الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوية سورية

قصي غريب

2013 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



إن سورية من حيث الهوية هي دولة عربية إسلامية بحكم الوقائع، وبخاصة منها الثقافية والحضارية، والتي لا يمكن تجاوزها أبداً بالرغبات الذاتية، والميول الأيديولوجية للبعض، واستدعاء شكل دولة بعيدة عن الواقع السوري كجمهورية افلاطون، أو يوتوبيا توماس مور، أو دولة على شاكلة الأنموذج الأميركي، أو البريطاني، أو الفرنسي، أو السويسري، وتطبيقها في سورية لاستحالة وصعوبة ذلك لاختلافات كثيرة جداً يأتي في مقدمتها اختلاف الحالة الثقافية والحضارية، فالدولة الديمقراطية ليست وصفة طبية جاهزة يتم تناولها، فهي لا بد وأن تنسب إلى المكان والزمان، وتمارس في واقع اجتماعي محدد الهوية لاسيما وأن هوية الشخص حقيقته، أو الشيء المشتمل على صفاته الجوهرية التي تميزه عن غيره باعتبارها حزمة من القيم المشتركة، والمعتقدات، والاتجاهات، والقيم، والأدوار، أي لها علاقة أساسية بمعتقدات الفرد ومسلماته الفكرية التي تحدد سمات شخصيته، وأطر سلوكه وتصرفاته، فالهوية تشير إلى من أنت ؟، ومن ثم تستند على مشاعر التضامن والولاء.
ومن هنا لا يمكن أن تكون سورية دولة من دون هوية محددة الملامح، لأنه لا توجد دولة في العالم من دون هوية ثقافية رئيسة سائدة فيها، مع احترام وحماية الثقافات الوطنية الأخرى، ففي الولايات المتحدة الأميركية الثقافة السائدة هي ثقافة الأنجلوسكسون البروتستانت، وفي الصين الشيوعية الثقافة السائدة هي الثقافة الكونفوشيوسية، وفي الهند الثقافة السائدة هي الثقافة الهندوسية، وفي سورية الثقافة السائدة هي الثقافة العربية الإسلامية، ولكن هذا الواقع الحقيقي لا يعتدي على حرمة أحد، ولا يلغي التقدير والاحترام والاعتراف بالثقافات الوطنية السورية الأخرى باعتبارها جزء من التراث الثقافي الوطني، فالحرص والإيمان بهوية سورية العربية الإسلامية، لا يؤثر أبداً على الإيمان الراسخ العميق بالدولة السورية المدنية الديمقراطية لكل السوريين على إختلاف قومياتهم، وأديانهم، ومذاهبهم والقائمة على تطبيق مبدأ المواطنة المستند على : إن لك كامل الحقوق وعليك كامل الواجبات وعلى إدراك قيمة العلم والتعليم، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان، والتعددية الفكرية والسياسية، وتداول السلطة سلمياً، ويُدرس في مدراسها وجامعاتها الشرائع السماوية، والديانات الوضعية، والتاريخ والفكر العربي الإسلامي برمته، وكل الثقافات والحضارات والمدنيات الإنسانية وتاريخها، والنظرية الماركسية والليبرالية، ونظرية داروين وكل الفنون وفي مقدمتها الموسيقى والرسم، وتكون في خدمة مصلحة كل الشعب السوري، وتحافظ على التكامل الوطني وترسخ الاندماج الوطني، ومتلائمة مع القيم والثقافة العربية الإسلامية للمجتمع السوري مع انفتاح وتفاعل وانطلاق على أفكار وتجارب ومتطلبات العصر والحضارة الإنسانية، فالثقافة والحضارة اليابانية العظيمة ازدهرت، لأنها استطاعت أن تأخذ من الثقافة والحضارة الغربية أسمى ما وصلت إليه من التقدم مع محافظتها على تراثها الروحي والفكري.
ولذلك فإن محاولة البعض باسم الديمقراطية والمواطنة تجريد سورية من هويتها وانتمائها العربي الاسلامي نكاية بالقوميين وبالإسلاميين ورد فعل عليهم، أو من موقف أيديولوجي سلبي معاد للعروبة والإسلام، وجعلها من دون هوية لا يمكن قبوله، لأنه اعتداء واضح وصريح وصارخ ليس على العروبة السياسية والإسلام السياسي، أو العروبة والإسلام، وإنما على قاعدة عربية عريضة لا يستهان بها أبداً، تشكل العمود الفقري والقلب للشعب السوري، من حقها الشرعي والعادل الحفاظ على هويتها، ومن ثم واجب احترام رأيها من منطلق ديمقراطي.
ومع هذا سيبقى شكل النظام السياسي للدولة السورية المقبلة وهويتها رهناً بإرادة الشعب السوري العظيم من خلال مجلس تأسيسي منتخب عن طريق صناديق الإقتراع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد