الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتهازية تتجه نحو موقع النظام و تمارس الحظر العملي على أوطم

عبد الرزاق الكادري

2013 / 6 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


"عندما يغيب الفهم المادي للتاريخ لا تبقى سوى خطوة واحدة من الراديكالية الى الانتهازية" لينين

"إن تضاد الأفكار المختلفة و الصراع بينها في صفوف الحزب ينشأ على الدوام ، وهو انعكاس داخل الحزب للتناقضات بين الطبقات والتناقضات بين القديم والجديد في المجتمع . ولا شك أن حياة الحزب ستتوقف إذا خلا من التناقضات ومن الصراع الإيديولوجي من أجل حل هذه التناقضات ." ماو

شهد موقع ظهر المهراز في الأيام الأخيرة مجموعة من الممارسات اللاديمقراطية ، حيث أقدم أنصار تيار ما سمي بوجهة نظر 96 على تعنيف و استنطاق أحد المناضلين الماركسيين اللينينيين الماويين و ضرب آخر . إن هذه الممارسات التي أصبحت شبه عادية بذلك الموقع من طرف 96 تطرح العديد من الأسئلة الفكرية و السياسية الجدية ، و بغض النظر عن توقيت هذه الممارسات الذي بدوره يطرح أسئلة حقيقية حول خلفية أصحابها ( مع العلم انه لم تكن الساحة الجامعية تشهد أي احتقان أو معركة...) ، و بغض النظر عن من هم خلف الستار أولئك الذين يدفعون بهذه الممارسات التي لن تخدم سوى أعداء الحركة الطلابية و أعداء أوطم ، و بغض النظر أيضا عن أولئك الذين يدعون " الماركسية اللينينية " ، أولئك الذين يحاولون تنظيم " الماركسيين اللينينيين " بالمغرب ، أولئك الذين يوجهون هذا التيار من داخل موقع ظهر المهراز ، بغض النظر إن كانوا يدفعون الأمور إلى تأجيج هذه الصراعات المخربة للحركة الطلابية ، بغض النظر عن كل ذلك سوف نحاول على قدر الإمكان توضيح معنى و مغزى هذه الممارسات اللاديمقراطية و خلفياتها الايديولوجية و عواقبها السياسية .
لقد شهدت الحركة الطلابية المغربية منذ التسعينات و العشرية الأولى من القرن الحالي صراعات دموية ساهمت بشكل كبير من الحد من إشعاع أوطم و خلقت هامشا كبيرا للنظام و للرجعية لتمرير العديد من بنود مخططاته بالرغم من صمود و كفاحية الجماهير الطلابية و خلقت في نفس الوقت حواجزا عدة بين التيارات الأوطامية و بين المواقع الجامعية و في صيرورة نضال الجماهير وسط الجامعة ظهر من جديد بصيص أمل لوضع الحركة أو على الأقل صراع التيارات السياسية الأوطامية على سكته الصحيحة ، أي اعتماد الأساليب الديمقراطية في الصراع عبر النقاش الجماهيري الحر و عبر الاعتماد و الارتكاز الى الجماهير باعتبارها صاحبة المصلحة و صاحبة القرار . لقد ظهر هذا البصيص من الأمل عند طرح مشروع وحدة الحركة الطلابية المغربية الحالي بالرغم من نواقصه ، و شكلت الندوة الوطنية الأولى في 23 مارس بمراكش إحدى المحطات الأساسية في هذا المسار. و كما كان منتظرا و طبيعيا هناك من قابلها بالترحيب و التزكية ، و هناك من انتقدها و هاجمها ، لكن رغم ذلك فقد حققت نجاحا بارزا إذ استطاعت أن تجمع أغلب إن لم نقل كل التيارات الأوطامية المتواجدة بالساحة ، الداعمة و الرافضة ، للتعبير عن مواقفها و أفكارها بشكل حر و ديمقراطي بما فيهم أنصار تيار 96 الذين رفضوا تلك المبادرة و استقبلهم موقع مراكش و فتح لهم المجال للتعبير و لنقد الندوة أمام الجماهير ، الندوة التي اعتبروها فوقية و انتهازية بل ذهبوا إلى نعتها بأنها مؤامرة على الحركة الطلابية ، نعم لقد عبروا على مواقفهم بهذا الشكل و بهذا المضمون دون أن يمنعهم أحد من ذلك .
تلك كانت إحدى نقاط القوة في ندوة 23 مارس ، الدرس الأهم لكيفية الدفاع عن الطابع الديمقراطي للنقاش بين الأوطاميين .
ظل أنصار 96 و معهم بعض الخوجيين خارج خلاصات ندوة 23 مارس ، و ظلوا يهاجمونها ، لكن في المقابل كان الإصرار على الدفع بالحركة الطلابية نحو الأمام رغم إكراهات الواقع و تحدياته موجها لكل المناضلين (ات) و التيارات الأوطامية التي تبنت الندوة و انخرطت في صيرورة تطوير خلاصاتها و تجسيدها على أرض الواقع.
لقد كانت إحدى النقاط الأساسية وسط ندوة 23 مارس ، كما سبق و أن أشرنا، هو إعادة الاعتبار للأساليب الديمقراطية في الصراع بين الأوطاميين عبر نبذ المبادرة الى ممارسة العنف اتجاه أي فصيل أوطامي .
الخوجيون هاجموا الندوة لا لشيء إلا لأن الماركسيين اللينينيين الماويين مشاركين فيها. أما أنصار 96 فهجومهم على الندوة و رفضهم لها كان ، كما سوف يتضح فيما بعد ، لأنها ضد مصلحتهم و ضد أساليبهم الراسخة في التعامل مع مناضليهم و مع باقي الفصائل الأوطامية.

هل يشكل العنف الوسيلة الأساسية لتحصين النهج الديمقراطي القاعدي من التحريفية ؟
قبل ظهور وجهة نظر 96 عرف النهج الديمقراطي القاعدي في بداية التسعينات العديد من الصراعات الداخلية ، تلك الصراعات التي نجد أساسها في المتغيرات السياسية التي شهدها المغرب خلال تلك الفترة حيث احتد الصراع الطبقي و ارتفعت مقاومة الجماهير الشعبية و تطور حجم و قاعدة الجماهير الطلابية و اشتد الحظر العملي عبر الضربات العسكرية التي وجهتها القوى الظلامية لأوطم في مرحلة أولى و بعدها للنهج الديمقراطي القاعدي بعد تخلي باقي الفصائل على خيار المواجهة العسكرية .
بالإضافة إلى كل ذلك برز أو تطور النقاش وسط ما كان يسمى " باليسار الجديد" خصوصا بعد إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، المناضلين السابقين لمنظمة إلى الأمام و 23 مارس ، الذين رفعوا مهمة تجميع الماركسيين بالمغرب و إيجاد إطار سياسي جديد يستطيعون من خلاله المساهمة في الصراع الطبقي، لقد ساهم ذلك النقاش أيضا في خلق العديد من الإشكالات وسط المناضلين القاعديين.
كل تلك الظروف و المعطيات الجديدة ما كانت إلا أن تلقي بظلالها على مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي و أن تشكل أساسا للعديد من الخلافات وسطهم فظهرت العديد من الأفكار و وجهات نظر ، كل منها تحاول أن تقدم الإجابات التي تراها مناسبة لهذه الإشكالات أو ما ترتب عنها من قضايا فكرية و سياسية و تنظيمية وسط الحركة الطلابية.
لقد برزت الخلافات و برز معها الصراع و برزت وجهات نظر عديدة سواء وسط القاعديين أو وسط المناضلين المرتبطين بهم خارج الجامعة ، كل ذلك ولد مجالا قويا و حادا للصراع و طرح السؤال كيف يجب التعاطي مع هذا الصراع و كيف يمكن التعاطي مع الأفكار التي برزت الخاطئة منها و الصحيحة. و كيف يمكن التعاطي مع أصحابها ؟
و دون الدخول ، على الأقل في هذه الورقة ، الى تقييم و عرض تلك الأفكار و الخلافات ، فقد برز على أرضية السؤال أعلاه موقفان اثنان : الأول يقول بضرورة نقاشها جماهيريا و نقدها و الصراع على أرضيتها وسط الجماهير و عزل أصحاب المواقف الخاطئة و الانتهازية جماهيريا. الموقف الثاني كان يقول بأن الشكل و الأسلوب الأساسي لعزل أصحاب المواقف الانتهازية هو العنف و طردهم من الجامعة، لأن تلك المواقف الانتهازية تحاول ضرب النهج الديمقراطي القاعدي و تحريفه... الخ. و ما زكى هذا الموقف و الاتجاه هو واقع الحركة الطلابية و واقع غياب تكوين إيديولوجي و سياسي صلب القواعد القاعدية.
لقد برز هذا الرأي و تطور حتى وصل الى موقف سياسي معلن تحت شعار العنف المادي من أجل تحصين النهج الديمقراطي القاعدي من التحريفية و الانتهازية و في غياب تربية إيديولوجية و سياسية صلبة للقواعد ، غياب له في اعتقادي سببان أساسيان الأول غياب تنظيم سياسي ثوري يستطيع توجيه و تربية الطلاب و ثانيا ارتباط الطلبة القاعديين بشكل يومي بهموم و مشاكل الجماهير الطلابية و انغماسهم فيها على طول السنة تقريبا.
و في هذه الظروف نمت قاعدة كبيرة وسط الحركة الطلابية مرتبطة بالنهج الديمقراطي القاعدي ، قاعدة متحمسة ، دينامية ، شجاعة و مثابرة، لكن دون كما اشرنا تربية إيديولوجية و سياسية و تنظيمية صلبة.
و مع تنامي النضالات الطلابية و مع احتداد الصراع الطبقي ككل و مع نمو و تعمق الإشكالات الإيديولوجية و السياسية انفجرت هذه القاعدة الموحدة و برزت تيارات عدة كان أولها أساس سنة 93-94 مع بروز ما أصبح يعرف بوجهة نظر 94 و كانت نقاط الخلاف تتمحور حول نقطتين أساسيتين أولا الموقف من القوى الإصلاحية ، الاتحاد الاشتراكي و منظمة العمل و حزب التقدم و الاشتراكية حزب الطليعة.و ثانيا شكل التعاطي مع القوى الظلامية داخل الجامعة .
كان الصراع الداخلي حادا بين أنصار 94 و باقي مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي ، و كانت الإستقطابات و النقاش وسط المناضلين قويان على طول سنتان مع بروز العديد من المتغيرات في المفاهيم و الأفكار و حتى المناضلين أنسحاب بعضهم و بروز بعض آخر...الخ.)

و بعد هذه السنتان سوف تطرح وجهة نظر 96 ، في سياق ما كان يعرف آنذاك بالتجميع ، لقد كان الضغط على المناضلين الذين رفضوا خلفيات و أهداف التجميع الذي تزعمه قدماء الى الأمام و منظمة 23 مارس ، لقد كان الضغط قويا ، إذ أن العمل السياسي يفترض ليس نقد الآخرين بل أساسا تقديم البدائل و الإجابات. و هو ما حاول هؤلاء المناضلين فعله أي خلق بديل عن الآخرين.
و لأن الطلبة القاعديين لا يفصلهم سور الصين العظيم عما يقع خارج أسوار الجامعة ، و لأن المناضلين الذين قدموا تلك الإجابات التي أصبحت تعرف بوجهة نظر 96 ، كانوا الى ذلك الحين يحضون بالاحترام في صفوف مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي و هم في أغلبهم أبناء هذا الفصيل أيام نضالهم بالجامعة.و لأن هذا البديل الذي طرحوه لا معنى له إن لم يجد قواعدا و أنصارا له بالجامعة و خارجها. لهذا كله سوف يعلن بعض القاعديين موقفا مؤيدا لوجهة نظر 96 بل هناك من ذهب الى حد القول أنها تشكل الورقة الماركسية الوحيدة آنذاك بالمغرب .
تبني البعض لهذه الورقة و دفاعه عنها و الترويج لها وسط مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي سوف يخلق هزة ثانية وسط النهج الديمقراطي القاعدي و سوف تتشتت وحدتهم من جديد مرة أخرى و هذه المرة لن يظهر أنصار 96 و فقط بل ظهر من قلبهم أيضا طرف آخر هو ما كان يسمى " بالقوى الرجعية " هؤلاء كانوا التعبير الأكثر وضوحا عن غياب التربية الايديولوجية و السياسية وسط مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي ، لقد حولوا جميع القوى الى " قوى رجعية " معتبرين أن الحديث عن الإصلاحية بالمغرب هو تحريفية بل تحريفية يجب مواجهتها بالحديد و النار.
إن هذا الموقف الذي اتخذه هؤلاء المناضلين هو من شكل الخلفية الفكرية و السياسية لممارسة العنف و تطويره ، فما دامت هاته القوى آنذاك هي قوى رجعية فلا مجال لتواجدها داخل الساحة الجامعية و بالتالي فشكل التعاطي معها هو العنف. و بالفعل شكل هؤلاء مليشيات ليس لممارسة العنف ضد القوى الإصلاحية ، فهي أصلا لم يكن لها وجود آنذاك في أغلب المواقع بل للممارسة العنف ضد التحريفية تحت غطاء و تحت شعار : تحصين النهج الديمقراطي القاعدي من التحريفية.

أنصار 96 بعد أن وجدوا مركزا لهم بفاس آنذاك سوف ينتقلون بنفس الرؤية لبناء ذاتهم في مراكش و خصوصا أكادير، و سوف تنطلق المواجهات هنا و هناك و تتعمق الجراح و يدخل النهج الديمقراطي القاعدي في متاهات و معارك أفقدته العديد من المناضلين الشرفاء الذين ارتكنوا بعد كل ذلك جانبا مبتعدين عن النضال بعدما شوهه الانتهازيون .
و على كل سوف تتطور الأمور و سوف يتلاشى كل من أنصار 94 و أنصار القوى الرجعية، التي لم يعد لها وجود اليوم سوى بموقع وجدة . و سوف يبقى في الساحة مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي و أنصار 96. هؤلاء الأخيرين ظلوا أوفياء لشعارهم القديم العنف هو الوسيلة الأساسية لتحصين النهج الديمقراطي القاعدي.
و ما زكى تشبثهم بهذا الموقف و ترسخه في صفوفهم أمران اثنان:
1- الدينامية القوية التي أطلقها مناضلوا النهج الديمقراطي القاعدي ميدانيا و أساسا داخليا من أجل إعادة الاعتبار للتربية الايديولوجية و السياسية و التنظيمية في صفوف مناضليه ، تلك الدينامية التي أخذت عدة أشكال ، إعطاء الأولوية للنقاش الايديولوجي و السياسي وسطهم و وسط الجماهير و في الصراع مع الأطراف ، صدور نشرة داخلية بموقع فاس تحت اسم " في الممارسة الثورية " التي كانت محتوياتها في جميع أعدادها الست نظرية إيديولوجية ، قابلها آنذاك أنصار 96 بالهجوم و الرفض و تجييش القواعد ضدها.
إن هذه الدينامية التي خلقها المناضلون القاعديون قد سمحت بشكل كبير في تطويق مواقف و أفكار وجهة نظر 96 و أصبحت مكانتهم في صفوف مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي تهتز، الأمر الذي انتبهوا إليه ليفجروا مواجهة عسكرية مرة أخرى ضد مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي سنة 2001 و دائما تحت ستار مواجهة التحريفية و لأنهم لم يستطيعوا توضيح هذه التحريفية آنذاك و كانوا عاجزين عن مقارعة القاعديين سياسيا و فكريا على المستوى الجماهيري ، لم يكن لهم من بديل سوى المزيد من ترسيخ مبدأ العنف تحت غطاء تحصين النهج الديمقراطي من " التحريفية ".

2 – المسألة الثانية التي جعلتهم يتخذون العنف كمبدأ في حل الصراعات الداخلية . هو أيضا المنحى العام الذي رسمه القاعديون لمواجهة التحديات الجديدة التي أعلنها تقرير البنك الدولي لسنة 95 و مشروع الميثاق الوطني للتربية و التكوين الذي طرحه النظام سنة 1998.
في وجه هذه التحديات استطاع آنذاك الطلبة القاعديون أن يبلوروا شعار " المجانية أو الاستشهاد" في معركة مقاطعة الامتحانات بكلية العلوم بظهر المهراز سنة 1997 و هو الشعار الذي خلق الصراع وسط وجهة نظر 96 ما بين موافق عليه و ما بين رافض له. و هو ما منع من صدور بيان المعركة آنذاك. و بعدها سوف يتقدم أيضا النهج الديمقراطي القاعدي بقراءة نقدية للميثاق رافعا من خلالها و من جديد ضرورة تحصين المجانية، و ضرورة النضال من اجل توحيد المواقع الجامعية على أرضية مجابهة الميثاق و تحصين المجانية ، لقد استطاع آنذاك أولئك المناضلون على خلق انفتاحات قوية مع باقي المواقع الجامعية و بدأت صيرورة الوحدة تتقدم ، أسابيع ثقافية مشتركة بكل من مكناس ، الجديدة ، مراكش ، أكادير ، الراشيدية ، بيانات مشتركة كانت الأمور تنحوا نحو الهدف الذي سطر آنذاك تهيئ الشروط لمعركة وطنية موحدة ، مع هذا النضال الدءوب و بهذه الدينامية كانت تتعرى وجهة نظر 96 و كان نفوذه يتقلص و هامش مناوراتها ينعدم تقريبا ، و بالرغم من أن جميع المناضلين القاعديين آنذاك يعرفون جيدا من هم 96 إلا أن الكل كان واضحا ، يجب إشراكهم في العمل و في مواجهة هذه المخططات ، فتم استدعاؤهم للقاء الوطني الذي عقد بفاس حينها ، وافق بعضهم و رفض آخرون و في الوقت الذي كان الكل يحاول إقناعهم بضرورة الحضور و التعبير عن مواقفهم و إعطاء مقترحاتهم في هذا الوقت بالضبط سوف يعلنون المواجهة العسكرية عبر ضرب أحد الرفاق من موقع مكناس بالساحة الجامعية .
و سوف تستمر هذه العقلية في الترسخ ، و حتى بعدما ساد هؤلاء بموقع فاس وحدهم تقريبا كان في كل مرة إذ يظهر مناضل ليعبر عن مواقف أو يعطي تقديرا و تحليلا في مضمونه بعيد عن خلفيات 96 و أهدافها حتى و إن كان لا يدرك ذلك يكون الجواب جاهزا تحت غطاء ضرورة تحصين النهج الديمقراطي القاعدي من التحريفية ، فتكسر عظامهم إن لم يكن تقطع مفاصله و يرمى به خارج ساحة النضال في أغلب الأحيان.
هناك من هؤلاء المناضلين من كانت له الجرأة ليعلن ذلك و يدينه لكن أغلب المناضلين ( نحن هنا نتحدث عن مناضليهم ) يكتفي بالانسحاب و الصمت .
لقد تطور هذا الموقف ليصل الى مداه الطبيعي ، فاليوم 96 بفاس لا تكتفي بمنع و ضرب مناضليهم الذي يعبرون عن أفكارهم الخاصة ، بل وصل الأمر الى منع و ضرب مناضلي باقي التيارات الأوطامية لا لشيء إلا لأنها تنتقد وجهة نظرهم و ممارساتهم و أفكارهم الذريعة اليوم ، ما هي ؟
!!!! تحصين الموقع
لقد وصل الأمر هذا الحد ، و عندما يحسون بعداء الجماهير لمثل هذه الممارسات بماذا يتفوهون ؟ مرحبا بالجميع ، الساحة موجودة للكل ، لكن ( و كم جميلة هذه ال" لكن") دون تسميم ، دون تشكيك في المعارك بمعنى يمكن للجميع أن يناقش لكن دون نقدنا ، يمكن للجميع أن يناضل لكن دون تجاوزنا ، يمكن للجميع أن يحضر لكن بعد إذننا . هذا هو كل ما في الأمر من تلك ال " لكن" .
لقد وصلت الانتهازية الى هذه الدرجة . و ما معنى ذلك غير ممارسة الحظر العملي . أين الاختلاف من ناحية المضمون عن القوى الظلامية و الفاشية ؟ هل يكفي أن نقول "بالماركسية اللينينية " على مستوى الشكل و الخطابات حتى لا نكون رجعيين في ممارستنا . هل يكفي أن يصرخ هؤلاء الانتهازيين بالبرنامج المرحلي و بنقطته الثانية ، النضال من أجل رفع الحظر العملي ، حتى يتنصلوا من كونهم اليوم يمارسون الحظر العملي داخل الساحة الجامعية؟
هل مواجهة البيروقراطية تعني الحظر العملي على باقي فصائل أوطم ؟
إن تقدم الصراع و التقدم نحو خلق الشروط اللازمة لنهضة جديدة للحركة الطلابية وطنيا لابد و آن ترافقها الدعوات نحو الانتظارية و لابد أن ترافقها الدعوات نحو التقهقر و بقاء الوضع الى ما هو عليه إن لم يكن أسوء.
لابد من أجل إيقاف هذا المسار السقوط نحو المنحدر.
هذا ما تثبته الأحداث في فاس .
الانتهازية تتحول و تتحول و تنحو نحو الرجعية و نحو ممارسة الحظر العملي.



الموقف المبدئي و السياسي الماركسي اللينيني الماوي

لقد ظل هذا الهم قائما في فكر المناضلين القاعديين سواء أولائك الذين استكملوا دراستهم الجامعية أو أولائك الذين ظلوا يناضلون داخل صفوف النهج الديمقراطي القاعدي.
كيف يمكن تجاوز هذه الممارسات مستقبلا؟ كيف يمكن محاصرة أصحابها؟ ولأن هؤلاء الرفاق متشبعون بالماركسية و لهم ثقة كاملة فيها اتجه النضال نحو الجبهة الإيديولوجية و الفكرية، تجاوز هذه الممارسة يستدعي الكشف عن خلفياتها الطبقية و يستدعي إبراز مضمونها الفكري و النظري و هو ما يعني و ما يتطلب ضرورة تكثيف دراسة الماركسية و استحضارها في كل صغيرة و كبيرة، يتطلب تحصين المناضلين ايديلوجيا و فكريا ، يتطلب الرفع من وعيهم النظري و السياسي و التنظيمي.
في خضم هذا الأرق الفكري و هذه المحاولات الجدية لفهم و بالتالي حصر الإشكال برزت الماركسية اللينينية الماوية كإجابة قوية و متقدمة على هذا الوضع موضحة الأسباب و ووسائل التجاوز، موضحة الأسباب الحقيقية العامة لبروز الاختلافات و نمو التناقضات وسط التيارات الثورية و كاشفة عن كيفية حلها بشكل سليم يقدم الصراع نحو الأمام لما فيه خدمة للمشروع الثوري. إن هذا الحل هو ما يعرف اليوم في الأدبيات الماركسية اللينينية الماوية بصراع الخطين.

إن الأساس المادي للاختلافات التي تبرز وسط الثوريين يجد تعبيره الأصدق في التحولات و التطور الذي يشهده صراع الطبقات، بروز هذه التناقضات و الاختلافات في مسألة موضوعية تماما، لأن الشيوعيين فكرا و ممارسة و تنظيما هم يؤثرون و يتأثرون بمجريات الصراع المتطور دائما. فمع كل تطور و مع كل بروز جديد و أمام كل عقبة و أمام كل إشكال جديد غالبا ما يظهر الاختلاف في تقدير اللحظة أو في تدقيق الموقف أو في الإجابة على الوضع أو أو ... هنا يبرز التناقض و الصراع، صراع ما بين خط سليم يدافع عنه رفاق معينون و خط خاطئ يتبناه رفاق آخرون، يحتدم الصراع فكريا و سياسيا و تنظيميا. إن هذا الصراع هو تعبير طبقي عن مصالح طبقية مختلفة وسط الشيوعيين، خط ثوري يدافع و يمثل مصالح الطبقة العاملة و الجماهير الشعبية و خط انتهازي يمثل مصالح البرجوازية وسط الشيوعيين.
هذا هو الأساس المادي لهذا الصراع سواءا داخل التنظيمات و الأحزاب السياسية الثورية أو وسط تنظيمات ثورية شبه جماهيرية كما هو حال النهج الديمقراطي القاعدي، لذلك من يعتقد أن هذا الصراع قد يخبو يوما ما مادامت الطبقات موجودة فهو واهم و غير ماركسي بالمرة.
و حتى في وجود حزب ثوري قوي سيظل هذا الصراع قائما و متجددا دائما مع تجدد متغيرات الواقع المادي ، إذن كيف يمكن حل هذا التناقض الموضوعي و كيف يمكن قيادة هذا الصراع قيادة صحيحة من أجل خدمة المشروع الثوري ككل؟
قيادة هذا الصراع تستدعي تطوير النقاش السياسي و الايديلوجي، تستدعي الاحتكام للجماهير و الاعتماد عليها في كل شيء، إن هذا الخط العام في فهم و استعاب و قيادة صراع الخطين كانت له نتائجه الباهرة في تقويم تفكير و ممارسة العديد من مناضلي و مناضلات النهج الديمقراطي القاعدي بشكل خاص أو مناضلات و مناضلي م ل م بشكل عام.
استحضار هذا الفهم و هذه الإجابة الماوية وسط النهج الديمقراطي القاعدي ساهم في إعادة الاعتبار للتربية الايديلوجية و السياسية و ساهم في تطوير وحدتهم و أدائهم و باستحضارنا لهذا الفهم يشكل النهج الديمقراطي القاعدي هو نفسه مجالا لصراع الخطين، بل إن هذا الصراع هو الذي يسمح بتطوير النهج الديمقراطي القاعدي، إنه محكوم بصراع الخطين، خط ثوري يمثل مصالح الجماهير الشعبية في حقل التعليم و يمثل ما يتطلبه و ما يحتاجه مشروع الطبقة العاملة من الشبيبة الثورية بشكل عام و الشبيبة الشيوعية يشكل خاص، و خط انتهازي لا يعني أن المناضلين الذين يدافعون عنه بالضرورة انتهازيين في تعاملهم مع الآخرين و إن كان بعضهم كذلك، و إنما يعني تمثيل مصالح البرجوازية وسط المناضلين القاعديين.
على طول تاريخ القاعديين و غيرهم من المنظمات الشيوعية كان هذا هو واقع الحال، إن هذا الفهم لأسباب الصراعات الداخلية و سبل حلها كان إحدى النقاط الأساسية التي طور بها م ل م تجربة النهج الديمقراطي القاعدي.
إن حل هذا التناقض أي القيادة السليمة لصراع الخطين وسط النهج الديمقراطي القاعدي يتطلب:
1-تعميق و تطوير النقاش بشكل ديمقراطي مع الاعتماد على النظرية الثورية كأساس و مرجع.
2-اعتماد أسلوب الإقناع و الاقتناع بعيدا عن كل إرهاب فكري و مادي
3- اعتماد النقد و النقد الذاتي مع الانطلاق من الوحدة و بهدف الوحدة الأصلب.
4- الاعتماد دائما و أبدا على الجماهير.

إن استحضار هذا الفهم ينطلق من القناعة بعمومية التناقض لكنه يستحضر أيضا الطابع الخاص لكل تناقض معين. لن أجد هنا صراحة خيرا من نص للرفيق خالد المهدي يوضح فيه بشكل خلاق هذا البعد في الماركسية اللينينية الماوية :

"ففي قلب الصراع داخل الحركة الشيوعية العالمية خصوصا عندما طرح على جدول اعمالها الكشف عن اسباب اخفاق ديكتاتورية البروليتاريا في بلد لينين و ستالين ؛ في قلب هذا الصراع الذي برزت فيه الخروتشوفية باعتبارها تعبر عن خط اعادة الراسمالية و بروز نسختها الصينية بقيادة ليوتشاوتشي التي ادعت نهاية الصراع الطبقي بالصين و تبنت مجمل الأطروحات التحريفية السوفياتية و في قلب الصراع حول تقييم المسالة اليوغسلافية . في قلب هذه المعارك الفكرية و السياسية برزت ضرورة اكتشاف هذا القانون و لم يكن ماو سوى صدفة تحقق هذه الضرورة التاريخية بعدما راكمت البشرية بشكل عام و الحركة الشيوعية بشكل خاص ما يكفي من التجارب و الخبرات ، ففي عهد لينين لم يكن بروز صراع الخطين على النطاق العالمي الا في بداياته الاولى و هو ما أشار اليه بحس سياسي رفيع .
ففي تقييمه لواقع الحركة الشيوعية العالمية في بداية القرن 20 أشار لينين الى هذه الظاهرة بقوله : "و في الحقيقة لا يخفى على احد ان اتجاهين قد نشئا في الاشتراكية الديمقراطية العالمية الراهنة ، اتجاهين يحتدم بينهما النضال و يضطرم أواره حينا ، و يهدأ حينا آخر و يخمد تحت رماد قرارات عن هدنة ضخمة مهيبة " ( ما العمل ؟ ص 159 ) .
لقد كانت بداية القرن 20 هي بداية تشكل صراع الخطين على النطاق العالمي و هو ما أشار اليه لينين في نفس مؤلفه " ما العمل ؟" ، حيث كتب معلقا على هذه الظاهرة : " و بالمناسبة ، ان هذا الواقع يكاد يكون وحيدا في تاريخ الاشتراكية الحديثة و هو معز فائق التعزية في بابه . فلأول مرة نرى الجدال بين مختلف التيارات في داخل الاشتراكية يتعدى النطاق الوطني الى النطاق العالمي .
ففيما مضى كان الجدال بين اللاساليين و الازناخيين ، بين الغيديين و الامكانيين ، بين الفابيين و الاشتراكيين – الديمقراطيين ، بين النارودوفليين و الاشتراكيين – الديمقراطيين يظل جدالا في النطاق الوطني الصرف ، يعرب عن خصائص وطنية صرفة . لقد كان الجدال يجري ، إن أمكن القول على مسارح مختلفة ، و في الوقت الحاضر ( و يبدو هذا الامر اليوم اكثر وضوحا ) يؤلف الفابيون الانجليز و المستوزرون الفرنسيون و البرنشتينيون الألمان و النقاد الروس عائلة واحدة ، يكيل بعضهم لبعض المديح و يتعلمون بعضهم من بعض و ينقضون معا على الماركسية " الجامدة " و في هذه المعركة الاولى العالمية حقا ضد الانتهازية الاشتراكية ، عسى ان تبلغ الاشتراكية الثورية العالمية من القوة ما يكفي لوضع حد للرجعية السياسية السائدة في اوروبا منذ أمد بعيد " ص 159/160 .
و في تقييمه ايضا للصراع الذي شهده الحزب الاشتراكي الديمقراطي بروسيا ابان مؤتمره الثاني اشار لينين بحسه السياسي المعهود و بعمقه الفكري الى هذا القانون لكن دون ان يتمكن من وضعه كقانون حيث كتب قائلا :
" ان كون جملة من الاخطاء الطفيفة جدا ارتكبها الجناح اليميني و كون جملة من الخلافات القليلة الاهمية ( نسبيا ) قد تسببت بالانقسام ، ان هذا الظرف ( الذي يبدو جارحا بالنسبة لمراقب سطحي و مفكر تافه ضيق الافق ) قد كان خطوة كبيرة الى الامام بالنسبة لكل حزبنا " (خطوة الى الامام خطوتان الى الوراء ص 525)
و في نفس المؤلف يطرح لينين السؤال حول " ما هي الاهمية السياسية للانقسام الذي حصل في حزبنا الى "اكثرية " و "اقلية "اثناء المؤتمر الثاني و الذي حل محل جميع الانقسامات السابقة و ما هو تفسيره ؟ "
لينين طرح هذا السؤال و اعتبره أحد الاسئلة الجوهرية لتقييم المؤتمر ككل . و في محاولة الاجابة عنه كتب ما يلي:
" في كل من هذه المراحل( يقصد لينين مراحل الصراع داخل المؤتمر ) ، اختلفت ظروف النضال و الهدف المباشر من الهجوم اختلافا جوهريا ، فكل مرحلة إذا جاز القول ، معركة خاصة في حملة عسكرية عامة ، و إننا لا نستطيع ان نفهم شيئا من نضالنا اذا لم ندرس الاوضاع الملموسة التي مرت بها كل هذه المعارك . و بعد هذه الدراسة ، سنرى جيدا جدا ان التطور يتبع ، بالحقيقة السبيل الديالكتيكي سبيل التناقضات : فالاقلية تغدو اغلبية و الاغلبية تغدو اقلية و كل معسكر ينتقل من الدفاع الى الهجوم و من الهجوم الى الدفاع و "ينفون " نقطة انطلاق النضال الفكري ( الفقرة الاولى ) ، و يستعيضون عنها بالمماحكات السافلة الشاملة ، ثم يبدأ " نفي النفي" ، و بعدها إيجاد وسيلة " لوفاق الزوج "بين بين مع المرأة التي أعطاها اياه الله ، في مختلف هيئات الحزب المركزية ، نعود الى نقطة انطلاق الصراع الفكري الصرف ، و مذ ذاك تغدو هذه " الموضوعة "التي اغتنت بجميع نتائج "الموضوعة المعاكسة " أعلى تركيب فكري يتسع فيه خطأ منعزل ، عرضي ، حول الفقرة الاولى ، حتى يبلغ ما يشبه نهجا مزعوما من الآراء الانتهازية في حقل التنظيم . و تبدو فيه الصلة بين هذه الظاهرة و الانقسام الأساسي في حزبنا الى جناح ثوري و جناح انتهازي بوضوح متزايد امام الجميع . و بكلمة ليس الشوفان وحده هو الذي ينبت حسب طريقة هيغل ، بل ان الاشتراكيين الديمقراطيين الروس يتقاتلون حسب طريقة هيغل " ( ص600/601) .
إن هذه النصوص التي اوردناها من مؤلفات لينين توضح عمق تفكيره الجدلي و توضح ايضا ان الشروط المادية التي فرضت ضرورة اكتشاف قانون " انقسام الواحد الى اثنان " و كذا قانون صراع الخطين باعتباره الشكل الخاص لقانون التناقض مطبقا عن تطور الحزب ، بدأت تنمو و تبرز شيئا فشيئا ، و منذ ذلك التاريخ الى الخمسينات تاريخ اكتشاف ماو و صياغته لقانون " الواحد ينقسم الى اثنان " راكمت البشرية خبرات عظيمة ، الحرب العالمية الاولى و ما فرضته من صراع و انقسام وسط الحركة الشيوعية العالمية ، الصراع داخل الاممية الثالثة بعد موت لينين ، المسار الطويل للصراع بين الخطين وسط الحزب الشيوعي الصيني و صولا الى الانتكاسات الكبيرة لديكتاتورية البروليتاريا في كل من يوغسلافيا و الاتحاد السوفياتي .
و هكذا ففي سنة 1956 إبان انعقاد مؤتمر ممثلي الاحزاب الشيوعية العالمية في موسكو اشار الرفيق ماو الى هذا القانون عندما برز الصراع ضد الخط التحريفي وسط الحركة الشيوعية العالمية ، ففي المداخلة التي ألقاها ماو في المؤتمر صرح قائلا :
" انظروا الى داخل الذرة انها ملأى بوحدة المتناقضات ، تشكل نواة الذرة و الالكترونات وحدة لمتناقضين ،داخل النواة تكون البروتونات و النيترونات وحدة للمتناقضات . فيما يتعلق بالبروتونات هناك بروتونات و اللابروتونات ؛ نفس الشيء بالنسبة للنيترونات و اللانيترونات .باختصار وحدة المتناقضات هي حاضرة بشكل مطلق . من الآن من الضروري الدخول في حملة دعائية واسعة النطاق حول مفهوم وحدة المتناقضات و حول الجدل .
برأيي يجب ان يستبعد الجدل عن حلقة الفلاسفة ليتجه نحو اوسع الجماهير الشعبية .
... الكتاب العامون في الخلية يعرفون الديالكتيك داخلها :
عندما يحضرون تقريرا من اجل تقديمه في اجتماع للخلية غالبا ما يحضرهم ان يشيروا في أجندتهم الى النقطتين التاليتين : أولا النجاحات ، ثانيا النواقص .
الواحد ينقسم الى اثنان انها ظاهرة كونية و هذا هو الديالكتيك " ( المنهج الجدلي لتثبيت وحدة الحزب).
و في تقييم الحزب الشيوعي الصيني للمسالة اليوغسلافية لخص الحزب دروس هذه التجربة على النحو التالي :
" اعادة الراسمالية في يوغوسلافيا تشكل للحركة الشيوعية درسا تاريخيا جديدا ، إذ تعلمنا انه بعد الاستيلاء على السلطة من طرف الطبقة العاملة ، يستمر وجود الصراع الطبقي بين البرجوازية و البروليتاريا ، صراع بين الخطين ، الراسمالية و الاشتراكية ، و ان خطر اعادة الراسمالية مستمر " (هل يوغسلافيا بلد اشتراكي ).
و في سنة 1964 كتبت هيئة تحرير ريمين ريباو تقييم الحزب الشيوعي لصيرورة تطور الحركة الشيوعية :
" ماذا يبين تاريخ تطور الحركة الشيوعية العالمية ؟
أولا يبين ان الحركة العمالية ، مثلها مثل أي شيء في العالم ، تميل الى الانقسام الى اثنين ، الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية يتمظهر بشكل لا مفر منه داخل صفوف الحركة الشيوعية العالمية" ( قادة الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي اكبر الانقساميين ) " وحدة ، صراع بل انقسام للوصول الى وحدة جديدة على أسس جديدة ، هذا هو ديالكتيك تطور الحركة العمالية العالمية " ( نفس المرجع ).
و في مداخلة ماو في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول عمل الدعاية أكد ماو هذا المضمون :على ان "كل الاشياء ، كل الظواهر تستجيب لمبدأ الواحد ينقسم الى اثنان " ، " في المجتمع البشري كما في الطبيعة ، الكل ينقسم دائما الى أجزاء ، فقط المضمون و الشكل يتغير حسب الظروف " .
إن تطور العلوم و الاكتشافات العلمية حول مكونات الذرة و تطور الصراع الطبقي قد شكلا الاساس المادي لاكتشاف هذا القانون العام ، لكن من المهم جدا معرفة كيفية استحضاره في كل مجال على حدة ، أي معرفة الشكل الخاص الذي يظهر به في هذا المجال أو ذاك و إذا أخذنا مثلا مسالة الحزب فماو قد تمكن من صياغة القانون الاساسي لتطور الحزب قانون " صراع الخطين " باعتباره يشكل الشكل الخاص للتناقض في صيرورة نشأة و تطور الحزب ، انقسام الحزب الى خطين ( و هنا نتحدث عن الانقسام و ليس الانشقاق ) و صراعهما هو حتمية تاريخية في صيرورة تطور الحزب ، انه الشكل الخاص الذي يظهر به قانون " الواحد ينقسم الى اثنان " في هذا المجال . وفي كل لحظة يجب معرفة خصائص كلا الخطين و دراستهما و قيادة هذا الصراع من اجل بلوغ وحدة ارفع يتم خلالها " ثني " الخط الخاطئ او لنقل " نفي "مختلف الافكار والمواقف التي عبر عنها الخط الخاطئ ، و في هذا النفي ينمو الحزب اكثر فكريا و سياسيا و تنظيميا و يظهر صراع الخطين من جديد على ارضية قضايا جديدة و يستمر التطور دائما تبعا لهذا القانون .
و هكذا فالانقسام لا يعني التشتت و انما النمو و الرقي . انه يمثل قانون تطور الطبيعة والمجتمع و الفكر ايضا .
ان التناقض الذي يحكم تطور المجتمع الراسمالي هو التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية و في اطار صيرورة الصراع بين هذين الطرفين حل هذا التناقض ابان الثورة الاشتراكية التي تحققت بانتصار الطرف الاول للتناقض ( البروليتاريا) على الطرف الثاني للتناقض ( البرجوازية ) و مع انتصار الطرف الاول ظهر الجديد ، المجتمع الاشتراكي و انقسم الطرف المنتصر بعد ذلك الى خط بروليتاري و خط برجوازي ، خط اعادة الراسمالية .
في الطبيعة يولد الانسان عن طريق سلسلة من الانقسامات التي تتعرض لها بويضة المرأة ، البويضة تنقسم الى اثنان و كل جزء يشكل وحدة للمتناقضات و ينقسم و تستمر هذه العملية حتى تشكل الجنين و ولادته و يستمر النمو على قاعدة نفس القانون حتى موته و تحوله ...الخ.
إن القيمة الفكرية و السياسية لهذا القانون تشمل كل مناحي الحياة ، و منها الحياة السياسية . فاليوم تطرح على جدول اعمال الشيوعيين (ات) مسألة وحدة الحركة الشيوعية سواء على النطاق الوطني او الاممي ، ويمكن لكل متتبع لشان الحركة الشيوعية ببلادنا او بباقي البلدان حيث لا يوجد بعد حزب ثوري أن يلاحظ ثقل هذا السؤال و مركزيته في صفوف الشيوعيين (ات) . في العراق يطرح السؤال بحدة خصوصا مع انطلاق الكفاح المسلح ضد الامبريالية الامريكية ، في سوريا نشاهد تصاعد و نمو الجدال و الصراع حول وحدة الماركسيين ، في الاردن الشباب الثوري ينعش هذا النقاش وسط الشيوعيين و في المغرب أصبح ذات السؤال يشكل مركز اهتمام كل من يعمل بجدية و صدق من اجل مصلحة الثورة المغربية . في هذه الظروف لابد للشيوعيين من اجل قيادة صيرورة الوحدة من امتلاك وعي سليم بالقوانين التي تتحكم فيها . ان الماركسية اللينينية الماوية تقدم لنا الاجابة عن هذا السؤال المركزي بشكل خلاق.
ان الماركسيين اللينينيين الماويين ينطلقون من الوحدة ، الوحدة على ارضية خط فكري و سياسي يخدم مصالح البروليتاريا ، و يهدفون الى تطوير و تصليب هذه الوحدة ، عملية بناء و تصليب وحدة الشيوعيين ( ات) تتم من خلال الوعي بقوانين الديالكتيك باعتبارها القوانين التي تتحكم في هذه الصيرورة كما في باقي الصيرورات الواقعية ، و خصوصا القانون الجوهري للديالكتيك المادي " الواحد ينقسم الى اثنان ". ان استحضار هذا القانون وسط صيرورة بناء الوحدة هو امر بالغ الاهمية من اجل قيادة هذه الصيرورة ، فتطوير الوحدة بالنسبة لنا نحن الماركسيين اللينينيين الماويين يتم من خلال الصراع الإيديولوجي و الفكري على مختلف قضايا الصراع الطبقي و في مقدمتها قضايا الخط الفكري و السياسي للثورة.
وحدة – صراع – وحدة ، هكذا صاغ الرفيق ماو موضوعته حول بناء الوحدة ، الانطلاق من الوحدة و خوض الصراع الإيديولوجي و السياسي من اجل الوصول الى وحدة ارفع و هكذا دواليك .
ان الانطلاق من الوحدة بالنسبة للماركسيين اللينينيين الماويين يعني في ذات الوقت موضوعية الصراع داخل هذه الوحدة حيث لا توجد وحدة بدون صراع ، إن وحدة و صراع المتناقضات هي جوهر الديالكتيك ، ففي قلب هذه الوحدة يوجد طرفين متناقضين خط صحيح و خط خاطئ ، خط يميني و آخر يساري و عندما نتحدث عن خط صحيح و آخر خاطئ او خط ثوري و آخر انتهازي لا يعني أفرادا انتهازيين و آخرين ثوريين كما يفهم ذلك كل سطحي ضيق الافق و انما يعني وجود افكار و مواقف صحيحة و أخرى خاطئة . موضوعية وجود صراع الخطين تستمد مشروعيتها من موضوعية الصراع الطبقي ذاته ، فصراع الخطين لا يعدو ان يكون انعكاسا لنضال الطبقات في صفوف الشيوعيين (ات )، لكن موضوعية وجود صراع الافكار الصحيحة و الخاطئة لا يعني بتاتا القبول بوجود مواقف غير صحيحة و انما هو ما يفرض ضرورة خوض الصراع ضدها ، فعلى ارضية مسالة من المسائل السياسية او الفكرية او التنظيمية التي يطرحها الصراع الطبقي تبرز الخلافات و تتعدد الاجابات حو لهذه المسالة او تلك ، و ينمو الصراع و يبرز الانقسام داخل الوحدة و يحتد الصراع او يخفت حسب الظروف و في خضم هذا الصراع يتصلب الخط الثوري و ينمو .
و على ارضية الممارسة العملية يبرز الخط الصحيح من الخط الخاطئ و على ارضية النقد و النقد الذاتي يتم تجاوز كل ما هو خاطئ من افكار و مواقف و ممارسات و في هذا التجاوز يتحقق نفي الطرف الصحيح للطرف الخاطئ و ينمو الخط الفكري و السياسي و يتم الانتقال الى وحدة ارفع على ارضية الخط الفكري و السياسي الذي تطور عبر هذا الصراع . إن تجاوز ما بدا خاطئ عبر هذه الصيرورة لا يعني التخلي عن الرفاق و الرفيقات الذين أخطئوا وعبروا عن تلك الافكار الخاطئة (باستثناء طبعا من تشبثوا بأخطائهم ) بل على العكس من ذلك تماما فالنمو و تصليب هذه الوحدة يكون مع أولئك الرفاق و الرفيقات شرط قناعتهم و ممارستهم للنقد و النقد الذاتي ، و بما أن الصراع بين الطبقات لا يتوقف فانه يطرح في جدول اعمال الشيوعيين قضايا أخرى و تبرز العلاقات "وينقسم الواحد الى اثنان " و هكذا دواليك الى ما لا نهاية ." من مقال الماركسية اللينينية الماوية: تقاتل، تصمد و تنتصر الجزء الاول القسم الثاني :الديالكتيك


عبد الرزاق الكادري
19/06/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر


.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا




.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. الجزائر: مجلس الأمن أمام مسؤولية تاريخية لفرض حل الدولتين وق