الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النشرة البرجوازية الرياضية واللعب بالعقول !!

علاء الموصّلي
(Alaa Al-Mosuli)

2013 / 6 / 25
الصحافة والاعلام


أعتدنا في بُلداننا العربية - ضمن العالم الثالث - أن نقتفي آثار الآخرين في التفاهات فقط !! نعم نقتبس منهم كل ما لا جدوى فيه و لا منفعة عامة يُراد بهٍ ! بعد سقوط النظام في العراق في نيسان 2003 أنفتح العراق على العالم وإن شئت قُل أنفجر إلى الداخل عكس المتوقع من الانفجارات !! بعد ضغط وكبس وكبت طال أمدهُ لسنوات وعقود ، وحدث ما حدث و أصبح العراق يعيش حُريةً فوضوية بالمعنى الحقيقي للفوضى !! وهكذا وضمن العشرات من الأفكار الجديدة والحديثة التي دخلت للعراق ومنها وسائل الإعلام بكل صُنوفها ولا سيما وأبرزها الإعلام المرئي مُتمثلة بالقنوات الفضائية فوصلت أعداد هذه القنوات الفضائية بعد التغيير في 2003 وحتى الآن أكثر من ستين قناة فضائية وعشرات القنوات المحلية الأرضية ، الجديد في هذه المسألة والذي لفت انتباهي هي النشرات الإخبارية المعروضة على هذه القنوات !! فضمن النشرة الرئيسية للأخبار هنالك ملاحق عديدة كالنشرة الاقتصادية والنشرة الرياضية وفي بعض القنوات النشرة الكهربائية والتي تنفرد بها فضائيات العراق لبث أخبار ساعات تجهيز الكهرباء للمواطنين !! وهنالك النشرة الجوية المعنية بأحوال الطقس ، والمهم الذي لفت انتباهي وأثار حفيظتي هي ( النشرة الرياضية ) فهذه النشرة العصماء التي لا تُبارح شاشتنا الفضائية صباحاً ومساءً والتي لا تعدو عن كونها مجرد أخبار تُجّار سوق النِخاسة الرياضية والمُتاجرين بالرقيق الذين يشترون الشباب بملايين الدولات ويزجّونهم في مُنافسات غير شريفة وغير إنسانية ويلعبون بهم قبل أن يلعبوا هم بدورهم لجني الأموال والمصالح الخاصة لدعم الرأسمالية ذات الصيت السيء ، فهذه النشرة البرجوازية التي لا يفقههُ أصحاب الفضائيات لا وبل أصبحوا هم أيضاً جُزءاً من هذهِ اللعبة القذرة في بثها والتمجيد بها وبسماسرتها فالنقدُ هُنا على وجهين ، أولاً : ننتقدُ هذه النشرة السخيفة والتي لا تفيد البتة لأنه يجرُ شبابنا إلى متابعة أخبار تُجّار البشر فاحشي الثراء مُتناسين واقعهم البائس والأجدر بالإصلاح والبناء ، بدءاً من الواقع الشخصي للفرد العراقي لبناء ذاتهِ وتقييم أفكارهِ للنهوض من كبوة طال أمدها لعقود ، لأن الإعلام وكما هو معروف عنه سلاحٌ ذو حدّين ونافذ بسهولة ولا سيما إذا كان ميسوراً ومتوفراً في كل بيت ومكان عمل وغيرهما ، ثانياً : ننتقدُ وبشدة محتويات هذه النشرة ، فكما هو معلوم أن أول فقرة في الرياضة هي ( كرة القدم ) والذي اُبتلينا بها ، فهذه اللعبة الرعناء سَلبت عُقول شبابنا لا وبل حتى شيوخنا ونسائنا !! فما إن تبدأ لُعبة ما حتى ترى الجموع الغفيرة من مسلوبي الإرادة ومُغيبي التفكير يتوافدون مُتسارعين على شكل قُطعان ليتبسمروا أمام الشاشات منتظرين ومُستسلمين لتُجار الرقيق كالعبيد ليشاهدوا صفقة تجارية تفوحُ منها رائحة الرأسمالية النتنه ، وكل هذا في أجواء مشحونة بالبُغض والتعصُب والسب وربما كسر الأشياء القريبة من متناول أيديهم كالكؤوس وأجهزة التحكم عن بُعد - الريموت كونترول - !! وهكذا حتى تنتهي هذهِ المهزلة المُقدمة مجاناً أحياناً والمدفوعة ثمنهاً أحياناً !! فيغادرون بعد ما أكتظ بعضُهم غضباً و أمتلئ الآخر المُنافس والمُشجع فرحاً !! وكلاهُما خسرا وقتاً ثمينا وجهداً أثمن من أن يُصرف لهكذا تفاهة مدفوعة الثمن يستفيد منها فلان وفلان فقط !! والأدهى من كل ما تقدم أنّ البعض يعتبر هذه المهزلة نوعاً من الثقافة ويُسهبُ آخرين مُتوهمين بالقول أن الرياضة وخاصة كُرة القدم تجمعُ الفُرقاء وتُصفي النيات لا ويُغالي البعض في القول مُتبجحاً أن الرياضة وكُرة القدم بالذات فوق الحُدود الدولية والمشاكل السياسية .. والخ ، ولا يعلم هؤلاء المساكين أن كُرة القدم لُعبة تجارية رأسمالية رائجة حالها حال المتاجرة بالسلاح والمُخدرات والأخيرين حالهما حال كرة القدم فهما يعبران الحدود ولا يأبهان بالمشاكل السياسية والجغرافية لأن الغايات واحدة وهي التجارة الغير شريفة لصالح أصحاب رؤوس الأموال التي تُمول هكذا مشاريع لعينة !! على العموم لِستُ ضد الحريات الشخصية ولكني ضد الأدلجة بكل أنواعها إبتداً من الأدلجة الفكرية ومروراً بالأدلجة العملية فكُرة القدم حالها حال الأفكار المُنغلقة على ذاتها والرافضة للآخر أصبحت أيديولوجية رائجة هذه الأيام وأصبح مُعتنقوها ومُشجعوها يعبدون آلهة بشرية مُتمثلة بأشخاص لاعبي كُرة القدم !! ومما أخبرني بهِ أحدُ الرياضيين المحليين : أنّ شِجاراً دامياً نشبَ بين مُشجعي فريق كذا وفريق آخر عقب إنتهاء المباراة المقامة بين الفريقين ، والمُتشاجرون كانوا مُتحمسين جداً كلٌ حسب إعتقادهِ الرياضي الأيديولوجي وهكذا لم تنتهي تلك المشاجرة إلاّ بعد تَدَخُل دورية من الجيش القريب من مكان المُشاجرة وفرض قوتها بالسلاح وإطلاق النار في الهواء ليتمكن من تفريقهم !! وهكذا تفرقوا والدماء تسيل من رؤوس بعضهم !! هذه واحدة من القصص المحلية الكثيرة ، ولا يقتصر هذه الشجارات على النطاق المحلي فقط لا لا ابداً !؟ بل تحدُث على نطاق دولي وعالمي !! وخير مثال لنا ما حدث قبل مدة ليست بالبعيدة بين لاعبي مُنتخب مصر ومُنتخب الجزائر في نهائي كأس العالم العسكرية والتي أقيمت في البرازيل حيث فازت فيها الجزائر بهدف نظيف, و حدث ذلك إثر نشوب مُشادة كلامية بين أحد لاعبي مُنتخب مصر العسكري وبين أحد اللاعبين الجزائريين تطور بعدها الأمر إلى إشتباك بالأيدي بينهما ليتطور الأمر لاحقاً فتحول الملعب لساحة قتال شملت جميع لاعبي الفريقين !! وبالعودة إلى الهموم الإعلامية المُتكاثرة والنشرات الإخبارية الببغائية أقول مُتحدياً كافة القنوات الفضائية العراقية وربما حتى العربية أنّ يجعلوا نشرة للعلوم !! أين العلم والعلماء والتطور الحاصل في شتى المجالات المفيدة للبشرية أين الأخبار الطبية والأخبار الفلكية والأخبار التقنية والخ ؟؟ لماذا لا يجعلون نشرة علمية على غرار نشرات السياسة والإقتصاد والرياضة ؟؟ أليست العُلوم بشتى صُنوفها هي من أوصلتهم ومكنّتهم من بث نشراتهم السقيمة ؟ من أكتشف الكهرباء من أخترع التلفاز والكاميرات من أخترع وصنع وطوّر الأقمار الصناعية وأجهزة البث والإرسال والإستقبال ؟؟ هل لاعبوا كُرة القدم الفاشلين في الحياة الدراسية والمهنية أمّ مُقتني سيارات السباق الفارهة أمّ مجانين الملاكمة والمصارعة !!

على العموم يبقى هذا الكلام زوبعة في فنجان لأن لا حياة لمن أنادي فهذه هي ثقافة اللاثقافة !! وأخيراً هذا رأيي الشخصي الذي لا يوافقني عليه السواد الأعظم !!!

--------------------
عـــــلاء الـمـوصـّـلي
25 حزيران 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س