الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- عش هكذا.. في علو أيها العلمُ-!

يوسف علوان

2013 / 7 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم يقصد الزهاوي، في قصيدته المشهورة "عش هكذا في علو ايها العلم" بـ"علو العلم" ارتفاع ساريته التي تحمله، والتي لا تمثل في حقيقة الأمر أية قيمة معنوية للعلم ولمواطنيه، فالذي كان يقصده بالعلو.. هو احترام المواطنين هذا العلم من خلال الوفاء له والالتزام بالقيم التي كان يمثلها.. فلم ترتفع في ذلك الوقت –الذي كتبت فيه القصيدة- الساريات التي ترفع الأعلام عن أكثر من امتار لا تتجاوز اصابع اليد بأحسن الأحوال، لكن العلم الذي كان يرفعه الجندي وهو يتقدم السرايا في معارك الوطن هو اشرف الرايات وخصوصاً اذا تحقق الهدف الذي من أجله قامت المعركة وكانت للدفاع عن هذا الوطن.
هكذا تعلمنا ان تكون قيمة العلم بسمو أخلاق أبنائه وتفانيهم في سبيل عدم سقوط هذه الراية الى الأرض، لتظل خفاقة في يد ابنائها من خلال ما يقدموه للوطن والشعب من انجازات يفخر بها المواطن بقدر فخره بعلمه.
لقد اثار هذه الخواطر لديّ ولدى الكثير من المواطنين ما نشاهده في بعض المؤسسات وبالاخص الوزارات من ساريات عالية جداً فوق بناياتها وهي تحمل العلم العراقي، وقد وصل الأمر بأحد مسؤولي الوزارات ان يصف السارية التي رفعت العلم فوق وزارته: "أعلى سارية علم في العراق" فما الذي يضيفه للعلم هذا الارتفاع الذي يسهل تشييده بسهولة، في الوقت الحاضر لما تتمتع به وزاراتنا من ميزانيات كبيرة للصرف بهذا الشكل المبالغ به.
فما الذي يضيفه هذا العلو/ الشكلي لمضمون الراية التي لحق بها ما لحق من اساءات على طول الفترة التي اعقبت العام 2003، كان الأجدر بهذه الوزارات التي رفعت ساريات العلم ان ترفع من "علو" سقف ما تقدمه للمواطن من خدمات، التي لم تزل اقل من نسبة 10% من واجبها تجاه هذا المواطن، فما الذي قدمته وزارة التجارة مثلا، في توفير مفردات البطاقة التموينية من ناحية الجودة والكمية، كم من الأمتار يساوي إيفاؤها بواجبها هذا، الذي ما زال المواطن يشتكي من تردي ما يحصل عليه من مفردات البطاقة، وكيف نقيس علو الفساد فيها الذي يعيق تقديم خدمات أفضل.
وما الذي قدمته وزارة الكهرباء لتزيد علو رايتها والمواطن ما زال يعاني حتى هذه اللحظة من تردي الطاقة، وقد ملَّ عود مسؤولي الوزارة من توفير الطاقة كل عام حتى وصلت وعودهم بـ"تصدير" الطاقة بعد اكتفاء البلد واشباع حاجته.
كذلك الأمر بالنسبة لوزارة الداخلية، فالأمن المفقود وفساد صفقات أجهزة كشف المتفجرات، ومعاناة المواطنين من الساعات التي يقضونها بسبب سيطرات التفتيش التي اكتشفنا اخيرا ان اجهزتها لا تعمل، والأغرب اصرارها حتى الآن على استخدام هذه الأجهزة التي تتسبب بالاختناقات المرورية التي يعاني منها المواطن في رواحه ومجيئه.
وهذا الأمر ينطبق على بقية الوزارات والمؤسسات التي لا تختلف في –ارتفاع- ساريات اعلامها وانخفاض مستوى انجاز مهماتها.. كل ذلك يدل على ان علو سارية العلم مجرد تغطية لعجز تلك الوزارات عن القيام بواجباتها..
فلا "العيون قريرات بما شهدت" ولا "القلب يفرح والآمال تبتسم" مثلما تصف قصيدة الزهاوي في أبياتها! فما بالنا بعلم ساريته 75 متراً وتحت خافقيه تغرق وزاراتنا بفشلها وعجزها عن تقديم ابسط الخدمات للمواطن وفسادها الذي لا تستطيع الحد منه؟! اضف الى ذلك فشل السياسيين في الحفاظ على وحدة البلد الذي يرمز له العلم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح