الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-أنهم يقتلون الديمقراطية-

يوسف علوان

2013 / 6 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كل الأنظمة الشمولية والديمقراطية، على حد سواء تحاول -وبكل الوسائل- منع الجماهير من التظاهر. التظاهر، هذا الحق الذي تكفله جميع دساتير العالم، غير ان الانظمة، وعلى حد سواء تحاول منع التظاهر وباساليب مختلفة، من أطلاق الرصاص واستعمال طرق لارهاب المتظاهرين الى التحايل على القوانين الموجودة في كل بلد، لمنعهم من حقهم هذا، وقد استجدت وسيلة جديدة تمارسها السلطات باخراج تظاهرات تعادي التظاهرات الأولى، لأرباك الوضع على الجماهير المتظاهرة، التي طالما تخرج بشكل سلمي وتطالب بحقوق مشروعة، تكفلها قوانين البلد المعني بالتظاهرة. وخير دليل على ذلك هو ما حدث حين خروج تظاهرات في 25 شباط 2011 في جميع محافظات العراق، ومحاولات السلطات آنذاك من استعمال جميع وسائل القمع، وقد دعا رئيس المالكي الى : إجهاض تظاهرة 25 شباط ، معللا ذلك بما وصفه بالاهداف التخريبية التي تريد اعادة العراق إلى الخلف، حسب تعبيره. وأكد المالكي ان ذلك لا يعني إلغاء حق العراقيين بالتظاهر، مبينا أن للعراقيين الحق بالتظاهر في أي مكان وزمان غير يوم غد.
وقد سقط اكثر من شهيد في هذه التظاهرات بسبب استعمال العنف المفرط الذي استخدمته السلطات الأمنية آنذاك. وكانت الجماهير قد خرجت مطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد والفاشلين من المسؤولين، والمطالبة بمحاسبة السراق، وتقديم الخدمات، التي عجزت الحكومة في تقديمها للمواطن، وعلى رأسها الجانب الأمني، وعدم قدرتها على توفيره، وكانت هناك مطالب اخرى طالبت الجماهير بإيجاد حلول لها؛ منها البطالة التي يعاني منها المواطنين والتي وصلت الى نسبة 15 في المائة وبالأخص بين الشباب خريجي الكليات، ثم أزمة السكن التي استشرت. كذلك فشل وزارة التجارة في ملف البطاقة التموينية وما يشوب هذا الملف من فساد مالي يزكم الأنوف . وأزمة الطاقة الكهربائية التي استعصت على الحكومة رغم الاموال الطائلة التي تخصص لهذا القطاع ضمن موازنات الدولة كل سنة.
ورغم كل الاساليب التي مارستها الحكومة في منع التظاهرات آنذاك وأتهام المتظاهرين باشنع الاتهامات مثل الارهابيين والبعثيين وممارسة اللعبة التي تمارسها كل الأنظمة المستبدة بأقامة التظاهرات المضادة التي تقودها وتحميها الأجهزة الأمنية.. وقد وصلت الأمور الى اشتباك هؤلاء المتظاهرين المدعومين من الأجهزة الأمنية والمسلحين بالعصي والسكاكين والأعتداء على التظاهرات المسالمة التي قادتها منظمات المجتمع المدني والجماهير التي خرجت بشكل سلمي.
أن ما نشهده الآن في الناصرية من أندلاع تظاهرات منذ 6 أيام تطالب بتوفير الخدمات التي على الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية توفيرها للمتظاهرين في محافظتهم بعد ان ملَّ الناس من وعود المسؤولين منذ اكثر من عشر سنين، وفشلهم في القيام بواجباتهم، ومحاولات هذه الحكومات المحلية منع التظاهر، من خلال عدم اعطاء موافقة لهذه التظاهرات بالخروج في الأماكن والأوقات التي حددها المتظاهرون، فليس من المعقول أن تمنح تلك السلطات تظاهرة تخرج للتنديد بعجزها وفشلها في تقديم الخدمات، لذلك تلجأ تلك السلطات لعدم منح هذه التظاهرات الموافقة متحججة باسباب واهية كثيرة. وكانت محافظة ذي قار قد شهدت على مدى السنوات الماضية تظاهرات عديدة احتجاجاً على تردي واقعها الكهربائي، لاسيما خلال الصيف.
وذكر المتظاهرون عن استعدادهم لنقل حراكهم أمام أبواب وزارة الكهرباء بالعاصمة بغداد في حال ‏استمرت وزارة الكهرباء بتجاهل معاناة السكان المحليين. واضافوا أن "التظاهرات والاعتصامات تهدف الى تأمين الخدمات وليس لأغراض سياسية كما يحاول بعض السياسيين تصويرها".
‏‏فليس من المستبعد ان تتهم السلطات المحلية في محافظة ذي قار هؤلاء المتظاهرين بصفات تعودت على لصقها بكل التظاهرات السابقة، لتوقف تعاطف جماهير المحافظة مع مطالب هؤلاء المتظاهرين. كذلك تستبق جماهير المحافظات الأخرى التي تعاني هي الأخرى من فشل حكوماتها في توفير الخدمات لها. لكي لا تمتد التظاهرات وتتسع لأن في ذلك خطر على المسؤولين الحكوميين الذين لم يستطيعوا الايفاء بوعودهم لناخبيهم التي انتخبوهم على أمل تحقيق الرفاهية لهذه الجماهير.
أن منع التظاهر ، هذا الحق الذي كفله الدستور العراقي، إذ نصت المادة السادسة والثلاثون ( ثالثا) منه على "حرية الاجتماع والتظاھر السلمي". هو أول خطوات "قتل الديمقراطية" التي يسعى اليها منذ فترة السياسيين الذين لم يستطيوا اصلاح العملية السياسية، التي وعدوا باصلاحها قبل اكثر من عامين عندما انتفض الشعب العراقي في تظاهرات شملت كل محافظات البلد، وطالبت بمحاسبة المفسدين وكشف السراق وتنحية الفاشلين. لكن الأمور لم تسر مثلما ارادت هذه الجماهير. وقد تعلل السياسيين كثيراً بالوضع الأمني واستطاعوا ايقاف التظاهرات. غير أن فشلهم المستمر وعجزهم عن تقديم الخدمات سيدفع بهذه الجماهير الى معاودة عملها للضغط عليهم من خلال الوسائل التي كفلها الدستور. بعد ان عجز البرلمان عن محاسبة المقصرين والفاشلين، واصبح عمله هو التغطية على فشل السلطة التنفيذية، وحماية هؤلاء من المحاسبة، التي يفرضها الدستور من خلال استضافة هؤلاء السياسيين ومحاسبتهم واقصاءهم في حالة استمرار فشلهم في مهامهم.
ان فشل البرلمان في اداء مهامه الرقابية وعجزه عن تحقيق الهدف الذي أوجد من أجله. والاموال الكبيرة التي تصرف على اعضائه بشكل مرتبات ومخصصات والتي تثقل كاهل الموازنة كل سنة سيدفع بالجماهير الى الأخذ بزمام المبادرة في محاسبة المقصرين وإقصائهم، وهذا هو ديدن الشعوب الحرة التي لا تنام على ضيم!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل