الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستثمار الاجنبي بالبلدان المغاربية

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2013 / 6 / 15
دراسات وابحاث قانونية


إن مقاربة مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر أو الغير المباشر يتطلب الانطلاق من تحديد المقصود بالاستثمار الأجنبي من المنظور القانوني والاقتصادي.
تعريف الاستثمار الاجنبي:
يعد الاستثمار الأجنبي أو الاستثمار غير الوطني عملية مركبة تجمع بين عناصر اقتصادية وعناصر أخرى قانونية، بعبارة أخرى أن لهذا الاستثمار وجهين إثنين: أحدهما اقتصادي والآخر قانوني لا يقل أهمية قطعا عن جانبه الأول، بيد أن مصطلح الاستثمار الأجنبي يرجع عموما في أساسه إلى اللغة الاقتصادية أو القاموس الاقتصادي، لذلك فانه كان محلا لاهتمام رجال الاقتصاد قبل أن يتصدى له فقهاء القانون بالبحث والتعريف والتحليل على أن هذه الدراسات الاقتصادية لعملية الاستثمار غير الوطني يمكنها أن تكون أساسا ننطلق منه في إطار تحليلنا القانوني للفكرة المذكورة.
لذلك فان تحليل ظاهرة الاستثمار الأجنبي من حيث المفهوم القانوني والاقتصادي تدفعنا إلى القول بان الاستثمار لا يتخذ صيغة محددة بذاتها فقد يكون أموالا نقدية، أو أموال عينية، أو حقوقا معنوية في إطار الملكية التجارية والصناعية كبراءات الاختراع والعلامات التجارية أو المواد الأولية والمستلزمات السلعية.
ومع ذلك يمكن حصر ما تقدم بالقول بان الاستثمار المذكور لا يخرج عن كونه، من الناحية القانونية، رأسمالا ماديا أو معنويا، يستهدف تحقيق غرض معين، أي تحقيق مشروع ما، مصدره جهة أو جهات أجنبية، ويخضع للقواعد والأحكام التي تتضمنها القوانين الخاصة بهذا الاستثمار، وقد يصار إلى هذا الاستثمار من خلال صيغة اتفاقيات أو يتم تنظيمه بقانون خاص.
وسائل استمالة الاستثمار الأجنبي:
يعتمد مناخ الاستثمار بصورة رئيسية على أوضاع مختلفة يمكن أن يطلق عليها بيئات حيث تصنف إلى بيئات سياسية واقتصادية وبيئات قانونية وتشريعية وبيئات إدارية.
البيئة السياسية:
يعتبر النظام السياسي القائم في البلد أحد أهم العوامل المشكلة للبيئة السياسية، حيث أن للاستقرار السياسي في أي بلد تأثيرا كبيرا على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو الغير المباشرة فالمستثمر الأجنبي يتخذ قرارا بقبول أو رفض المشروع ليس على أساس حجم السوق أو العائد وحسب، وإنما على أساس درجة الاستقرار للنظام السياسي في البلد فالمستثمرون يفضلون الأنظمة الديمقراطية لأنها مستقرة أما الأنظمة الأخرى فهي عرضة للتغيير.
البيئة الاقتصادية:
إن توفر الموارد الطبيعية القابلة للاستغلال وإمكانية تصنيعها تمثل عامل مهم من عوامل الاستثمار، حيث أن تدفق رأس المال الأجنبي لاستغلال هذه الموارد يبرر بإمكانية الحصول على معادلات عائد كبير، إلا أن استغلال هذه الموارد يرتبط بضرورة توفر كفاءات معينة وأيدي عاملة مدربة ذات تكلفة منخفضة، كما أن توفر هذه العوامل لا يكفي لخلق بيئة اقتصادية سليمة فلا بد أن يصاحب هذه الموارد توفر حوافز مثل مستوى التنمية الاقتصادية معبرا عنها بمعدل النمو في الناتج القومي الإجمالي، معدل الدخل الفردي، معدلات التضخم وحجم السوق والسياسات الاقتصادية من حيث التحرر الاقتصادي، والخوصصة ودرجة المنافسة في السوق إضافة إلى توفر البنى الهيكلية للاقتصاد كميزة جاذب للاستثمار مثل، الطرق، خدمات الكهرباء، الاتصالات، فالدول التي تتوفر فيها هذه البنى تعتبر جاذبة للاستثمار.
البيئة القانونية والتشريعية:
تعتمد الاستثمارات بصفة رئيسية على وجود قوانين وتشريعات تكفل للمستثمر حوافز وإعفاءات جمركية وضريبية بالإضافة لضمانات ضد المخاطر غير الاقتصادية، مثل مخاطر التأميم والمصادرة بالإضافة لحق المستثمر في تحويل أرباحه لأي دولة في أي لحظة، حيث تتنافس دول العالم على إصدار تشريعات للاستثمار تفوق الحوافز التي تقدمها الدول الأخرى بشرط ألا تؤدي هذه الحوافز إلى ضياع الموارد الوطنية، والأخذ من سيادة الدولة المضيفة ومكانتها.
البيئة الادارية:
يعتبرالنظام الإداري السائد في الدولة من العوامل المهمة لخلق بيئة إدارية جاذبة للاستثمار واهم مظاهر البيئة الإدارية وجود أجهزة حكومية تقوم على العملية الإدارية بطريقة تقلل من الزمن المطلوب للحصول على الترخيص، لإنشاء مشروع الاستثمار كما يتطلب ذلك تخفيض أو القضاء على بيروقراطية الجهاز الحكومي ومحاربة الفساد المالي والإداري في الأجهزة الحكومية.
العوامل المتحكمة في طبيعة الاستثمار الأجنبي:
مع ذلك فان ضمانات الاستثمار الأجنبي تختلف من حيث الحجم والمدى من دولة إلى أخرى، وذلك باختلاف حاجة الدولة إلى هذا النمط من حيث الاستثمار، وبحسب الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها من استقطابه كأن تهدف مثلا إلى تنمية بعض أقاليمها وتطويرها أو إدخال وسائل التقنية الجديدة أو زيادة فرص العمل أو تحسين ميزان المدفوعات الخ...
فالضمانات القانونية والمالية التي تقررها الدولة المستقبلة للاستثمار وان كانت تستهدف أساسا جذب رؤوس الأموال الخارجية، بيد أنها تستخدم في الوقت ذاته لتحقيق أهداف رئيسية أخرى.
ومن تم فان هذا الاختلاف في أهداف السياسة الاستثمارية للدول ينعكس في النتيجة على اختيارها لأسلوب معاملة الاستثمار الوافد، ويمكن التمييز عموما من خلال دراسة قوانين الاستثمار المقارنة بين ثلاثة اتجاهات رئيسية فيها وهي:
الاتجاه التشجيعي:
وبمقتضاه يتم منح المستثمر الأجنبي قدرا من المزايا والضمانات تفوق تلك الممنوحة للمستثمر الوطني، ويتم ذلك باتباع إحدى الطريقتين التاليتين:
أولهما: التخفيف من التزامات المستثمر الأجنبي وذلك باستثنائه من بعض القيود النقدية المطبقة في الدولة مثلا أو التخفيف من الأعباء الضريبية والجمركية المفروضة عليه، أو أن يتم منع المستثمر الأجنبي من دون المستثمر الوطني بعض الضمانات والمزايا التي تعد استثناء على القواعد القانونية العامة كان تعهد الدولة بعدم سريان التعديلات القانونية التي تدخلها على تشريعاتها الداخلية على المشروع الاستثماري الأجنبي أو أن تتعهد بعدم لجوئها بإرادتها المنفردة إلى تعديل الاتفاق المبرم مع المستثمر الأجنبي.
وثانيهما: استبعاد تطبيق القانون الداخلي على المستثمر الأجنبي، وذلك بان تحدد الدولة منطقة جغرافية معينة في إقليمها توقف فيها تطبيق تشريعاتها الوطنية على المشروعات التي تزاول نشاطا اقتصاديا وتجاريا فيها،كأن تقوم الدولة بإنشاء مناطق حرة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية فيها.
الاتجاه التوفيقي أو الاتجاه الملائمة:
يقوم هذا الاتجاه على سياسة انتقائية رقابية مقترنة بحوافز نسبية، وتهتم الدول التي تأخذ بهذا الاتجاه بوضع قيود على استثمار الأجنبي ولا تصرح به الا وفقا لمعايير محددة، فادا ماصرح له بالاستثمار فانه يكون محلا لضمانات ومزايا عديدة.
الاتجاه المقيد:
في ظل هذا الاتجاه تسمو الاعتبارات الوطنية على مزايا الاستثمار الأجنبي، لذلك يكون المستثمر الأجنبي في ظل التشريع الذي يأخذ بهذا الاتجاه، محاطا بمجموعة من الالتزامات التي لا يقابلها منح معاملة متميزة له تجعله في مركز أفضل من مركز المستثمر الوطني، بعبارة أخرى إن الدولة التي تأخذ بهذا الاتجاه تفرض كثيرا من القيود القانونية على استثمار رأس المال الاجنبي كعدم جواز تصدير راس المال المستثمر الا بعد انقضاء مدة معينة من تاريخ إنشاء الاستثمار، أو عدم جواز تحويل الأرباح التي يحققها المستثمر إلا في حدود معينة، أو تحد من معدلات الربح التي يسمح بتحقيقها نتيجة مزاولة النشاط التجاري والاقتصادي في الدولة على أن اختيار الدولة المستقطبة للاستثمار لأحد هذه الاتجاهات الثلاثة إنما يعتمد على فلسفتها السياسية والاقتصادية ومدى حاجتها إلى الرأسمال الأجنبي.
وأيا كان الأمر فان الضمانات القانونية التي يمكن أن يقررها التشريع للاستثمار غير الوطني لا تخرج حسب تقديرنا عما يلي:
أ‌- تنظيم إجراءات نزع ملكية الاستثمار الاجنبي، بوضع جملة من الإجراءات القانونية الواجبة الاتباع عند التعرض لملكية هذا الاستثمار.
ب‌- التخفيف من عبئ الضريبة.
ت‌- التسهيلات النقدية والمالية والإدارية.
البلدان المغاربية الثلاثة والإطار القانوني للاستثمار الاجنبي
البلدان المغاربية الثلاثة تنظر بالمنظور نفسه الى مزايا الاستثمار الاجنبي،حيث قامت بتشجيع جلب الاستثمار الاجنبي المباشر وذلك بعد الانتهاء من برامج التقويم الهيكلي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي في منتصف الثمانينات بالنسبة الى تونس والمغرب وفي بداية التسعينات بالنسبة الى الجزائر.
لذلك فان الدول المغاربية تدرك ان حجم الاستثمار الوافد اليها انما يرتبط بمدى ما توفره له من ضمانات قانونية تكفل حمايته من المخاطر والمعوقات التي يمكن ان يتعرض لها، كما تكفل في الوقت ذاته حصوله على أكبر عائد استثماري ممكن لذلك اتجهت هذه الدول الى وضع مدونات قانونية تعنى بتشجيع الاستثمار
ففي تونس صدر في هذه الفترة القانون عدد51 لسنة 1987 المؤرخ في 2 غشت،دجنبر1987 المتعلق بمجلة الاستثمارات الصناعية.
والقانون عدد18 لسنة1988 المؤرخ في 2 ابريل1988 المتعلق باصدار مجلة الاستثمارات الفلاحية والصيد البحري.
والقانون عدد21 المؤرخ في 19 مارس1990 المتعلق بمجلة الاستثمارات السياحية.
وتوجت هذه المدونات باصدار مجلة تشجيع الاستثمارات الصادر بتاريخ27/12/1993 التي عرفت 29 تعديلا على امتداد 19 سنة من الوجود وصدور 33 امر تطبيقي.
أما الجزائر فقد عرفت وضع العديد من المدونات القانونية المتعلق بقوانين الاستثمار كانت في السابق حكرا على القطاع العام الى ان صدر قانون الاستثمار وفقا للمرسوم المؤرخ في 5 اكتوبر 1993 قصد توفير البيئة القانونية والتشريعية والتنظيمية المواتية لجلب واستقطاب الاستثمار الخاص، خاصة منه الاجنبي الى الجزائر فبعد ما كانت الاستثمارات المختلفة حكرا على القطاع العام تنجز من قبل مؤسساته العمومية وفق اجراءات قانونية همشت القطاع الخاص المحلي وضيقت مجال حركة القطاع الخاص الاجنبي في شراكة يمتلك فيها الشريك الوطني اكبر الحصص وأهمها.
جاء قانون الاستثمار لسنة 1993 ليكون متميزا عما سبقه من قوانين وتنظيمات باقراره لمبدأ الحرية الكاملة للاستثمار، فالقطاع الخاص محليا كان أو أجنبيا، حر في الدخول في أي مشروع استثماري تحت أي شكل أراد، عدا بعض النشاطات الإستراتيجية الخاصة بالدولة دون الحاجة الى اجراءات كثيرة ومعقدة، اذ لا يتطلب الامر نظريا سوى تصريح بالاستثمار في الوكالة الوطنية لترقية ودعم ومتابعة الاستثمارات.
كما نص هذا القانون على مبدأ عدم التمييز بين المستثمرين سواء اكانوا عموميين ام خواص محليين او اجانب، فالقانون ضمن نصوصه معالجة مساوية للمستثمرين من حيث الحقوق والواجبات.
وقد تم تدعيم الاطار القانوني لترقية وتطوير الاستثمار الخاص في الجزائر بصدور الامر الرئاسي رقم 1-3 المؤرخ في20غشت2001 والمتعلق بتطوير الاستثمار، بحيث حدد هذا القانون النظام العام الذي اصبح يطبق على الاستثمارات الوطنية والاجنبية المنجزة في النشاطات الاقتصادية المنتجة للسلع والخدمات، وكذا الاستثمارات التي تنجز في اطار منح الاستثمارات الخاصة للمستثمرين المحليين والاجانب.
اما في المغرب فقد تم وضع قانون رقم95-18 بمثابة ميثاق الاستثمارات بتاريخ8 نوفمبر1995 والذي حدد الاهداف المقصودة منه في الاهداف الاساسية لعمل الدولة خلال السنوات العشر قصد تنمية وانعاش الاستثمارات وذلك بتحسين مناخ وظروف الاستثمار ومراجعة مجال التشجيعات الجبائية واتخاذ تدابير تحفيزية للاستثمار.
وحافظ الميثاق في اطارالحقوق المكتسبة للمستثمرين فيما يخص المنافع التي يستفيدون منها عملا بالنصوص التشريعية المتعلقة بتدابير التشجيع على الاستثمار، بحيث نص على سريان العمل بالمنافع المذكورة الى غاية انصرام المدة التي منحت من اجلها ووفق الشروط المقررة لذلك.
والملاحظ ان الميثاق لا تطبق احكامه على القطاع الفلاحي الذي حدد له المشرع تشريعا خاصا هو ميثاق الاستثمارات الفلاحية الصادر بتاريخ 25يوليوز1969.
وقد صدرت مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية لتطبيق ميثاق الاستثمارات ابتداءا من قانون المالية لسنة1996.
خصوصيات قوانين الاستثمار في البلدان المغاربية:
تدرك الدول المغاربية ان حجم الاستثمار الوافد اليها انما يرتبط بمدى ما توفره له من ضمانات قانونية تكفل حمايته من المخاطر والمعوقات التي يمكن ان يتعرض لها، كما تكفل في الوقت ذاته حصوله على اكبر عائد استثماري ممكن، لذلك اتجهت هذه الدول الى وضع مدونات قانونية تعنى بتشجيع الاستثمارات واتخذت تدابير قانونية وادارية تكاد تكون متشابهة في العديد من المعطيات.
ففي تونس فان قوانين بعث المشاريع وتشجيع الاستثمارات بتونس من قبل باعثين تونسيين او اجانب مقيمين او غير مقيمين تمنح مجموعة من الحوافز والامتيازات من اجل انشاء،وتوسيع وتجديد او تحويل النشاط خارج القطاعات الحساسة، بالنسبة للاجانب، وبامكان المستثمرين ايضا حيازة100% من راس مال المقاولة دون ترخيص خارج نشاط الخدمات، البنوك، والتأمينات،وشركات الاستثمار...الخ.
ويمنح القانون مزايا مشتركة للنشاطات غير المصدرة ومزايا خاصة للنشاطات الموجهة الى التصدير، وهذه المزايا المشتركة تخص تخفيض الضريبة على الارباح في حدود35% وإلغاء الحواجز الجمركية وتخفيض الرسم على القيمة المضافة TVA بالنسبة لوسائل التجهيز المستوردة، اما المزايا الخاصة، فهي تمس المؤسسات التي تصدر على الاقل 80% من منتوجها، وتخص الاستثمارات الموجودة في مناطق تشجيع التنمية المحلية ومناطق تشجيع التنمية المحلية ذات الأولوية اذ تستفيد المشاريع الموجودة في هاتين المنطقتين على التوالي من اعانة الاستثمار المقدرة بـ 15%و25% من مبلغ الاستثمار، إضافة الى الالغاء الكلي للضريبة على المؤسسات، والضريبة على الدخل للاشخاص الطبيعيين بالنسبة الى العشرة اعوام الاولى من النشاط وتخفيض 50% من الوعاء الضريبي للعشرة اعوام الموالية، وبالنسبة الى تحويل الاموال، فإن المؤسسات التي تحقق ارباحا لها حرية تحويل ارباحها.
وفي الجزائر فإن الامر الرئاسي حدد النظام الذي يطبق على الاستثمارات الوطنية والاجنبية المنجزة في النشاطات الاقتصادية المنتجة للسلع والخدمات وكذا الاستثمارات التي تنجز في اطار منح الامتياز او الرخصة والمقصود بالاستثمار في مفهوم الامر، اقتناء اصول تندرج في اطار استحداث نشاطات جديدة، او توسيع قدرات الانتاج، او إعادة التاهيل أو إعادة الهيكلة المساهمة في رأسمال مؤسسة في شكل مساهمات نقدية او عينية.
استعادة النشاطات في اطار خوصصة جزئية او كلية.
وقد منح القانون مزايا ضريبية تتمثل في الغاء ضريبة القيمة المضافة TVA على السلع والخدمات المستوردة او المملوكة محليا لمدة ثلاثة اعوام والغاء الضريبة على الملكية والضريبة على ارباح الشركات من عامين الى خمس اعوام وتحديد الحقوق الجمركية الى 3%بدلا من 25% الى 45% وتم تحديد تكاليف الضمان الاجتماعي للعمال بـ 7% من الاجر الصافي بدلا من 24,5% .
كما ان بعض المشاريع يمكنها الاستفادة من تنازل عقاري لمدة 20 سنة قابلة للتجديد.
اما المغرب فان ميثاق الاستثمار نص على مجموعة من المقتضيات بهدف تحفيز جلب الاستثمار الاجنبي ومنها الالغاء الكلي للضريبة على الشركات للخمس سنوات الاولى، والتخفيظ بـ 50% على رقم الاعمال الموجهة الى التصدير بالنسبة الى الخمسة اعوام الموالية، والغاء ضريبة القيمة المضافة TVA او ضريبة المهنة لمدة خمسة اعوام، والغاء ضريبة القيمة المضافة على العقارات المملوكة محليا والغاءها ايضا على المنتجات والخدمات الموجهة الى التصدير اضافة الى الامتيازات الاخرى الممنوحة للمناطق الحرة الموجودة بالمغرب، كما تمت عدة اصلاحات لوضع نظام تسهيل الاستثمارات الاجنبية المقامة في المغرب بالعملة الصعبة، وحماية الاستثمارات، وحرية تحويل الاموال وعدم التمييز بين المستثمرين المحليين والاجانب.
كما ان الدولة تتكفل ببعض النفقات بحيث يمكن للمنشآت التي يكتسي برنامج استثمارها اهمية كبرى بالنظر الى مبلغه او عدد مناصب الشغل القارة التي سيحدثها او المنطقة التي سينجز فيها او التكنولوجيا التي سيحولها،او مدى مساهمته في المحافظة على البيئة، ان تبرم مع الدولة عقودا خاصة تخول لها اضافة الى الامتيازات المنصوص عليها في ميثاق الاستثمار والنصوص المطبقة له، الاعفاء الجزئي من النفقات الآتي ذكرها.
- نفقات اقتناء الارض اللازمة لانجاز الاستثمار.
- نفقات البنيات الاساسية الخارجية.
- مصاريف التكوين المهني.
كما ان الدولة تتكفل في الاقاليم اوالعمالات التي يبرر مستوى نموها الاقتصادي اعانة خاصة منها بجزء من تكلفة اعداد المناطق الصناعية التي تقام بها.
احداث مؤسسات لتشجيع وفتح ابواب الاستثمار.
اعتمدت البلدان الثلاثة سياسة وضع مؤسسات وطنية بهدف توجيه وتشجيع الاستثمار الاجنبي، اختلفت اجراءاتها بحسب حاجيات كل دولة، ففي الجزائر نجد الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وهي بديل عن وكالة ترقية ومتابعة الاستثمارات المستحدثة بموجب قانون الاستثمار سنة 1993 وتتمثل مهمتها الاساسية في تطوير ومتابعة عمليات الاستثمار وتسهيل الاجراءات الخاصة بانطلاق المشاريع.
اما صندوق دعم الاستثمار الذي يعمل على تحويل الا نشطة الخاصة بتحسين مناخ الاستثمار، وتهيئة الشروط اللازمة لانطلاق المشاريع كتهيئة المناطق الصناعية وتوصيل المرافق الضرورية كالكهرباء والغاز والماء والهاتف وتعبيد الطرق.
اما في المغرب فقد تم احداث بمقتضى قانون رقم 08-41 الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والتي أناط بها القانون المهام المتمثلة في القيام بكل عمل ترويجي او تواصلي من شأنه التعريف بفرص الاستثمارات بالمغرب، جرد وتقييم معيقات الاستثمار واقتراح التدابير التشريعية والتنظيمية التي من شأنها دعم وتشجيع الاستثمار بالمغرب، علاوة على ذلك تتوالى الوكالة تنمية مناطق للانشطة مخصصة لقطاعات الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة.
أما في تونس فقد تم احداث هيئة وطنية للاستثمار، هذه الهيئة التي تعتبر المخاطب الوحيد للمستثمر ويتمثل دورها في التصرف في الامتيازات الجبائية والمالية واستقبال وتوجيه وارشاد ومساعدة المستثمر. كما تتولى هذه الهيئة تجميع ونشر المعلومات المتعلقة بالاستثمار فضلا عن التقييم والمتابعة واقتراح الاصلاحات في مجال الاستثمار مع الاشراف على مختلف المتدخلين والتنسيق بينهم.
وضعية الاستثمار الاجنبي بالبلدان المغاربية:
ان مقاربة المعطيات السابقة تدفع الى التساؤل حول واقع الاستثمار الاجنبي بالمنطقة المغاربية، وهل تفسر مؤشرات المناخ الاستثماري السائد في هذه الدول المغاربية الثلاث وفي السنوات الاخيرة حصتها من التدفقات الواردة اليها من الاستثمارات الاجنبية.
من خلال تحليل اغلب الدراسات التي تناولت الموضوع يتضح ضعف حصة هذه الدول بالنسبة لاجمالي التدفقات الاستثمارية، ويعزي تردد المستثمرين على الاقبال المكثف على المنطقة الى استمرار التفكك وغياب سوق اقليمية، ومن الواضح ان كثافة الحواجز الجمركية، وثقل اعباء الاجراءات الادارية فضلا عن هشاشة البنية التحتية شكلت كلها عناصر أثنت المستثمرين الاوروبيين عن التوجه الى الضفة الجنوبية للمتوسط التي لا تستقطب حاليا سوى2% فقط من الاستثمارات الخاصة الاوروبية، فيما تتجه بكثافة الى امريكا اللاثينية واسيا واروربا الشرقية، والاخطر من ذلك ان علاقات الاقطار المغاربية مع اوروبا وامريكا تطغى عليها ذهنية المنافسة بحثا عن امتيازات خاصة، ما اضعف موقفها التفاوضي فرديا وجماعيا، ومنح الاطراف الاخرى هامشا كبيرا للمناورة والحصول على تنازلات ما كانت لتحصل عليها لو كانت هناك نظرة تكاملية للامور.
وقد ادى ذلك الى ضعف حصة الدول المغاربية من تدفقات الاستثمارات الاجنبية الواردة عالميا مع تراجع الاستثمارات المغاربية البينية، بالاضافة الى تركزها في قطاع الخدمات أي ضآلة حصة الجزائر، تونس والمغرب، من الاستثمارات الاجنبية الواردة عالميا مع تسجيل ضعف نصيب هذه الدول من عمليات الاستثمار والتملك عبر الحدود الدولية، بالرغم من اهميتها في ظل التكنولوجيا والمعارف الادارية.
عدم تحسن واضح الى تراجع في معظم المؤشرات المتعلقة بناخ الاستثمار في الدول الثلاث، خاصة مؤشرات المخاطر القطرية التي تميزت بنوع من الاستقرار يعكس عدم كفاية الجهود المبذولة من اجل تحسين التقييم لدى الهيئات الدولية بالرغم من اولوية هذه المؤشرات والتي تعتبر بمثابة ضمانات للمستثمرين الاجانب الشيء الذي يمكن ان يفسر ضعف حصيلة التدفقات الواردة في هذه الدول.
ورغم القدرات المتاحة نظريا في البلدان المغاربية الثلاث وتمثيلها لسوق بكثافة سكانية مهمة، فان الاستثمارات الفعلية الخارجة عن النوايا تبقى متواضعة جدا حسب آخر التقارير فالمغرب وتونس سجلت معدلا لم يتجاوز 5,2 مليار دولار وتسببت الازمة المالية والاقتصادية منذ 2008 في انكماش الاستثمارات باستثناء قطاع المحروقات والطاقة في الجزائر وبدرجة ثانية المناجم في المغرب والجزائر تم الاتصالات والسياحة في المغرب وتونس ولكن الصناعات لم تمثل سوى اقل من 10% من التدفقات المالية الموجهة للاستثمارات.
البديل الاستراتيجي:
ان المهمة الاساسية امام اقتصاديات البلدان المغاربية المتشابهة الى حد كبيرفي القدرات والعراقيل على نحو سيان هي تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تكاملية، وهذا يستوجب القيام بالاستثمار البيني من خلال اقامة مشروعات مشتركة كأداة اساسية لتحقيق اندماج اقتصادي يتفادى المصالح القطرية المتناقضة وتكرار التجارب في هذا الباب او ذاك حيث من الممكن ان تقدر كل دولة على حدة المنافع والاعباء من خلال سياسة مشتركة تجاه تدفقات الخارجية لراس المال الاجنبي الشأن الذي سوف يؤدي الى الوقوف على ارضية اقتصادية صلبة تمكن من الاندماج والتكامل الواقعي بينها بما يضمن مصالح شعوبها ويحقق الحلقة المفقودة في جهودها التنموية ذلك انه من المفيد التفكير في السياسة الاقليمية المشتركة لتعزيز تدفق الاستثمار الاجنبي من خلال اعطاء وزن للمنطقة في الاقتصاد العالمي ولن يتم ذلك الا من خلال الاستفادة من التجارب الناجحة في مجال جاذبية وفعالية الاستثمارات الاجنبية خاصة تلك التي قامت بها بعض البلدان النامية ومكنتها من ان تكون اقطاب عالمية لجذب الاستثمار تم تصديره وهذا يتطلب وضع إستراتيجية انتقائية تستهدف جذب انواع معينة من الاستثمارات تتلاءم مع وضعية التنمية السائدة وتتميز بمرونة عالية في نقل التكنولوجيا والمعارف الادارية والتنظيمية وما يتعلق بذلك من اجراء دراسات وابحاث من اجل قطع مع النموذج الوحيد ذلك ان من اهم المعوقات ارتباط الانظمة الاقتصادية للدول الثلاث بالنموذج الفرنسي وخاصة في الجانب القضائي والتشريعي اذ ان طغيان هذا النموذج هو ما يتيح سيادة الاستثمارات الفرنسية واحتكارها لمعظم القطاعات الحيوية في البلدان الثلاث.
وهذا ما يدفعنا الى القول بضرورة دعم الاتجاه الجديد الذي بدأته بعض الدول العربية نحو زيادة الاستثمار بشكل مكثف في باقي الدول العربية بما يعود بالعديد من المنافع على الدول العربية المضيفة التي تعاني من انخفاض معدلات الادخار والاستثمار.
الاسراع في معالجة قضايا ضعف الاطار التنظيمي والفساد وانخفاض مستوى الاستقرار السياسي التي تقف وراء تردد المستثمر الاجنبي على الرغم من توفر الفرص الاستثمارية المتاحة في المنطقة.
ومن جهة اخرى فعلى الدول المغاربية ان تضع مجموعة من الضوابط القانونية التي تعكس اهداف خطة تنموية متكاملة والتي يتعين على الاستثمار الوافد ان يتجه الى تحقيقها ولعل اهم تلك الضوابط هي مايلي:
1) ان يساهم الاستثمار الاجنبي في توسيع قاعدة الاقتصاد المغاربي وتقوية نشاطاته.
2) ان يساهم في تطوير التقنيات الحديثة الملائمة للاقتصاد الوطني .
3) ان يساهم في زيادة الصادرات وترشيد الواردات وتنمية الخدمات التي تدعم ميزان المدفوعات.
4) ان يساهم في توفير فرص العمل للمواطنين مع ضرورة تدريبهم واكتسابهم مهارات وخبرات فنية جديدة.
5) ان يساهم في الحفاظ على البيئة في المنطقة المغاربية.
ان تشجيع الاستثمار الاجنبي لا يمنع من احاطته بقيود قانونية تضمن سلامة المنطقة المغاربية وحماية امنها ومنع سيطرة الاجانب على مقدورات الاقتصاد المغاربي ومنافستهم لرؤوس الاموال المغاربية او الخبرات او الايادي العاملة المحلية اذ ان الفوائد التي تعود على الاقتصاد المغاربي من الاستثمارات الاجنبية ليست هي الاعتبارالوحيد الذي تجب مراعاته في هذا الصدد وانما ينبغي على الدول المغاربية اجراء الموازنة بين استقطاب الاستثمار الخارجي للاستفادة منه، وبين المحافظة على المصالح الوطنية المغاربية مع ضرورة اعتبار ان استثمار الراسمال المغاربي في الدول المغاربية يحقق الكثير من المزايا واهمها انه يحقق التكامل الاقتصادي المغاربي ويدعم مقومات تنميته وتطويره ليصبح سوقا متكاملة جغرافيا واقتصاديا ومركز من مراكز استقطاب الراسمال العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجازر وجرائم مستمرة وتفاقم الوضع الإنساني في غزة


.. «أكسيوس»: عباس يرفض التراجع عن التصويت على عضوية كاملة لفلسط




.. الأمم المتحدة: المجاعة التي يواجهها شمال غزة معقدة جدا


.. حملة اعتقالات في إيران لمنتقدي الهجوم على إسرائيل.. ما الاته




.. بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين