الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البكاء

سونيا ابراهيم

2013 / 6 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتميز الشرق أوسطيون بإحساسهم العالي بالنوستالجيا، و هذا ينبع من اهتمامهم بزيارة القبور بعيداً عن أسلوب التأنيب التلقيدي أو الطقوس التي تتفاقم عن الحد التي يمارسونها في العزاء، و نلاحظ ذلك في أغاني العويل و الندب التي ينشدونها في كل مناسباتهم الحزينة، بعيداً عن الطقوس الدينية التي ينبغي عليهم ممارستها بمازوشية تعذب أرواحهم، حتى يصبح لدينا فكرة معينة عن البكاء و الصدق.
إذا اشتكتْ امرأة و الدموع تترقرق من عينيها يصير الصدق هو السبب الذي أذرفتْ من أجله هذه الدموع، أما اذا كانت هذه المرأة تُفضي ما بداخلها ليس من شكوى بل من حب و تدفق شديدين فإن الأمر قد يتطلب أيضاً نوعاً من التعاطف أو حتى التواصل الجسدي ما بين أحضان، و تعاطف مع الدموع، أو حتى تبادل القُبَل إذا شئتم!

و لكن في حقيقة الأمر عندما تصل الدموع لنوع من التواصل مع النفس عبر الحنين لما افتقدناه، أو التعبير عن حاجتنا إليه يصبح البكاء صعباً-حقيقة – و لكنه- بشدة – يخلق نوعاً من المواساة للنفس و التعبير عن الأحاسيس و العواطف. و من قال أن بعض الأمهات و الأطفال عندما يذرفون دموعهم فيي وداع الأعزاء لا يودون أن تنتهي هذه الدموع بقبلة أو ربما همسة في آذانهم لو حتى كانت نوعاً من مداعبة؟ ألا يوجد أجمل من الدموع التي تذبل أهداب العين بين حبيبين يتوسلان ألا يفترقا عن بعضهما العبض؟
أتعلمون أنه رغم كل المعاناة التي تقهرنا- نحن في الدول النامية- (و أشعر بالأسف- على من سبب هذا- و ليس علينا عندما أقول هذا التصنيف)، و رغم أوقات الألم و الدمع الحزين الذي يمزقني و لا أُظهره؛ بسبب معاناتي في مدينتي إلا أني أعلم الحقيقة أني سئمتُ من قلة رغبة الأناس من التواصل بالدموع دون الحاجة لإظهار شفقة مبالغ فيها، أو رغبة جديدة بالاحتياج الغير ضروري.. الدموع يا أحبتي بين اثنين، أو حتى اثنتين هي أسلوب للتواصل. لم أكن صادقة تجاه نفسي عندما سببتُ الدموع لمن حاولوا إيذائي- و إن كان بديهياً- بالنسبة لهم، و لكني صادقة بأني لا أتفهم؛ بل لا يمكنني استيعاب الرجال الذين لا يرغبون بتغيير تعابير وجوههم من أجل التواصل.. لا يهمني البكاء إن لم يكن ضرورياً، و لكني كنتُ أتمنى منه- الأحمق- أن يتحرر مني حتى يرتاح من أجله.. و لكنه لم يفعل.. فقد اهتمامي بعدها لأنه رفض التواصل و أنا رفضتُ المحاولة!! نحن عادة لا نطلب السماح و الغفران من أطفالنا إلا قبل أن نفارقهم- هذه هي الحقيقة التي تتفاقم كل مرة.. و هكذا هم غالبية الشرق أوسطيون.. تقليديون بطريقة مملة.. للغاية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة