي، فإن على قوى اليسار العربي وبشكل خاص السوري، العمل الفاعل من أجل تجميع القوى الديمقراطية السورية في المعارضة وداخل الدولة السورية من اجل مبادرة تنطلق من عدة مسلمات:

الأولى: إن سوريا التي نريدها، هي سوريا الموحدة المصرة على موقعها في مواجهة المؤامرة الأمبريالية- الإسرائيلية على سوريا وعلى المنطقة. وسوريا التي نطمح لها، هي سوريا المدنية، الديمقراطية التي يتمتع شعبها بأقصى الديمقراطية، وسياسة، تستعيد للإقتصاد السوري موقعه الوطني وتكامله مع السياسة الإجتماعية.

الثانية: الدفع باتجاه استعادة الحوار الداخلي، وعدم الاكتفاء او الإرتهان للحوار الخارجي، سواء في جنيف أو غيرها...

إن التطورات الأخيرة، تؤهل القوى الساسية الداخلية لإجراء حوار داخلي، يشمل مختلف الأطراف، باستثناء من ارتكز منهم على التبعية السياسية والعسكرية للخارج ، وبعيدا عن الشروط المسبقة.

الثالثة: إعتماد الخيار الديمقراطي في صياغة السلطة السياسية، من خلال انتخابات ديمقراطية برلمانية ورئاسية، دون شروط مسبقة وبالإستعداد لرقابة محايدة وليست منحازة لهذه الإنتخابات.

وأولى الخطوات هي الدعوة للقاء يساري سوري على اختلاف مواقعه من الصراع الداخلي الى لقاء يصوغ مشروع اليسار وخطته وهذا دور يمكن ان يبادر له لقاؤنا الحالي...

أيتها الرفيقات والرفاق،



وارتباطا بالوضع العربي العام، وانطلاقا من طبيعة النظام البرجوازي اللبناني، وتركيبته الطائفية يعيش لبنان، وضعا يمكن تحديده بانهيار كامل لمؤسسات الدولة وعدم قدرة النظام ودون تدخل خارجي كما العادة، على تجديد نفسه ومؤسساته. وبالتالي فإننا وعلى كل المستويات نعيش مرحلة يمكن تسميتها بالتعفن الكامل لأسس النظام السياسي ومرحلة الدولة الفاشلة.

فعلى المستوى السياسي، يعيش اللبنانيون مجددا فترة الفراغ في كل مؤسسات الدولة وفترة افتضاح أكذوبة "الديمقراطية اللبنانية"... مجلس للنواب يكافىء نفسه على فشله في إعداد قانون للإنتخاب، بالتمديد لنفسه وبالتالي فإذا تمت إجازة "سياسية" من قبل المجلس الدستوري لهذا القانون، فإن لبنان سيكون في ظل مجلس مغتصب ونواب منتحلو صفة.

وعلى المستوى الاقتصادي- الإجتماعي، تستمر عملية النهب والفساد وتحميل مسؤولية الأزمة الإقتصادية للفقراء والتمييع في تلبية الإتفاقات التي اكتسبها المعلمون والموظفون بنضالهم، بما يهدد مصير الآلاف من العائلات وعشرات الآلاف من التلامذة عدا عن تحميل الأعباء المفترضة للسلسلة لفقراء البلد ومحدودي الدخل فيه، بما يتناقض مع نضال ومطالب هيئة التنسيق النقابية. في وقت تستمر فيه القيادة الرسمية المعينة، بحكم القانون، للإتحاد العمالي العام بالنوم المريب والتآمر الوقح على حساب مصالح الطبقة العاملة، مما يستدعي الدفع باتجاه بناء الحركة النقابية الديمقراطية المستقلة.

والأخطر هو المستوى الأمنيٍ، وارتباطا بالأزمة السورية وكانعكاس للمواقف المشبوهة للمسؤولين اللبنانيين.. فإن عدم تغطية دور أمني للجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى لا يهدد فقط الأمن، بل وحدة هذه المؤسسات، التي أصبحت هدفا للهجوم والاستفزاز وللعمليات الأمنية ضدها، تحت شعارات وتعبئة مذهبية، ستعرض حتما وهي تعرّض السلم الأهلي لاهتزازات كبرى، تزيد من الهريان والتهديد للوحدة الوطنية وللسلم الأهلي...

إن اليسار اللبناني، ورغم ظروف الحصار الموضوعي، الذي تفرضه وقائع الإنقسام والتعبئة والفلتان والفراغ، هو أمام واجب تاريخي أمام الشعب والوطن... أساس ذلك هو ضرورة أن يصوغ هذا اليسار والقوى الديمقراطية والعلمانية، مشروعه المستقل والديمقراطي للخلاص، بعيدا عن الإصطفافات المذهبية والطائفية التي وبغض النظر عن التقاطع في المواقف العامة مع بعضها، فكلها مسؤولة عبر تمسكها بالنظام الطائفي، وبالشعارات المذهبية والطائفية عن حالة الفراغ الأمني والسياسي وكلها أثبتت عجزها وايضا رفضها للعب أي دور فعلي في عملية الإنقاذ بنتيجة توافقها العام والحاسم في اللحظات الحرجة على تجديد هذا النظام كأولوية تسبق اولوية الحفاظ على الوطن ووحدته وعلى سلمه الأهلي، وبشكل خاص بمعزل عن مصالح شعبه بالأمن والحرية والعدالة الإجتماعية...

ولذلك فإننا كحزب، ندعو كل القوى والشخصيات، الديمقراطية والعلمانية، للمشاركة الفاعلة في اللقاء الوطني الذي يعقد يوم السبت في 15 حزيران، كمنطلق للدعوة لإنتخاب هيئة دستورية تأسيسية تعيد صياغة الوحدة الوطنية، على قاعدة وطن ديمقراطي علماني مقاوم... وكذلك ندعو للتهيؤ، في حال تأكيد اغتصاب السلطة التشريعية، لتحركات شعبية من إعتصامات وتظاهرات، ترفض عملية الإغتصاب وتدعو لإنتخاب الهيئة التأسيسية على قاعدة قانون خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية والدائرة الواحدة.

وفي هذا الإطار، ندعو القوى الديمقراطية وبشكل خاص، المترددة منها لإعادة صياغة الحركة النقابية في القطاعين الخاص والعام، بما يضمن للطبقة العاملة ومحدودي الدخل وكذلك لكل العاملين في القطاع حقهم في التنظيم والتحرك النقابي، دفاعا عن قضاياهم وحقهم بالعيش الكريم والتصدي لعمليات النهب والسرقة، المغطاة بلباس النظام الطائفي السائد...

وأخيرا، إن لقاءنا الحالي، سيجد نفسه أمام اسئلة كبيرة، أهمها تحدي استكمال صياغة المشروع العربي التقدمي، المواجه لمشروع الإمبريالية من جهة ولمحاولة فرض بديله- الرديف، القائم على أسس دينية ومذهبية، مهما اختلفت المذاهب والأديان... وفي النهاية، جملتان،

الأولى للتضامن مع الشعب التركي، مناضلاته ومناضليه، فئاته الشعبية ومثقفيه وفنانيه الذين يناضلون الآن وبكفاحية في وجه المشروع المرتهن لمصالح أميركا وإسرائيل والموظف أولا في وجه الشعب التركي ومصالحه السياسية والاقتصادية والإجتماعية والخارق لسيادته الوطنية والموجه ثانية ضد الشعوب العربية وطموحاتها...

أما الثانية، فهي ضرورة الإعتراف من قبلنا، بفشل أول تجربة للعمل المشترك، عبر تخلي معظم أطراف هذا اللقاء، عن حلم فضائية اليسارية كمشروع إعلامي مشترك شهدنا معه تكون الفرح الجنيني، ولكن بسرعة حزن التخلي. هذا لا يجب أن يدفعنا الى اليأس، ولكن لا بد من النقد الذاتي الجماعي في هذا المجال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس