الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شعوب مطعونة وتتعرّض لليتم في البراري
نصيف الناصري
2013 / 6 / 23الادب والفن
وقاءً منهم ومن شهرتهم التي تحطّم ثمارنا النيئة ، ننعزل عن الشرهين في
قيلولتنا بين التجويفات العميقة للسنبلة . شعوب مطعونة وتتعرَّض لليتم في
البراري ، نعبر معها حجارة الليل وشفاهنا مزمومة من الأسى . المتعسَّفون
في تغطيتهم لأنفسهم بجلود وعقاقير الأشجار ، يحدّون أسلحتهم ، شُعيرة شرّ
في اطفاء ما يضيء أبنيتنا المصابة بعصابهم . عصور هجائية منحطَّة ننصبُ
فيها الباستيل في كلّ ممرّ ، وكلّ منعطف ، والصلاة سيئة في رحلاتنا ونحن
نتجنَّب المهربين الذين يوشمون الحدْبة المبقعة للنهار . حياتنا المترنَّحة بين
الطعنة والطعنة ، قلعة مهدومة يخطب فيها القتلة ولا يملّون من مفارقة خبثهم
واصطدامهم بالمصابيح المستقيمة للغفران . تكذَّب البشرية وهي تناوىء النظام
والأشياء الشريرة التي تورث الخطايا في العالم ، وفي سيرها بين الرياء وبؤس
العيش مع الوباء ، تتشوّف الى ما يعجِّل بالإحجام عن الاحسان لنا ونحنُ ننجذب
الى الظلمة المنمنمة في الهوّة .
الخبرة مسخ مخيف ويشذّ عن ما يدوم ...
سهم مفاجىء يروّعنا في تمدَّده بين حقول شعيرنا ، والصيف بازدرائه
لإنشادنا له في الظهيرة المزدوجة للخسارة ، يجتنبّنا ويحوّلنا الى حجارة .
كدح طويل يتعذَّر فيه اهتمامنا بنفخ النسمة على سرير المحتضر ووصيته
الدرامية التي تتنمَّل . أشياء مؤسفة لا نميِّزها في محنتنا الجمعية ونحن
نلفّ النجوم حول لحظة إثمار الميت وهو يشيح بحياته عن الحركة الشاملة .
جهلنا بتعاقب الشهب التي تهدّم آبارنا وتحرق حقولنا ، يفضي الى جعلنا نغطس
في النوم ونحنُ نفكّ الغبار عن إرث من رحلوا وتصدَّعوا في ثباتهم بما وراء
الحديقة . أشياء كثيرة نشتط في الحكم فيها على ما يتحوّل في الزمن ويبقى
مضرّجاً بالآيل للفناء في الطبيعة . الخبرة مسخ مخيف ويشذّ عن ما يدوم ، وكلّ
ما نرضى به في حيازته للإرث الذي نتركه ، لا يضيرنا ونحن نئن في هدأة
لحظتنا الفانية .
الآلهة المخترعة لها أولويتها في سلبنا حياتنا والسخرية منّا ...
يُجمّع آدم وحواء طرائدهما في الكهف ، وينفقان معظم النهار
في الأكل والشراب وينامان القيلولة . أنظمة كثيرة للإعاشة في
الطبيعة وهما لا يحتاجان الى إتلاف الثمار التي جفَّفاها صيف
العام الماضي . آدم المتسوّل والعاري ، يفرط كثيراً في صخبه
وهو يبرك ويهزّ ذيله طارداً الحشرات . زوجته الغوريلا القبيحة ،
لا تقل عبثاً عنه وهي تدهن جدائلها ببولها تحت الشجرة . أوبئة
شرّيرة ارتادت مكانهما وفتكت بالعجوز أولاً . تخلَّصها من جثته
ومن أبنائها ، فكرة فظيعة تشعرها بعجزها عن نسجها للأكفان ،
والغوريلا تُحبّ اللصوص الذين أنجبتهم وعلَّمتهم دحض الخطر ،
لكنَّ الميتة المروّعة لبعلها وهو يتحاشى إنفجار خصيتيه في
صراخه من الألم ، وتضاءل آمالها في شروق حميم للشمس ،
تجبرها على تدلية أغصان أيّامها الى الأسفل . حلم اللحاق به
ونبش قبره ، عمل يحتاج الى مشاورة الورثة الحمقى . فرص
كثيرة تمت أضاعتها في الغابة وفي البراري ، ولم يتعظ الانسان
من شماتة الصخور به وبموته . اختراعه بسبب القوافل العظيمة
للموتى التي تمرّ في كلّ لحظة ، للألوهية وللفردوس ومحاولة
خلق مكان آخر يضطجع فيه على قفاه بعد موته وينظر الى
النجوم . فكرة فظيعة أُلقي بها منذ الخروج من حياته المشتركة
مع الوحوش . آلهة لا تعد ولا تحصى ، مغطاة بفزعنا من المصير
المشؤوم الذي لاقاه آدم في إنفجاره ، توسَّلنا اليها أن تبقي على ما
نكنزه في حياتنا ، لكنَّ الآلهة المخترعة لها أولويتها في سلبنا حياتنا
والسخرية منّا . اختراع تافه حطَّمنا فيه عملنا بحقول القمح ، وتلمَّسنا
الأعذار للسرطان الذي يستوطن نوعنا البشري ونحنُ في الأرحام .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك
.. الفنان عبد الرحمان معمري من فرقة Raïm ضيف مونت كارلو الدولية
.. تعرّفوا إلى قصة “الخلاف بين أصابع اليد الواحدة” المُعبرة مع
.. ما القيمة التاريخية والثقافية التي يتميز بها جبل أحد؟
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان