الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الاخوان ونكوص مصر

علي الخياط

2013 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



هذا ماتريده دول بعينها ،أن تخرج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني ،ومن معادلة المنافسة الإقليمية وحتى العربية فهناك عواصم في المحيط العربي يهمها ضعف القاهرة وتردي قدراتها على المستوى السياسي والقرار الذي يوفر لها مكانة تقليدية إعتادتها منذ عقود من الزمن طويلة حتى في أشد أيام ضعفها ونكوصها فمصر في عهد جمال عبد الناصر كانت يمتد نفوذها الى بلاد عربية عدة وكانت تؤثر بشدة في القرار الافريقي واسهمت في تأسيس حركة عدم الإنحياز في اكثر مراحل التاريخ الانساني حرجا وصعوبة ومع قيام المعسكرين الغربي والشرقي والاستقطاب الحاد في السياسة الدولية وتعرضت لضغوط هائلة وعدوان منظم من اسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لكنها كانت تخرج في كل مرة قوية ، وتعرضت لحرب إستنزاف في العام 1965 وظل الحال حتى وفاة عبد الناصر ولم يثن ذلك مصر من الحضور الفعال في جميع الميادين خاصة في زمن محمد انور السادات الذي واجه تحديات مماثلة تعامل معها بواقعية كبيرة لولا ذهابه بعيدا في التفاوض مع الكيان الصهيوني وهو الامر الذي مارسه العرب بعد عقود من الزمن كما فعلت دول مثل قطر والاردن والمغرب وتونس عدا عن التي تعمل في السر مع تل ابيب.
عزل العرب مصر عن محيطها وتم نقل مقر الجامعة العربية الى تونس وتم تعيين أمين عام للجامعة تونسيا وكانت المقاطعة العربية في قمة بغداد نهاية سبعينيات القرن الماضي وبعد مقتل السادات على يد إسلاميين من السلفيين تولى زمام الامور الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وواصل علاقة متوازنة مع دول عربية بعينها محاولا إعادة الامور الى وضعها الطبيعي وشهدت البلاد نوعا من النهوض العمراني والاقتصادي والثقافي والسياحي لكنه لم يكن كافيا لإرضاء المصريين مع قلة الموارد وضعف السياسات والفساد الذي مارسه أقطاب في النظام حيث قيدوا الاقتصاد لسياسات صندوق النقد الدولي وعاني الملايين من الحرمان والبطالة والرغبة في وجود فرصة حياة جديدة.
رغم كل ذلك فإن ماتشهده مصر الآن لا يمكن لكل ما مضى ان يضاهيه في ظل سلطة الإخوان المسلمين الذين تفرغوا لشؤون الحكم الخاص بهم من خلال أخونة المؤسسات التشريعية والتنفيذية وخلقوا نوعا من الإنقسام لم تشهده مصر في كل تاريخها القديم والحديث ، وصار المصريون منقسمين الى معسكرين متقابلين لاسبيل لتقاربهما فهذا تيار سلفي إخواني متشدد لايسمح بالإعتدال ووجود الاخر وتيار آخر يبحث عن مصر التي تكاد تضيع في غياهب التشدد والتعصب الذي فضحه قتل المواطنين الشيعة الابرياء في القاهرة وكذلك الاعتداءات الصريحة ضد الأقباط والأقليات الاخرى مشفوعة بتصريحات نارية عن القتل والذبح والترويع والوصف السيئ لكل مواطني مصر بتوزيعهم على أرجاس وانجاس وكفار ومرتدين وكأن مصر لاتحتوي سوى على فكر الاخوان وتعصبهم وميلهم الى أقصاء الآخر بشتى الوسائل غير المشروعة. أنتظرت الجماهير المصرية ان ينسحب مرسي ويرضخ لارادة الشعب لم يأت الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمد مرسي الاخير بجديد وخرجت الجماهير اكثر اصرارا على مطالبها السابقة فالجيل لم يكن قادرا على مغادرة فكر جماعة الاخوان وكان صريحا وحريصا على تهديد السلم الاهلي من خلال تحديه لارادة الشعب واصراره على البقاء في السلطة حتى لو كان الثمن حياته وهو التعليق الذي تحدث به قياديون في الجماعة وذهبوا الى ابعد من ذلك في اليوم التالي وعلى مختلف الفضائيات ومن بينها الجزيرة التي تروج للاخوان المسلمين على العكس من العربية فقطر لا تخفي مساندتها لنظام صرفت ملايين ومئات منها من الدولارات ليقوى ويستمر ويحكم بينما تحاول السعودية اسقاط نظام الاخوان بكل ما أوتيت من قوة بعد وضوح الصورة لديها وتأكدها من إنه نظام يهدد مصالحها ومصالح ممالك وامارات خليجية اخرى.
قيادة الجيش المصري اتخذت القرار المناسب بعزل مرسي من الحكم بعد ان استنفذت كل الخيارات الامنة لرحيل امن ،الاخوان المسلمين رفضوا تدخل الجيش المصري منذ بداية التظاهرات وطلبوا اليه ان يهتم بالشؤون العسكرية وان لاينحاز الى احد ولذلك خاطب الرئيس الجيش بنوع من الحزم ووصف الاخوان تحركات الجيش بمزيد من التشكيك والريبة من قيامه بانقلاب عسكري وهو ما يخشاه الاخوان وسبق ان حذروا منه لكن هذا لايلغي اهمية ان يكون الجيش على مستوى من الحذر فالاخوان المسلمون لن يسكتوا ولديهم قواعدهم الشعبية وهم يملكون الجرأة والسلاح واذا سقطوا فلن تقوم لهم قائمة بعد اليوم ولذلك سيعمدون الى تحشيد جماهيرهم في الميادين والمدن المختلفة لكنهم قدموا تنازلات لم ولن يقبلها المعارضون وهي المتعلقة بالحوار بين اقطاب الحكم والمعارضة بالفعل فأن اليومين الماضيين كانا حاسمين في تغيير وجه ووجهة مصر العظيمة التي لم ولن تكون مكانا للتطرف وترفض ذلك فالشعب المصري الذي يعيش بمزاج هادئ عبر التاريخ صار يتحرك باتجاهات مختلفة ليضمن عدم تورطه في مستقبل يحكمه اناس جعلوا الاسلام وسيلة للوصول الى السلطة للأسف الشديد وليس من هم كبير لديهم سوى النفوذ حيث حيدوا الاخرين وثارت في عهدهم القصير مساوئ عديدة من بينها استهداف الاقليات الدينية والقومية ومنها "المسيحيون والشيعة "وكانت الجريمة الاخيرة ضد الشيخ حسن شحاته وجماعته من الشهداء الابرياء الذين قتلوا وسحلوا في حادثة صدم بها المصريون مثلما صدم بها الناس من المسلمين والعرب وابناء الارض عموما ورسمت صورة سيئة عن الدين في أذهان من يتربصون وللاسف الشديد فأن الاخوان المسلمين استعجلوا تملك السلطة ولم ينتظروا بعض الوقت ويكونوا في المعارضة خاصة وان اي حكم سواء كان دينيا ام علمانيا سيفشل في حكم بلاد عظيمة مثل مصر التي تحتفظ باسرار تمرد عديدة وفي بلد يفتقد الموارد فأن من الصعب الحكم والسيطرة لذلك حكم الاخوان في ظروف مشابهة لتلك التي حكم فيها مبارك وعصابته ..
الاخوان اخذوا مصر الى الهاوية ومن الطبيعي ان ينتفض الشعب والجيش ايضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك