الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الضيوف الذين مرَّوا سريعاً في الوهاد
نصيف الناصري
2013 / 6 / 19الادب والفن
عصور جافَّة رفعنا بين أطلالها بيارقنا وبكينا الضيوف الذين مرَّوا
سريعاً في الوهاد ...
مفاتيح متشقَّقة أضاعتها البشرية في الوابل العظيم للطوفان ، وصفا غفرانها للفعل
المأبون للألوهية . تغيّرات غير منضبطة ومتواشجة مع السأم في العالم ، نتلو عليها
إنشادنا المقيَّض له أن ينقذنا من الإذعان الدائم للهوّة ، لكنَّنا نفسد كرامتنا ونتردَّى في
توسّل الإحسان . عصور جافَّة رفعنا بين أطلالها بيارقنا وبكينا الضيوف الذين مرَّوا
سريعاً في الوهاد ، وكلّ ما لا نتيقَّن منه ، يتحفنا بالرضاب المتعفَّن لمصائرنا وهي
تتمدَّدُ فوق الأيكة العتيقة للوجود . مفسّرون كثيرون عجزوا عن فهم الشرائع التي
تجذبنا الى التغلّغل في الفناء ، وكلّ ما نوقَّرهُ ونبحثُ عن غايته ، إعتقاد لا يلائم
الفزع الأزلي للفرد . ضروب فظيعة للشرّ يسقط في شراكها الملوك والفلاسفة
والفلاّحون والقادة والحرفيون والأمراء . يغيبون في أعماق الطوفان الدائم ، ويخمل
ذكرهم . لا فضيلة ولا منْقَبة تبقى للإنسان المتمرّس في صراعه مع لحظة حتفه .
أغاليط جمَّة وقعوا فيها وعذرناهم حين أيقظوا النسيم في جحيم حياتنا ...
رطوبة شديدة تُزنَّر فصول السنة ، ولم نجن أيَّة ثمرة من أشجارنا المتدلية
على الهاوية . يَتذَّرع كهنتنا بخطأهم في إطلاق الأحكام ، لكنَّنا نعرف زيف
ما يحتاطون منه في لحظة الهلاك ، ومراقبتهم لضيوفنا الطيور ، تشعرنا
بالإهانة وتنزع عنّا إنجذاباتنا الإيمانية لكلماتهم التي تصدح مخدَّرة في
الهاجرة . أغاليط جمَّة وقعوا فيها وعذرناهم حين أيقظوا النسيم في جحيم
حياتنا ، لكنَّ المتشكَّكين منّا بحقيقة الجثث المسلوخة والمعلّقة فوق الأبنية
التاريخية . لا يضمنون لنا الراحة في منازلنا والكهنة يهيلون على أيّامنا لعناتهم
التي تعجُّ بالأسقام ، وتنحّي أطفالنا عن حياتهم ، وفقداننا لآلات الحصاد . نندثر
برباط الواجب الذي يحتّمه إنصياعنا لهم ، ونطمر الفعل الذي يروَّعنا منهم في
سخام الأفياء الجافَّة لفصول سنتنا .
إلهة الحبّ .. إله الحرب ...
أقلية مُتعصَّبة تعيشُ بينَ ظهرانينا .
ترغبُ في تقليدنا بإنصياعنا الى آلهتنا وكهنتنا .
نعرفُ تعطّشها الى عسل الشمس ،
ومحاولاتها الدؤوبة لاسترداد إلهها الذي هجرها ،
لكنَّ ما يسوَّي بيننا وبينها ، يدعو الى العجب .
الشيوخ يحرَّضون الشباب على سلبنا
إله حصادنا ، أو إله المراعي ونحنُ نرشدهم
الى غاية أخرى ، وهم لا يتيّقنون إننا
لا نستطيع التفريط بأيّ معبود . كولومبس في
تخمينه قبل عبور الهوّة الى حلمه ، رأى
أصنافاً مزدوجة من الغيلان التي تنثر دموعها
في الريح وتثرثر بحميمية العظام .
مخيّمات كثيرة يحيا فيها العلجوم ويصوّب
سهامه نحو الملائكة الطائرة فوق
الأشجار ، والإيمان انعتاق من العقل
ومن الكلّيات العظيمة للحياة ، وفي
فتحنا للمظاريف ، تواجهنا معضلة
انتظارنا للشفاعة المخزية . الضغينة
تضيق ، واقامتنا في الشواطىء قصيرة
في الصيف ، وبعد حجج كاسحة .
أقنعنا الشيوخ بشراء آلهة من شعوب الضّفة الأخرى ، والكفّ
عن جعلنا مضطربين في حراستنا لآلهتنا .
أرسلوا رسولهم برفقة التجّار وأبحروا في الصباح .
بعد تطواف طويل ومساومات أجبروا على قبولها .
اشتروا إلهة للحبّ ، وإلهاً للحرب ونسوا أن
يشتروا إلهاً يشفع لهم في حياتهم الأخرى .
حملوا الآلهة فوق رؤوسهم وعادوا تجلَّلهم البروق .
في خشوعهم لآلهتهم الجديدة ، وفي إحساسهم بالعظمة .
امتلأت آبارهم وسطوح بيوتهم وحقولهم
بالأفاعي والزنابير والعقارب . إستجابتهم للشرّ
خذلهم فيها عدم توخَّيهم الحذر من نيران الحبّ
والحرب التي اشتروها بثمن بخس ، ولم ينفعهم تمحّصهم
في النهاية وهم يتساقطون صرعى في أرض نفاقهم .
19 / 6 / 2013
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح