الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ

نصيف الناصري

2013 / 6 / 29
الادب والفن




أواصر عنيفة تربطنا بالجاني ، لكنَّ رصدنا لفعلته وهو يُجهز بفأسه
على التمثال الكبير للملك . ضيِّع منّا الدليل في تشابهه مع ذات الإله .
لحظة مسعفة تضيء الحجارة الكريمة في الفراغ ، نُملّكها حبّنا
المتواضع للذين اغتيلوا وتجمَّدت فوقهم القبور . عرف قديم نحافظ
عليه في استدانتنا النقود العابسة من الطوائف التي تصطاد ملل
الأثرياء. نعمة عظيمة نلهج بها طوال النهار، لكن إيلام الميت لنفسه،
يفسد علينا النوم بأرض المتزمّتين، وكلّ قنديل في عفن الشجرة، مرآة
مضادة للفجر. يُخلّد الجاني الحرّ فعلته الضرورية ويعلي شأنه في
حبور حميم. لا نقش معيق ولا شهادة متحذلقة . شمس لافحة تستجيب
للتمثال وتخلع الملك عن عرشه.






يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ ...





نُسجّي أوثاننا على الصخور المزمومة في الصيف ، وننتظر الكلمة
المملَّحة من العرَّاف. آبار منطقية ومقبولة تهجر أرضنا ونحن
نصطفي الفقاعة الأخيرة في إنشادنا للجفاف. التَحزُّب ضد أخطاء
الآلهة ، موهبة ينعم بها أولئك الذين يجوبون المتاهات في نومهم.
يصرف اللاهوت اهتمامنا بالغُصينات السرّية لسرورنا في خلع
الطبيعة لعبوسها، وكلّ نماء في ظهيرة المساجين، نوافذ مشرعة
على البتلات المتيّقظة للورد والإبر المندَّاة للأفق. غيمة صديقة
تنتابنا في ترقبّها رغبة لافحة بتحريك الأشرعة الزرق للبرك، وكلّ
محصول للشعير ، تقيِّد الغربان فيه نفسها، نبتعد عنه ونثغو مع
الافلاس في الحشائش الجافَّة للأسى. لوم المريض في خموله وهو
يضطجع على مبادىء موته، ورطة لا تُعمّر في توبيخنا لذواتنا،
والأفضل ، الكفّ عن الشهرة وإعاقة النسيم الذي لا يساير الظهيرة.
المنفجرون في غطرستهم يتسبّبون بإلحاق الديون للأعشاش الذرّية
لطائر نقَّار الخشب، ويشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم
للظمأ. تحمَّل الرذيلة في أعقاب كلّ فيضان، ثقل تنوء بحمله الأوثان
التي تركناها مسجاة وأفقدتنا الرغبة في الاستجابة للموت.






بين الأنقاض وبين الجيِّف المتدلّية من فوق الأشجار...






تجثمُ على نهارنا زنازين تُغنّي فيها الإبر الهائجة للفزع. فقدان المرء
لحياته في حديقة من دون أمل، كارثة فادحة ينفرد بها الشعب الذي
يلزم نفسه بالإنحناء لمرور الأسياد القتلة. زنابير كثيرة تطير حول
النفايات وتحاجج الجثَّث المتفسخة. إنعامات من الشجرة المرفوعة في
الزمن، نتلقَّى فيها قواقع ضرورية لحفظ الحجارة التي نتوسَّدها قبل أن
نموت. ثمار منفجرة نحرقها في المساء ونهشّم فيها عملاتنا الموروثة
عن الآباء، لكنَّ زمنهم تحرَّر من فراغ زمننا وما عاد بإمكاننا شراء أيّ
شيء بأموالهم الحصيفة. التزامات مجحفة يقع فيها اليائسون في بحثهم عن
الندى الذي يروّي عطشهم، ومشكلة توطين الميت في الأرض الأخرى،
وردّه الى سحلية أصله، تشعر ذرّيته بالانقباض وتدرّبها على تذكّر
زلاّتها في كلّ حين. تدمير الحياة الانسانية منهج يحيلنا الى تحسّس
رؤوسنا ونحنُ نسير بين الأنقاض وبين الجيِّف المتدلّية من فوق الأشجار.






الحجارة المتوثبة للزمن...






جموع لا تحصى أخلت أسرّتها للأدران وغابت عن الزمن والطبيعة.
هل يتوجَّب علينا في مخاطرتنا ونحن ندفىء الغصن العليل لموتنا، أن
نطلي القرميد العتيق لأيّامنا بين النسائم المتلاشية؟ أشياء فظيعة استنفدنا
فيها ذخائرنا ، وخسارتنا للميزان المترنّح للعمر، أُميط عنها اللثام منذ
البداية، وكلّ ما نوليه الاهتمام، يتصدَّع على الربوة الجافَّة للنهار. حمّى
نجوم توزّع نفسها بين الخيّر والشر ، يعزى اليها إراقة حركتنا المحصودة
في خريف الخليقة. حياة موحشة في إغاظتها لنا ، نحياها في المطالبة
برفع الدود والنفايات عن الحشائش التي تتشابه مع العمى اليومي للنحلة .
في الشروق وفي الغروب، نغمر آثار يأسنا بالدموع التي يستلبها منّا
الصقيع السهران في أبنية الشمس، وصلاتنا المرفوضة تتقهّقر ويُندَّي
الفناء ما نطرّزه في الحجارة المتوثبة للزمن. بروق دائمة تؤذن بقرب
الأجل، ولا اعتدال ليومنا نتوكأ فيه على الحزمة الضئيلة لأحلامنا
الزائفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا