الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم

نصيف الناصري

2013 / 6 / 17
الادب والفن




الزمن . الطبيعة ...




إبحار طويل الى بيزنطة نسينا فيه ملامح من حملنا لهم قرابيننا ، والحاج يدرك
لحظة موته في لمسه للموجة الناعسة . رغبنا في الماضي أن نعبر مع التجريبيين
العوالم التي تدمّرنا بشروطها الفظيعة ، لكن إنشغالنا بأنشطة موتنا في المتاهة ،
أعجزنا عن صعود النهار . شعوب كثيرة عارضت الغاية المضادة لوجودها في
نجود العالم ، وتساوت مع الآلهة في إعراضها عن موتها في النسائم النحيفة .
صراعنا مع الحتميات ، يلزمنا دائماً إدامتنا للبوصلة ، وفي الحلم يلتحم الزمن
والطبيعة . مشايعو آلهة ما يبقون رهائن لأسيادهم ولا يتضاعفون في الإثمار
الطويل للصيف . غيوم زرق عبرت معنا الأيّام . أودعنا عندها رغباتنا الجنسية
وأغلقنا عليها البحيرات المزدوجة للعودة .





نحلة طفلة يطرّزون لها أغطية تشبه أيّامهم ...





يطوّعون في الشِّعاب حجارة صلدة ويتقمَّصون غشامة الموتى . تحليتهم لمياه
البِرْكة التي أضاعوا فيها مفاتيح مستقبلهم ، تساعدهم في كبحهم التدافع صوب
الاعتمادات التي يحصلون عليها من أوديب الأبله . إمحاء طويل لأشياء الماضي
استندوا فيه على الشذرات الزرق للنجوم ، وفتَّشوا في دواخلهم عن الضغائن . كلٌ
منهم يحضن شجرة كستناء رغبته ويغوي ميتته الشامخة . تبكي في أحراش
حلمهم نحلة طفلة فيطرّزون لها أغطية تشبه أيّامهم في عودتهم من رحلة الصيد .
معارف جليلة انفصلوا عنها في تمايزهم عن الآخرين الذين فضَّلو الجلوس في
قبورهم ، واصلاحهم للنوافذ الضخمة للكواكب ، لا يعزلهم عن تعديلهم للندى الذي
يغطَّي جدائلهم في الظهيرة . صيِّغ مزعومة للإيمان ينتجون فيها استرقاقهم لانفجار
البروق ، لكنَّ اضفاءهم تلقائية غير فطنة على صناعتهم للصلاة في البراري ، تشتّت
شملهم في الأرض الغريبة ويصبحون امثولة في فولكلور شعوب الجبال .





نعزَّهُ بأخوّة دائمة ...


الى ناصر مؤنس ..




حلبنا معهم شياههم وحصدنا القمح وزوَّجنا شبابهم فتياتنا . إمعانهم في
إذلالنا وسرقتهم أمشاطنا ومناجلنا وأرغفتنا ، وتركنا نعاني العوز في
الليل والنهار ، ومحاباتهم لخصومنا الكفَّار . أفعال ضارّة تؤثر على
سمعتنا وعيشنا بين الأثنيات الأخرى . رذائل فظيعة عانيناها منهم
ومن حسدهم لنعمتنا وأناشيدنا لأقاربنا الذين صاهرناهم بترحاب عظيم .
السخط والتشاحن يجعلهم يزفرون سبابهم ضدّنا الذي تحرَّكه تبعيتهم
لعيشهم في الأكواخ عديمة التهوية . مصدران وحيدان يساعدان المغنّي على
إدامة أغنيته . حفظه للغيوم الذهبية للمعرفة ، ورزانته مع نفسه ومع
الآخرين . كثيرون ضربوا ذواتهم بسياط تخبّطهم بين الوظيفة ومرحاض
العائلة ، والشقيّ فيهم يطلب الشهرة والوجاهة . مقارنة الخطيئة مع الصلاة
لا تصح في سقوط المغنّي بهاوية رعونته ، والذي يرتاع من وقوفه في آخر
الشوط ، ويضيع منه في حمقه وطيشه ، عذاب الكلمة . نعزَّه بأخوّة دائمة
ولا نحرمه من ذرفه لدموعه وخصامه لنا . وحده الذي يشيخ في حنوّه على
النهر الذي يحفره طوال حياته ، يتيقَّن من جنيه بعد الخمسين لشهد العسل .





مخاوفنا من الانطباعيين ...




نبّهناهم ولم يتسن لهم المجال لتقوية شكيمتهم في تكافلهم مع الأجناس الأخرى .
تفاوتات كثيرة في العزلة لم يفطن اليها أحد منهم ، وفي عيشهم منفردين ببرّية
مقاومتهم للعولمة ، يخمل كلّ شيء في أبنيتهم المتصدَّعة ، وتنحلّ عناصرهم
متشقَّقة بلا رأفة . عنب باذخ توافيه المنية في أشجاره ، يتجنَّبه الفضولي ولا
تخطر في باله الرغبة في السهر بليل موته وحياته ، والبشر الذين يئنون ويتألمون
في غلطهم بتنمية حيواتهم ، يسلّمون أمورهم من دون لياقة الى المسخَّرين وعمّال
الآلهة الطغام . تعاقب دائم للشرّ في العالم ، نصنَّفه مع فضائلنا التي نسحق فيها كلّ
أُخُوَّة للآخرين ، وتندفع الطبيعة في بواكير الثمار الى سلبنا اليقين بأفضلية الانسان
على الحشرة . يُطهى لنا موتنا على حجارة سوداء ونحنُ في الأرحام ، ونديم نيرانه
بمراوح نحرّكها في كلّ لحظة . ندهنُ قبورنا بفشل عظيم للمهمة ونغادر الصيف من
دون وعد بأمل ما . لا تسعفنا النية في الانتحار ، ولا مباضع الكاهن تهدىء مخاوفنا
من الانطباعيين الذين ينتظرون رهننا لمشمش حيواتنا لدى ذرّيتنا .





17 / 6 / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار


.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها




.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع


.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض




.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا