الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أن تكون فلسطينياً- اسرائيلياً !!

أحلام طرايرة

2013 / 6 / 12
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها


قد لا أكون الشخص المناسب للحديث عن "ازدواجية الهوية" للفلسطينيين في فلسطين المحتلة، ما يسميها العالم اليوم ب "اسرائيل"، لكني أتطرق له ولو من على الهامش لما استوقفني من أحداث وشخوص ومواقف مؤخراً، ولأن الموضوع يبدو مجهولا تماماً للبعض خارج فلسطين. فالوضع الذي آلت إليه الأمور في فلسطين منذ عام النكبة 1948 (وهو العام الذي أُعلنت فيه دولة الاحتلال) يبدو معقداً وعصياً على الفهم للكثيرين. ولكي لا يكون درساً مملاً في التاريخ لنذكّر أن احتلال فلسطين جاء على مرحلتين أساسيتين أولاهما في عام 1948 لجزء من فلسطين حيث أقيمت دولة الكيان الصهيوني وسميت "اسرائيل" والتي يسميها الفلسطينيين اليوم (فلسطين الداخل) وجاءت المرحلة الثانية باحتلال باقي فلسطين عام 1967 فيما يعرف اليوم بالأراضي المحتلة أو الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفيما عدا اللاجئين الفلسطينيين الذين تشرذموا خارج فلسطين وداخلها، يسأل سائل: أين يقطن الفلسطينيين اليوم؟ والجواب هو أن جزءا من الفلسطينيين لم يتركوا البلاد عام النكبة فاضطرت دولة الكيان للتعامل معهم كأمر واقع وأدرجت بعضهم لاحقاً في نظامها كمواطنين يحملون الهوية الاسرائيلية وشملت بعضهم (كسكان القدس مثلا) ببطاقات إقامة دائمة دون أن يحملوا الجنسية الاسرائيلية. ويجدر بالذكر أن هذه الدولة ما فتئت تبذل كل ما بوسعها لتهجير الفلسطينيين الذين "منحتهم" جنسيتها بكل الوسائل التي لا مجال لذكرها هنا. أما الجزء الأكبر من الفلسطينيين فيتوزعون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويحملون بطاقات هوية فلسطينيية، وأنا من هذه الفئة الأخيرة ( فقط لتوضيح لماذا أعتقد أني ربما لست الشخص الأمثل للحديث عن "فلسطينيي الداخل").

كفلسطينية من الضفة الغربية، نشأت وأنا أستمع لمصطلحات مثل: عرب 48، عرب اسرائيل، وعرب الداخل. كلها لتشير لأولئك الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، ولم تكن هناك أماكن لتجمعنا بهم في الحياة اليومية بشكل عام، فقد كانوا بالنسبة لنا عالماً آخراً، إلى أن أصبح تواجدهم مألوفا في السنوات الأخيرة خلال أيام نهاية الأسبوع في قوافل للتسوّق في الضفة الغربية (جزء كبير منها ينظّم كنوع من الدعم للسوق الفلسطيني) وفي المطاعم والمقاهي، وكذلك كعاملين في مؤسسات فلسطينية وغير فلسطينية في الضفة الغربية حيث يسكنون أيضا. هذا الحضور المكثف وغير المألوف سابقا لفلسطينيي الداخل في الضفة الغربية وتواصلهم وتفاعلهم مع الحياة الفلسطينية على الطرف الآخر لم يكن عفوياً، بل كان نتيجة طبيعية لمسيرة وتطور الأحداث والبنية التاريخية في الداخل ولصراع ذاتي-جمعي عميق لا ينتهي حول ازدواجية الهوية. هذا ما سنحت لي الفرصة أن أعرفه من خلال لقاءات وأحاديث متفرقة مع فلسطينيين من حملة الهوية الإسرائيلية. هذا بالإضافة لاطلاعي على صفحات التواصل الاجتماعي لرموز من الداخل الفلسطيني في عالمي السياسة والفن.

اليوم مثلا، تابعت نقاشاً على موقع "تويتر" بين الفنانة الفلسطينية ريم بنا وناشطة اسرائيلية عقب استدعاء مخابرات الاحتلال للفنانة يوم أمس للتحقيق معها على خلفية زيارتها لدولة معادية (والمقصود بذلك سوريا) باعتبار ريم "مواطنة اسرائيلية". وكانت الناشطة الاسرائيلية قد غردت بشيء تقول أنه للتضامن مع الفنانة كمواطنة اسرائيلية يتم التمييز ضدها كونها من الاقلية العربية الفلسطينية في "اسرائيل"، ولكن الفنانة الفلسطينية بدت حادة جداً مع الناشطة الاسرائيلية محذرة إياها أن تطلق عليها "مغنية فلسطينية-اسرائيلية" ومصرّة على أنها فنانة فلسطينية من الناصرة التي هي أرض فلسطينية بالنسبة لها، رغم محاولات الناشطة لجرّها أن تعترف انها تسكن في الناصرة الواقعة في "اسرائيل" لأنها تحمل الهوية الاسرائيلية، فبغير ذلك لا يمكنها أن تكون في الناصرة لو كانت فلسطينية فقط! فالفلسطينيون الآخرون لا يمكنهم الدخول إلى الناصرة والوصول لحدود سوريا بحريّة، كما يفعل حملة الهوية الاسرائيلية. هذا ما حاولت أن تقوله الناشطة الاسرائيلية ولكنها لم تفلح بإقناع ريم التي أجبرتها في النهاية أن تحذف المنشور الذي وصفها بأنها " مغنية فلسطينية-اسرائيلية".

استوقفني موقف ريم كثيرا، فالفنانة تجوب الأرض بجواز سفر اسرائيلي لا يذكر في أي جزء منه أنها فلسطينية. أخذتُ أتخيلني مكانها، أحمل جواز سفر يقول أنني اسرائيلية، وعليّ طوال الوقت وأينما ذهبت ومتى تكلمت أن أذكّر الناس أني فلسطينية الدم والوطن. مؤلمٌ ذلك وكفى.

ربما هنا المقام لأذكر كم كنت أتألم في السنوات الماضية عندما كنت أحاول التسجيل بأي موقع على الانترنت أو لفتح حساب بريد الكتروني ولا أجد "فلسطين" أو أي اسم آخر يدلّ عليها لأختاره كبلد. لم يكن سوى "إسرائيل" في قائمة البلدان لتدل على هذه البقعة من الأرض، وأذكر أنني كنت أختار الأردن كأقرب شيء يمكنني أن أنتمي له ولو افتراضيا، فأنا لست من "اسرائيل"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله
زرقاء العراق ( 2013 / 7 / 16 - 22:44 )
حبذا لو ذكرت لنا الأخت أحلام الحقائق التالية

١-;-- أحد القضاة اللذي حكم على رئيس أسرائيل السابق بالسجن هو فلسطيني من عرب أسرائبل
٢-;-- يتمتع عرب أسرائيل بكل الحقوق اللتي لا يحلم بها حتى بعض الخليجيين من تعليم مجاني وفي أرقى الجامعات وعلاج صحي ومعونة اجتماعية وغيرها الكثير
٣-;-- الحكام العرب لا يريدون السلام ولذا وضعوا حق العودة من اولويات المبادرة العربية , وهي العودة لأسرائيل وليس لدولة فلسطين من أجل محو أسرائيل بصورة غير مباشرة
أسرائيل لم تحتل فلسطين بل بنتها وطورتها, وعندما يفكر العرب بالبناء بدل التخريب, وبالتعليم على المحبة بدل للتحريض على الكراهية, سيعم السلام والأزدهار


2 - الخلط المشبوه
منير الصعبي ( 2013 / 7 / 17 - 20:28 )
الاخت احلام طرايره ... السلام عليكم . يبدو من لقبك انك من بلدة الطيرة فاهلا وسهلا بك وانا من قرية عين غزال / حيفا/ التي هُجروا اهلها تحت وطأة القتل والرعب بعد مقاومة مشهودة . ما تفضلتي به عزيزتي هو جزء من الازدواجية التي يعيشها البعض الفلسطيني ليس فقط من يحمل الجواز الاسرائيلي بل من يحمل الجواز الاردني او اي جواز سفر اخر ، ذلك ان اعتراف المرء المرء بانتمائه الاصلي لقومه يعد من الوفاء والاصالة وانا اقول حسنا فعلت الفنانه الرائعة ريم البنا عندما تقدم نفسها على انها فلسطينية لان هذا الاساس الذي يجب ان نبني عليه ولا نبني على اساس هش أقيم بقوة العنف والتدمير قبل 60 سنه واكثر بكذبة وعد بلفور الذي انشأ ما يسمى دولة اسرائيل على حساب حقوق الانسان العربي الفلسطيني واقول لزرقاء العراق لا يكون البناء والتطوير على مسخ شخصية الاخر وهذا ما تسعى له الحركة الصهيوينة والامور عندك مقلوبة كثير فلا يمكن ان يكون هناك سلام ما دامت اسرائيل تنهج منهج التوسع والعدوان وفقط اعلمك بشيء ان الكيان الصهيوني هو الكيان الوحيد في العالم لم يثبت له حدود لانه توسعي .


3 - متناقضات تاريخية
زرقاء العراق ( 2013 / 7 / 17 - 22:26 )
يقال لنا بأن أسرائيل تريد التوسع من النيل الى الفرات, واذا بها تبني جدران اسمنتية عازلة على أغلب حدودها فيقولون هذا جدار العنصرية
تزوير ممنهج للتاريخ وحتى ما جاء في القرآن الكريم من اجل قضية أختلقها حكام عرب دكتاتوريين اضطهدوا شعوبهم وافقروها فباتت متخلفة ودولهم مؤهلة للتقسيم بينما استفاد المتاجرين بالقضية لعقود طويلة ولم يحرروا شبراً واحداً بل خسروا اراض اضافية
حبذا لو اعطيتم الخيار للفنانه الرائعة ريم البنا لتقيم في غزة مثلاً فماذا سيكون ردها؟ وكيف يسمح لها بأن تكون فنانة اصلاً لو اقامت هناك؟
كفاكم دغدغة مشاعر الناس والأستخفاف بعقولهم , لأن عالم اليوم تغير والناس تستطيع الأطلاع على التاريخ الحقيقي عبر نعمة الأنترنيت

اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي