الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما يُصبح الزوج أداة للتعبد والاستغلال

حميد بعلوان

2013 / 6 / 28
المجتمع المدني


الزواج في الأصل شكل من أشكال العيش المُشترك بين الرجل والمرأة، وتختلف نظرة الناس إليه من ثقافة إلى أخرى، ولأن مُؤسسة الزواج (أو الأسرة) هي النواة الأولى للمجتمع، فإن مصير أي مُجتمع يتأثر بنظرة أفراده للزواج والغاية منه.
في الثقافة الإسلامية العربية لا يتزوج الناس إلّا لأربع: لإرضاء الله باعتبار الزواج سنة نبوية، للهروب من الفقر وتحسين مستواهم المعيشي والاقتصادي، لإشباع غرائزهم الجنسية، أو لتحقيق مستوى اجتماعي أفضل إذا كان الشريك الآخر ذو حسب ونسب.
في هذا المقال سأتطرق لكل دافع أو غاية من هذه الغايات على حِدا، وأحاول توضيح المشكل في تًقْزِيم ثقافتنا للزواج في مُجرد وسيلة لتحقيق هذه الغايات.
لو نظرنا للزواج كمجرد طريق لإشباع الغرائز الجنسية بشكل مقبول اجتماعيا، فهذا لا يضمن أبدا للعلاقة أن تستمر مدة طويلة بشكل أفضل. أما لو اعتبرنا الغاية من الزواج هي إرضاء الله ورسوله (ص) فقط أو كما يقال في لغتنا العامية "بَاشْ يْكْمْلْ دّينْ دْيَالُو" فإن هذا يُقّزم هذه المؤسسة في البُعد الديني وعلاقة الإنسان بربه فقط، ما يؤثر في طبيعة العلاقة الزوجية ويجعل الشريك الآخر يُصبح كمجرد أداة للتعبد (مثل السّجادة أو السُّبحة و غيرهما ...)، فيصبح وراء أي تبسم أو تلطف في وجه الشريك الآخر غاية دينية وطمع في الأجر والحسنات، فنسمع قصص نساء يعاملهن الزوج بقسوة في أوقات معينة وفي أوقات أخرى يتبسم في وجوههن آملا أن تصبح "كل لقمة في فم الزوجة صدقة".
أما بخصوص اتخاذ الزواج كوسيلة للهروب من الفقر أو كون الشريك لديه حسب ونسب، فمِمّا لا شك فيه، حينما يكون وراء عقد الزواج دافع اقتصادي مالي تغيب العواطف المُشَكلة لأسس هذه العلاقة والتي يُفقد غِيابها قيمة هذه المُؤسسة، فيصبح كل طرف يجري وراء مصالحه الشخصية، بل ويفكر في مستقبله بعد أن تنتهي العلاقة، لأن العلاقات المبنية على أسس اقتصادية كثيرا ما تنتهي بنهاية الغرض المادي الذي أنشئت من أجله، وأستثني هنا الحالات التي يكون فيها أحد الأطراف (المرأة غالبا) مُتعلق اقتصاديا بالطرف الآخر (الرجل)، حيث يصعب التخلي عن الزوج لكونها لا تملك مهربا آخر.
هذا التقزيم (المُشار إليه) لمؤسسة الزواج في دولنا العربية أساءت إلى الزواج كثيرا، حيث أصبح مؤسسة يستغلها كل طرف لأغراضه الشخصية الدينية منها و الدنيوية، ما أدى في كثير من الأسر إلى غياب الحب كقيمة لا بد منها، بل قد يُعتبر الحب شيء ثانوي، إذ يكفي في بعض المناطق أن يرى الرجل شكل المرأة الخارجي فتقع في نفسه، ثم يذهب مع عائلته لخطبتها، دون الحاجة لأن يعرف الطرفان بعضهما معرفة وطيدة، كما يمكن أن تكون أمُّ الخطيب فقط من رأت البنت فاقترحتها عليه لتتم الخطبة والزواج حتى من دون رؤية الطرفان المعنيان لبعضهما قبل ذلك. نهيك عن ضغوط المجتمع الذي يُقلل من قيمة المرأة العنيسة، ما قد يدفع بعض الأسر لتُجبر البنت بالزواج مع أي شخص تقدم لخطبتها بغض النظر إن كانت هي ترغب في ذلك أم لا، لأن القرار بيد الأب الذي يخشى على أسرته العار في حال بقاء ابنته بلا زواج.
كل هذا يدفعنا للتساؤل عن دور المؤسسات التنشيئية في تصحيح نظرة الناس إلى الزواج؟ ومتى سيُوضَع حد لاستمرار تكريس النظرة التَقْزِيمية للزواج في المقررات المدرسية، رغم أن هذه المؤسسة هي نواة المجتمع وأي خلل فيها يؤثر في المجتمع ككل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا