الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التلّيّون الجدد.. موقف من الصراع الطائفي

علي شايع

2013 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في عنوان الكتابة استفادة من واقعة تاريخية معروفة في إحدى معارك المسلمين الشهيرة، يوم فضّل بعض (الصحابة) ومن تبعهم، الجلوس على التلّ، والاكتفاء بمتابعة سير معركة صفين بين أصحاب علي وجيش معاوية، حتى أحدثوا أمراً عجباً ما سبقهم إليه من أحد. وأدق ما يمكن فهمه من ذلك الموقف، ما أجاب به أبو هريرة عن سؤال يستفهم سرّ الحالة، إذ كان وقت الصلاة يصلّي خلف علي، ويحضر عند معاوية للطعام، وإذا بدء القتال يصعد على التلّ. فقال: الصلاة خلف علي أتمّ، وطعام معاوية أدسم، والصعود على التلّ أسلم.
سيقول لائم: تلك أمم خلت. لكني أرى إن وقائع ما حدث فيها اتفق عليها جميع المؤرخين، ولا ضير من مرور عليها، فهي عبرٌ وإن لم تصنع اليوم اعتباراً، فالناس أصبحت ترى وتشاهد بأم عينها وتنكر، فما جدوى تقليب فجائع و"أساطير الأولين" على حدّ وصف النضر بن الحارث، الذي أورده القرآن تأكيداً لقوله المستخف بالتنزيل، لكنه أفرد لتصريحه آية، حتى لكأن من يؤمنون بالقرآن أصلاً، لا يشغلهم استذكار كلمة (النضر) مع كل ترديد. وفي هذا مبحث كبير في ثقة من لديه يقين. وسيبدو ذلك اليقين (أسطورة) هو الآخر بالقياس وشتات التيقن عند أصحاب التل..شتاتهم عن تشخيص صاحب الحق في تلك المعركة.
التليّون الجدد ربما لا يصلّون خلف علي، ولا يأكلون مع معاوية، لكنهم يجدون إن التلّ أسلم، وهو موقف آخر ربما يكون أنبل من موقف القدماء، لكن أعداء اليوم لا تطابق أخلاقهم خلق أكثر فرسان ذلك الزمان، إذ كان (تليّونا) القدماء يمشون ويعيشون آمنين وسط المعركة، بينما لا نستطيع الآن إحصاء أعداد القتلى في أصحاب التلول الجديدة، بين مغدور على الهوية، وبين متشظٍ إثر عصف عشوائي لمفخخة مهولة. حتى أني سمعت عن طرفة حصلت أيام بطش الزرقاوي الشهير، قيل إنهم حملوا إليه رجلاً معانداً (ولعلّه كان تليّاً غشيماً) لم يجبهم عن سؤالهم فيما لو كان شيعياً أم سنياً، إذ يصرّ على إنه ملحد وغير مؤمن، فلم يجدوا من بدّ دون إحضاره عند كبيرهم الذي علمهم الذبح (الزرقاوي) الذي بادره بالسؤال:"طيب..هل أنت ملحد سني، أم ملحد شيعي؟!"..

الغُشَماءُ من التليين لابد أن يقعوا في ورطة وسط فوضى التكفير والتناحر، وربما يكون انحيازهم اليوم إلى التل حلاً آنياً، يجعلهم في الجانب الروحي والإنساني التام (كما في صلاة علي)، وفي جهة الإشباع والإمتاع والأبهة (كما عند معاوية)، ويمنحهم وهم السلامة، و هم أخسر الناس لها، ماداموا من عليّة من فكّر، وتبصّر، لكنه بقي يتحيّر، و هم أول من سيموت.

أصحاب التل القديم وربما ارتضوا ذلك المكان المشرف ليكونوا شهداء على الواقعة بجميع الحواس، وكانوا معروفين ومشخصين، أما اليوم فالتلول تكاثرت، حتى صار بين تل وتل، تل ثالث، وآخر رابع ربما يكون خفياً ومستتراً.
ومنهم من يدعي التل، أو يرتقيه، وما هو من أهله اعتقاداً، لكن له غاية في نفسه، أدهى من غاية يعقوب.
أما عن بلوى التلول الإعلامية، فسأترك تكملة هذه الكتابة للقارئ، ليكتب ما يريد هو الآخر ويسطّر وبما لا تحصيه المجلدات، وما لا يسعّه الوقت، وله أن يبث أحزانه ما رحب البث الإعلامي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س